أين أنتم يا مثقفي فلسطين؟

يوسف شرقاوي

لا زلنا ننتمي الى نفس الرواية، رواية النفاق الرسمي والشعبي، سعيا لمنفعة، أو دفعا لضرر، وأشد ما يفتك بنا نحن الشعب الفلسطيني بخاصة والشعب العربي بعامة، نكوص النخب الثقافية، عن ما كانوا يتغنون به سابقا، إذ سرعان ما انكشف زيف وكذب، وهشاشة، خطابهم الثقافي، نكوص النخب الثقافية التي فشلت في حشد الشعب وقواه الحيّة حولها، نظرا لاتساع فجوات سلوكها المستغرق ما بين انحيازها للخطاب الرسمي للنظام السياسي، والغموض الذي يلف خطابها الثقافي، وعجزها عن إجراء مراجعات ثقافية، وفكرية جدّية، ومعمّقة ومسؤولة، على مرّ تاريخنا المأزوم سياسيا، وفكريا، وثقافيا، ولفقدانها لمشروع ثقافي حضاري، يلبي متطلبات المرحلة.

إن عدم التصدّي لرؤية، وتحليل، وسلوك، النظام السياسي الفلسطيني، في الصراع مع العدو الصهيوني، يعود الى عجز النخب الثقافية في التحالف مع النخب السياسية المعارضة للنظام السياسي الفلسطيني.

نحن لا نطلب الانتحار للنخب الثقافية الفلسطينية، وبالمقابل لا نقبل لتلك النخب أن تنافق، وتتوارى، وتتخفى، وتنسحب، وتستقيل، خصوصا أمام التحولات الجارية في الوطن العربي، فهذه لحظة الحسم، والتقاط اللحظة في خضم التحولات حاجة لابد منها، فنحن الآن أمام لحظات الشدائد والمواقف إن ما يجري الآن في فلسطين من تهويد للقدس، والضفة، وحصار قطاع غزة، وتصفية ثقافة المقاومة واجتثاثها يتطلب من الجميع وخاصة من المثقفين طليعة هذا الشعب الوقوف وقفة عز وشرف لوقف تآكل المقاومة وثقافتها، ولتعيد القضية الفلسطينية الى قضيّة تحرر وطني، ومقاومة، بكافة الوسائل والأساليب وعدم إسقاط خيار المقاومة الذي هو حقنا الشرعي والمشروع للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني، وإن هذه المقاومة بكافة وسائلها، واساليبها، هي الكفيلة بتصحيح جريمة العصر ألا وهي اعتراف الضحيّة بشرعيّة جلدها وجلاّدها.

المثقف هو الأمل، وهو من يعوّل عليه بناء مجتمع تتجسد وتترسخ فيه ثقافة وفكرة المقاومة، بعد إجراء تحوّل معمّق في المجتمع، وإنتاج حالة ثوريّة، مقاومة، تنتج ثقافة مقاومة لبناء الحلم والأمل.

فأين انتم يا مثقفي فلسطين؟