جدوى القومية في مناهضة تقسيم الوطن العربي


رانية عبد الرحيم المدهون

 

سؤال يفرض نفسه على خواطرنا مِرارًا؛ هل يوجد عقل عربي في موضع مسؤولية أو من العوام أو حتى من نخبتنا العربية التي أصابتها الغيبوبة منذ عقود؛ وأعياها ضعف القدرات؟
على الرغم من كل ما أُشيع عن وجود مخططات، منذ عقود القرن الماضي وحتى عقدنا هذا؛ هل يستطيع أحد قراءة الموقف وتقديره واستخلاص دروس صرَّحت عن نفسها مرارًا؛ وتحديد آليات لحماية بل وللنهوض بوطننا العربي؛ لا سيما في وجود مُناخ قومي طبيعيين يُظلِّل على عالمنا العربي من محيطهِ إلى خليجهِ ؟!
إن القومية ليست آلية تقع تحت الدراسة والتجربة؛ هل تُجدي للتنفيذ داخل الوطن العربي أم لا ! إنها مُنتَج طبيعي لعوامل ذاتية مُتوفِّرة داخل نطاق الوطن العربي؛ حققت حالة طبيعية، وفطرية وتلقائية من القومية. فيما تُحيك قوى الاستعمار الغربي الوافر من المخططات؛ والألاعيب والمحاولات للنيل من وحدة ذلك الوطن العربي؛ وعلى أثره نجد حالة من الوهن العربي البائن؛ الذي أصاب أحوال أمتنا العربية ودويلاتها؛ التي يحاول ذلك الغرب تحويلها إلى دويلات فُسيفسائية ؛ أصغر وأصغر.
ويُعتبر لجوء الدول العربية، إلى أي نوع من أنواع الدعم والمساعدة الأجنبية هو أحد ركائز الغرب في السيطرة على الوطن العربي، وفرض تبعية خاصة من الدول العربية لذلك الغرب، لاسيما مُساندة الغرب للأقليات في الوطن العربي، وخلق حالة من التهافُت على الانفصال، والمُطالبة بالحكم الذاتي … الخ. إلى جانب التبعية الاقتصادية غير المتكافئة بين بعض الدول العربية والغرب؛ والتي تؤدي بدورها إلى احتكار المصادر الأولية وأسواق الدول العربية. بالإضافة إلى الغزو الثقافي ؛ العفوي منهُ والمُدبَّر لهُ ؛ وبث الأفكار والمصطلحات والقِيم التي لا تصلُح لمجتمعاتنا العربية، عن طريق الإعلام الموجَّه وآلياته مُتفاقِمة الانتشار.
ومن وسائل الاحتلال القديمة؛ إصدار أحكام بالسجن على قيادات الدول العربية المُستهدَفة؛ إلى جانب دس الفِتن داخل هذه الدول ؛ بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي على بعض الدول العربية ؛ التي تُمثِّل عائق أمام الغرب؛ إلى بث مؤسسات تُنادي بالتنصير؛ وأخيرًا كان خلق مفهوم “الإرهاب”؛ كخديعة وعيْ وذريعة للنيل من ذلك الوطن، ومُناضليه.
واليوم يوجد وسائل حديثة للاحتلال والسيطرة الغربية على الوطن العربي؛ أولها خلق وعيْ جديد بأنه يوجد “محور شر”؛ كما أسموه؛ داخل “العالم العربي والإسلامي” كما أطلقوا على وطننا العربي والإسلامي؛ ما يقوم كداعِم لتوجيه أفواه الغضب الغربي على تلك البُقع داخله. كما يوجد اليوم آلية هامة وسامة، يستخدمها الغرب للنيل من ذلك الوطن؛ وهي دعم كل ما يُناهِض وِحدة هذا الوطن؛ مثل تفعيل البهائية والبابية وإلى جانب الحركات الانفصالية داخل الوطن العربي. إلى ذلك أشكال الاحتلال العسكري الجديد؛ الذي يرتدي ثوب القواعد والإمدادات العسكرية وقوات حفظ السلام… الخ.
ولقد ساعدت أوضاع الوطن العربي الوَهِنَة المخططات الأجنبية في النيل من هذا الوطن؛ والتي تمثلت ملامِحها في ضعف تمثيل للوطن العربي ، لا سيما المتمثِّل في الجامعة العربية؛ إلى جانب عدم التواصل الاقتصادي بين دويلات العالم العربي، واتساع الفجوة بين اقتصاديات بعض الدول العربية ؛ والتخلُّف العلمي والتكنولوجي داخل الوطن العربي وظاهرة “نزيف الأدمغة” من داخل الوطن لخارجه.
ومن المتوقَّع أن تكون آلية تجميد أرصدة عربية هي شكل جديد من أشكال الحرب الأجنبية على وطننا العربي.
بدأت المؤامرات في وطننا العربي ، بدايةً من التآمر على النبي (ص) إلى أن استهلت ليبيا التقسيم ، وعبر المرحلتين كانت هناك خطوات أساسية على طريق التآمُر ، كان أهمها التصدي الأوروبي لمحمد على ، ثم انعقاد مؤتمر لندن ، أو ما يسمى بمؤتمر كامبل بنرمان 1905-1906، والذي قرر أن الخطر على الغرب يأتي من تلك البقعة من الأرض التي تجمع شعوبا لها طبيعة متماسكة ، ما يمثل خطرا على المخططات الغربية، ثم كانت اتفاقية سايكس – بيكو في العام 1916، والتي عبرها تم اقتسام ما تبقي من المشرق العربي عقب الحرب العالمية الأولي بين إنجلترا وفرنسا وتبعها وعد بلفور 1917 لليهود في فلسطين.
وجاءت وثيقة مخطط برنارد لويس لتفتيت الوطن العربي والإسلامي ، والذي تم التصديق عليه ، في العام 1983م ، من قِبَلْ الكونجرس الأمريكي بالإجماع في جلسة سرية .

