مازن ابراهيم
21 شباط 2012
خالد هنداوي “مشرفا سياسيا وعقائديا وضابط ارتباط مع قطر”، و لؤي الزعبي “رئيسا لأركانه” و الشيخ زهير عمر عباسي “للإمداد والتموين” وأيمن الحريري “للعمليات” !؟
بيروت، استانبول ـ الحقيقة ( خاص من: مازن ابراهيم): في تطور تنظيمي لافت يؤكد ما كانت ذهبت إليه “الحقيقة” قبل أشهر، لجهة أن “الجيش السوري الحر” ليس سوى اسم حركي للمنظمات السلفية والتكفيرية التي تحمل السلاح في سوريا، عينت الجهات الوصائية المالية والأيديولوجية والسياسية على “الجيش” المذكور، وبشكل خاص قطر والسعودية وتركيا، عددا من مشايخ “الأخوان المسلمين” ورموز “القاعدة” في قيادته و / أو مشرفين على أنشطته المختلفة. فقد علمت”الحقيقة” من مصادر مقربة من قيادة”الجيش” في أنطاكيا بلواء اسكندرونة المحتل أن قطر عينت الشيخ خالد هنداوي “موجها سياسا وعقائديا” أعلى له و”ضابط الارتباط” بينه وبين الحكومة القطرية، بينما عينت الشيخ زهير عمر عباسي مسؤولا عن”الإمداد والتموين”. وكشف ضابط مقرب من العقيد رياض الأسعد لـ”الحقيقة” أن الشيخ السلفي لؤي الزعبي، وهو أحد أبرز رفاق أسامة بن لادن خلال حياته في السودان، أصبح بمثابة “رئيس لأركان الجيش” بينما أصبح الشيخ أيمن الحريري بمثابة “مسؤول العمليات”، يساعده في ذلك ـ من بين آخرين ـ النصاب الدولي الشهير زهير الصديق!. وقال المصدر ” إن العقيد الأسعد أصبح مع هذه التعيينات مجرد صورة شكلية وطلاء خارجي للجيش السوري الحر، الغاية منها إضفاء ملامح منظمة عسكرية وطنية على هذا الأخير والحيلولة دون ترك انطباع لدى الرأي العام بأنه مجرد ميليشيا إسلامية تكفيرية”، كاشفا عن أن هذه التعيينات جرت عمليا الشهر الماضي، إلا أنه لم يجر الإعلان عنها رسميا، ولن يجري ذلك على الأقل في المستقبل المنظور، للسبب المذكور نفسه.
ولكن من هم هؤلاء المشايخ و “الجهاديون” الذين جرى تعيينهم ؟
ـ الشيخ خالد الهنداوي: وريث مروان حديد وسعيد حوى:
تقول المعلومات المتوفرة إنه كان من أبرز مقاتلي “الأخوان المسلمين” و “الطليعة الإسلامية المقاتلة” في مدينة حماة خلال المواجهات التي دارت بين الجهتين المذكورتين والسلطة السورية أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات الماضية. وبعد هزيمة المشروع “الجهادي” الإسلامي في سوريا، تفرغ الشيخ الهنداوي مثل كثيرين غيره للقضايا النظرية والفقهية والإسلامية إلى أن شارك في تأسيس “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” الذي أنشأته قطر من خلال وكيلها يوسف القرضاوي في العام 2004 في سياق تنافسها مع الدولة الوهابية السعودية على سوق الإسلام السياسي، والذي يمثل “المرجعية الفقهية” لحركة الأخوان المسلمين. والهنداوي، فضلا عن ذلك، عضو مؤسس في “رابطة العلماء السوريين” التي شكلها شيوخ من الأخوان المسلمين وأوساطهم في المنفى، لاسيما الشيخ الحلبي محمد علي الصابونجي. لكن التكوين السياسي والفقهي للشيخ خالد الهنداوي يعود أساسا إلى الفترة التي قضاها قريبا من أئمة ورموز الإسلام السياسي المسلح في سوريا، وبشكل خاص الشيخ محمد الحامد و الشيخ مروان حديد والشيخ سعيد حوى ـ المراقب العام للأخوان المسلمين السوريين وقائد تشكيلاتهم العسكرية خلال الفترة 1979 ـ 1982. ويعتبر خالد الهنداوي هؤلاء الثلاثة ” آباءه الروحيين” ومصدر إلهامه في رؤيته للإسلام السياسي الجهادي. ويعيش الهنداوي الىن متنقلا ما بين قطر وتركيا / لواء اسكندرونة المحتل.
