الفشل المتلاحق..المؤامرة تتخذ الجيش السوري هدفاً!

العميد الدكتور أمين محمد حطيط

في تبريره للفشل في تحقيق اهداف المؤامرة على سورية، يقول احد نزلاء الفنادق الاوروبية من السوريين المجندين ضد بلدهم تحت عنوان «المعارضة السورية»

ان « تماسك الجيش السوري وطاعته للسلطة السياسية منعت المعارضة من النجاح في سعيها لاسقاط النظام»، ويقول اخر من الفئة نفسها «ان من الافضل اعادة النظر بكيفية التعامل مع الجيش واستمالته وطمأنته ليكون هو شريكا في الحوار لتحديد آلية انتقال السلطة بما يحفظ وحدته واستمراريته»، اما رئيس مجلس اسطنبول المدعو برهان غليون فانه لا يستطيع ان يخفي برنامجه و« مشروعه الاصلاحي » في ما خص الجيش والقوات المسلحة السورية لجهة اعادة النظر في تركيبها لتواكب العهد الجديد في سورية والذي يتسم بطلاق بائن مع «منظومة المقاومة »، وارتماء في الحضن الغربي الصهيوني، وان تكون هذه القوات «محظورة على الاقليات وما شابهها التي ابدت تمسكا بالنظام القائم.‏

وعلى مقلب آخر يستوقف المتابع ما قامت به محطة التلفزة الاميركية اي بي سي من تحريف لمقابلة اجرتها مع الرئيس الاسد، بحيث قلبت المعنى الذي اراده في تأكيده على ان الجيش مؤسسة وطنية تعمل وفقا لانظمة ثابتة مستقرة تحدد واجبات ومسؤوليات افرادها قادة ومرؤوسيين، بحيث ان هذه الانظمة تغنيهم عن العودة الى احد في معرض مواجهتهم لامر يستوجب التصرف، وهذا هو حال الجيوش العريقة في العالم التي تتصرف بمقتضى «التعليمات الثابتة» وهو ألمح لهذا الامر حتى يقول ان في سورية جيشاً عريقاً وهو جيش للوطن، فقامت المحطة باقتطاع الكلام وتركيب الجمل بما قلب المعنى ووجه العبارات ليستنتج منها ان الرئيس يتنصل من فعل الجيش، وانه غير موافق على ادائه، وانه بمعرض مساءلته عن الاخطاء والتجاوز. وهو فعل توخت منه المحطة خلق شرخ بين الجيش وقيادته، ودفعه الى الاحجام مستقبلا عن تنفيذ اوامرها، او التباطؤ في العمل، او التنفيذ خلافا لما تكون الاوامر،اما القصد النهائي فهو دفع الجيش للتمرد والانشقاق وتجريد الدولة من ذراعها العسكري والامني الفاعل.‏

هذا غيض من فيض ما اقدمت عليه الجهات التي تستهدف سورية اليوم في تصرفها تجاه الجيش والقوات المسلحة السورية حيث يبدو تكثيفا للتركيز عليها بشكل منهجي ومتتابع يطرح الاسئلة حول الاسباب والاهداف والخلفية.‏

وهنا نرى ان مخططي المؤامرة صدموا بتركيبة الجيش العربي السوري وقوته ومناقبيته، حيث انهم لم يكونوا ليتصورا هذا القدر من القوة والمناعة ووجدوا ان الجيش حقيقة ليس جيش شخص ليتخلى عنه عندما تعرض له مغريات او مخاطر، فينقلب على الشخص من اجل الحصول على منفعة او التملص من خطر، بل انه جيش امة ووطن وشعب همه كيف يحمي كرامة الامة والوطن ويستجيب للمطالب الشعبية.‏

و في ادائه تصرف الجيش السوري وفقا للعقيدة التي نشأ عليها، التي في جوهرها تحقيق هذه الحماية، والجيش بما يملك من وعي وعلم لدى قياداته التسلسلية وصولا الى جنوده في الميدان استطاع وبوضوح كلي ان يدرك بان المؤامرة تستهدف وحدة الوطن ووحدة شعبه وسلامته، لذلك تصرف بما تمليه عليه تلك العقيدة المترجمة الى اوامر ثابتة، وتعليمات دائمة وهو لم يكن ينتظر امرا لينطلق للمواجهة، بل انطلق تنفيذا لواجب لا يمكن التأخر في تنفيذه.‏

