إسرائيل تخطط لـتطهير النقب من 45 إلى 65 ألف عربي

قال الخبير في الجغرافيا والتنمية الإقليمية، مدير مكتب مركز “عدالة” القانوني لحقوق الأقلية الفلسطينية في النقب، سرارئيلية الدكتور ثابت أبو راس، أن “مخطط برافر” الذي صدقت عليه حكومة الاحتلال الإسرائيلي قبل شهور قليلة يهدف الى ترحيل ما بين 45 ألفا إلى 65 ألفا من قراهم.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قالت ان المخطط يهدف إلى “إعادة توطين” عشرات آلاف المواطنين العرب البدو في النقب، وألمحت إلى أن هذا المخطط سيشمل 30 ألف بدوي سيتم إخراجهم من قراهم وتجميعهم في بلدات بدوية أقيمت في بداية سبعينيات القرن الماضي.

والنقب منطقة صحراوية في جنوب فلسطين المحتلة منذ سنة 1948، والقسم الأكبر من سكان النقب هم من البدو العرب الذين بقوا في هذه المنطقة بعد حرب 1948.

وقال أبو راس “نعارض هذا المخطط لأنه غامض جدا، إذ لا يوجد فيها اسم قرية واحدة ولا يمكن فهمه ويستشف من قراءة ما بين السطور أن المخطط يقضي بترحيل 30 ألف عربي في النقب عن قراهم وهدم أكثر من 25 ألف بيت، لكن حساباتنا تبين أن الترحيل سيشمل أكثر من 45 ألف بدوي، بينما أظهرت ملفات ويكيليكس أن الحديث يدور عن ترحيل 65 ألف بدوي، أي كل سكان القرى غير المعترف بها”.

والقرى غير المعترف بها هي تسمية لقرى عربية بدوية في النقب، يزيد عددها عن الأربعين قرية، ورفضت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ العام 1948 وحتى اليوم الاعتراف بها، ولذلك فإنها تعتبر جميع المباني فيها غير قانونية وتخلو من كافة الخدمات والبنى التحتية التي يتعين على الدولة تزويدها لسكانها.

وكانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قد شكلت لجنة برئاسة قاضي المحكمة العليا ومراقب الدولة السابق إليعزر غولدبرغ للبحث في قضية القرى غير المعترف بها وتقديم توصيات، وأوصى تقرير “لجنة غولدبرغ” بنقل سكان قسم من هذه القرى و”تبييض” البيوت في قسم آخر من القرى والاعتراف بها.

لكن إحدى توصيات “لجنة غولدبرغ” نصت على تشكيل لجنة حكومية لتطبيق هذه التوصيات، وعلى أثر ذلك تم تشكيل “لجنة برافر”، خصوصا في أعقاب انتقادات أحزاب اليمين المشاركة في الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو.

وأشار أبو راس إلى أن “لجنة برافر عملت على مدار سنتين ونصف السنة، ووضعت خطة بعيدة كل البعد عن توصيات غولدبرغ وعن قضايا عرب النقب ورغبتهم في حل قضاياهم، ولم يشارك في عضوية هذه اللجنة أي عربي أو مندوب عن عرب النقب، ولم تتشاور اللجنة مع أية جهة عربية في النقب”.

وأضاف أبو راس أن هناك أسباب عديدة تستدعي عرب النقب إلى معارضة مخطط برافر وبينها أنه يقضي بتعويض أصحاب الأراضي بنسبة 50% “رغم أن حساباتنا أظهرت أن التعويض سيكون بنسبة 16% أو 17%، ولكن حتى لو كانت نسبة التعويض 50%، مثلما تدعي الحكومة فإن عرب النقب يعارضونها”.

وتابع أن المخطط يمنع العرب من السكن في مناطق واسعة في النقب، وهي مناطق يوجد في قسم منها حقوق ملكية لهم وتقع بين مدينة بئر السبع وقطاع غزة.

ويقضي مخطط برافر بإعطاء تعويض مالي فقط للمواطنين البدو الذين كانوا يسكنون في هذه المنطقة وتم ترحيلهم عنها في سنوات السبعين وتجميعهم في بلدات أقيمت خصيصا لهذا الغرض وقال أبو راس “نرى بهذا البند سابقة خطيرة وسيكون هذا قانون يفتح الباب على قضية مهجري الداخل من خلال تعويضهم ماديا فقط”.

وقال ابوراس “نحن ضد مخطط برافر لأنه يميز أيضا بين اليهود والعرب، فعرب النقب موجودون قبل قيام الدولة، ولا يمكن القبول بأن عرب النقب يجب أن يسكنوا في مدن، في الوقت الذي يستطيع فيه المواطن اليهودي السكن في مدينة أو كيبوتس أو موشاف أو مزارع فردية، بينما يتم تجميع سكان البلاد الأصليين في أصغر رقعة من الأرض”.

كذلك يعارض عرب النقب المخطط لأنه يقضي بتعويض كل عائلة بسبع قسائم أرض علما أن العائلات البدوية كثيرة الأولاد وغالبا يفوق عدد الأبناء فيها العشرة.

