الدكتور عوده سليمان صويص
الفحيص ـ الأردن
يحضرني ابتداءً ما قاله الرئيس الامريكي جون كنيدي ” اذا لم يستطع المجتمع الديمقراطي الحر مساعدة الفقراء وان كانوا كثيرا، فانه لا يستطيع الابقاء على القلة وهم الاغنياء “.
بهذه العبارة وما ترمي اليه ابعادها وتداعياتها يمكن ان نفهم كنه الربيع العربي. فيقودنا ذلك الى قاسم مشترك يجمع كل تلاوين زهور حديقة الربيع هذه، الا وهو انه مهما كانت سمة هذا الربيع ومهما حاولت امريكا ركوب الموجه وتجييرها لصالحها، ومهما حاولت ادواتها من احتواء واجهاض، وايضا مهما حاولت فلول الانظمة الساقطة من اعادة انتاج ذاتها لتبقى على قيد الحياة،فان الثابت عملا ً ان جوهر المسالة يكمن في ان الشخصية العربية قد شبت عن الطوق وخرجت من عقالها وكسرت حاجز الخوف واستطاعت ان تعيد قولبة اركانها لتكون شخصية بمواصفات هي قطعاً مختلفة.
فالشخصية العربية قبل بوعزيزي وقبل التحرير وباب العزيزية والتغيير واللؤلؤء ودرعا والداخلية،هي ليست ذاتها الشخصية العربية اليوم. فقد استحضرت من العناصر الكامنة فيها ما يحصنها من اي اغتيال جديد مهما برعوا في اختطاف الثورة وتجييرها ومهما امعنوا في فنون الالتفاف عليها.
فهو اذا ربيع ليس بما غيرّ من انظمة، او بما انجب من انظمة. فهو لا يزال في مرحلة جنينية هي ما قبل القدرة على انتاج انظمة جديدة. بل هو ربيع بما فرض من معطيات وما اشاد من بنى تحتيه ثقافية وتوعوية شكلت حاضنة لاعادة تشكيل الشخصية العربية لتنجز على الاقل مرحلة نفض غبار تراكمات العبودية والسلطوية والصنمية نحو فضاءات ترى فيها الشخصية العربية شمس العصرنة الحقيقية المنطلقة نحو آفاق عدم الارتهان لثوابت الشد العكسي، التي سوف لن تألو جهداً في محاولة رد الشخصية العربية الى مربعها الاول.
فالامل هو ان تبلغ بنا تلك الثورات عصر التحرر من الارتهان الاجتماعي والتاريخي والسياسي والاقتصادي والمذهبي والثقافي.
هذا القاسم المشترك الذي التقت عليه تداعيات الربيع العربي عند نقطة الشخصية العربية الجديدة، لم تلتقي عنده نقاط اخرى مهمة شكلت تباينات في النتيجة والسبب وفي الآلية والاسلوب التي تعاطت معه حركة الشعوب، فهناك حالة حراك شعبي وصلت الى مرحلة وضع الاطار القانوني واجراء الانتخابات لاعادة انتاج النظام السياسي كما هو في تونس، وهناك حالة حراك تراوح عند الاستقرار على ثوابت التوجة السياسي ومبادئه مثل مصر، وهناك حالة حراك لا زالت في مرحلة القمع ومن غير المسموح لها ان ترى النور او ان تحقق شيئا على صعيد اعادة انتاج النظام السياسي كما هو في البحرين، وهناك حالة حراك فاجأت الدنيا بحضاريتها وسلميتها رغم كل محاولات زجها في اتون العنف ورغم كل الحواضن الاجتماعية والقبلية التي يفترض ان تشكل تربة صالحة لعدم السلمية، غير انها لا زالت في مرحلة تنضيج حالة الخلاص من النظام السياسي الراهن كما هو في اليمن، وهناك حالة اخرى من الحراك شكلت بفعل تداعيات وتداخلات كبيرة من المصالح وعلى مستويات محلية وعربية واقليمية ودولية، حالة تكاد تكون فريده في مجمل واجهة المشهد الاجمالي للشارع العربي كما هو في سوريا.
فالنسخة الربيعية السورية رغم التقائها عند القاسم المشترك الاساسي العربي، الا انها تملك من السمات والتلاوين ما يجعل منها حالة اخرى ونمطية مختلفة تستحق ان يفرد لها تحليل خاص وذلك للاسباب التالية:
1) ان هناك شبهه تآمر خارجي بادوات يمينية حاقده تمثلت في تهريب السلاح والمال والرجال.
2) ان سوريا تنفرد بمواصفات جيوسياسية وتراكمات مواقف اقليمية ودولية تجعل منها رقماً صعبا في المعادلة الشرق اوسطية، فتونس ليست لاعباً اقليميا، ومصر مبارك تخلت تماما عن دورها الاقليمي واليمن له ظروفه السياسية والجيوسياسية وجواره السعودي وتركيبته الاجتماعية التي تجهض تاثيره الاقليمي في اعادة صياغة المشهد الشرق اوسطي والبحرين لا تكمن اهميتها سوى بانها من تراكيب الخليج التي تشكل خطاً احمر لامريكا وبالتالي هي بخلاف ذلك خارج معادلة التأثير الاقليمية.
