حوار مع هشام البستاني :

أحاول الوصول باللغة إلى مساحات جديدة

خالد سامح


في كتابه الجديد “أرى المعنى..”، والصادر، مؤخراً، عن دار الآداب في بيروت، يتجه القاص هشام البستاني نحو المسالك اللغوية التجريبية، التي لجأ إليها في كتابيه السابقين: “عن الحب والموت” (دار الفارابي، 2008) و”الفوضى الرتيبة للوجود” (دار الفارابي، 2010)، كما ويحلق قلمه في فضاءات أسلوبية وتعبيرية يتشابك فيها الإيقاع الموسيقي مع ما يحمله النص من صور شعرية ولغة أدبية رهيفة، وهو يُعرّف كتابه الجديد بـ”السرد/الموسيقى” أو “القصّ على تخوم الشعر”، رافضاً التعريف التقليدي للقصة والبناء الكلاسيكي للسرد ومنفتحاً بصورة أكبر على تقنيات قصيدة النثر الحديثة والفن التشكيلي والمسرحي والسينما، وغيرها من حقول الابداع.
أما على صعيد المضامين فيطرح هشام البستاني في كتابه، الذي وقعه في العاصمة اللبنانية، الشهر الماضي، قضايا ذات صلة بالواقع الإنساني الأليم، وأزمة الانسان المعاصر، ولا سيما في عالمنا العربي، مع تغوّل القيم الأنانية وتسليع الحب والمشاعر الانسانية، وذلك عبر قصص قصيرة جداً تحاول ايصال المعنى للقارئ عبر التعبير المكثف والرمز، والأساليب اللغوية التي تستنهض المخيلة لما فيها من تراسل للحواس وتشبيهات أدبية تترك مساحات للتأمل والتفكير واستبطان المعنى، ويبرز المثقف المعاصر وأزمته الوجودية في العديد من نصوص الكتاب التي تستفيد من الفلسفة والعلوم الطبيعية والايكولوجيا وغيرها من الحقول.
ومن نصوص الكتاب نختار: “في عيد الحب، تُقتل الأزهار لتذبل جثثها أو تُجفف وسط الدفاتر. وحده تاجر الموت الذي لايشم، يخرج منشياً بجيوبه الملأى”.
حول أجواء مؤلفه، وما يحمل من رؤية فنية وجمالية جديدة، يقول هشام البستاني في حديث للدستور: “الكتاب الجديد هو تراكم لكتابي السابقين، فقد كنت أتجه لذلك الأسلوب بصورة واضحة، وأشير على سبيل المثال إلى قصة “اوركسترا” التي تضمنها كتابي الثاني “الفوضى الرتيبة للوجود”، وهي مكتوبة بروحية الشعر، وقسمها الأخير مكتوب كاملاً بأوزان وأساليب شعر التفعيلة. هنا أحاول أن أصل باللغة الى مساحات جديدة، فأساس الموسيقى هو ليس الايقاع، بل الوصول الى الهارمونيا الانسيابية الداخلية، هذا ماسرت عليه بصورة أوضح في تطبيقي ذلك على اللغة في مجموعتي الثالثة”.
وحول العلاقة بين الشعر وما يحمل من موسيقى، وبين القصة بما فيها من بناء سردي، يشير البستاني إلى أنه يعرف نفسه أولاً بوصفه قاصا، لكن تعريف القصة لديه يتجاوز التعريف الكلاسيكي أو ما يسميه (المدرسي) للقصة القصيرة، ويتابع “أبتعد عن القصة – اللقطة السطحية لصالح قصة تتعدد فيها القراءات والمستويات وتشتبك مع القارئ فلسفياً تاركةً أثراً تأملياً لديه، كما أنني اشتغل على القصة المواكبة لكل التغيرات الاجتماعية والسياسية والتحولات في الفكر والعلم والتكنولوجيا، وأعتقد أن الكاتب الذي لا يتابع مثل تلك التطورات لن يكون قادراً على تطوير أدواته الكتابية”.
وينوه هشام البستاني بتأثره بعدد من شعراء قصيدة النثر وحساسيتهم التي تعرض الحدث من زوايا ورؤى مختلفة وبأسلوب قصصي، ومنهم الشاعر المصري أحمد طه، صاحب ديوان “امبراطورية الحوائط”، واللبناني يحيى جابر، والشاعر الأمريكي تشارلز بوكاوسكي.
نشير الى أن الزميل هشام البستاني كتب ونشر العديد من المقالات والمواد الابداعية في جريدة الدستور، و”الأخبار” اللبنانية، و”القدس العربي” اللندنية، ومجلة “الآداب”، وغيرها من الصحف العربية. واختارت مجلة “إينامو” الألمانية هشام البستاني ضمن أبرز كتاب “الأدب العربي الجديد”، وترجمت قصصاً له إلى الألمانية ضمن ملف خاص حمل نفس ذلك الاسم، كما اختيرت قصصه ضمن ملفّات أدبية عديدة تناولت الكتابة العربية الجديدة، كما قدمت مجموعة من قصصه مؤخراً في عرض مسرحي بعنوان “عُزلة” من اخراج جويس الراعي ضمن موسم مسرح الشباب لعام 2011.

:::::

المصدر: صحفية “الدستور”، الأردن، 24-01-2012

http://addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=ArtsAndCulture20121ArtsAndCulture_issue1559_day24_id386514.htm#.Tx7Of_lr41g