في الذكرى الـ 64 لمجزرة دير ياسين


هكذا تغتال الصهيونية الذاكرة الفلسطينية

بعد أربعة وستين عاماً على مذبحة دير ياسين (9 إبريل/نيسان 1948)، يواصل الكيان الصهيوني محو الملامح الأصيلة في فلسطين، ولا ينجو حتى الأموات من مخططاته التي قتلت الأحياء أو هجرت . ونظمت، أمس، منظمة “زوخروت” في موقع القرية حيث تقام مستوطنة “كريات موشيه” ومستشفى للمجانين، حيث قدم مرشدوها شروحات عن تاريخ القرية والمجزرة والنكبة .

ورفعت المنظمة التي تعنى بتعميم الرواية التاريخية الفلسطينية على “الإسرائيليين” لافتات بأسماء وصور ضحايا المجزرة من رجال ونساء وأطفال وشيوخ، بعدما اقتحمتها العصابات الصهيونية وسفحت طفولتها مستغلة انشغال الثوار بتشييع جثمان الشهيد عبد القادر الحسيني في القدس بعد استشهاده في معركة القسطل في الثامن من إبريل/نيسان 1948 .

استكمالاً لما صنعته الصهيونية من جرائم بحق “الشيخ مونس” القرية المهجرة منذ نكبة 1948 والتي تقوم على أنقاضها بعد تهجير أهلها ومحو ملامحها، تستعد جامعة “تل أبيب” لتدمير المقبرة الإسلامية بذريعة “التطوير” .

وكشف الناشط عمر اغبارية المختص بتعميم الرواية التاريخية الفلسطينية ل “الخليج” أن جامعة “تل أبيب” تستعد لتنفيذ مخطط لبناء موقف للمراكب قبالة كلية الحقوق فيها على أرض المقبرة الإسلامية التي ما زالت أضرحتها تحمل شواهدها وسط إهمال مريع .

وأشار اغبارية ساخراً إلى أن الجامعة لا تخجل من حقيقة قيامها على أرض قرية تم اقتحامها بالنار وطرد أهلها في ربيع ،1948 وأضاف “بلادة الإحساس والوقاحة دفعت مسؤولي الجامعة لبناء موقف خاص بزائري كلية الحقوق ما يدلل على طبيعة العدالة المزعومة في مؤسسة أكاديمية” .

واشار اغبارية إلى مشاركة الجامعة في مساعٍ رسمية لمحو ذاكرة المكان الفلسطينية وبناء أربعة متاحف صهيونية، لافتاً إلى أن ما تقوم به الجامعة يعكس طبيعة التيار المركزي في الكيان .

وفي السياق يشار إلى أن مؤرخاً يهودياً هو شلومو زند، يفضح في كتاب جديد وجريء صدر الأربعاء الماضي (كيف ومتى اخترعت “أرض إسرائيل”) ملامح اغتيال قرية الشيخ مونس . وفي كتابه الذي يستكمل كتابا سابقاً بعنوان “كيف ومتى اخترع الشعب اليهودي” يقول زند “في الثلاثين من مارس/آذار 1948 رحل آخر المهجرين من الشيخ مونّس . مشوا في دروب عراة حفاة تقريبا . نساء بأيديهن ومن خلفهن أطفال يبكون، وكان الشيوخ العجّز يسيرون بصعوبة وهم متكئون على أكتاف الشباب، فيما تم تحميل المرضى والمقعدين على الحمير، تاركين خلفهم كل ما كانوا يملكون داخل قريتهم المحاصرة من ثلاث جهات عدا الشمال . غادر أهالي الشيخ مونس مذعورين نحو طولكرم وقلقيلية . خلال ساعات سيطر المحتلون وهم يقهقهون بالظفر بما كانوا يطمعون به طيلة سنوات . هكذا تبخر أهالي الشيخ مونس من صفحات تاريخ (سمي زوراً) “أرض إسرائيل” وألقي بهم في وديان النسيان السحيقة . بيوت البلدة وبياراتها لم تعد قائمة عدا بيتين أو ثلاثة متداعية ولم ينج اليوم سوى البيت الأخضر . الهاغاناه والليحي ضربت حصاراً عليها طيلة أسابيع بغية تجويع وترهيب أهاليها حتى تمت السيطرة عليها من دون أن تتدخل قوات الانتداب البريطاني” .

في كتابه الجديد يظهر استناداً لدراسة مستفيضة ومعمقة أن الصهيونية جيّرت التاريخ لتستبدل اسم البلاد من فلسطين ل “إسرائيل”، مؤكداً أنها وردت بالعهد القديم بتسمية “أرض كنعان” . ويورد الكتاب قصة قرية الشيخ مونس، ويقول إنه منذ بدأ عمله محاضراً في جامعة “تل أبيب” قبل ربع قرن ومشاعر الضيق تساوره لأن الجامعة تقوم على أنقاض قرية مهجرة يتم محو ذكرها حتى من مؤسسة أكاديمية . ويتابع “لذلك أحرص في بداية كل مساق أكاديمي على التوضيح أن كل ذاكرة جماعية هي عملية هندسة ثقافية لترتيب أوراق الماضي وفق احتياجات الحاضر” .