3) ان سورية لا زالت دولة الشمولية والمركزية والحزب الواحد ودولة النهج الاقتصادي التدخلي وهذه كلها شواخص لم تعد تنتمي للحاضر وتجاوزتها تطورات العالم المعاصر بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار سور برلين، مما اعطى لوناً مختلفاً عن المنطقة العربية ووضعها في حالة الانفراد بتلاوين اقتصادية وسياسية.
فالعالم منذ اكثر من عقدين من الزمن يمر بثلاث ثورات متزامنه، الاولى ثورة سياسية تتمثل في الانتقال من الشمولية والسلطوية الى الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان، والثانية ثورة قيمية وتعنى بالانتقال من القيم المادية الى قيم ما بعد المادية، والثالثة ثورة معرفية وتتركز في الانتقال من الحداثة الى ما بعد الحداثة.
هذه الخصوصية في النسخة السورية للربيع العربي افرزت طيفاً قوس قزحي من المعارضة عمق من الخصوصية السورية ومن هنا تاتي اهمية تسليط الضوء على هيكيلية المعارضة السورية فهناك معارضة خارجية وهناك معارضة داخلية.
اما المعارضة الخارجية فتنقسم الى اقسام ثلاثة هي:
1) معارضة تأخذ طابع الرفض للنظام القائم وذلك على قاعدة الحريات وانهاء القمع وهي معارضة تنحى في ذلك من حيث المبدأ المنحى الليبرالي الغربي باعتبار ان ولوج الديمقراطية والتعددية ورفع سقف الحريات هي من اركان العصر وهي الاصلاح المنشود لا بل هي التي تجعل سوريا حرة قادرة على ان تكون دولة القانون والمؤسسات وهذه المعارضة من حيث المبدأ لا تمانع بتدخل خارجي لضرب النظام والخلاص منه.
2) المعارضة الاسلامية ويشكل الاخوان المسلمون جسمها الرئيسي وهي معارضة تنوه بالفساد والقتل والعبث بمقدرات البلاد والعباد وتعتبر ان الخلاص من النظام هو الاهم ولذا لا يمانعون بالتدخل الاجنبي بل يطالبون به.
3) معارضة تتكون من الناشطين السياسين ومن شخوص سياسية مستقلة ذو راي مناهض للنظام وتدعو الى اصلاحات وطنية حقيقية وشاملة تصل الى ازالة النظام لضمان الديمقراطية والتعددية والحرية وهذه المعارضة ترفض التدخل الاجنبي وتؤكد على الاطار العربي للتعاطي الخارجي مع الازمة.
اما المعارضة الداخلية فهي ايضاً ضمن التلاوين التالية:
1) معارضة وطنية بمعنى انها معارضة تجاهر بمطالبها الاصلاحية وتأخذ من الشارع منصة اساسية لها وهي تقف ضد التدخل الاجنبي وتتشكل بالاساس من الشريحة الوطنية المثقفة ومن قوى مؤسسات المجتمع المدني وهذه المعارضة مع الحوار الوطني الذي يحقق انجازات اصلاحية حقيقية على ارض الواقع في كل المفاصل السياسية والادارية والاجتماعية لجهة الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وهي في النهاية مع التموضع السوري في الخندق المعطل للمشروع الامريكي.
2) الاغلبية الصامتة وهي معارضة لا تمانع ضمناً باجراء الاصلاحات بل تطلبها وتتطلع اليها وهذه الاغلبية تتمركز في الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود والمتدني ويغلب عليها سعيها الموصول لكسب الرزق وتامين قوتها اليومي وهي لا تجاهر بمطالب الاصلاح في الشارع، هذه المعارضة من حيث الكم هي الجسم الديمقراطي الرئيسي غير انها من حيث الدور والثقل النوعي هي ليست في موضع القلب من المعارضة كما ان ثقلها النوعي يكمن في اهمية استخدامها كخزان ديمغرافي لتغذية جسم المعارضة الداخلية في اطيافه الاخرى.
3) المعارضة السلفية الاصولية اليمينية الحاقدة التي تستخدم اداة القتل والترويع في اظهار معارضتها وهو نمط معارضاتي منظم غير حواري مدعوم خارجيا ويحبذ التدخل العسكري الاجنبي لضرب النظام والخلاص منه لا بل يدعو الى هذا التدخل بكل قوة وهو يتصرف كانه يمتلك الحكمة ويمتلك حق العنف والقتل.
