مصالحة للتفاوض…قولوها أو ألْقو….ها!
عادل سمارة
يتساءل المرء اليوم: هل جماعات الدين السياسي ساذجة سياسياً أم أكثر مكراً ودهاء حتى من بريجنسكي؟ هل مثقوهم مشتبكون مع مثقفي التطبيع أم ضدنا؟
دوافع هذه الأسئلة عديدة هذه الأيام مهما جرت تغطية السياسة بنصوص من القرآن الكريم، تغطية هي ظلم لهذا الكتاب الجليل بلا مواربة. لن يكون سؤال هذه الكلمة الصغيرة عن بقاء حماس في سوريا التي يصفها فهمي هويدي بأنها بحر من الدم. البحر هو دم فلسطين والسكين بيد أمير قطر الذي تُحب! ولا عن فتاوى القرضاوي في ميدان التحرير حيث حاول الإمامة وعلى بعد ايام منه كانت هيلاري تراقص أحفادها.
ولن يكون التساؤل هل اصبحت حماس ديمقراطية جداً على طريقة أهالي هارفارد[1] وخاصة بعد أن دخلت الانتخابات الديمقراطية جداً التي جرت في المحتل 1967 بإشراف السيد كارتر الذي أسس قوات التدخل السريع في الخليج والتي لا شك رآها السيد إسماعيل هنية في زيارته لقطر ونأمل أن لا يكون قد طرح عليها السلام! وكارتر هو الذي وضع قانون في بلاده للرد على المقاطعة العربية. وسجله اوسع.
سؤالنا في المصالحة بين فتح وحماس وشهود الزور، اي كل من حضر لقاء/ات القاهرة. هل هي مصالحة حتى بين العشيرتين؟ أم هي مصالحة ثمرتها الأولى والأساسية، وربما الأخيرة توفير ناقلة سهلة أو وضع سُلَّم هبوط حماس إلى المفاوضات؟ زقوم المفاوضات؟
أمس طلع علينا السيد صائب عريقات ليقول انه سوف يلتقي مع نظيره الإسرائيلي في عمان للتباحث في شأن استئناف المفاوضات. كما برز على الشاشات السيد واصل أبو يوسف ليضع شرطاً للمفاوضات هو وقف الاستيطان.
والسؤال في اللحظة هو: لماذا هذا الاستعجال من الرباعية والاستعجال من المفاوض الفلسطيني لفتح الموضوع اليوم؟ هل هو استغلال اللحظة التي تمت بها “كلبشة” المشايخ” حيث أن المصالحة ما تزال ساخنة؟ هل يستطيع مشعل وهو يحجز تذكرة مغادرة الشام الاعتراض؟ وهل يستطيع هنية وهو في قطر الاعتراض؟ وحتى المشايخ الفتية ماذا سيقولون ؟ هل سيواصلوا شتم القذافي وصدام حسين والأسد والقومية العربية لتحويل النظر عن قضية القضايا. قولوا في العرب ما شئتم وارفعوا أمير قطر على الأعناق رغم وزنه، ولكن لا تغضوا الطرف عن فلسطين.
هل ينطلي علينا عقد اجتماع عريقات – مالخو في عمان؟ لماذا في عمان؟ عريقات يعيش في رام الله ومالخو لا شك يأتي رام الله “أنَّى شاء” والرباعية تدوس رام الله كما يُداس اي فراش شرعي! فلماذا اللقاء في عمان؟ أم انه لقاء التنفيذ بعد لقاءات التحضير هنا؟
طبعاً سوف ينبري مثقفو التطبيع اليساري فيضعوا السيارات الجديدة في شارع بعيد لكثرة سيارات الأنجزة، أما صغار يسار الأنجزة فيسيرون على الأرجل ويشعروا أنهم بروليتاريا وسينزلوا إلى الشارع أو قاعة كنيسة البروتستانت في رام الله المحتلة، نعم فاسمها مشجع ليقولوا: إياكم والتفاوض المباشر!! هذا خط أحمر يتناسب مع اللون القديم قبل زمان مضى.
