الضريبة المالية “وليد” الضريبة السياسية

تحليل ومقترحات

(الحلقة الثانية والأخيرة)

عادل سمارة

مقتــــــرحات

يمكننا تقسيم المقترحات في هذا الصدد إلى مرحلتين.

مقترحات المرحلة 1

1-  تبدأ هذه باستقالة حكومة د.سلام فياض وتحديدا هو نفسه  وليس الالتفاف على الأمر بحيث يكون أبو مازن رئيسا للحكومة والسلطة ومنظمة التحرير (وهذا إعطاء شرعية أكثر لاتفاق أوسلو على خطورته) وعلى أن لا يكون د. فياض وزيراً للمالية في حكومة ابو مازن، هذا مع العلم أن لا أحداً يعلم  أن مصدر نفوذ فياض هو المنصب أم كونه معتمَد الممول الأجبي! لو كان هنا مجتمعاً مدنياً كما يزعم مرددوا هذه المعزوفة الفارغة لطالبوا بمسائلة قانونية لحكومة تسيير الأعمال على التصرف كحكومة طبيعية!

2-  تشكيل حكومة جديدة لتسيير الأعمال اقتصاديا  لا سياسياً ولا مفاوضاتياً مع لجنة طوارىء سياسية اقتصادية لإدارة المرحلة الأولى اي التنفيذ المباشر للمقترحات. على أن تتصف هذه الحكومة بخبرات مهنية ووطنية، وتحديداً لأن التكنوقراط هم غالباً أدوات طيعة للسلطة، فهم يرهبون القوة والسلطة ويفتقرون للوعي السياسي الوطني وهم من الطراز الذي يفضله الصندوق والبنك الدوليين.

3-  تشكيل لجنة تخطيط وتنمية من خبراء مسيسين لهم مصداقية وطنية، على أن تكون نواة لمعهد تخطيط وتنمية. ويبدأ دورها مع المرحلة الأولى في متابعة تنفيذ المرحلة الأولى ويكون لها حق مسائلة الوزارات عن إستخدام مخصصاتها  لتتابع المرحلة الأولى ويتواصل دورها في المرحلة الثانية وبشكل دائم.

وتفرز لجنة التخطيط والتنمية لجنة طوارىء بصلاحيات تباشر بما يلي:

1-  وضع حد ادنى وأعلى للأجور لا يزبد الأعلى عن 8 اضعاف الأدني على أن يكون الأدنى أعلى ما يمكن والأعلى أدنى ما يمكن ولها ان تستأنس بمعلومات من السلطة السياسية التي يُحظر عليها التدخل في قراراتها

2-  وضع ضرائب تصاعدية على الأرباح وليس على المداخيل (الرواتب والأجور) وهذا مقصود به جباية أكثر عدلاً من القطاع الخاص.
أي إصلاح الهيكل الضريبي بإعطاء الأولوية للضرائب المباشرة على الدخل والإثراء (أي الأرباح الرأسمالية) والعودة إلى نظام معدلات الضرائب التصاعدية، حسب شرائح الدخل والثروة، وتكثيف الجهد لتحقيق الانضباط الضريبي خاصة بين كبار الممولين.

3-  وقف النهب العام والفوضوي والمحاسيبي الذي تحكم بلا متابعة أو محاسبة بالتمويل الأجنبي كمقدمة للشفافية ولتقليل الاعتماد على التمويل الأجنبي.

4-  حصر ملفات الفساد والبدء الفوري بالتحصيل تحت الحساب من السارقين ومنع سفرهم.

5-  تطبيق مقاطعة منتجات الكيان فوراً وليس فقط المستوطنات.

6-  تطبيق مقاطعة بضائع الدول التي تدعم الكيان.

7-  تشجيع المواطن على شراء المنتجات المحلية مع إخضاعها للرقابة وتمكين الجمهور من المراقبة والشكاية.