هذه التلاوين من المعارضة يمكن اعادة ترتيبها من حيث معيار التعاطي الاجنبي او الخارجي معها على النحو التالي:
1) معارضة قريبة جدا من امريكا وتتفق معها في الهدف وفي مرحلة ما بعد النظام من حيث المركزية والشمولية وتختلف معها في العلمانية والحرية.
2) معارضة قريبة من امريكا من حيث التخلص من النظام ولكن الغموض يكتنفها في مرحلة ما بعد النظام خاصة ضمن الثوابت الوطنية والقومية والممانعة والدور الاقليمي لسوريا.
3) معارضة لا تثق بامريكا لكنها تريد اصلاحات حقيقية وليس تنازلات وهي مع ثوابت سوريا الوطنية والقومية والاقليمية.
ويمكن القول ان المعارضة في معظم اطيافها لا زالت في مرحلة ما قبل الاطار التنظيمي المحكم الناظم لكل ايقاعاتها وان كانت تسير على هذا الطريق وتلتقي رغم اختلافها على نقطة انهاء النظام وهذا ما يوحدها رغم تباين وجهات نظرها وفلسقتها للنهج السياسي وضمن هذا السياق فهناك عوامل ايجابية مؤثرة في خطاب المعارضة خاصة الخارجية منها وهذه العوامل هي:
1) ان استمرار زخم المعارضة في الشارع السوري وكذلك ارتفاع منسوب العنف والعنف المضاد اربك النظام السوري وعطل من تواتر تسارعه باتجاه الاصلاحات الحقيقية الشاملة باعتبار ان تصديه لنمط المعارضة التقتيلي بؤجل العمل بعدة قوانين يحتاج تنفيذها الى مناخات صحية سلمية وبالتالي يكون تاجيل العمل بها تحت ذريعة ضرورة توفر الهدوء والسكينة وخلق حواضن الحوار الحقيقية الامر الذي يظهر النظام وكانه اقرب الى عدم التهدئة بفعل العنف المضاد منه الى الاستجابة لمطالب الشارع واجراء الحوار الوطني.
2) ان توريط المؤسسة العسكرية في الاحداث يضع المجتمع في مواجهة مفتوحة مع الجيش الامر الذي قد يعرض المؤسسة العسكرية الى التفتت وهي الضامنة الحقيقية لوحدة الارض والانسان كما ان اقحام الجيش في الاحداث هو اشارة الى التعاطي الصدامي دون التعاطي الاحتوائي للتظاهرات واشارة الى وجود حالة من العنف لا بد وان يتم كسر حدتها بالعنف المضاد.
3) ان منهجية الجامعة العربية في التعاطي مع احداث سوريه وضع دون شك علامة استفهام كبرى على هذه المنهجية وعلى هدفها النهائي، مثلما اخرج الجامعة من منطقة النزاهه والحيادية والروحية العربية الابوية الجامعة، الامر الذي اسبغ عليها شبهة تنفيذ المخطط الامريكي في ايصال الملف السوري الى النموذج الليبي وفتح الطريق امام الاطلسي. ان هذه المنهجية زادت احتقان الشارع ضد النظام الرسمي العربي وادركت ان هناك ملامح مؤامره خارجية على سوريه، كما ان هذه المنهجية من جهة اخرى شكلت سنداً سياسيا قوياً للمعارضة ومنح غطاءً من النظام الرسمي العربي اكسب المعارضة خاصة الخارجية شرعية واعتبرها بحكم التواصل معها طرفاً رئيسياً في المعادلة.
وهنا تستوقفني حالة الاستقواء بالاجنبي لنقول ان هذه النقطة هي ايضا من موروث حالة الارتهان المسلكي السياسي التاريخي البعيد والقريب، فمنذ الفتنة الكبرى وافول شمس العهد الراشدي ومجيء انظمة الخلافة المتوازثة على يد معاوية بن ابي سفيان فكم من مره “حللنا ” الاستعانة بالاجنبي لتحقيق اهداف سياسية ومذهبية، الم يجعل بنو العباس من الشعوبيين والفرس سندهم للقضاء على الدولة الاموية والحفاظ على وجودهم في فارس وبلاد ما وراء النهر، وحين اجتاح المغول الدنيا الم يجد هولاكو في اصحاب الارتهانات المذهبية اعوانا قدموا له المنجنيقات القوية آنذاك لدك اسوار بغداد ودخولها…!!؟وحين شعرت الدولة الفاطمية بالخطر الم تتعاون مع الصليبيين المتربصين بصلاح الدين…!!؟ وحين مات صلاح الدين الم يعد حلفاؤه في مصر القدس الى قبضة الصليبين اكراما لخاطر فريدريك ملك صقليه….؟ وفي الحرب العالمية الاولى الم نطعن العثمانين مقابل وعود غريبة زائفة..!؟ وقبل حوالي العقدين من الزمن الم نفتح صحارينا امام غزو العراق….!؟ واخيرا الم تطالب جامعتنا العربية من الاطلسي ان يقصف ليبيا بينما تلاشت كينونتها حتى العدم في حرب غزه 2008 وحرب 2006 في جنوب لبنان.