ووفقا لأبو راس فإنه بعد تصديق الحكومة على مخطط برافر فإنه يجري في هذه الأثناء إعداده كمشروع قانون وسيتم طرحه على الكنيست لسنّه في بداية دورتها الصيفية في بداية أيار/مايو المقبل.

ورأى أبو راس أن هناك أبعادا كثيرة لمخطط برافر لكن البعد الأهم هو “إنهاء ادعاءات الملكية من خلال الاستيلاء على أراضي عرب النقب” ولفت إلى أن “تمرير هذه السياسة نجح إلى حد كبير للأسف”.

وأردف “لقد نجحت السلطات الإسرائيلية في حصار وتطويق عرب النقب منذ الانتفاضة الثانية، عندما تم إغلاق قطاع غزة أمامهم وكذلك تم إغلاق جنوب الضفة من خلال بناء الجدار الفاصل في جبال الخليل، فالأسواق التقليدية لعرب النقب، بيع المواشي والحليب، كانت في الخليل وغزة”.

ولفت إلى أن “الغالبية العظمى من الوظائف الجديدة في النقب اليوم هي في فروع الهاي-تك والحواسيب، وعرب النقب ليس لديهم حتى الكهرباء، ولذلك لا تتوقع أن يكونوا رجال هاي-تك”.

وشدد على أن “عرب النقب لوحدهم، حسب رأيي، لن يتمكنوا من الوقوف أمام مد وأبعاد سياسات حكومات إسرائيل وخطة برافر هي خطة طرد وترحيل وليست خطة توطين، وهذه الخطة خالية من أي برنامج لتوطين عرب النقب وعندما يتحدثون في مخطط برافر عن توطين عرب النقب، فإنه لا يوجد في هذا المخطط حديث حول إقامة بلدات جديدة أو أماكن يتم نقل عرب النقب إليها وإنما يتحدثون عن الأرض، بمعنى أن على عرب النقب أن يسلموا أراضيهم ويخرجوا منها”.

وأشار أبو راس في هذا السياق إلى أنه “في شهر تشرين الثاني الماضي تم توزيع إخطارات بهدم بيوت قرية وادي النعم، وهي أكبر قرية غير معترف بها في النقب وعدد سكانها ستة آلاف نسمة، وطلبت هذه الإخطارات من السكان مغادرة بيوتهم ومنحتهم مهلة 48 ساعة، لكن السلطات لم تقل للسكان إلى أين عليهم أن يذهبوا، ويبدو أن هذه العملية كانت تهدف إلى فحص رد فعل المواطنين”.

وقال أبو راس إن عرب النقب يواجهون هذا المخطط على عدة أصعدة بينها القضائية والحملات الإعلامية لإقناع الجمهور اليهودي في النقب خاصة بأضرار هذا المخطط عليهم أيضا وبالأنشطة النضالية مثل تنظيم تظاهرة ذكرى يوم الأرض في 30 آذار/مارس الماضي في قرية وادي النعم.

لكن أبو راس أشار إلى أن عرب النقب يواجهون مخطط برافر على الصعيد الدولي أيضا، وقال إنه أحضر عشرات سفراء الدول لدى إسرائيل إلى النقب وأطلعهم على أوضاع العرب فيه، كما نجم عن زيارة لمبعوث من الأمم المتحدة صدور تقرير عن لجنة الأمم المتحدة لمكافحة التمييز العرقي يطالب إسرائيل بإلغاء مخطط برافر.

وأضاف أن وفدا من عرب النقب شارك فيه هو شخصيا زار مقر الاتحاد الأوروبي والكونغرس الأميركي ودعا إلى مطالبة هذه الهيئات الدولية حكومة إسرائيل بإلغاء المخطط والاعتراف بالقرى العربية غير المعترف بها.

وشدد أبو راس على أن عرب النقب في القرى غير المعترف بها يتجمعون في منطقة تعادل مساحتها 5% من مساحة النقب، لكن الحكومة الإسرائيلية تريد ترحيلهم منها لأنها لا تريد أن ترى تواصلا جغرافيا وديمغرافيا بين شطري الدولة الفلسطينية المستقبلية، أي بين الضفة والقطاع”.

وحذر من تفجر الأوضاع في النقب لأن “الوضع في النقب اليوم مشابه للوضع الذي ساد منطقة الجليل عشية يوم الأرض في العام 1976، فقد جاء يوم الأرض في العام 1976 بعد أن صادرت حكومة إسرائيل 20 ألف دونم في قرى سخنين وعرابة ودير حنا في الجليل، والآن يدور الحديث عن مصادرة نصف مليون دونم في النقب، وفي حينه تم إصدار مذكرة أو مخطط يسرائيل كينغ، حاكم لواء الشمال، واليوم يوجد مخطط برافر”.

وأضاف “في حينه تحدثوا عن تطوير الجليل من أجل إقامة المستوطنات المشرفة على القرى العربية واليوم يتحدثون عن تطوير النقب وإقامة عشر بلدات يهودية في أراضي القرى غير المعترف بها”.

:::::

المصدر: العرب اون لاين