وعن تفاصيل المشروع “برنارد لويس” لتفتيت العالم الإسلامي فهي كالآتي (المخطط نقلاً عن كتب ومراكز أبحاث):

خريطة شمال إفريقيا

تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب وتقسيمها إلى:
1- دولة البربر: علي امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان.
2- دويلة البوليساريو.
3- الباقي دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا.
4- شبه الجزيرة العربية ‘والخليج’

خريطة شبه الجزيرة العربية والخليج

 – إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دويلات فقط.
1- دويلة الإحساء الشيعية: ‘وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين’.
2- دويلة نجد السنية.
3- دويلة الحجاز السنية

العراق
تفكيك العراق علي أسس عرقية ودينية ومذهبية علي النحو الذي حدث في سوريا في عهد العثمانيين.
3 دويلات
1- دويلة شيعية في الجنوب حول البصرة.
2- دويلة سنية في وسط العراق حول بغداد.
3- دويلة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل ‘كردستان’ تقوم علي أجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية ‘سابقًا’.

خريطة سوريا والعراق

ملاحظة صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي كشرط انسحاب القوات الأمريكية من العراق في 29/9/2007 علي تقسيم العراق إلي ثلاث دويلات المذكور أعلاه وطالب مسعود برزاني بعمل استفتاء لتقرير مصير إقليم كردستان العراق واعتبار عاصمته محافظة ‘كركوك’ الغنية بالنفط محافظة كردية ونال مباركة عراقية وأمريكية في أكتوبر 2010 والمعروف أن دستور “بريمر” وحلفائه من العراقيين قد أقر الفيدرالية التي تشمل الدويلات الثلاث علي أسس طائفية: شيعية في ‘الجنوب’/ سنية في ‘الوسط’/ كردية في ‘الشمال’، عقب احتلال العراق في مارس-أبريل 2003’.

