واجهوا المذبحة…فنهايتها سقوط بربرية راس المال
عادل سمارة
هناك لحظات تقدر بعصور وربما بالتاريخ على جلاله وقدره. لم يعد للرجوع مجالاً وقد وضع أعداء الأمة كل إمكاناتهم وحتى مصائرهم الشخصية في رهان على تحطيم معسكر المقاومة والممانعة. ذلك لأن مصير النظام الرأسمالي العالمي نفسه مهدد من هنا من الوطن العربي.
لا قيمة قط في الشغل على إقناع مثقف/ة مخترق بأنه على ضال. انتهت اللحظة الرمادية وصار الانقسام اسودا وأبيضا. من لا يرى مشكلة سوريا داخلية فقط، أو داخلية اساساً لا قيمة لمحاورته. نعرف تاريخ النظام السوري في القمع والتكتيكات الخاطئة في العراق 1991 أو حتى في لبنان 1976 أو غيرها نعلم أنه بدأ بالإصلاح بقوة. ولكن من يعمل ضده بدءا من واشنطن حتى قطر فالرياض فتل أبيب وغيرها، يستهدفون فلسطين في التحليل الأخير. ولا معنى لتأكيد أن النظام بقي عروبيا لم يعترف بالكيان بينما اعترف أهل فلسطين وكثير من اهل الإسلام السنة بهذا الكيان بل اعترفوا واعتذروا. المثقف المعترف بالكيان لا تغلق الخرق الذي فيه اسطبلات أوجياس. ولا تشطفه شلالات نياغارا.! ولا تشبعه اموال الغاز القطري التي تتدفق حتى إلى من يفك الحرف
الاختبار بإعلان محادثات الوحدة:
مع أنني مع الوحدة الفورية في هذه اللحظات بين العراق وسوريا، إلا أن الحد الأدنى المطلوب اليوم هو إعلان محادثات للوحدة. هذا ما يرفع المعنويات القومية للشارع العربي، ويؤكد أن ثلاثة مشاريع صدام وتصدًّ جديدة تتطور في العالم :
1- المشروع الأول عربي، بين سوريا والعراق ولهذا معانيه الكبيرة اليوم. ولعل أحد هذه المعاني هو استعادة الشحن بالشعور القومي. ومنها كذلك أنه حين يكون الوطن في خطر علينا تناسي كافة الأخطاء المرَّة والأليمة سواء في دور سوريا مع العدو 1991 أو دور الحكم العراقي الحالي مع العدو الأميركي. لم يعد في الأمر متسعا للحقد الفردي وتفاهات مثقفين لا يرون العالم سوى من أوهام شخصهم أو ارتباطاتهم المالية والوظيفية وما اكثرهم في الأرض المحتلة حيث يتقاطرون سراً على مكتب قطر لسقاية المثقفين/ات. لا بد من خطوة عملية وهجوم إلى الأمام. لا حاجة لإقناع أحد، من لم يقتنع فهو مخروق تماماً، فلننشغل في صد الهجمة. من لا يثور لكرامته الإنسانية حين يرى بدواً يقودون أمة باسم حقوق الإنسان فهو على الأقل مرتشٍ مالا وعقلاً. ومن لا يذهب بالمطلق عكس ما تتجه الولايات المتحدة وأوروبا فهو من ادواتهم ومتاعهم شاء وفهم أم لا، وليس شرطا ان يفهم القطيع.