4) ان تحفز الولايات المتحدة واوروبا الغربية لاستصدار قرار من مجلس الامن وكذلك تسخيرها للماكينة الاعلامية الغربية وما يتبعها من ماكينة اعلامية عربية ضد النظام السوري، اعطى من الزخم ما اظهر حالة من اصطفاف القوى الغربية مع المعارضة واستيائها من النظام السوري.
وبالمقابل فان ما اضيف من عناصر قوة لجانب المعارضة ضمن السياق العربي والدولي تقابله ايضا مواقف داخلية وعربية ودوليه تضاف الى رصيد النظام السوري وهذه هي:
1) تماسك المؤسسة السياسية السورية بشكل كامل بما في ذلك كافة رموز القيادة السياسية وكافة البعثات الدبلوماسية في كل السفارات والقنصليات السورية والمنظمات الدولية والاقليمية.
2) تماسك المؤسسة العسكرية رغم خروج منشقين من الجيش السوري تحت مسمى جيش سوريا الحر غير ان ضآلة حجم الانشقاق وتشرذمة لا يرقى الى القول ان هناك تصدع في المؤسسة العسكرية بل ان هذا الانشقاق ( ان اصحت هنا كلمة انشقاق ) لا زال عند المستوى الفردي وليس الجماعي الهيكلي، وجدير بالذكر ان ما هو مستنفذ من القوات المسلحة السورية في هذه الاحداث لا يتجاوز نسبة قليلة من جسم وفاعلية الجيش فهناك من الباحثين من يؤكد ان ما نسبته 6% فقط من الجيش العربي السوري مشغولة بهذه الاحداث اي بمعنى عدم تأثر الجاهزية القتالية لهذا الجيش.
3) ثمة حالة انقطاع قسري بين التظاهر وعملية انضاج الوعي السياسي المواكب له خلقته العقلية الامنية وممارسات التغول الامني الامر الذي جعل الشعارات تنفصل عن وعيها السياسي وتغادر الموضوعية نحو الجمود العقائدي بعيدا عن الديناميكية النضالية المنفتحة على الردود الافضل للتحديات الاصعب الامر الذي اضعف الجاذبية الضرورية التراكمية لزخم انضمام قطاعات اوسع من المجتمع ولعل من عوامل التردد المجتمعي في اوساط المجتمع خاصة الكوادر غير المسيسة ادراك هذه الفئات لواقعة اختطاف الدولة من قبل السلطة وغياب مفهوم النظام بالمعنى السياسي العميق لدور الدولة والعقد الاجتماعي ومحورية الفرد والمواطنة.
4) ان شريحة المثقفين العرب على امتداد الشارع العربي تستوقفهم نظرية المؤامرة التي تجلت تداعياتها في محاولات ايصال الملف السوري الى مجلس الامن وفي منهجية جامعة الدول العربية وفي انتقائيتها اللافتة لاهتمامها السريع بالملف السوري دون الملف البحريني او الليبي وايضا في الموقف التركي الذي يصر على ان يبقى في خندق النقد والتصعيد، نقول ان المثقفين العرب استطاعوا ان يفرزوا نسخ الثورات العربية واظهروا تبايناتها خاصة السورية منها وبالتالي فان شريحة المثقفين العرب والمؤسسات المدنية والاهلية العربية تقر بموضوع ضرورة اجراء الاصلاحات الجذرية الحقيقية والشاملة وضرورة ارتفاع الحريات الى سقوف عالية وضرورة اشاعة الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان غير انها لا تجد من الضروري ان تكون الاصلاحات عنوانا للتنازلات الامر الذي جعل من تمسك النظام السوري بالثوابت القومية وثوابت الممانعة والمقاومة من اركان قوة الخطاب السوري الراهن.
5) ان البعد الاستراتيجي المؤيد للموقف السوري يعتبر راسخاً وثابتاً اذ ليس من الممكن تعرضه للمناورة او المساومة او انه قد يصل الى نقطة الانفكاك عن مهمة الدعم للنظام السوري فالتحالف الاستراتيجي الايراني السوري غير قابل للتفكيك والدعم الروسي بفعل حسابات دولية واقليمية ومصلحية روسية لا يمكن ان تنفصم عراه لمجرد سياسة الترغيب والصفقات الاميريكية لفك الارتباط الروسي السوري، بل ان المراقب لخط الاتجاه العام للموقف الروسي يلحظ حالة الاقتراب اكثر واكثر من الموقف السوري الى حد التطابق التام، والامر ذاته ينطبق على الصين فهذه الدولة المحور لا تستطيع بحكم محورية تطلعاتها المستقبلية ان تبدل مواقفها الدولية عند مفاصل محددة على قاعدة البقاء في المنطقة الرمادية.