8-  اللجوء التدريجي والتجريبي إلى بدائل الاقتراض والتمول الأجنبي والمال المسموم العربي والأجنبي وذلك بإصدار سندات من سلطة النقد للمقرضين للسلطة. وفي حال عدم قدرة سلطة النقد على اتخاذ هذا القرار يصبح طرح قراراتها التي تطبقها على المواطنين موضع مسائلة ويصبح وضع بروتوكول باريس محط نضال للفكاك منه. إن من حق الشعب مطالبة اثرياء القطاع الخاص وكذلك اثرياء السلطتين في غزة ورام الله (فتح وحماس) بتقديم قروض للسلطة بدل الامتيازات التي حصلوا عليها.

9-  قد لا تقود هذه الخطى إلى التخلص من الدعم الخارجي ولكنها مقدمات لبدء التخلص من رشاوى الأنظمة العربية والأجنبية التي ارتكازاً على هذا التمويل أدخلت سلطة رام الله وكما يبدو سلطة غزة في قفص العجز عن مواجهة مشروع تصفية القضية عبر اختزالها في دولة في الضفة والقطاع مما يؤكد شطب حق العودة. إنها سياسة تمويل العجز بالريع المتأتي من القبول بتنازلات سياسية وربما أوضح ما في ذلك هو الصمت الرسمي والقووي الفلسطيني عن قيام أنظمة عربية بالتطبيع مع الكيان دونما مجرد احتجاج فلسطيني. والمثال الحي على هذا تدفق  رشاوى قطر مما يلجم القيادات الفلسطينية رغم مواقف قطر لصالح الكيان الصهيوني.

10- تقليص عدد قوى الأمن[1] إلى الحد الأدنى وتشغيل ما أمكن منهم من المتحصل من فلوس الفاسدين والاقتراض من القطاع الخاص. وهذا يتطلب مراجعة لعدد الأجهزة وعدد منتسبيها وقراءة معنى الأمن: فإذا كان من أجل قمع حركة لأخرى، فنحمد الله على المصالحة، وإن كان لمواجهة الاحتلال فهذا مطلوب إيضاحه للجمهور[2].

11- حصر من لديهم اكثر من وظيفة أو عدة رواتب وحصرهم بواحدة مع وضع برنامج تطبيق فوري وتدريجي لتحصيل ما أخذوه سابقاً وتحويله إلى مكتب الاستثمار التشغيلي، اي تطبيق القانون المعروف : من اين لك هذا[3]؟

12- توفير حد مقبول من الدخل لكل من يفقد وظيفته من الأجهزة البيروقراطية الأمنية إلى أن يتوفر له عملاً مناسباً.

13- زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وخاصة رسوم طلبة الجامعات غير القادرين على الدفع.

14- البدء بمشروع تطوير زراعي وتقديم قروض مسهلة وتحت الرقابة لأصحاب الأراضي البور الصالحة للزراعة وتمويل ذلك من قروض من المصارف بشروط مسهلة وإرغام البنوك على ذلك.

15- تقديم قروض مسهَّلة عبر نافذة تنموية في أحد المصارف لمزارعين لاستئجار الأراضي التي لا يستغلها اصحابها مقابل ريع أرض منخفض.

16- تشغيل الشباب العاطل عن العمل في ورش إنتاجية وأعمال زراعية وتجاوز طريقة المصرف الدولي في ورديات التشغيل الشكلية كتنظيف الشوارع ودهان الأرصفة…الخ

17- البدء بمتابعة المستثمرين داخل الكيان لسحب استثماراتهم وإخضاعها للضرائب العالية ووضع قانون يحرم ذلك طالما لم يكن قد وُضع قانونا كهذا مما أعطى البعض فرص التبرير.

18- الكشف عن مشاريع التعاقد من الباطن ووضع ضرائب عالية عليها وصولاً إلى تصفية الشركاء الصهانية فيها.هذا إضافة إلى معرفة طبيعة هذه المشاريع بمعنى هل تملَّك الصهاينة في المباني وقطع الأراضي المقامة عليها هذه المشاريع والورش.