و بعد ان كان المتآمرون يفصحون عن نيتهم الحقيقية لحل الجيش القائم على تلك العقيدة، ثم اعادة تنظيمه على عقيدة مناقضة تجعل من الاميركي والصهيوني حليفا ومن هو صديق اليوم يصبح عدو الغد، اضطروا للتراجع الشكلي والعلني عن هذا الامر بغية طمأنة الجيش وضباطه وافراده، ممنين النفس بان يستميلوه بعرضهم عليه دورا ما في بناء مستقبل سورية. وقد فاتهم ان الجيش السوري زاخر بالكفاءات التي تمكنه من كشف الخديعة والمؤامرة.‏

لقد وجد المتآمرون ان اكذوبة» الجيش السوري الحر « هي تلفيق لا يمكن ان يستمر خداع احد به وبعد ان يئسوا من جعل هذه الاكذوبة حقيقة خاصة وان هذا التنظيم لم يجذب اليه الا بعض العشرات من المجندين الفارين من الخدمة العسكرية و تشكل عديده الاساسي من مدنيين احترفوا الاجرام والارهاب، ورأوا في قيام ضابط مهندس متقاعد منذ 3 سنوات ودعوته للالتحاق به «فرصة لهم للانتقام من الدولة التي تلاحقهم بجرائمهم، الامر الذي يجعل التسمية المناسبة لهذا التنظيم هي «تجمع الفارين من الخدمة ومن وجه العدالة»،فكان التحاقهم بمعسكرات تدريب اعدت في دول الجوار حيث يكون التدريب والتسليح ثم ارسالهم لممارسة القتل والارهاب في سورية خاصة في حمص ومحيطها. لكن هؤلاء لم يحققوا النتائج المرجوة من قبل نزلاء فنادق التآمر مما يسمون معارضين مما اضطر هؤلاء الى:‏

– دعوة التنظيم المسلح (الجيش الحر) الى وقف الاعتداء على المدنيين والقوات المسلحة (وهي دعوة علنية كاذبة لاقيمة لها لأن هذا التنظيم لا يملك قيادة فعلية تأمر وليس فيه هيكلية تسري الأوامر عبرها)، ولكن نرى في الدعوة ايجابية هي الاعتراف بان مجرمي هذا التنظيم يعتدون على الناس والجيش.‏

– التقرب من الجيش العربي السوري واغداق الوعود عليه لجهة ضمان مستقبله، لاستمالته يفعلون وهم يعلمون ان الجيش اكثر وعيا وقدرة على كشف خططهم التآمرية.‏

و اذا كان من استنتاج لا بد من التوقف عنده من خلال هذا ارتباك « المعارضات السورية « والتقلب في التعاطي مع الجيش العربي السوري فاننا ببساطة نقول ان المؤامرة على سورية فشلت وباعتراف اصحابها الذين تيقنوا بان وجود جيش عقائدي متماسك، لن يسمح لهم باي فرصة للنجاح.، وان الاوراق التي كانوا يطمحون لامتلاكها وتحقيق اهداف المؤامرة تآكلت وتساقطت الواحدة تلو الاخرى، ابتداء بمجلس الامن الدولي واقفاله بالفيتو الروسي الصيني، مرورا بالجامعة العربية وسقوطها بكيديتها التي فضحت عقم ما تقوم به، وصولا الى الداخل السوري وعمليات الارهاب والاجرام التي ارتكبت بحق المدنيين والقوات المسلحة، وباتت عبارات «التدخل الاجنبي»، و«المناطق المعزولة»، و «الممرات الانسانية»، عبارات جوفاء لن تجد طريقا لها الى حيز الواقع، ولم يبق بيد هؤلاء اليوم الا ورقتين:‏

– الاقتصاد وما يحاولون الضغط عبره على الشعب السوري الذي بوعيه افشلهم،لتجويعه واثارته ضد النظام.‏

– الجيش السوري والقوات المسلحة التي بمناقبيتها وتماسكها وقوتها منعتهم من تحقيق اهدافهم، لذلك بات هو الهدف الاخير للمؤامرة.‏

وهنا انطلاقاً من معرفتنا العميقة بهذا الجيش وبتاريخه وادائه نقول: ان النيل منه هو عمل بالغ الصعوبة ويستحيل تحقيقه، فهل سيستوعبون ذلك وينصرفون الى انفاق الاموال التي تلقوها من اجل التآمر ينفقونها على ملذاتهم ويستمتعون بها بعيدا عن سورية وشعبها الذي عرف كيف يواجههم، وجيشها الذي اجهض مؤامرتهم، ويدعون الدولة تحبك علاقتها مع المخلصين من الحلفاء بما يناسب اهدافها ومصالحها الوطنية والقومية الحقيقية؟‏

:::::

نشر في جريدة الثورة السورية بتاريخ اليوم 12122011

بعد