سوريــا
تقسيمها إلي أقاليم متمايزة عرقيًّا أو دينيًّا أو مذهبيًّا
4- دويلات
1- دولة علوية شيعية ‘علي امتداد الشاطئ’.
2- دولة سنية في حلب.
3- دولة سنية حول دمشق.
4- دولة الدروز في الجولان ولبنان ‘الأراضي الجنوبية السورية وشرق الأردن والأراضي اللبنانية’.

لبنــــــــــــــــــــــــــــــــان
تقسيم لبنان إلي ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية:
1- دويلة سنية في الشمال ‘عاصمتها طرابلس’.
2- دويلة مارونية شمالاً ‘عاصمتها جونيه’.
3- دويلة سهل البقاع العلوية ‘عاصمتها بعلبك’ خاضعة للنفوذ السوري شرق لبنان.
4- بيروت الدولية ‘المدوّلة’
5- كانتون فلسطيني حول صيدا وحتي نهر الليطاني تسيطر عليه منظمة التحرير الفلسطينية ‘م.ت.ف’
6- كانتون كتائبي في الجنوب والتي تشمل مسيحيين ونصف مليون من الشيعة.
7- دويلة درزية ‘في أجزاء من الأراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية المحتلة’.
8- كانتون مسيحي تحت النفوذ الإسرائيلي.

تقسيم إيران وباكستان وأفغانستان
تقسيمها إلي عشرة كيانات عرقية ضعيفة:
1- كردستان.
2- أذربيجان.
3- تركستان.
4- عربستان.
5- إيرانستان ‘ما بقي من إيران بعد التقسيم’.
6- بوخونستان.
7- بلونستان.
8- أفغانستان ‘ما بقي منها بعد التقسيم’.
9- باكستان ‘ما بقي منها بعد التقسيم’.
10ـ كشمير.

تركيـــــــــــــــــــــــــــــــــــا
انتزاع جزء منها وضمه للدولة الكردية المزمع إقامتها في العراق.

الأردن
تصفية الأردن ونقل السلطة للفلسطينيين.

فلسطيــــــــــــــــــــــــــــــــــن
ابتلاعها بالكامل وهدم مقوماتها وإبادة شعبها.

اليمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
إزالة الكيان الدستوري الحالي للدولة اليمنية بشطريها الجنوبي والشمالي واعتبار مجمل أراضيها جزءًا من دويلة الحجاز.

وجاءت برحب مُستفز نظرية الفوضى الخلاَّقة ، ولم يتوانى مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي ابتدعه شيمون بيريز في أوائل التسعينيات من القرن الماضي ، واستكملته كونداليزا رايس بالإفصاح عنه دون تردد أو خجل. وإلى يومنا هذا ، يجري استكمال مشروع تقسيم الوطن العربي؛ وأبرز ملامحه وآلياته المشاكل الحدودية التي تركها الاستعمار القديم بين كل دويلة وجارتها في الوطن العربي ، حين تم ترسيم حدود الاحتلال كحدود إدارية ، لم تعد ثابتة بعد زوال الاحتلال ، لكن الطرف صاحب المصلحة الأكبر تمسَّك بها من أجل مصالحه، حتى بعد زوال الاحتلال، وبهذا كان التصادم بين معظم الدول العربية وبعضها البعض .
ويؤكِّد أي عقل أو عاقِل؛ أنه لردع هذه الخطط العدائيَّة للعرب ومصالحهم؛ يجب إيلاء الاهتمام إلى مشروع وحدة عربية؛ يقف موقِف المُدافع الأهم؛ في مُقدِّمة خطوط الدفاع عن دولنا العربية؛ وسلامة شعوبها؛ وحِفظ وحدة تاريخها ومصائرها.

:::::

المصدر: التجمع القومي الديموقراطي الموحد – إقليم وادي النيل