الطرق التي تؤدي الى الكارثة
ترجمه: د. نورالدين عواد
من الممكن ان اكتب هذا التامل اليوم او غدا او اي يوم آخر دون المجازفة بالوقوع في الخطأ. الجنس البشري يواجه مشاكل جديدة. عندما قلت قبل عشرين عاما في مؤتمر الامم المتحدة للبيئة والتنمية الذي عقد في ريو دي جانيرو، بأن احد الاجناس كان عرضة لخطر الانقراض، كانت لدي وقتئذ اسباب اقل مما لدي اليوم، لكي انبه الى خطر كنت اتوقعه على مسافة مائة عام. في ذلك الحين، كان عدد قليل من قادة البلدان الاكثر جبروتا يديرون العالم. وقد صفقوا مجاملة لتلك الكلمات التي قلتها، وواصلوا بهدوء حفر مدفن لجنسنا البشري.
كان يبدو ان الحس السوي والنظام يخيمان على كوكبنا. منذ امد طويل كانت التنمية الاقتصادية المدعومة بالتكنولوجيا والعلوم، تتشابه مع طلاسم المجتمع البشري.
اما الان فقد اضحى كل شيء اكثر جلاء. حقائق عميقة ما فتئت تشق طريقها. حوالي 200 دولة، يزعم بانها مستقلة، تشكل الهيئة السياسية التي من حقها نظريا التحكم بمصير العالم.
يوجد حوالي 25 الف سلاح نووي بايدي القوى المتحالفة او المتناحرة، منصوبة للدفاع عن النظام المتغير، بالمصلحة او بالضرورة، وتقلص حقوق مليارات البشر الى صفر.
لن اقع في سذاجة تحميل روسيا او الصين مسؤولية تطوير هذا النوع من الاسلحة، في اعقاب المذبحة الوحشية التي ارتكبت في هيروشيما وناغازاكي، بأمر من ترومان ، بعد وفاة روزفلت.
كما انني لن اقع في خطأ انكار وقوع المحرقة، التي ترتب عليها موت ملايين الاطفال والبالغين رجالا ونساء، وبشكل رئيسي من اليهود والغجر والروس ومن قوميات اخرى،والذين وقعوا ضحايا للنازية. ولهذا السبب، تثير الاشمئزاز لديّ، السياسة المخزية التي ينتهجها الذين ينكرون على الشعب الفلسطيني حقه في الوجود.
هل هناك يا ترى من يعتقد بان الولايات المتحدة الامريكية ستكون قادرة على التصرف باستقلالية تصونها من الكارثة الحتمية التي تنتظرها؟
في غضون اسابيع قليلة، ستفيدنا الاربعون مليون دولار التي وعد الرئيس اوباما بجبايتها من اجل حملته الانتخابية، فقط لاثبات ان عملة بلاده فقدت قيمتها كثيرا، وان الولايات المتحدة الامريكية، بديونها العامة المتزايدة واللامعهودة، تقترب من 20 ألف بليون (20 الف مليون مليون) دولار، تعيش على الاموال التي تطبعها وليس على ما تنتجه. بقية العالم يدفع ثمن ما يبذره الامريكيون.
لا احد يصدق ايضا ان المرشح الديموقراطي سيكون افضل او اسوا من خصميه الجمهوريين، ميت رومني Mitt Romney او ريك سانتوروم Rick Santorum سواء بسواء. سنوات ضوئية تفصل بين الثلاثة و شخصيات من عيار ابراهام لينكون Abraham Lincoln او مارتن لوثر كينغ Martin Luther King. في الحقيقة من غير المعهود ان نرى أمة بهذا الجبروت التكنولوجي، وحكومة تفتقر جدا، في نفس الوقت، الى الافكار والقيم الاخلاقية.
ايران لا تمتلك اسلحة نووية. يتهمونها بانتاج اليورانيوم المخصب الذي يستخدم كوقود لانتاج الطاقة او للاستعمال الطبي. شئنا ام ابينا، امتلاك اليورانيوم المخصب او انتاجه لا يعادل انتاج الاسلحة النووية. عشرات البلدان تستعمل اليورانيوم المخصب كمصدر للطاقة، لكن لا يمكن استخدامه في انتاج السلاح النووي دون معالجة مسبقة وتنقية معقدة.
مع ذلك، اسرائيل التي صنعت السلاح النووي بمساعدة وتعاون الولايات المتحدة الامريكية، دون ان تبلغ او تقدم كشف حساب لاحد، ولا زالت اليوم تنكر امتلاكها لتلك الاسلحة، لديها منها مئات. ولكي تحول دون تطور الابحاث في البلدان العربية المجاورة، هاجمت اسرائيل ودمرت مفاعلات العراق وسوريا. ولا زالت تفصح عن مبتغاها في مهاجمة وتدمير مراكز انتاج الوقود النووي في ايران.
لازالت السياسة الدولية في هذه المنطقة المعقدة والخطيرة من العالم تدور حول هذا الموضوع المحوري، حيث يتم انتاج وتوريد الجزء الاكبر من الوقود الذي يحرك الاقتصاد العالمي.
