شهر على إضرابها وحياتها في خطر

هنـاء شـلبي: أنـا صابـرة وصامـدة

 

فلسطينيون يحملون صور هناء شلبي خلال اعتصام تضامني أمام سجن عوفر في الضفة الغربية أمس (رويترز)

ثلاثون شمعة أضاءتها الأسيرة هناء شلبي في ظلام سجون الاحتلال، منذ أن بدأت إضرابها المفتوح عن الطعام في 16 شباط الماضي، لتجسد بذلك حالة نضال خاصة، باعتبارها أول أسيرة فلسطينية تلجأ إلى هذه الخطوة رفضاً للاعتقال الإداري والإجراءات التعسفية التي تنتهك إنسانية كل أسير فلسطيني.
دعوة للثورة على الاعتقال الإداري وجّهتها شلبي من سجن «هاشارون» العسكري، ويبدو أنها وجدت طريقها إلى الزنازين في باقي سجون الاحتلال، حيث أعلن عدد من الأسرى دخولهم في إضراب عن الطعام تضامناً مع الأسيرة.
«أنا صابرة وصامدة»… بهذه العبارة بدأت هناء شلبي رسالتها، التي خاطبت فيها بالأمس «أبناء شعبي البطل وكل أحرار العالم». وقالت شلبي في رسالتها «لقد بدأت معركة الأمعاء الخاوية، وأنا مؤمنة كل الإيمان بأن كرامتنا وعزتنا هي أولويتنا». وتوجهت شلبي إلى «كل الأسرى الإداريين»، داعية إياهم إلى «رفض الاعتقال الإداري والثورة عليه لأنه يتناقض مع كل القوانين والأعراف الدولية».
وختمت «إنني مستمرة في الإضراب عن الطعام حتى يتم الإفراج عني كون الاعتقال الإداري اعتقال تعسفي ليس له صلة بالقانون والهدف منه النيل من حريتنا وعزتنا وكرامتنا».
ويأتي إصرار شلبي على مواصلة إضرابها المفتوح عن الطعام رغم التدهور الخطير لوضعها الصحي.
وحذّرت منظمة أطباء حقوق الإنسان من أن الوضع الصحي للأسيرة هناء بات حرجاً للغاية، إذ كشف الفحص الطبي عن انخفاض في دقات قلبها، وانخفاض وزنها بشكل كبير، بالإضافة إلى مضاعفات صحية خطيرة من بينها انخفاض نسبة السكر في الدم، وأوجاع في المعدة والرأس، وعدم القدرة على الوقوف، وتقيؤ سائل حامض.
وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن «عضلات شلبي ضعيفة جدا، وهي تعاني من صفار في العيون، ونسبة الأملاح عالية جدا في الدم الأمر قد أثر على الكلى، وأصبح لديها مشاكل عديدة فيها، منها أوجاع في الخاصرتين وخاصة الجهة اليسرى، وأوجاع في عظم الصدر، وهي الآن لا تستطيع النوم نتيجة الأوجاع، وتشعر بالدوار، كما تأكد أنها لا ترى أحيانا وتفقد النظر».
وكان «نادي الأسير» ذكر أن شلبي أبلغت المحامي رائد محاميد أنها توقفت عن تناول الأملاح، واكتفت بتناول الماء. وقال محاميد إنه «خلال الأسبوع المنصرم حصلت شلبي على الأملاح، أما بالنسبة لهذا الأسبوع فقد طلبوا منها أخذ أملاح، ولكنها رفضت ذلك رفضا تاما. وهي تحصل الآن يوميا على لترين من الماء فقط».
ويبدو أن قضية شلبي قد بدأت تشكل مصدر قلق لدى سلطات الاحتلال، ولهذا فقد ذكرت مصادر فلسطينية، أن إدارة السجون تتعامل مع هذه القضية على مستويين أولهما إعلامي، عبر الإيحاء بأن الوضع الصحي للأسيرة شلبي «مطمئن»، والثاني قمعي، حيث تسعى إدارة سجن هاشارون إلى إطعام شلبي بالقوة.
وتسعى سلطات الاحتلال بهذه الطريقة إلى كسب الوقت في القضية، وبحسب مصادر في نادي الأسير فإن الجلسات التفاوضية التي دعت إليها قاضية محكمة عوفر بين النيابة العامة وفريق الدفاع عن شلبي لم تسفر عن أية نتيجة. وتطلب هيئة الدفاع بالإفراج عن شلبي لعدم توافر المسوغات القانونية لاعتقالها، خصوصاً أنه سبق الإفراج عنها في صفقة تبادل الأسرى قبل أشهر، فيما تزعم النيابة العسكرية وجود «ملف سري» يدينها، وهي الذريعة التي تعتمدها قوات الاحتلال لتبرير الاعتقال الإداري.
وبحسب منظمة «بتسيلم» الحقوقية فإن عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال بلغ حتى كانون الأول الماضي 307 معتقلين، ما يشكل زيادة بنسبة 40 في المئة عن العام الماضي.
وحذّرت وزارة الأسرى الفلسطينية في بيان من مخاطر اتساع رقعة إضراب المعتقلين الفلسطينيين عن الطعام تضامنا مع هناء شلبي، ورفضاً للاعتقال الإداري.
وبحسب الأنباء الواردة من سجن «مجدو» فإن 14 معتقلا فلسطينيا دخلوا في إضراب عن الطعام تضامنا مع شلبي، لينضموا بذلك إلى عشرين أسيراً بدأوا إضرابهم قبل نحو عشرة أيام.
كذلك أطلق أسرى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي في سجن «جلبوع» برنامجاً تضامنياً مع شلبي يشمل إضراباً جزئياً عن الطعام على أن تليه خطوات تصعيدية أخرى.
وبالأمس، خرق المقرر الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ريتشارد فولك الصمت الدولي المريب إزاء قضية الأسيرة هناء شلبي، إذ حذّر من أن «حالة السيدة شلبي خطيرة وتهدد حياتها»، كما حثّ المجتمع الدولي على التدخل نيابة عنها، مشدداً على ضرورة أن تنهي إسرائيل معاملتها غير الإنسانية لها وأن تفرج عنها على الفور.
واستنكر فولك الصمت السائد في إسرائيل والمجتمع الدولي تجاه مصير شلبي، ودعا السلطات الإسرائيلية إلى عدم مواصلة تجاهل مسؤولياتها وفقاً للقانون الدولي.
في هذه الأثناء، قمعت قوات كبيرة من جيش الاحتلال المشاركين في الاعتصام التضامني مع الأسيرة شلبي أمام سجن عوفر قرب رام الله. وأطلق الجنود قنابل الغاز والصوت باتجاه المعتصمين وأجبروهم على فض الاعتصام. وقد أسفرت عملية القمع تلك عن إصابة عدد من المعتصمين.(«السفير»)