قنصل بريطانيا…

من اغتصاب فلسطين للأستذة على نسائها!

بادية ربيع وعادل سمارة

 

لا ندري هل القنصل البريطاني العام (سير: فينسنت فين) (بريتش أو سكوتش أو هويلزي أو أنجلش وربما آيرش) المهم أنه يمثل رسمياً الدولة التي اقتطعت فلسطين من جسد الأمة العربية جرياً على ثقافة شيلوك وأعطتها لتجمع بشري من مئة أصل لتكون دولة لا تحلم إلا بالحرب والعنصرية.

كتب هذا الرجل مقالة في جريدة القدس الصادرة في القدس بمناسبة يوم 8 آذار 2012 أي يوم المرأة العالمي، يوم أنشأته الإمبريالية الغربية الرأسمالية كي يكذب فيه الرجال على النساء بامتياز.

أرسلتُ المقالة إلى الزميلة بادية ربيع كي تكتب، فاقترحت اقتراحاً لئيماً: إنتظر لنرى إن كن النسويات الفلسطينيات سيكتبن رداً عليه أم لا. وحين لم يكتب لا هن ولا هم، صار أن نكتب معاً.

بداية، لو كان الرجل أديبا أو مفكرا بريطانيا حراً لقلنا جميل، هكذا تتواصل الأمم فبريطانيا أنجبت باري اندرسون ورالف مليباند، والعمالي سكارجل ز وكثيرين وعاش فيها وفريدريك إنجلز وكارل لماركس طويلاً. وهي لا شك غير بريطانيا التي انجبت بلفور وتاتشر وبرنارد لويس وتشرشل وتوني بلير واحتضنت المعارضة العراقية التي عادت إلى العراق على دبابات الولايات المتحدة وخاصة أحد منظريها الذي كان تروتسكياً محمد جعفر الذي يتستر باسماء سمير الخليل وكنعان مكية .

أما ان يكون الممثل الرسمي للاستعمار البريطاني الذي خلق الكيان الصهيوني الإشكنازي، والذي ما زالت دماء الليبيين والعراقيين والسوريين على افواه جنود بلاده، أن يكون هذا وأكثر ثم يطلع علينا بابتسامة (إنكليزية واسعة وبلا معنى أو بمعاني مخفية) أو حتى شبة ضحكة بعرض فمه (كما هو في صورته بالصحيفة)، ليمدح نضال المرأة الفلسطينية من أجل : “المساواة الحقيقية والعدالة الاجتماعية …الخ” فهذا من ثالثة الأثافي ونفاق لا بل احتقار للمرأة الفلسطينية لأن من يتحدث للفلسطينية يجب أن تبدأ من حق العودة! فالرجل لم يذكر المعاناة الأساس للمرأة الفلسطينية أي التشرد واللجوء والاعتقال والاغتيال. كتب هذا وهناء الشلبي على فراش الاستشهاد، هل قال كلمة عنها؟ حاشا لله.

الرجل دبلوماسي بمهارة مكشوفة لا تنم عن قدر كبير من الذكاء ولا تنطلي لولا ضحالة كرامتنا، فهو يرشي المرأة بأنه مع : “دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”. كم أنت دقيقاً ايها الرجل: القدس الشرقية وكأن القدس الغربية هي ضاحية تشنجفورد شرق لندن لا علاقة للفلسطينيين بها! لا اقول إنه لا يجرؤ على ذكر الاحتلال بل هو صهيوني أعرق من الاحتلال. ويتباهى الرجل أنه زار سيدات الأعمال في الخليل في الغرفة التجارية : “…هناك خلال اجتماعاتنا لبحث سبل زيادة الاستثمار وتقوية التعاون التجاري”.