فالصين لا تستطيع ان تخضع كل المواقف الى المصالح المادية الآنية بل ان مبدأ الصفقات على الطريقة الامريكية قد يفيد على المدى القصير لكنه قطعا لا يخدم توجه الصين نحو الدور المحوري الدولي، اضف الى ذلك ان الصين قد امتلكت من المقومات ما يجعلها تفرض رايها وان تراكم على هذا الراي من قبيل الحضور الدولي الفاعل، ففي ذلك منهجية مهمة لدخول الساحة السياسية الدولية كلاعب رئيسي بعد ان نجحت منهجيتها في امتلاك مساحة كبيرة ومرموقة على الساحة الاقتصادية الدولية مكنها دون هواده من ترجمة فكر المنظًر العسكري الصيني المرموق ” سان تسو ” الذي اعتبر ان فن الحرب هو التمكن من اخضاع العدو دون قتال، وبالتالي فان الصين معنية من خلال الاقتصاد والسياسة ان تغير موازين القوى لصالحها من خلال مواقف تسجل لها وتراكم عليها.
فمن المهم ان يتم التعاطي مع الوضع السوري ضمن البيت العربي والبيت السوري ضمن محددات الاطار التالي:
1) ان التعاطي مع الوضع السوري لا يكون سقفه الا جامعة الدول العربية ولن يقوى على الخروج من الحاضنة العربية وعلى جامعة الدول العربية ان تؤكد امام الشارع العربي انها لا تسير وفق اجنده امريكية ممنهجة وانها ليست مجرد نقطة التقاء للنظام الرسمي العربي دون الشعوب بل عليها ان تكون معنية بوجودها كمظلة لخدمة العروبة وليس مجرد نادٍ لدول اعضاء، وبالتالي فان التعاطي مع الازمة السورية لا بد وان ينطلق من روحية ونبض عروبي وليس من عقليه من هو قادر على العقاب بل من ذهنيه من يجب ان يحاصر الازمة ويخترقها وان يحافظ على تماسك الدول العربية ارضاً ومجتمعا ً ونظاماً وانساناً وقبل هذا وذاك وجداناً وكرامةً فالتصدي للازمة العربية لا يكون انتقائيا ً وما ينطبق من حيث منهجية التعامل مع بلد عربي يجب ان ينطبق على الآخر فهذا يعطي الجامعة في تعاطيها مع الازمات العربية نكهة الابوة العروبية الراعية الحريصة على حاضر العرب وحريتهم وتطلعهم بشوق نحو الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان.
2) على سوريا ان تقوم باصلاحات جذرية في كل مجالات السياسة والاقتصاد والادارة وعلى النظام السوري ان يعي انه لا توجد مواقف تكون استحقاقاتها مصادرة الحريات وان التمسك بالثوابت القومية والمقاومة والممانعة للسطوة الامريكية والمشروع الامريكي والصهيوني لا يمكن ان يكون فقط عبر بوابة الحزب الواحد والمركزية والشمولية والسلطوية والفساد والقمع ومصادرة الحريات والمغالاة في الدولة الامنية، فتحرير الارض يتطلب بالضرورة تحرير الانسان ولا يمكن القفز الى مرحلة تحرير الارض قبل ان تنجز مرحلة تحرير الانسان فان انتزعت الحرية انتزعت الكرامة لا بل ان معركة التحرير الحقيقية هي في تحرير الانسان، فالانسان اهم من الارض وعدم تحرير الانسان يعني بالضرورة عدم القدرة على تحرير الارض بينما يقضي تحرير الانسان بالضرورة الى تحرير الارض ولو بعد حين فلا قدسية لارض لم يتقدس الانسان فيها ويجسد عليها الحرية والعدل والمحبة والسلام والامن.