ـ لؤي الزعبي .. من حضن أسامة بن لادن والمخابرات الأردنية إلى أحضان “تيار المستقبل”:
أما الشيخ لؤي الزعبي فتشير المعلومات المتوفرة عنه إلى أنه كان من أبرز ” الجهاديين” السوريين والعرب الذين التحقوا بمنظمة”القاعدة” وشيخها أسامة بن لادن، لاسيما حين كان هذا الأخير يعيش في السودان. وحين شاركت المخابرات الأردنية، إلى جانب أجهزة مخابرات عربية أخرى، في تجنيد الإسلاميين العرب وإرسالهم إلى أفغانستان لقتال السوفييت ونظام بابراك كارمل الوطني، بالتعاون مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية والمخابرات الفرنسية، كان لؤي الزعبي في طليعة من ذهبوا إلى أفغانستان نهاية الثمانينيات عبر القناة الاستخبارية الأردنية، بحكم كونه من منطقة حوران في سوريا. وبحسب مصادر خاصة بـ”الحقيقة”، فإن لؤي الزعبي هو أحد قلة من “الجهاديين العرب الأفغان” الذين حافظوا على علاقاتهم بأجهزة المخابرات التي أرسلتهم. وقد ظل يحافظ على هذه العلاقة حتى بعد أن اختلف مع رفاقه في “القاعدة” وغادر إلى البوسنة للمشاركة في القتال ضد الصرب في العام 1995. ففي البوسنة، وطبقا لهذه المصادر، كان يلتقي مع مشغليه في المخابرات الأردنية التي كانت تعمل في عداد قوات حفظ السلام خلال التسعينيات. وبعد عودته إلى سوريا اعتقل لحوالي ست سنوات، لكنه “اختفى” منذ إطلاق سراحه ليكون أول ظهور له في مقابلة مع “التايمز” البريطانية نشرت مطلع تشرين الأول / أكتوبر الماضي. إلا أن مصادر أردنية أبلغت “الحقيقة” بأن الزعبي كان في الأردن منذ إطلاق سراحه من السجون السورية، وجرى إرساله إلى لبنان أواخر الصيف الماضي حين بدأت قطر والمخابرات الفرنسية والأميركية فتح “دفاترها القديمة” وتجنيد السلفيين والتكفيريين من أطياف “القاعدة” وأخواتها لإرسالهم إلى القتال في سوريا كما حصل في أفغانستان سابقا وفي ليبيا لاحقا، ولكن هذه المرة تحت شعار مواجهة ” الهلال الشيعي”. فهؤلاء لا يرون ما يجري في سوريا إلا بوصفه معركة بين ” تحالف سني” تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها و”تحالف شيعي” تقوده روسيا والصين وإيران!! وقد وقع الخيار على الزعبي كي يذهب إلى لبنان. وكان لافتا أن وسائل الإعلام الوهابية سارعت في وقت واحد لتعويم الزعبي وتظهيره إعلاميا. ففي 26 أيلول / سبتمبر الماضي أجرت “الشرق الأوسط” السعودية مقابلة معه حرصت خلالها على عدم الإشارة إلى المكان الذي التقته فيه. لكن ما قاله في المقابلة، وهو ما وضعته الصحيفة عنوانا لها، كان لافتا جدا. فقد أكد الزعبي أن أعداء الشعب السوري ـ حسب التسلسل ـ هم علي خامنائي، مرشد الثورة الإيرانية، وحزب الله، ثم بشار الأسد. أما إسرائيل فقد غابت كليا عن قائمة إعدائه! وبعد هذه المقابلة ببضعة أسابيع التقته جيزيل خوري في برناجها ” ستوديو بيروت” الذي تبثه قناة “العربية”. وقد حرصت هي الأخرى على عدم الإشارة إلى مكان إجراء المقابلة، مكتفية بالقول إنها جرت في مكان ما من ” الشرق الأوسط”! والواقع لم يكن مكان اللقاء سوى منزل أحد نواب “تيار المستقبل” في طرابلس شمال لبنان حيث يعيش الزعبي ويقود من هناك مسلحي ما يسمى “الجيش الحر” ويخزن السلاح القادم من داخل لبنان ومن خارجه قبل إرساله إلى سوريا. ومن المعلوم أن أحد مستودعات السلاح الذي يخزنه الزعبي انفجر في العاشر من الشهر الجاري في منطقة ” أبي سمرا” في طرابلس وقتل فيه ثلاثة من العاملين في ” كتيبة الدعم اللوجستي” التابعة لـ”الجيش” المذكور!