19- الكشف عن اصحاب الاستثمارات الثلاثية أي الذين لهم استثمارات مشتركة مع عرب (وخاصة من الخليج) ومع مستثمرين من الكيان بما هم وسيلة تطبيع وتسريب تمويل عربي للكيان. وهذا يؤكد على خطورة مؤتمر بيت لحم للاستثمار الذي اعتبره البعض إنجازا! وهل تقوم هذه الاستثمارات بالتصدير إلى البلدان العربية.

20- إلغاء مجلس الأعمال الإسرائيلي الفلسطيني ومسائلة من قاموا بذلك امام الجمهور، والتقصي عن وجود اتفاقات مشابهة اي إلغاء كافة المجالس المشتركة مع الكيان.

21- وقف التغييرات الضريبية الجديدة وخاصة التي تأخذ من المواطنين رسوما أعلى وتكلفهم وقتا طويلا لختم أوراق الهدف منها تحصيل الفلوس وإرهاق الناس من حيث الوقت في التنقل بين مكتب وآخر.

22- الحد من ارتفاع الأسعار عموما وتثبيت أسعار السلع الأساسية للطبقات الشعبية

23- دخول “الدولة/السلطة”  دائرة الإنتاج بالتوجه لخلق قطاع عام بدل الإمعان في الخصخصة وكمدخل لمعالجة البطالة ، ومنع كل صور الاحتكار .

24- استرداد أموال وأراضي الدولة التي استولي عليها البعض بالفساد والمحسوبية وتأميم الشركات الكبرى والصناعات الأساسية التي سبق خصخصتها دون مبرر (وهذه متعلقة بما يُشاع عن الأراضي التي أخلتها سلطات الاحتلال في غزة. استعادة مشروعات القطاع العام. ومصادرة الثروات التي استلبها أصحابها، بطرق غير مشروعة أو غير أخلاقية- مثل عمولات توريد والتهرب الضريبي، خاصة بإساءة استغلال النفوذ والحظوة من السلطة والثروة، وتخصيصها لمحفظة أصول إقامة العدل.

25- إلغاء أي أثر باق لبدلات ومكافآت “الولاء”

26- إعادة قراءة تخصصات وكفاءات الموظفين لإعادة وضع الشخص المناسب  في المكان المناسب

27- إعادة قراءة الوصف الوظيفي لموظفي السلطة وتقييم عدد ساعات العمل التي يقوم بها فعلاً لمعرفة إن كان هناك هدراً للوقت أم لا؟ (هذا يتعلق بعدم دوام موظفين أو توقديم دوام جزئي ودون إنتاجية أو نجاعة).

28- عدم إحالة الموظفين إلى تقاعد إجباري على غير رغبتهم وخاصة أولئك الذين بدأوا حياتهم مقاتلين في المقاومة وهجروا تخصصاتهم ومهنهم، مما يعني التنكر لهم ودفعهم إلى البطالة والمقاهي. فمن حق هذه الفئة الحصول على ما يحترم تضحياتها.

29- البحث في ما يُشاع عن وضع بعض ذوي السلطة على أماكن وبنايات ومحال تعود لمواطنين لم يجرؤوا على رفع قضايا عن بلطجية وضعوا ايديهم على ممتلكاتهم، أو ممتلكات مهاجرين .

30- إقرار ضريبة استثنائية على الثروات الكبرى.

31- التخفيض في نفقات السلطة (السفريات  مثلا) والتحكم في الواردات من المواد الكمالية وغير الضرورية. ولعل أوضح مظاهر هذا البذخ ما يبدة كمقدمة لمبنى المقاطعة.

