ماذا حققت “المعارضة المسلحة” من ارتكابها لمجزرة حمص؟

العميد الدكتور أمين محمد حطيط

كان الكذب السمة الاساسية التي اعتمدتها منظومة العدوان على سوريا منذ الايام الاولى التي صودرت  فيها “حركة مطلبية اصلاحية ” اطلقها سوريون طلبا لعصرنة النظام وتطويره  . وقد  اندفعت تلك المنظومة  مستندة الى قدرات مالية واعلامية هائلة للانتقام من سوريا وقلبت الاتجاه الاصلاحي الى حركة ارهابية تقتل وتدمر وتنشر الفوضى. ثم امعنت منظومة اعلام العدوان على سوريا باللجوء الى كل ما تقدمه التقنيات الحديثة  من قدرات و استفادات من خبرات  هولويود السينمائية لتصنيع المجسمات والمسارح و اختلاق مشاهد مزورة من اجل اقناع الناس  بان ما تبثه من صور  هو مأخوذ من الداخل السوري ، و اسقطت في البداية  الكثير من البسطاء و حسني النية  في حبائل كذبها الى يوم كانت فضيحتها باعداد مجسم لبرج ساعة حمص وتصوير مظاهرة تجري فيها ولكن الفنان نسي ان يضع في المجسم الساعة ذاتها ، ومع ذلك لم ترتدع تلك الوسائل عن غيها واستراتيجية التزوير والكذب وظلوا  يمنون النفس بنجاح حربهم الاعلامية والتأثير على الشعب السوري ليندفع الى حيث  يريدون لكن الشعب خذلهم ونصر وطنه ودافع عن بلاده بوعيه وبقواته المسلحة التي صعقت المعتدين بكفاءاتها وتماسكها .
واستمر السلوك التلفيقي ، من قبل هؤلاء التابعين للمنظومة الغربية الصهيونية ، واستمر تزوير الواقع وتحريف المصطلحات، فاسموا خروج االمسلحين وعصايات الارهاب في عمليات القتل و التدمير “ثورة سلمية”  واسموا  فرار بعض المجندين من الجيش بانه “انشقاق عسكري ” ، واسموا تجمع الارهابيين من الفاريين من وجه العدالة بانه “جيش حر”  ، واسمو قيام السلطة في حفظ الامن و النظام “قتلاً و ترويعا”  ، واسمو قتلهم و غدرهم بالمدنيين والعسكريين ” تحريرا و نشر حرية ” ، واسمو اكراه الناس على اغلاق محالهم التجارية “ممارسة للديمقراطية”  ، اما تدمير المنشآت والبنى التحتية التي بناها الشعب السوري من عرقه وجهده فقد اسموها ” تعميرا ” ، ثم انتقلوا الى جامعة التزوير العربي ، فاسموا العقوبات الاقتصادية التي تنال من الشعب السوري وتؤدي الى حرمانه من بعض قوته ، اسموها “خدمة تؤدى للشعب ” واسموا طلب التدخل الاجنبي و تدويل الازمة السورية ” سعي للحل السلمي العربي “.
ورغم كل هذا بقي الشعب السوري ثابتا على وعيه و وحدته و لم يؤثر في المشهد العام وقوع البعض القليل والمحدود نسبياً في الافخاخ التي نصبت له بالكذب والتزوير ، الى ان كان يوم شاءه المعتدون في اتجاه و كانت نتائجه في اتجاه اخر ، وارسلوا المرقبين العرب الى سوريا بعد ان عولوا على مهتهم الكثير وارادوها تكرارا لمهمة المراقبين الباحثين في  العراق عن “سلاح دمار شامل”  ، ولكن المراقبين العرب باغلبيتهم تصرفوا بحس عربي انساني طلقته انظمة التبعية المتحكمة بجامعة التزوير العربي ، و وضعوا تقاريرهم بما يعكس الواقع ويخدم  الحقيقة و يسفه  كيد العملاء  العرب واسيادهم الاميركيين ، فصدمت منظومة العدوان العربية و اتخذت القرار  بوقف مهمة المراقبين العرب و الذهاب الى مجلس الامن طلبا للتدخل الاجنبي في سوريا وتدميرها كما دمرت افغنستان والعراق و ليبيا بيد اميركا وحلف الناتو . لقد اوقف مهمة المراقبين من اجل تحقيق ما يلي :
الايحاء بان الحل العربي توقف و ان هناك حاجة ملحة لتدخل مجلس الامن و على مراحل تنتهي باقتلاع النظام المقاوم .
وقف المراقبة الصادقة التي تؤدي الى نقل الحقائق وتجهض خطط  المؤامرة .
التحضير لعمل اجرامي كبير يكون سلاح احتياط يلجأ اليه عند الحاجة ويكون قادرا على  كسر الارادة  الروسية الصينية المعرقلة للمؤامرة على سوريا من بوابة مجلس الامن .
لكن مناورتهم  تلك لم تؤد الى ما ارادوا اذ  رغم كل الضغوط والحشد الدبلوماسي في مجلس الامن اخفقت مساعيهم واستمر الموقف الروسي- الصيني  على تمسكه بالحق مبديا  صلابة فاجأتهم  ، ويعمل على حل سلمي يحفظ التوازن فاغاظهم و قال “غليظهم ” انه سيسير ويتحدى الفيتو معتقدا ان في جعبته ما يكسر الارادة الروسية – االصينية   ، تحدي يستند الى احتراف الكذب والتزوير لانهم  “يجعلون  رزقهم انهم يكذبون ” ، وبعد ان اتهموا ” روسيا والصين بانهما عدوا للاسلام ” (وهم يعلمون ان الاسلام لم يعان ولم يؤذ في العصر الحديث الا  على اليد الغربية والاميركية والصهيونية التي يقبلونها وتقودهم ، وان صاحب هذه اليد هو  من اتهم الاسلام بالارهاب والاجرام ، وهو من  حمى سلمان رشدي الذي اساء للنبي محمد وهو من حمى  صحافة التشنبع على الاسلام بحجة حرية التعبير) . بعد هذا ارتكبوا جريمة من الجرائم االكبرى التي احترفوها ، جريمة شاؤوها للضغط على روسيا و لصين تحديدا لحمل مجلس الامن على تبني قرار جامعتهم التي طلقت عروبتها لتتزوج تركا وغربا و صهيونية .
ارتكبوا جريمة حمص والصقوها  بالنظام ليتخذوها اداة ضغط تحقق لهم  اهدافهم العدوانية على سوريا و شعبها ، فارتكبوا المجزرة  بعد ان انجزت القوى الامنية السورية استعادة السيطرة على منطقة الغوطة بنجاح تام وحضرت نفسها للمتابعة في حمص وادلب وعشية انعقاد مجلس الامن المدعو للتصويت على قرار  يتعلق  بالازمة السورية ، ارتكبوا المجزرة من اجل تحقيق هدفين:
الاول: سياسي للضغط على  مجلس الامن و تمرير   قرار  التدخل الاجنبي كما طالب بعض العرب استجابة للاملاءات الاميركية العغربية .
و الثاني عسكري و يهدف للضغط على القيادة السورية لوقف عمليتها الامنيةالعسكرية التي اذا تابعتها بالنجاح نفسه ستؤدي الى انهاء الازمة ميددانيا و خسارتهم كل الاوراق .
لكن جريمتهم كانت مفضوحة ولم يقنعوا بها الا عديمي البصيرة والبصر لانه :