وهنا لا بد من القول ان الامر الاصعب والمهمة الاكثر تحدياً في موضوع الاصلاحات وبشكل عام ولكافة الدول العربية هو ليس وضع دستور جديد او تعديل دستور قائم او وضع قانون للاحزاب والتعددية والاجتماعات العامة او ايجاد برلمانات منتخبة وحكومات برلمانية او وضع قوانين ليبراليه تقلص مساحة القطاع العام على الساحة الاقتصادية لصالح اتساع مساحة القطاع الخاص ولا هو ايضا في مكافحة الفقر والبطالة واعادة توزيع الدخول والتوزيع الاكثر عدالة لمكتسبات التنمية فبرغم وجاهة واهمية كل هذه العناوين باعتبارها الحاضنة الحقيقية والاطار الذي لا بد وان تدور فيه الاصلاحات من بعيد او قريب على محيط دائرة النهج المطلوب والحريات المنشودة، الا اننا ومع ذلك نقول ان هناك امرين هما في غاية الاهمية وهما متطلبان سابقان لكل النهج الاصلاحي وهما غير مرغوب فيهما من الانظمة العربية دون استثناء ولا تريد هذه الانظمة طرحهما على الطاولة عند بحث موضوع الاصلاحات الا وهما موضوع الدولة المدنية والتفكيك الامني للدولة، وبالرغم من ان الموضوعين وجهان لعمله واحدة وان انجاز الاول يتطلب انجاز الآخر الا اننا تود التعرض اليهما منفصلين كما هو على النحو التالي:
1) عندما يكون الامن هاجساً فائضاً عن الحاجة ومتغولاً في كل مناحي الحياة عندها تكون معادلة الامن قد تجاوزت الوظيفة الحضارية لها. فالنظام العربي المتورم امنياً عليه ان يقوم بتفكيك ترسانته الامنية الهائلة المعطلة لنهج الحريات ليكون الامن وفق القانون والصلاحيات المعطاة له، نقول انه دون ان يقوم النظام، اي نظام عربي بانجاز مهمة التفكيك الامني هذه فلا يمكن ضمان الوصول الى اصلاحات حقيقية وقد تتحول التشريعات الناظمة للحياة السياسية والحريات الى مجرد ديكورات واطر تفرغ من مضمونها الحقيقي، فالمهم مثلاً هو ليس وضع قانون انتخابات نيابية عصري وحضاري بل ضمان نزاهة العملية الانتخابية ولجم القوى الامنية عن ان تقرر خواتمها وترسم الخارطة النيابية لمجلس الشعب حتى قبل اجراء الانتخابات، هذا المتطلب السابق للاصلاح هو تحدٍ حقيقي لا يواجه فقط النظام السوري بل كل الانظمة العربية.
اذاً فهناك اشكالية حقيقية عربية في منهج الاصلاح غير الممنهج امنياً وهذا في الواقع يقودنا الى القول ان التفكيك الامني يكون سهلاً في بلد لديه مؤسسات ديمقراطيه وهياكل واطر ناظمة للحريات، كذلك الحال فان التفكيك الامني في بلد غير مستهدف غربياً او اسرائيلياً او يمينياً يكون اسهل من تفكيك امني في نظام شمولي مركزي يتطلع الى الديمقراطية لكنه مستهدف غربياً واسرائيلياً ويمينياً كما هو في النظام السوري، حيث انه في الاخيرة يكون بحاجة ماسة الى مرحلة انتقالية توضع فيها الاطر التشريعية وتقام المؤسسات الديمقراطية بناءً عليها وتزرع في صلب وعي المجتمع مفاهيم ممارسة الحرية وتؤسس فيه ثقافة توعوية دون ضفاف تحل محل الثقافة الرسمية وتكون قادرة على اعادة صياغة الوعي الجماعي ودفعه دوما باتجاه التغيير والتحديث، كل ذلك ضمن التمسك بالثوابت الوطنية والقومية. هذه المرحلة الانتقالية بهذه المضامين المنجزة على ارض الواقع تخلق مرحلة مهمة هي الهدف الحقيقي من كل ذلك الا وهو انهاء مرحلة التنضيج السياسي التي هي البنية التحتية اللازمة لضمان ما يؤسس عليها من بناء ديمقراطي الذي لا بد وان يفضي بالضرورة الى التوجه نحو اقامة الدولة المدنية الكاملة.
وهنا لا بد من القول انه ليس صحيحاً الاعتقاد القائل ان التفكيك الامني غير جائز كشرط مسبق للاصلاحات في نظام شمولي مستهدف ينشد الديمقراطية، فاذا كان لا بد من التماسك الامني وفعاليته لاغراض حماية البناء الديمقراطي والتوجه الديمقراطي ذاته فليكن ضمن اطار جديد بتناغم مع كل ايقاعات المرحلة الانتقالية بهدف التنضيج السياسي المجتمعي فلا يكون التماسك الامني هنا معطلاً بل حامياً للديمقراطيه ومجسدا لاحدى الروافع الهامة في زرع ثقافة جديدة بعيده عن الثقافة الرسمية الموروثة وباتجاه ثقافة الحرية مع الانتماء والولاء والمواطنة الحقة، نعم انها معادلة صعبة وانه نهج لن تعتد عليه المنظومات الامنية العربية غير انه من الضروري القول ان التفكيك الامني ونجاح مرحلة التنضيج السياسي هما المقدمة الاولى لتاسيس الدولة المدنية.
2) بالرغم من ان بناء الدولة المدنية هو الحاضنة الكلية لنهج الاصلاح الا ان عملية بناء الدولة المدنية يمكن ان تتزامن وعملية الاصلاح لا بل ان حالة التكامل والتعاضد فيما بينهما يجعل من الممكن ان تشكل احداهما رافعة للاخرى.