بالطبع لم يسأله لا الرجال ولا النساء : لماذا لا تعتذرون على الأقل عن اقتطاع وطننا للكيان! إنه المال الأسود المسموم، والذي لا يقوينا بل يُصيبنا بالفيروسات، هذا المال هو الذي يُغلق أفواه أنواع من النساء الفلسطينيات: النساء التقليديات اللائي يقبلن ما يقوله الرجل البطريركي والراسمالي والذكوري، والنساء النسذكوريات اللائي يدعمن سلطة الرجل على حساب المرأة ، مثلا يمتدح النسذكوريات “الفلسطينيات اللائي دخلن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير”. كيف لا يمتدح، طالما كان الإنجاب هو أوسلو-ستان. المال الأسود الذي يفتح افواه النساء النسويات ليزعمن تحرر المرأة بالغربنة والتخارج وترويج الكولونيالية بمجموعها إلى هنا!

ويمضي هذا الكولونيالي ليدوس على عقولنا بقوله: “حقوق الإنسان من أهم أولويات الحكومة البريطانية”! يا إلهي؟ اليست بريطانيا هي التي ذبحت من أمم الأرض بأضعاف عدد سكان بريطانيا بل حتى مضافاً إليهم موتى بريطانيا! رحم الله كارل ماركس حين وصف الراسمالية الكولونيالية في الهند بقوله: “إن عظام عمال نسيج القطن تملأ سهول الهند” . دعك من فلسطين والعرب، اليست بريطانيا هي التي اشعلت حرب الأفيون في الصين؟ تخدير أكبر أمة في العالم! هل هذه حقوق الإسنان! اليست هجمة المخدرات التي تقودها حكومة الولايات المتحدة في امريكا اللاتينية وخاصة في كولومبيا هي الجذر الممتد من أجدادهم البريطانيين؟

وينتهي الرجل للحديث عن : “العنف ضد المرأة”. وهل اعنف من إلغاء ذاكرة المرأة الفلسطينية التي تعيش في مخيمات الشتات في الوحل والبرد بسبب مصالح بريطانيا!

حين قرأنا التالي في المقالة ضحكنا! : “… كما يوفر موقع القنصلية البريطانية الإلكتروني حيزا للمرأة للتعبير عن نفسها من خلال الصور، فالصورة تعبر عن ألف كلمة أحياناً

www.ukinjerusalem.fco.gov.uk، “.

هل يجهل هذا المستشرق أن كثيراً من النساء المحافظات لا ينشرن صورهن! أم سيكون التمويل بشرط نشر الصور شرط تفرضه وزارة التنمية الدولية البريطانية DFID ؟؟. أخشى أن يكون في هذا الموقع شَرَكاً كالبصمات الشخصية لأهل لبنان التي فضحها حزب الله. ولكن، حبذا لو نرى كيف سيشعر هذا الرجل حين يترجم له عميل فلسطيني هذه المقالة، وسيكون لا شك ممن كتبوا مدحا للناتو في سوريا وليبيا؟ أم سيشعر القنصل بالحسرة على الأيام التي كان أجداده يضعون القط في شراويل أجادنا كي يعترفوا على البنادق القديمة التي بحوزتهم عام 1936. هذه بريطانيا حقوق الإنسان لدرجة أنها تعطي القط حقا على الإنسان! أم تستعبد الإثنين!

كل هذا عيب، ومن العيب أن تنشر له ذلك صحيفة فلسطينية التي كان يجب ان تقول له: ايها القنصل، حين لا تحترم شعبنا نحن مطالبين باحترامه، لذا أكتب أولاً ما يلي: أعتذر باسم حكومة/بل حكومات جلالة الملكة على اغتصاب فلسطين”. ولكن ، من يعلق الجرس، لأن العدو قله الناب والمخلبُ أو كيس مال! قد يزعم البعض أن هذا من قبيل حرية الرأي! كلا، فالاستعمار وخاصة البريطاني الذي أمتع نفسه بحرية القتل لا يحق له أن يمسح ذلك عبر حرية التعبير.

شكراً للتكنولوجيا التي تكاد تخنق الورق لصالح النشرات الإلكترونية حيث فرصة لحديث الفقراء.