1) فاتهم ان القول بان القتل كانت نتيجة قصف مدفعية لا يستقيم مع المشاهد التي عرضوها ، حيث ان القطع و البتر و الجروح التي انزلت بالقتلى – الشهداء جاءت  في معظمها متماثلة متناسقة ، بخلاف القتل الذي يحدث في عمليات القصف المدفعي ، الذي لا يمكن ان يؤدي الى بتر او قطع متطابق بين جثة واخرى .

2) فاتهم ان القصف لا يمكن ان يؤدي الى تجميع القتلى بالطريقة التي عرضوا فيها و ان كان العرض نتيجة نقل فانه يطرح امرا اخر حول كيفية زالة اثار القصف والشظايا عن الجثث المعروضة .

3) فاتهم ان ذوي القتلى – الشهداء كانو قد ابلغوا عن اختطاف ابنائهم منذ ايام واسابيع وانهم يعرفون من الخاطف و اين هي مخابئ المختطفين وضحاياهم .

4) فاتهم ان بعضا من ذوي الضحايا سيكون لهم المقدرة و الجسارة على تقليب الجثث لمعرفة ابنائهم و اهلهم رغم ما احدثوا فيها من تشويه .

5) و الاخطر مما فاتهم  فاتهم ان العالم بات في عهد جديد فقدت فيه اميركا استئثارها بالقيادة االعالمية  وان التلفيق الذي حصل في  العراق ولبنان لن يتكرر في سوريا .

فاتهم كل ذلك و ظنوا ان الجريمة التي ارتكبوها ستمر و ستنطلي على الراي العام ، وانها ستفتح باب مجلس الامن ليمرر مؤامرتهم ، لكن الاخفاق كان بانتظارهم   حيث ان  الخبرة  والوعي  والاعصاب الروسية – الصينية كانت اقوى من اجرامهم و كذبهم . فكان الفيتو المزدوج بانتظارهم ليبخر احلامهم العدوانية ، ولن يمكنهم من  استثمار  جريمتهم الفظيعة بعد ان  ازهقت الارواح الطاهرة من السوريين الابرياء وادمت القلوب والعيون الشريفة ، لكنها  ستدفع بالقيادة السورية للاسراع بالحسم الامني  لتخليص الشعب  من عصابات الارهاب و الاجرام .

:::::

موقع التيار الوطني الحر، لبنان، الإثنين 6-2-2012

http://www.tayyar.org/Tayyar/News/PoliticalNews/ar-LB/amine-hoteit-hh-6534.htm