وسيواجههم برفق وحنان مثقفو اليمين وهم لا شك ذوي أصول عريقة خدموا منظمة التحرير قرابة خمسة عقود كمثقفين عضويين لسلطتها وتم نقلهم على كادر سلطة الحكم الذاتي، وتجند معهم مثقوا الأرض المحتلة الذين تفيض بهم وزارة الثقافة حاملين مناصبهم من درجات وتدرُّجات المدراء وبينهم فريق مُوشَّى (بالعامية مونس) بالأحمر بعد ان غادر مواقع اليسار وقيل له ابق في الوسط واشتغل مع راس المال. مثلاً: نحن بحاجة لمثقفين يساريي الخبرة ليخدموا طموحات أعضاء مجلس الأعمال الإسرائيلي الفلسطيني الذي تكوَّن “حيَّاً” في البحر الميت من 17-20 ايار 2007. واعضاء هذا المجلس ذوي عراقة فهم لديهم المال الوفير الكثير وهم شركاء مع شركات قطرية يملكها حمد وحمد وتساهم بها جميع دول مجلس التعاون الخليجي، اصحاب الريع، اي أن هذه الشركات شركات تطبيع مع الكيان (تبدا من تل ابيب إلى نابلس فالدوحة) ولكم من الأعطيات ما تتمنون، وبوسعكم صرف المال لكل مثقف تطبيعي يشتم القذافي وسوريا وصدام حسين وينادي بالدين السياسي! وفي اذيال كل هذا عجائز الثقافة التطبيعية التي لا تفتأ تكتب في ما هب ودب، ولكن تضع دوماً هامشاً صغيرا وواضحاً يقول: “إنني غاضب لأن تقاعدي لا يكفيني مع أنني خدمتكم عقوداً”. يقول المثل الشعبي على لسان الزوجة القديمة: “منيش داري عليش سيدي باعني” هُو َ كرهني او احتاج الدراهم”. لذا، نحن ضد تعدد الزوجات! لا تخافوا لا هذا ولا ذاك، ولكن هناك جيوش من مثقفي التطبيع بدائل لكم.
مشروع التسوية ليس ساذجا ولا أهبلاً ولا غض الإهاب. فهو يقول الحجر في مَطرحه قنطاراً، وإذا لم يأت محمد إلى الجبل “لن يذهب الجبل إلى محمد!!!” هذا معنى المصالحة، اي الذهاب إلى التطبيع ولكن بأكثر تغليف ممكن: انتخابات، ديمقراطية، حقوق إنسان، إفراج عن المعتقلين…الخ. هذا ايها الإخوة في حماس هو ثمن ان تُصبحوا مقبولين في اروقة السادة.
أرجوكم، لا داع للصراخ والتكفير والشعارات عن التحرري والعودة والوقف الإسلامي بدل الوقف القومي (يا لضياع النصارى)! فالمسألة واضحة. فإما لا مفاوضات وإما مفاوضات، إما تطبيع وإما ضد التطبيع.
ونرجو أن تتذكروا أنتم وكافة ألوان الدين السياسي السني والشيعي، الجدي والمناور، أن هناك مثقفين لا تطبيعيين ولا مخروقين، مثقفين مشتبكين معكم كما بدأ مثقفيكم يشتبكون مع القومية العربية ويغازلوا العثماني القبيح. كل تورط مرفوض، لكن الرفض الأكبر هو تبرير التفاوض. تذكورا جميعاً: أن، ليس كل مثقف مثل عزمي بشارة الذي بدا بالشيكل فالليرة اللبنانية والدولار وانتهى ببراميل النفط. كثيراً ما تبتل الأقدام فيتراجع الناس!
[1] كثير من الفلسطينيين إسلاميون ونصف إسلاميين وماركسيين ناهيك عن اللبراليين تعمَّدوا هناك.