نصرالله في الرؤية الاسرائيلية…!

 

نواف الزرو*

 

ست سنوات تقريبا على الحرب العدوانية الاسرائيلية على لبنان..وعلى الانتصار التاريخي للمقاومة اللبنانية..

وعلى الهزيمة الاسرائيلية الحارقة التي لم تأت في حساباتهم الاستراتيجية ابدا..

ست سنوات وما تزال تلك الدولة مذهولة لا تصدق ولا تستوعب ما جرى هناك في الميدان اللبناني..

والنتائج التي خرجت بها التحقيقات التي اجراها نحو اثنين وخمسين طاقما عسكريا اسرائيليا في اعقاب الهزيمة الاسرائيلية امام حزب الله في صيف/2006 كلها اجمعت على التفوق الاستخباري لحزب الله.

 وفي اطار هذا التفوق، وبعد كل ذلك القصف المكثف المرعب للضاحية الجنوبية و المواقع الاخرى والتي اخفقت تماما في اصطياد اي قائد من قادة حزب الله، كتب يوسي ملمان المحلل العسكري في هآرتس صارخا: اين يختبىء قادة حزب الله بحق الجحيم …؟!!!”.

ولذلك، شرع الثالوث الاستخباري الاسرائيلي-الاستخبارات العسكرية والموساد والشاباك- عمليا  منذ ان توقفت الحرب، بمهمة  جمع اكبر كم من المعلومات عن قيادات حزب الله استكمالا لاستعداداتهم الحربية…فالمسألة  مسألة وقت وتوقيت، والتوقيت بالنسبة لهم رهن-كما اشرنا في مقال سابق- باستكمال اكبر كم من المعلومات الاستخبارية حول خريطة منظومة الصواريخ لدى حزب الله، بل ان مصادر غربية تنبأت ب”ان اسرائيل ستبدأ الحرب في اللحظة التي يتاح لها اكتشاف مخبأ الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، مهما كانت الساعة او الظروف أو أي شيء آخر… وعندها تكون ساعة الصفر في المواجهة المفتوحة، التي تعتقد اسرائيل انه من خلال اكتشاف مكان وجود نصرالله تصبح قادرة على حسم نصف المعركة”.

وما بين ذلك الوقت قبل ست ينوات تقريبا، واليوم، ووفق صحيفة يديعوت احرونوت العبرية-2012-4-26-فان الأمين العام لحزب الله اللبناني، الشيخ حسن نصر الله، ما زال حتى اليوم رغم مرور ست سنوات على الحرب العدوانية على لبنان، موضع بحث لدى كبار صنّاع القرار، وفي مراكز الأبحاث الإسرائيليّة، التي تُحاول سبر أغوار هذه الظاهرة التي ما زالت تقض مضاجع الإسرائيليين، قيادةً وشعبا، فهل أثّر المكوث الطويل تحت الأرض على مزاجه؟، هل يخشى على حياته أم أنّه يواصل الإيمان بالنصر؟، ماذا يخطّط لما بعد الحرب؟، أسئلة طرحتها الصحيفة من خلال تحقيق جاء تحت عنوان: “الخبراء الذين يدخلون رأس نصر الله”، كشفت فيه عن تشكيل دولة الاحتلال طاقماً من 15 فرداً بين محلل استخبارات ومستشرق وعالم نفس لتحليل شخصية نصر الله، وإعداد بروفيل متجدد له، واستند فريق الخبراء هذا إلى جملة معطيات، من بينها لغة الجسد وحركة اليدين وتعابير الوجه، علاوة على ذلك، أجرى الباحثون مقارنة بين ظهور نصر الله بُعيد أسر الجنديين وخطاباته إبان الحرب.

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنّ صحيفة ‘واشنطن بوست’ الأمريكية اختصرت الكلام عن الأمين العام لحزب الله بالقول: بعمامته وطلعته، نصر الله هو أكبر أسرار حزب الله على الإطلاق، وركزت على معانقة الشارع العربي السنّي للبطل العربي الجديد حسن نصر الله، الذي يُضعف بجاذبيته رسالة تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق المتعلق بالتأثير الدرامي لشخصية وخطابات السيد نصرالله، تحدثت وما تزال مصادر اسرائيلية عديدة عن المصداقية العالية التي  يتمتع بها السيد نصرالله لدى الرأي العام الاسرائيلي، لدرجة ان الاسرائيلييين ينتظرون منذ ذلك الوقت وعلى مدى ست سنوات خطاباته بفارغ الصبر ويعتبرونها بوصلة لهم لما هوآت…!

وتبين من دراسة اسرائيلية عالجت الحرب الاعلامية النفسية المعنوية التي جرت بين “اسرائيل” وحزب الله الى اي حد واي مدى نجحت الحرب النفسية المعنوية التي خاضها حزب الله في التاثير على المجريات الحربية وعلى الراي العام الاسرائيلي الذي  منح  ثقته للسيد حسن نصرالله على حساب “قادة اسرائيل”.

واشارت الى”أن الجمهور الإسرائيلي كان ينتظر-خلال الحرب-  بفارغ الصبر خطابات الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بسبب صدقيتها أساساً وأن الجمهور يمنح نصر الله علامة أفضل بالمقارنة مع الناطقين باللغة العبرية”.

وفي إطار الدراسة التي كان عنوانها “إدارة الإعلام أثناء حرب لبنان الثانية”، طلب من أعضاء 6 مجموعات مشاهدة شريط فيديو عرض فيها الإعلام الإسرائيلي في الداخل والخارج، الإجابة على نماذج أسئلة.

وبحسب أقوال د. ليفل من جامعة بن غوريون الذي أجرى في السابق عدة دراسات حول الإستراتيجية الإعلامية وعلم النفس السياسي وعلاقات الجيش مع وسائل الإعلام، فإن نتائج البحث اظهرت أنه في حالات كثيرة كان الجمهور يضطر إلى الإعتماد على تصريحات الامين العام لحزب الله حسن نصر الله، ويقول:” مقابل قائد إعلامي مثل نصر الله، كان على المؤسسة الاسرائيلية  أن ترد بنفس المستوى على الأقل”، ويضيف:” القائد الإعلامي يمنح المشاهد 3 مرتكزات: تأملات وتأكيد وصدقية”، وبحسب أقواله، فإنه لدى سؤال المشاركين في الدراسة حول من قدم لهم “التأكيد” حول مواصلة الحرب، ولمن ينسبون “الصدقية”، كانت الأجوبة تقول أن الجمهور الإسرائيلي أشار إلى خطابات نصر الله كمن زودته بالعنصرين”.

ويستخلص ليفل:” وصلنا إلى وضع جنوني.. حالة نفسية لا تخطر ببال أحد، فبدلاً من أن ينتظر الجمهور الإسرائيلي ناطقاً قومياً يوضح له ماذا يحصل في كل يوم، ويقلص الفوضى ويرتسم كصادق، فقد حصل ما لم يحصل من قبل.. الجمهور لجأ إلى القائد الذي نحاربه، وجلس بفارغ الصبر ينتظر خطاباته”.

ويجمع الاسرائيليون اليوم- من الجنرال الى القائد السياسي الى الايديولوجي الى المواطن العادي-على ان السيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله كان نصف الاعلام..ونصف المعركة… ونصف “هزيمة اسرائيل”، وان خطاباته شكلت صواريخ سيكولوجية عابرة  للمعنويات الاسرائيلية. 

بل انهم  يعتقدون ان حزب الله بقيادته يشكل خطرا وتحديا استراتيجيا حقيقيا يقض مضاجع المؤسسة والقيادات والجماهير الاسرائيلية…