بيـــــــــان

بيـــــــــان صادر عن

القوى الوطنية والإسلامية والفعاليات والمؤسسات المقدسية

يُعقد في القدس العربية المحتلة وفي فندق الأمبسادور يوم الاثنين الموافق 12 كانون الأول / ديسمبر 2011 اليوم الأول من ثلاثة أيام متتالية، ما أطلق عليه ” مؤتمر الاتحاد الكونفدرالي الفلسطيني الإسرائيلي“. يقوم عليه أكاديميون فلسطينيون وعلى رأسهم وفي المقدمة منهم البروفيسور سري نسيبة رئيس جامعة القدس ومعهم بالطبع مجموعة من الإسرائيليين.

وفي يوم السبت الموافق 10 كانون الأول / ديسمبر، عقدت مجموعة مبادرة جنيف / تحالف السلام مؤتمراً شبابياً للتطبيع في فندق روكي في رام الله بمشاركة يهود صهاينة.

وقبل عدة أيام عقدت مؤسسة كونراد أديناور في فندق نوتردام في القدس مؤتمراً للسلام شارك فيه ثلاثة أطراف: فلسطينيون ومستوطنون وإسرائيليون.

أما وقد تتابعت هذه المؤتمرات واللقاءات خلال أيام قليلة، فإن وراء الأكمة ما وراءها. والأسئلة، كل الأسئلة، مشروعة ومحقة.

هل هي صدفة أن نرى هؤلاء جميعاً يتحركون وينشطون من أجل السلام؟

هل بات السلام وشيكاً كي يقوم اتحاد كونفدرالي وتطبيع ووئام؟

هل هي حاجة فلسطينية أم هي حاجة إسرائيلية؟ أم أن الممول واحد حتى لو تعددت جنسيته؟ وكما هو معروف منذ عديد السنين، فإن قاسماً مشتركاً يجمع أصحاب هذه التحركات والمؤتمرات، فقد أسقطوا حق العودة، وقبلوا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويبدو أنهم اليوم قد تخلوا عن دولة فلسطينية مهما كانت حدودها.

والآن، بعد هذا المسخ والتشويه والبتر وما إلى ذلك من ألوان الإفساد الذي يقوم به هؤلاء، هل يمكن أن يُقوّم عوج اللسان، ويصلح ما صاروا إليه من فساد الخلق؟ أم ترى أن هذه المؤتمرات واللقاءات والاجتماعات والاتفاقات خليقة بشعب كالشعب الفلسطيني الذي يناضل منذ أكثر من قرن لحماية أقدس قضية عرفها البشر.

فلسطين كانت مذ عرفها التاريخ موئل الحضارة وملجأها، عصمت الحقوق من الضياع، وحمت الذاكرة من سطوة المستعمر ووحشية المحتل المختل النازي، يعتز بها العالم. أم أن تاريخ هذا الشعب يومئ أن هؤلاء الناس وهم فرادى، قد أفلسوا، وأنهم أقصر باعاً وأضيق ذراعاً من أن ينهضوا للكفاح والنضال؟ نعم أفلسوا وأفلس معهم ممولوهم الذين أنشأوا هذه المنابر.

إن ما يقوم به البروفيسور سري نسيبة باسم العقل والتدبير، إنما هو يلغي العقل ويمس الشعور ويطعن الكرامة الوطنية. ونقول لمن يدعي في السياسة فلسفة: حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء. ليس من المحقق مطلقاً أن حياتنا السياسية ذلٌّ وخنوع وخضوع كما يريد أن يفهمنا سري نسيبة ومن معه ومن هم على شاكلته. إن الذي يعيش حياة الاضطراب والخوف والهلع هو وحده الذي يبحث عن طواحين الهواء عند العدو. وعندما ينحط العقل وتخور الهمة وتموت الإرادة، تنحط مخرجاتها في السياسة.

إن الاتحاد الكونفدرالي الفلسطيني الإسرائيلي شر، وأقبح منه شراً وأثراً هو الاعتقاد بأنكم أحطتم بناصية السياسة وباستشراف المستقبل. إن ما تقومون به شر، لأنه قاصر، ولأنه عقيم، ولأنه مثبط للهمم، ولأنه حاث على الخمول، ولأنه سبب انحطاط الحياة السياسية الفلسطينية عامة، ونتيجة لها بشكل خاص.

إن مصطلح السلام بات مصطلحاً يرثى له، ولا يفيد استنباط الحجج المحرفة لدعم تهافت المقولات الرنانة حول الواقعية وبعد النظر. هل نظرتم في عيون شعبكم وتكفلتم بدرس القوى الكامنة فيه؟ إن معرفة القوى الكامنة في شعبكم تتطلب مغادرة الكسل الذي تطمئنون إليه.

إن الشعب يصغي بانتباه إلى ما تريدون التخلي عنه، ويصغي بانتباه أشد إلى ما تحذفونه من حقوق. الجدة الوحيدة في هذه المواقف هي أنها أصبحت علنية.

وربما من المثير أن يعتقد هؤلاء أن لا شيئ من أفعالهم يثير القلق أو حتى التعليق. فقد درجوا على استغفال الناس من حولهم باستخدام نظرية ” الصدمة ” التي تتحول في رأيهم بفعل وطأة المعاناة والقمع المتواصل، إلى قناعة أو قبول. كما دأبوا على اعتبار ما يقومون به من قبيل حرية الرأي والتعبير عنها، حتى أن بعضهم يتذاكى قائلاً: بما أننا تحت الاحتلال، فيجب أن يكون لنا تعددية في الرأي.

إن الاتحاد والكونفدرالية والتطبيع مع المستوطنين ومع الصهاينة لا تندرج تحت تعددية الرأي، ونطالب كافة المشاركين وبخاصة الشباب منهم رفض الدعوة وعدم المشاركة ومقاطعة هذه المؤتمرات ومحاصرة القائمين عليها.

القدس، الأحد الموافق 11 كانون الأول 2011