ـ أيمن الحريري.. “مجاهد عابر للمحافظات”:
لا يزال هذا الرجل الشخصية الأكثر غموضا من بين مجموعة المشايخ التكفيريين الذين ألحقوا بـ”جيش رياض الأسعد”، ولو أن البعض يصفه بأنه ” عدنان عقلة ـ طبعة 2012 “، في إشارة إلى السفاح عدنان عقلة الذي كان أحد أبرز قيادات “الطليعة الإسلامية المقاتلة” بسبب دمويته ووحشيته. لكن المعلومات المتوفرة عنه حتى الآن تفيد بأنه مواليد حلب، ولكن لأبوين من محافظة درعا. كما وتشير هذه المعلومات إلى أنه على علاقة قوية بالمخابرات التركية، وأنه قضى بضعة أشهر في لواء اسكندرونه المحتل إلى جانب رياض الأسعد قبل أن يجري نقله إلى شمال لبنان قبل أشهر، حيث يشرف من هناك على إدارة عمليات الاغتيال والتفجير داخل سوريا. وتنسب له العمليات النوعية مثل التفجيرين اللذين استهدفا حلب مؤخرا، وعمليات اغتيال العسكريين المنتقاة بعناية!
ـ زهير عمر عباسي.. تصفية الشيخ محمد أحمد صادق أول أعماله “الجهادية”:
ليس معلوما بعد من يكون زهير عمر عباسي هذا، ويرجح كثيرون ممن نعرفهم أنه اسم مستعار. لكن من الملاحظ أنه كان المبادر إلى تأسيس ما يسمى ” المجلس الإسلامي الأعلى في سوريا”. ويتضح من صفحته على موقع ” يوتيوب” أنه أحد أطياف “القاعدة” وأخواتها من الحركات الوهابية. فقاموس مفرداته المفضل هو ” مجوسي، رافضي، شيعي، فرس مجوس، نصيري، نصراني.. إلخ”! كما ويتضح من الصفحة ـ وهنا وجه المفارقة ـ أن له علاقات قوية بالمدعو عمار قربي وبآخرين ممن يطالبون بالتدخل العسكري في سوريا حتى وإن كان أطلسيا وإسرائيليا! لكن الأبرز هو أنه كان في طليعة من دعوا إلى قتل علماء الدين السنة ممكن يعملون في وزارة الأوقاف السورية الذين لم ينشقوا على النظام. فهؤلاء بالنسبة له خارجون على شرع الله ومن عبدة الطاغوت! ومن المعلوم أن التيار الوحيد الذي يكفر المسلمين السنة هو “القاعدة” وأخواتها من المنظمات التي تستقي من “الوهابية” مرجعيتها. وهناك معلومات بأن إرهابيين يعملون مع هذا “المجلس” ومع أحد مرجعياته ( الشيخ إحسان بعدراني) في ” تنسيقية الميدان” بدمشق هم من قتلوا الشيخ محمد أحمد صادق، إمام جامع أنس بن مالك، يوم الجمعة الماضي. فقد كان “المجلس” أول من رحب بقتله، واصفا إياه بـ”المجرم عابد الطاغوت”!!
هذا هو “الجيش السوري الحر”، أو ” الطليعة الإسلامية المقاتلة ـ طبعة 2012″، لمن لا يزال يعتقد ويصدّق ـ بسبب هبله وضحالته وسخفه ـ أنه جيش من المنشقين، وليس مجرد واجهة للمجرمين والقتلة والإرهابيين والمخربين والجواسيس!
(*) ـ صورة غلاف الخبر: لؤي الزعبي ورياض الأسعد الذي أطلق لحيته بعد أن تحول مجلس قيادته إلى مجموعة من السلفيين والتكفيريين!
:::::
المصدر: “الحقيقة“.
http://www.syriatruth.org/news/tabid/93/Article/6750/Default.aspx
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.