ان التصفية الانتقائية لأهم العلماء الايرانيين على يد اسرائيل وحلفائها في حلف الاطلسي، قد اصبحت ممارسة تثير الاضغان ومشاعر الانتقام.
لقد صرحت الحكومة الاسرائيلية علنا انها تبتغي مهاجمة مصنع انتاج اليورانيوم المخصب في ايران، بينما انفقت الحكومة الامريكية مئات ملايين الدولارات في تصنيع قنبلة لهذه الغاية.
بتاريخ 16 آذار 2012، نشر ميشيل شوسودوفسكي Michel Chossudovsky و فينيان كونينغهام Finian Cunningham ، مقالا يكشفان فيه النقاب عن ان ” جنرالا هاما من القوى الجوية الامريكية قدم توصيفا لاكبر قنبلة تقليدية ـ قنبلة مكافحة الملاجيء المحصنة التي تزن 13,6 طنا ـ على انها “قنبلة عظمى” من اجل الهجوم العسكري على ايران.
“تعليق بليغ جدا حول آلة قاتلة جماعيا، ظهر في نفس الاسبوع الذي طلع فيه الرئيس باراك اوباما ليحذر من مغبة “الكلام الطائش” عن حرب في الخليج الفارسي”.
“هيربرت كارليسلي Herbert Carlisle وهو نائب رئيس هيئة الاركان لعمليات القوى الجوية الامريكية […] اضاف انه من المحتمل استعمال القنبلة في اي هجوم تامر به واشنطن على ايران.
“القنبلة الخارقة والمعروفة ايضا باسم “ام كل القنابل”، سيتم تصميمها لكي تخترق 60 مترا من الخرسانة قبل ان تفجر شحنتها الهائلة. يعتقد بانها اكبر سلاح تقليدي، غير نووي، في الترسانة الامريكية”.
“يخطط البنتاغون لعملية واسعة التدمير للبنية التحتية الايرانية وضحايا مدنية جماعية، من خلال الاستخدام المتزامن للقنابل النووية التكتيكية والقنابل التقليدية الوحشية، التي تولد سحبا على شكل فطر، ومن ضمنها قنابل مكافحة الملاجيء المحصنة MOAB والقنبلة الاكبر منها وهي GBU-57A/B او القنبلة الخارقة MOP التي تفوق الاولى في قدرتها التدميرية.
“القنبلة الخارقة MOP توصف على انها قنبلة جديدة جبارة مصوبة مباشرة على المنشآت النووية الباطنية في ايران وكوريا الشمالية. هذه القنبلة الهائلة ـ وهي اطول من 11 شخصا مصفوفين كتفا كتفا، او اكثر من 6 امتار من قاعدتها الى راسها”.
ارجو ان يعذرني القاريء على استعمال لغة الرطانة العسكرية.
يمكن ملاحظة ان هذه الحسابات تنطلق من فرضية ان المقاتلين الايرانيين، وهم يعدون بملايين الرجال والنساء المعروفين بعنفوانهم الديني وتقاليدهم الكفاحية، سيستسلمون دون اطلاق رصاصة واحدة.
في الايام الاخيرة، راى الايرانيون، في مدة لا تتجاوز ثلاثة اسابيع، كيف قام الجنود الامريكيون الذين يحتلون افغانستان، بالتبوّل على جثث افغانيين بعد اغتيالهم، وحرقوا كتب القرآن، واغتالوا اكثر من 15 مواطنا اعزلا.
لنتخيل القوات الامريكية تقذف قنابل وحشية على منشآت صناعية، قادرة على اختراق 60 مترا من الخرسانة. لم يتصور احد قط مغامرة من هذا القبيل.
لا حاجة لكلمة اخرى لكي نفهم خطورة مثل هذه السياسة. بهذه الطريقة سيتم اقتياد جنسنا البشري حتما الى الكارثة. ان لم نتعلم كيف نفهم فاننا لن نتعلم ابدا كيف نبقى على قيد الحياة.
من جهتي، لا يراودني ادنى شك في ان الولايات المتحدة الامريكية على وشك ان ترتكب اكبر خطأ في تاريخها وتقود العالم اليه.
فيديل كاسترو روس
21 آذار 2012
الساعة 7 و35 دقيقة مساء
::::
المصدر: صحيفة غرانما الناطقة الرسمية باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي.
http://www.granma.cubaweb.cu/secciones/ref-fidel/065.html
- · إقرأ ألاصل بالاسبانية:
Los caminos que conducen al desastre
Fidel Castro Ruz
http://www.granma.cubaweb.cu/secciones/ref-fidel/065.html
- · إقرأ الترجمة الإنكليزية:
The Burial Of Our Species The Roads Leading to Disaster
Reflections By Fidel Castro
http://www.informationclearinghouse.info/article30897.htm
- ·
إقرأ تعليقاً هاماً على مقالة الرفيق كاسترو:
Heading for Inevitable Disaster
by Stephen Lendman
http://www.progressiveradionetwork.com/the-progressive-news-hour/.