الأستاذ دكتور رفعت سيد أحمد
* نعم.. مسكين هو الأخ أبو الوليد (خالد مشعل).
* ومسكين أيضاً رفيق جهاده (إسماعيل هنية).. وقبلهما كل العزاء لحركة (حماس)، ومجاهديها الشرفاء.
* أما لماذا ؟ فلأن المشهد الذى رأيناه، يوم الاثنين 6/2/2012 فى الدوحة يثير الأسى أكثر مما يثير الغضب، حين توسط رجل إسرائيل وأمريكا الأول فى الخليج (حمد : حاكم قطر) كل من خالد مشعل ومحمود عباس ليوقعا اتفاقاً جديداً لتشكيل حكومة جديدة تحت حراب المحتل، وليس لبدء مرحلة ثورية تعيد الأرض التى تسيطر عليها هذه الحكومة، وتليق بربيع الثورات العربية الذى ما فتىء يتغنى به هؤلاء الثلاثة صباح مساء فى مشهد شديد البؤس!!.
* لقد كان مشهداً حزيناً للغاية.. أن ينهى خالد مشعل ؛ حياته السياسية والجهادية (كما أعلن من قبل !!) بإتفاق هزلى لحكومة يرأسها أبو مازن صاحب العلاقات المديدة والوطيدة مع قادة الكيان الصهيونى منذ اتفاق أوسلو 1993 وحتى اليوم، وأن ينحنى إسماعيل هنية – قبل ذلك بأيام – ليقبل يد يوسف القرضاوى مفتى حاكم قطر الخصوصى، والذى أفتى بالقتل للحكام العرب، إلا حكام الخليج (سبحان الله !!) رغم أنهم أشد استبداد وتبعية وفساداً، يقبل يده وهو الفلسطينى الحر الذى لا ينحنى إلا لله ؛ لهو الأمر الذى يدعو إلى الأسى والحزن.
* أما الحزن الأكبر لفلسطين الحبيبة، ولحركاتها المجاهدة التى كنا نحسب هؤلاء من قادتها : لقد سكتت فيها، ويبدو إلى أمد طويل، أصوات المدافع والرصاص المقاوم، إنه أمر محير والله، تنتصر (الثورات) فى البلاد العربية وتسكت فى فلسطين.. هل ثمة رابط، أم هى الصدفة ؟ هل ثمة مؤامرة هناك، أم هى ظروف اللحظة وضغوط الزمن ؟.
* لقد تحدثنا، وكلنا أمل مع انتصار الثورة المصرية (25 يناير 2011) أنه بسقوط (حسنى مبارك)، ” الكنز الاستراتيجى ” للعدو الصهيونى، فإن فلسطين ستشتعل وأن لحظة الانتفاضة الثالثة قد اقتربت، والمقاومة ستقوى لأن حلفاء إسرائيل العتيدين قد رحلوا ؛ ومرت الأيام، فإذ بالأنظمة التى سقطت واُستبدلت بقوى إسلامية (إخوانية تحديداً) سواء فى تونس أو ليبيا ثم مصر واليمن، تتراجع بعدها فلسطين إلى الخلف درجات، وإذ بالأنظمة الجديدة تكاد تعترف بإسرائيل، لولا بعض الحياء ؛ بل وتلتقى بالمسئولين ورجال المخابرات الأمريكان القريبين مصلحة ورؤية من إسرائيل، بترحاب وبلا شروط (انظر لقاءات الإخوان فى مصر بـ 7 من كبار رجال المخابرات والسياسة الأمريكية)، وانظر لقاءات راشد الغنوشى فى واشنطن ودافوس باليهود والإعلام الصهيونى، وانظر لقاءات بن كيران المغربى فى دافوس بالإذاعة الإسرائيلية، وأنصحك ألا تعد اللقاءات الحميمية لإسلاميى سوريا وثوارها المزعومين برجال المخابرات الفرنسية والأمريكية وبالإعلام الصهيونى وبرنار ليفى.. فما أكثرها !!، وتبدل الحال وقدم – وسيقدم – إسلاميو الثورات الجديدة، للأمريكان والصهاينة فى الملف الفلسطينى ما لم يجرؤ حسنى مبارك وباقى الرؤساء المخلوعين على تقديمه لهم، وكله باسم الإسلام والثورة، وهما بالقطع بريئين مما يفعل هؤلاء !!.