مقترحات المرحلة 2:

1-  دعم وتنمية الطاقات الإنتاجية للاقتصاد وترقية الإنتاجية، وليس اختزال الاقتصاد في بورصة الأوراق المالية حيث تتم  هيمنة الأموال الموظفة في المضاربة والديون والمشتقات المالية على الأموال الموظفة في “الاقتصاد الحقيقي” (الصناعة والزراعة).

2-  التركيز على شطب اتفاق باريس وتقديم تفسير للشعب عن مناخ التوقيع عليه رغم ما فيه من إجحاف. فالتجارة مع الكيان تحتاج فك الارتباط أما الاستثمار هناك فيحتاج إلى المنع.

3-  الضغط على الأمم المتحدة بأن ترغم الكيان على حقنا الاقتصادي في التبادل الحر على اعتبار أن المتاجرة الحرة هي حق من حقوق الإنسان، كما أنها تنسجم مع ما تزعمه منظمة التجارة العالمي  بوجوب ” تحرير التجارة الدولية” واعتبار التحكم الصهيوني بالصادر والوارد جريمة ضد الإنسانية وكذلك الحواجز والحصار.

4-  تحديد مواقف من الدول أخذا لهذا الأمر بالاعتبار.

5-  تبليغ مكتب المقاطعة العربية بمختلف اسماء الشركات والستثمرين المحليين والعرب في اقتصاد الكيان

6-  الضغط على المسثتثمرين العرب بعدم الاستثمار في الأرض المحتلة:

a.     عبر أية مؤسسة اسرائيلية

b.    عبر اية شراكة مع إسرائيلي

لما في ذلك من تثبيت للتطبيع والبحث عن آليات جديدة لمساعدة الشعب الفلسطيني بعيداً عن التطبيع.

7-  جمع تبرعات عربية على أن توضع في صناديق خاصة للقطاعات الاجتماعية الطبقية ويتم استخدامها استثماريا تشغيليا من قبل مركز التخطيط والتنمية. وكي تكون هذه بديلاً للاستثمار المباشر من القطاع الخاص، و بذا تكون هذه اساسا لقطاع عام.

8-  التأكيد ان اية مساعدات عربية لا تقبل بهذه الملاحظات، إنما هي مساعدات مقصود بها التطبيع ودعم التسوية. وقد يستهجن البعض هذه الشروط، ولكن إذا وضعنا بالاعتبار أن السعودية أنفقت فقط على الانتخابات اللبنانية مليار دولار، كي يكسب تيار المستقبل، وأن قطر دفعت ربع مليار دولار ثمن لوجة لبول سيزان، ندرك أن مساعدة الأرض المحتلة بطرق كالتي راها هو أمر سهل.

9-   دعم قطاع السياحة عبر العمل لإنجاز خطة سياحية تحفز زيارة الأماكن السياحية بالتنسيق مع وزارة السياحة وقطاع الفنادق والخدمات.

10- تحفيز المغتربين على زيارة بلدهم و التضامن معها بالاستثمار.

11- قراءة دقيقة لمسألة المديونية وكيف تراكمت ومن المستفيد منها والقيام بأوسع حملة استرجاع ممكنة.

12- التواصل مع الجوار العربي لاستقبال المنتجات المحلية بعد إخضاعها لشهادات المنشأ وإصدار عقوبات شديدة ضد المزورين.


[1] لقد أخذت سلطة الحكم الذاتي النموذج العربي وخاصة المصري في تضخيم الأجهزة الوظيفية وخاصة الأمنية، فعلى سبيل المثال: بحالة الصين التي يقل تعداد قوى الأمن فيها عن مصر حاليا بينما يتجاوز تعداد سكانها خمسة عشر مثلا سكان مصر.

[2] تشكل رام الله نموذجاًعلى فوضى الشارع، فمركز المدينة ممتلىء برجال الشرطة بينما يسير المواطنون في الشارع كأنه منطقة مغلقة على السيارات!

[3] وربما يقع في هذا الباب ما نُسب غلى د.فياض بأنه يطبق الاشتراكية بآليات راسمالية!