ويقتضي الامر قبل تحديد الدولة المدنية ان نقول ان مفهوم الدولة قد تطور عبر التاريخ من دولة حارسة الى دولة راعية ثم الى دولة ضامنة للرفاه العام غير انه تحديدا منذ انتهاء الحرب الباردة تم تطوير وظيفة الدولة الضامنة للرفاه العام لتكون دولة مدنية منظمة للحياة السياسية والاقتصادية ولكن غير متدخلة فيها، وبالتالي فالدولة المدنية هي دولة تصنع الفضاء السياسي خارج الحماية وخارج القداسة اي اعتبار اي برنامج سياسي او مطلب للمجتمع قضية بشرية مختلفة المراجع وبالتالي فالدولة المدنية هي الانتقال من النموذج الفئوي الطارد لاغلبية مكونات النسيج المجتمعي الى جعل اغلبية عددية او سياسية قوة جاذبة لباقي مكونات المجتمع، وليست هذه الصفة مثالية طوباوية بل حالة طبيعية متحققة الوجود لا بل واجبة الوجود في الدول التي تضمن اولويات الحقوق السياسية والمدنية وضمن هذا السياق فانه غالبا ما يستدل على انجاز مرحلة التنضيج السياسي المجتمعي اذا اتضحت معالم الدولة المدنية واخذت تحقق وجودها على ارض الواقع.
فان اجراء الاصلاحات الجذرية السياسية والاقتصادية لجهة الحرية والديمقراطية والتعددية والانفتاح والتدويل والعولمة تفرض استحقاقات تفتح صيرورة النظام السوري على احتمالات رئيسية ثلاثة هي:
أ) نظام يعيد ترتيب اوضاعة فيأخذ مداه في الاصلاحات السياسية والاقتصادية ويدخل مرحلة التنضيج السياسي والتفكيك الامني وبناء الدولة المدنية لكن مع بقائه قابضا على كل الثوابت الاستراتيجية في المواقف الوطنية والعربية والاقليمية والدولية دون اي تراجع عن دوره وثقله النوعي.
ب) نظام بديل يستند الى اليمين والاصولية وعدم قبول الآخر.
جـ) نظام ليبرالي بديل مرهون الى امريكا والغرب ويتبنى الحرية والديمقراطية وفق القياس الامريكي وعلى اساس التغريب.
ان اللافت في هذه الاستحقاقات هو ان المعارضة التي تتماها مع الطرح الامريكي تريد نظاماً بديلاً كما هو على الاقل في ( ب) و (جـ ) اعلاه واللافت ايضاً ان هذين البديلين للنظام القائم يحتاجان بالضرورة الى استحقاقات اكبر واوسع واطول مدى من تلك الاستحقاقات المتصلة بالنموذج ( أ ) مع ان اي من هذه الاستحقاقات يتطلب من اجل تأطيره ووضع آليات عمل له ورشة عمل حوارية وطنية واسعة وشاملة وعميقة.
فالامر اذا يقف عند مفترق طرق وهو انه من وجهة النظر الامريكية فالاهم هو ان ينسجم النظام اي نظام في سوريا مع الليبرالية والديمقراطية الامريكية ويتخلى عن الشمولية والنهج الممانع وسواء اكانت هوية النظام المتجدد ام البديل يمينية اصولية ام وفق لعبة الاسلام المعتدل ام غيرها فالمهم هو ان يتفكك المثلث الاستراتيجي المقاوم والممانع ( ايران وسوريا وحزب الله ) وان تتماهى بالتالي سوريا مع كل الطيف العروبي ضمن خط سياسي يسهل عملية تمرير المشروع الامريكي في المنطقة.
فالسيناريو ذو الحمولات السلبية غير الزائده هو ذلك الذي يتجه فيه النظام السوري الى اعادة انتاج ذاته ضمن منهجية اصلاحية جذرية تأخذ مداها في المؤسسية والتنضيج السياسي والتفكيك الامني وبناء الدولة المدنية وعلى النظام السوري ان يخرج من دوامة العنف وان يفتح الطريق واسعاً امام حوار وطني شامل لكل الطيف المعارض فيلتقي في حضن الوطن الام. ان فتح الوطن ذراعيه بكل صدق ومسؤولية لكل الطيف المعارض هو صمام الامان الحقيقي الذي يرسي دعائم اصلاحات عميقة وجذرية وجاده واذا كانت الثورة السورية سجلت اختلافا حتى اللحظة في النهج والاسلوب واذا كانت سوريا ذات خصوصية وطنية وقومية وشرق اوسطية ودولية فان الخروج من المأزق الراهن يتطلب ايضاً خصوصية سورية متميزة في انفتاح تام على حالة حوارية شاملة نحو سوريا المستقبل.
