إخلق فوضاك خالقة الحياة

عادل سمارة

لا الشعر ولا البديع ولا الفلسفة بقادرة على توفير المعنى اليوم. هو الدم وحده يُنبىء عما دُبِّر وعما يطرأ وعما هو مُقبل. سيكون غباءاً مطبقاً أن تقرأ ما يحدث كما تقرأه وكالات الأنباء وتفاهات الصحفيين يتسابقون على الخبر بقدر ما ورائه من نقود. وأكثر غباءاً وأخبثاً ان تمسك بتصريح لهيلاري كلنتون وتبني عليه، او عبارة يرميها جنرال صهيوني ذات اليمين يقصد بها ذات الشمال. أو أن تسارع للتعليق اللحظي والفوري على مذبحة في بغداد أو دمشق أو طرابلس الغرب أو طرابلس الشرق أو كسمايو…الخ كل هذا ليس سوى شأن صغار العقول التي تُضر وحسب، وتلعب أو ترقص عارية في أحضان الأعداء الراسخين في التجسس والقتل وضمان سيلان التراكم إلى الشركات متعددة الجنسية.

كلما فُجِّر مقام أو ميتم  أو مخفر، ينتصب السؤال: كيف تمكنوا منَّا هكذا؟ ولماذا يفعلون هذا اليوم وبهذه الطريقة؟ هل هي برقيات موجزة اليوم بمعنى: نحن هنا، وهذا لنا، وأنتم لنا، رجالكم عبيدنا ونساؤكم حريمنا. إن غفوتم غطيناكم بالقش والروث، وإن صحوتم أحرقناكم بالقش نفسه وبالنفط. لقد ارتفعنا وترفعنا عن قتلكم بأيدينا وزرعنا فيكم من يقتلكم من أجلنا. لا فرق إن ترفَّعوا أو فعلوا ذلك لأن ايديهم قد قُطعت. ربما الفرق أن من حصد نصر إذلالهم في العراق هو من حملوه على دباباتهم يوم المذبحة. هنا يكمن المعنى.

لو قبل القارىء بصحيح هذا القول لوافقنا ان علاج ما يجري سيطول، وثمنه سوف يعلو، ومكانه سيتسع لأبعد من نطاق هذه الأمة المستهدفة. فما عليك اليوم إلا أن تتوقع أن يُطالك المتماوت كي يأخذك معه، اللهم إلا إن كنت أميراً أو رئيساً أو ثرياً، إن كنت ممن لا يمشون على الأرصفة والطرقات ولا يتجولون في الأسواق ولا يذهبون إلى المدارس والمعابد. ليس هذا اختياراً بل امر قائم مفروض.

يتمترس الجاهل خلف جهله بقتلك، يحركه من يتمترس خلف تبعيته، وهذا يقوده من يتمترس خلف مخططه ومصالحه هو الغرب الذي قرر هنا: أن يقتل او يموت. وما عليك سوى أن تقتل او تموت. هي الفوضى خلاقة الفوضى فلا باس وهذا يضمن نزيف الفنط فليوازيه نزيف الدم.  كان هذا خيار الجزائر وكان خيار العراق واليوم خيار سوريا. إن كان للقتل معنى، فمعناه اليوم. صار القتل دفاعاً عن الحياة. أما والفوضى خلاَّقة للفوضى فاخلق الفوضى التي تخلق الحياة.