مجلة “كنعان” ــــ فلسطين المحتلة
أما وقد فشل العدوان في تحويل الصراع على سوريا إلى صراع في سوريا، وفشلت قوى الإرهاب المحلية والمجلوبة من مخلفات قواعد المخابرات الغربية بلبوس ديني في جر المكونات الاجتماعية والتاريخية في سوريا إلى الاقتتال، فلم يبق أمامها سوى قرار الانتحار بما هو الخيار الوحيد. ومن يقرر الانتحار لهدف وضيع فلا بد أن ينتقم من البشر والشجر والحجر. وهكذا كانت التفجبرات في حلب تالية للتفجيرات في دمشق الشام.
وحالات النحر والانتحار هذه ليست الظاهرة الوحيدة وإن كانت، كما هو مألوف تاريخياً، الخيار الوحيد، فهي وليدة سلسلة انتحارات أخرى ممتدة ومتكررة على ابواب شعبنا العربي في سوريا، انتحار الكيان الصهيوني عام 2006 فاقداً متعة العدوان الاختياري أنى شاء، وانتحاريات حكام التبعية في الخليج الذين يعيشون ثقافة عصر ما قبل الدول والأمم والقوميات. وأوضحها الانتحار الإعلامي الذي لم يسقط كما ساد الاعتقاد الساذج بل كشف وجهه الحقيقي “إكذب كي تكون”. على أن الأشد دونية ودناءة هو انتحار المثقف الذي تورط في عمى المرحلة أو نقودها.
ما من تفسير لانحياز مثقف، ولا حتى المواطن البسيط، إلى الغرب الرسمي الذي يُمسك بدماء الأمم وجغرافيتها، ولا الانحياز لحكام الخليج الوكلاء في بلادهم للأجنبي والذين يُصدرون تبعيتهم السوداء، ولا للسلفية التي تصر على سحب التاريخ إلى الجاهلية الأولى مسلحة بتكنولوجيا نهايات حقبة العولمة لتسحق نصف المجتمع ومعظم ذكوره. ما من تفسير بعد أن بات كل شيء واضحاً، ووصلت المتفجرات داخل المنازل والمدارس والكنائس والمساجد.
هي معركة المصير، بل هي معركة التاريخ، ولا بد للأمة أن تكسبها، بثمن كبير وبأي ثمن.