غير انه لعملية قبول الحوار الشامل من حيث المبدأ شروط ومستلزمات ومناخات وحواضن تمنحه المصداقية والثقة والنجاح وتجعله يسري مع كل الطيف المعارض وليس مع نخب واشخاص يتم انتقاؤهم ولجان تشكل من فوق، اذ لا بد لهذه الاستحقاقات ان تفرض ضرورة الغاء العقلية الامنية تجاه المطلوبين لفكرهم ورايهم وفتح صفحة جديدة ليحتضن الوطن كل ابنائه ولتعلو كل الاصوات وتتبارى كل الاراء في الولاء والانتماء لسوريا ولتكون هناك سجالات ومناقشات واختلافات ولتخلق قواسم مشتركة لكل هذه الحوارات وتؤطر ضمن برامج وانشطة تؤخذ على محمل عالٍ يخلق حالة الوعي النهضوي الاصلاحي الجديد لتشييع الديكتاتورية وايقاف الحل الامني فتتجدد الذات السورية نظاماً وسياسة وادارة وتقوي من عزيمة تمسك الوطن والشعب والنظام بثوابت سورية وخطابها فيتحرر الانسان وتتحرر ارادته.
وبعد، فهل يمكن ان تبدأ ورشة الحوار الوطني الشاملة والعميقة بروحية وطنية راقية تحترم الراي والراي الاخر وتضم كل تلاوين المعارضة في ظل اجواء العنف والاحتقانات السائدة……………..؟؟ وهل يمكن في هذه المرحلة اقصاء التكوين القمعي والبوليسي للنظام في ظل اجواء تستلزم فرض الامن والامان………….؟؟ ثم كيف يمكن اجراء تحول يمس عمق الوعي والسلوك لدى كافة اطراف المعادلة……..؟ ثم كيف يمكن لعربة الاصلاحات بحمولاتها الاصلاحية الثقيلة والزائدة ان تسير على طريق غير معبد امامها بالبنية التحتية الحوارية الوطنية اللازمة…….؟هذه ليست تساؤلات من قبيل تحميل المسؤولية لجهة دون اخرى بل هي دلالات على ان الطريق غير سالك وان الذهنية الحوارية لم تكتمل لها بعد ادنى عناصر النجاح، وهذا يفضي الى القول ان هناك معطلات ومعوقات امام عربة الاصلاح وبالتالي فان السيناريو الاقرب الى الذهنية اليوم من خلال مشهد العنف والاحتقانات والتجييش يعني ان يهرب النظام السوري الى الامام فهو مرغم على تحصين ذاته فيكون اكثر مركزية واكثر تشدداً واكثر تماسكاً امنياً وعسكريا، وهذا يعني انه كلما طال امد هذا الحال كلما اضطر النظام لان يمعن في حماية ذاته ومؤسساته وبالتالي فان قطع الطريق عليه في ايجاد اصلاحات سياسية واقتصادية يكون تصرفا لا يمكن للنظام ان يواجهه الا بمزيد من التماسك والمركزية والصلابة الى الحد الذي يمكن ان يدفعه هذا السلوك الامريكي والغربي والعربي الرسمي الى ان يجد نفسه اقرب الى النموذج الكوري الشمالي. ان حالة الاصطفاف للنظام العربي ضد سوريا بفعل سطوة انظمية المال والنفط المستقوية بالخارج وكذلك محاصرة سوريا لذاتها ضمن فلسفة التمسك بنظام القلعة وعلى قاعدة فائض الهاجس الامني والابتعاد عن الدولة المدنية يضع سوريا في زواية لا تستطيع ازاءها الا ان تغمق من مركزيتها العسكرية والامنية ومن علاقتها العضوية مع ايران وحزب الله وروسيا والصين، وبالتالي التشدد الاكثر في الممانعة والمقاومة وفي تحصين الذات وديمومة الكينونة السياسية لتكون قسرا في النهاية امام مشهد يقترب كثيرا من المشهد الكوري الشمالي ويصبح الحديث عن الديمقراطية والتعددية والحريات وتفكيك الدولة الامنية واقامة الدولة المدنية حديثاً ترفياً خارج الممكن ويكون هو ذاته من منظور النظام حديث الانتحار السياسي وليس انبعاثا لحياة سياسية جديدة متجددة. فبالوعي الشعبي السوري العالي والمتقدم وكذلك بالنهج العروبي الابوي والروحية القومية الجامعة وكذلك وقبل هذا وذاك بالارادة الجامحة للنظام السوري لان يعيد انتاج ذاته واطاره السياسي ضمن معط الربيع والثورة والحرية، نقول بهذه العناصر تكون سوريا الغد سوريا المستقبل والا فان عقلية القلعة سوف تخنق اشعة الشمس ولن تقود الجدران العالية الا الى نموذج يضع سوريا في احداثيات هي خارج المعطى الكوني الراهن وضد حركة التطور الطبيعي للامور. وبالتالي تؤول الامور لان تتحول مركزية الصراع الشرق الاوسطي الى سوريا وايران وحزب الله وتصبح اسرائيل في وضع العامل المساعد للانظمة العربية في هذا الصراع بدل ان تكون هي محور الصراع وهدفه.