وخارطة فلسطين “القَطَرية”*
فؤاد ريان ـ القدس المحتلة
هل أصبح الوضع الفلسطيني هزلياً إلى هذه الدرجة؟! هل نحن شعب من الرخويات؟ لماذا لا يمكن إن نكون واضحين وحادين ونذهب في خياراتنا إلى النهاية؟ لماذا نتماوج صعودا ونزولا، يمينا ويسارا، ونحفظ دائما خطوط الرجعة؟ وأي رجعة، ليس إلى الرجوع الخائب! وهل يحفظ خطوط الرجعة إلا من كان غير مؤمنا بطريقه؟
لم يحرق الفلسطينيون سفنهم يوما، بل دائما تجيئهم السفن، تارة إلى بيروت وتارة إلى غزة! ربما نحن مدللون زيادة عن اللزوم، ودائما نحمل كل شعوب العالم “جميلة” أننا فلسطينيون! حسنا هذا لا بأس به ولكن عندما يكون صاحب القضية صادقا مع نفسه أولا. ربما ليس غريبا أن ينحى من انتفخت كروشهم من نمط حياة “أكل ومرعى وقلة صنعة” إلى التمويه دائما، وافتعال زوابع في فنجان..نفس الفنجان، ويوهمون الناس أنهم يخوضون معارك نضالية، ونحن نعلم أنها معارك شخصية لضمان ديمومة المنفعة الشخصية.
وفي هذا السياق عندما تصبح القضية وظيفة ومنصب: ما الفرق بين مفاوضات مباشرة أو مفاوضات مجمدة؟! ومن كان منكم بلا خطيئة فليرجمني بألف حجر!
حسنا، أود هنا فقط أن اطرح سؤالا بسيطا ومباشرا جدا، حتى لا يتذمر احد من الفذلكة: حدد/ي فلسطين جغرافيا؟ (على نمط أسئلة الجغرافيا للصفوف الإعدادية). ربما سيجرؤ طلاب الصفوف الإعدادية على الجواب بسهولة ووضوح، أما “الدكاترة” و”المثقفون” فاشك في ذلك! وهذا السؤال ليس موجها إلى دولة قطر، آو إلى الكيان الصهيوني آو أمريكا، هذا السؤال أول ما يجب أن يوجه إلى الفلسطينيين، إلى كل فلسطيني وفلسطينية على شكل استفتاء يشمل الجميع في الداخل والشتات. والجواب يجب أن يكون بعيدا عن التأويل والتحوير والترميز والتشفير والشعر والأدب والموسيقى. نريد جواباً واضحاً وصريحاً وصادقاَ، كأن تقول فلسطين جغرافيا هي: من راس الناقورة إلى النقب ومن النهر إلى البحر، آو تقول: هي الضفة الغربية (بطرح مساحات المستوطنات والجدران والطرق الالتفافية…) بالإضافة إلى شبه جزيرة غزة. وطبعا القدس “خليها لبعدين ربما إلى أن يتم طرد أهلها وتهويدها بالكامل!”.
لماذا قامت ضجة، وان خجولة، قبل أيام احتجاجا على الخارطة التي عرضت في افتتاح دورة الألعاب الرياضية العربية في دولة قطر؟! كان الفلسطينيين ينتبهون أول مرة إلى أن هذه هي الخارطة التي يطبلون ويزمرون لها منذ ما يقارب عشرين عاماً! الم يحتفلوا قبل شهور قليلة بذهابهم إلى الأمم المتحدة لمحاولة إعلان دولتهم العتيدة؟ تلك الدولة التي تتطابق مع الخريطة التي عرضت في قطر؟! هل وصلنا إلى هذا الحد من الإستغباء؟ إستغباء أنفسنا أولا. لماذا نلوم قطر آو غيرها؟! أليس الأولى أن نلوم أنفسنا أولا؟
سيقول لك من انتفخت كروشهم من غنائم أوسلو، أصحاب الجوازات الحمر ونمر السيارات الحمر والدم الأزرق: “بس ترضى إسرائيل تعطينا دولة على حدود 67 ويخلف عليها”. وسيقولون لك أيضا لا احد يزاود علينا فنحن لنا تاريخ طويل في النضال وفعلنا كذا وعملنا كذا وكذا….حسنا، إذا كنتم حقها هكذا فما الذي حصل لكم ألان؟!! أم أن “البطل ملّ من دوره” كما أعلن محمود درويش مرة؟! وربما كما “سقط الحصان عن القصيدة” سقطت فلسطين عن الخريطة! حسنا، ولكن نقول لكل من يريد تلك الدولة “حتى لو نظريا”: يجب عليكم أن تبحثوا على اسم جديد وخارطة جديدة لدولتكم الموعودة غير اسم فلسطين وخارطة فلسطين التي نعرفه، كيف تسمون الضفة الغربية وغزة فلسطين؟! سموها مثلا: دولة رام الله، أو دولة الضفة وغزة، أو دولة الكنعانيين الجدد! أو أي اسم آخر ولكن ليس فلسطين. كونوا واضحين لمرة واحدة فقط.
يكاد لا يخلو بيت آو مكتب آو ورشة من خارطة فلسطين، تلك الخارطة على شكل مثلث ممغط، لكن هناك مسألة بسيطة: أن على كل من يريدون دولة كتلك التي روجتها قَطَر، أن يحرقوا تلك الخرائط وإلا فإنهم أيضا يعلقون “خارطة إسرائيل” في بيوتهم. “ولكم فلسطينكم ولنا فلسطيننا”.
* نسبة إلى دولة قطر