* فى هذه الأجواء جاء المسكين (خالد مشعل) ليقدم آخر أوراقه فى قطر وما كان يليق به أن يفعل بنفسه، وبـ (حماس) و(فلسطين) ذلك، لقد كان الأجدى، والأجمل له أن يختم رئاسته للمكتب السياسى، بأن يستقيل وهو يدعو إلى الجهاد، وليس لإقامة حكومة فلسطينية برئاسة (صديق للإسرائيليين) داخل سجن إسرائيلى كبير اسمه (الضفة وغزة)، فهل يا ترى كان خالد مشعل يدرك ما يفعل ؟ هل كان يعلم أنه ينهى حياته السياسية بما لا يليق بها كفلسطينى حر مجاهد ؟ أم أنه قد جاءه أمر من التنظيم العالمى للإخوان أن يفعل، ففعل دون تذكر ولو للحظة أن فلسطين لدى أهلها أقدس من تنظيمه الإخوانى العالمى، وأنها الأولى بالسمع والطاعة منه، وأنها فوق ذلك كله لاتزال محتلة، وأنها ليست فى ترف تشكيل حكومات وهمية فى وطن محتل، تحت رعاية أمراء يعملون فى خدمة واشنطن وتل أبيب، حكومات أسيرة برئيس إسرائيلى الهوى !! ثم إن المحبين لفلسطين، داخلها وخارجها، يستغربون من تضمين اتفاق فلسطينى – فلسطينى، لاسم أمير قطرى بداخله هو (ولى العهد تميم بن حمد)، ويسألون هل توجيه الشكر له، لجهود قام وهو (طفل سياسى) فيما يتصل بالشأن الفلسطينى العظيم، أم هو شكر لأمواله، خاصة وهذه الأموال قد فعلت فعلها مع آخرين قبلهم من شيخ الفتاوى ؛ شيخ قاعدة العديد، إلى نائب الكنيست الإسرائيلى – المفكر العربى وفقاً لمصطلح الجزيرة المثير للسخرية – عزمى بشارة وأسست له مركزاً للدراسات يستقطب فيه الخبرات والثورات والمعلومات ورجال المعارضة العرب وآخرهم رجال المعارضة السورية !!، استقطابهم بهدف تفكيك الوطن المصرى ثم الليبى والآن السورى وتدميره !! فهل كان ذكر الأمير – ولى العهد – وحضور الأب كشاهد على الاتفاق وفى توقيت الصفعة الكبرى التى وجهت إلى مؤامرة الخليج بقيادة قطر والسعودية داخل مجلس الأمن الذى ذهبوا إليه لتدويل الملف السورى، جاء الاتفاق لكى يرد الاعتبار لدويلة قطر التى اهتزت الأرض تحت أقدامها بعد فشل مخططها ؟ وهل يليق بمجاهد كبير – مثل خالد مشعل- قضى الشطر الأكبر من عمره فى حماية الدولة السورية ودعمها أن يفعل ذلك ؟، هل يليق به وبحركته وبإسلامه الحنيف، الذى علمنا شكر من أسدى إلينا الجميل، ألا يذكر كلمة واحدة عن الدولة صاحبة الفضل عليه وعلى حركته حين استقبلته وحمته عندما طرده عربان الخليج !!.
مسكين خالد مشعل ؛ لقد أنهى حياته بما لا يليق بها ولكن المسكين أكثر هو هذا الشعب الفلسطينى وتلك القضية التى سيتم دفنها وإلى الأبد بأيدى الأنظمة الجديدة، التى تدعى الثورية والتى لن تحصل فلسطين منها إلا على الكلام وفتاوى القرضاوى الميتة والمعلبة والتى لم يعد يستجيب أحد إليها لفقدانها المصداقية !! إنها أنظمة لا تزيد عن الأنظمة القديمة سوى فى (اللحية) وإذا لم يدرك المجاهدون الحقيقيون فى فلسطين، أبعاد المخطط الذى يستهدفهم والمؤامرة الكبيرة التى تتم باسم قضيتهم، وإذا لم ينادوا بالثورة ضد هذا العفن الذى يقوده الخليج المحتل (ياللغرابة اتفاق مشعل – أبو مازن كان على بعد نصف ميل من قاعدة العديد الأمريكية !!).. إذا لم يؤسسوا لاتفاق وطنى جديد قائم على المقاومة، واستراتيجية للتحرير والعودة وليس للحكم وتقسيم الدوائر والأمن داخل الزنزانة الإسرائيلية.. إذا لم يكسروا جدران هذه الزنزانة أولاً.. ثم يشكلوا بعد ذلك حكومتهم كما يشاءون.. إذا لم يبدأوا الآن ربيع انتفاضتهم الثالثة، إذا لم يفعلوا واكتفوا بأموال حمد وموزة وتميم ؛ وفنادق المخابرات المصرية الفاخرة، فقل على القضية مثلما قلنا عن ” أبو الوليد وأبو العبد “.. السلام !!
:::::
المصدر: مركز يافا للدراسات والأبحاث ـ القاهرة، http://yafacenter.com/
الرابط: http://yafacenter.com/TopicDetails.aspx?TopicID=1578