2- والمشروع الثاني إسلامي، ولكن ليس أي إسلام. ليس إسلام النفط، الإسلام الأميركي، بل إسلام المقاومة. إنه الامتحان اليوم. إن التحالف الإيراني العراقي السوري هو تعبير، إن حصل كما يجب، تعبير عن علاقات جديدة عربية فارسية وسنية شيعية بوضوح لاعلاقات إسلام ضد العرب. هذه الأقطار الثلاثة تشكل تعبيرا تاماً عن مختلف مكونات العرب والفرس والإسلام. إنه الامتحان الجاد لمختلف النوايا وإقامة كتلة سياسية واقتصادية وليس عسكرية وحسب في المشرق لتمتد إلى المغرب. هذا هو الرد على الثورة المضادة. والرد على المذبحة المقبلة والتي يشارك فيها النظام العالمي ومختلف البرجوازيات التابعة قبائل البدو والأعراب الأشد كفراً ونفاقاً. هذا التحالف الذي سيكون قد عيد الفرز: الشعوب شيعة في مواجهة حكام سنة. إسلام مقاوم في مواجهة إسلام إخواني وهابي معاد للعروبة. ستكون تجربة تبدأ بالمواجهة وتذهب بعدها لوضع مقياس جديد. في هذه المرحلة لا بد من تأسيس مختلف لا يقوم على اساس العقيدة والدين بل الوطنية فهي القاعدة النظيفة الأساس التي إذا توفرت يمكن ان تركب عليها مختلف الانتماءات الصحيحة والإنسانية والثورية.. وطالما نتحدث عن العرب والإسلام، فاين يمكن تصنيف من لا يابه لاحتلال القدس ويتفذلك في الديمقراطية وحقوق الإنسان وهو يتنقل بين مؤسسة أنجزة وأخرى ووكر مخابرات وآخر، وينهي تقريرا ليبدأ جديدا؟ ؟ ويبرر احتلال العراق وليبيا وسوريا؟ أين نصنف من يعترف أن فلسطين هي إسرائيل؟ وقد يكون طريفاً ان نعترف بأن من يعترف بالكيان علانية ما زال أفضل ممن يعترف به سراً.
3- والمشروع العالمي عالي الأهمية ايضاً. هناك معنى كبير لقرار روسيا بشكل خاص الوقوف إلى جانب سوريا. فهي بداية النهوض القطبي الآخر والذي تكاد نار ضواري الإمبريالية تأكل حدوده. يعيد موقف روسيا للأذهان مجدداً مسألة الوطنية. نظام راسمالي وطني بجذور دولانية شيوعية تمكن من وضع النفط وريعه لصالح الدولة وليس لإخوة عربان الخليج. لولا هذا لكان معظم نفط العالم موزعا بين يهود العالم (خوردوفيسكي السجين وأمثاله) وبين بدو الخليج. وشتان طبعاً بين يهود النفط حيث الثقافة الراسمالية العريقة، والدور الإمبريالي الواسع والدموي، وبين بدو النفط الذين يرون العالم من خلال القبيلة، لم يصل وعيهم لا للدولة ولا للقومية ولا للوطنية، فأية هدية هذه للكيان وللغرب الراسمالي!
تقيم روسيا ربما بهدوء رغم اقتراب المذبحة، تقيم بداية قطبيةٍ اليوم تتقاطع مع المحور العربي والمحور العربي الإيراني. وإذا صح لنا التقدير، فهذه هي المعركة الفاصلة عالمياً. إما ان ينكسر ظهر الغرب الراسمالي والصهيونية وعرب النفط بل بدو النفط وما ورائهم من عملاء الثقافة والإعلام وجيوش المخبرين والجواسيس أو استمرار البربرية الحالية في العالم وقد يكون فيها فناء أمم أو الأمم.
جاهزون أنتم ام لا؟ قادرون أنتم أم لا؟ لا معنى للسؤال. بل المعنى للإقدام على المواجهة. المواجهة التي ستقود إلى عالم جديد، يكون فيه مجددا الشرق شرق والغرب غرب كما اصر ماو تسي تونغ، وكما يتأكد لنا. ويكون فيه تحالف الكنيسة الأرثوذكسية مع الإسلام الشيعي والمقاوم، والوطنية الروسية مع القومية العربية. والشرق الصيني مع المشرق العربي، وكل هذا مع أميركا اللاتينية وشعوب إفريقيا. وهنا السؤال: هذا كل العالم فضد من يتحالف؟ يتحالف أولا ضد الحكام العرب السنَّة والدين السياسي الحليف للغرب والكيان الصهيوني الذي بدأت قيادات الإخوان المسلمين تجهز نص الاعتراف به، وعساكر مصر وتونس واضرابهما وعساكر السلاجقة. إنها اكثرية العالم ضد أقليته، وفقراء العالم ضد لصوصه، إنها الأمم القديمة ضد الطارئة، أمم لها تاريخ ضد أمم بلا تاريخ. صحيح أن هناك شيع وأحزاب في الغرب ضد راس المال، ومقابلها هناك عملاء للغرب بيننا. فليكن أولئك حلفاء قوى التاريخ. أين ستقف الجماهير العادية في الغرب من هذا الذبح على الطرقات؟ نتمنى منها ان تهب، وهذا ما نتوقعه.
لم يعد خافياً أنه سيكون دماً وسيكون خراباً ولكن سيكون تغييراً وسيكون نصراً وتكون الحرية بسقوط قلاع الأبيض قلاع راس المال.