الطفل التونسي يحاضر لقيادات فلسطين

بروفيسور عبد الستار قاسم

الطفل التونسي محمد حميدة البالغ من العمر 10 سنوات يتخذ قرارا تاريخيا عظيما بعظمة تونس وشعبها الذي قاد الثورات العربية بعدم لعب نهائية بطولة الشطرنج الدولية لأن منافسه صهيوني. قرر محمد حميدة التخلي عن احتمال الفوز ببطولة عالمية حتى لا يسجل على نفسه أو على تونس وشعبها خزيا تاريخيا بالتطبيع مع الكيان الصهيوني. لقد اعتبر مجرد الجلوس على طاولة مع صهيوني عملا تطبيعيا يلحق أكبر الضرر بقضية فلسطين وبعزة العرب وكرامتهم.

محمد حميدة بطل عربي أبي عزيز كريم. لقد سطر موقفا رجوليا وطنيا سيكتبه له التاريخ بحروف من ذهب.

لو قلنا لمحمد أن يعطي محاضرة في الوطنية لقيادات فلسطين حول التطبيع لرفض بالتأكيد الحضور إلى رام الله لأنه سيعتبر مجرد طلب تأشيرة من الصهاينة تطبيعا. ولو قلنا له إننا سنرسل لك قيادات فلسطين السياسية وعددا من أساتذة الجامعات ورؤساء الجمعيات ومدراء المؤسسات إلى تونس لتحاضر بهم لرفض لأنه عند السؤال سيقال له إن هذه القيادات لا تطبع فقط وإنما تنسق أمنيا مع الصهاينة وتتعاون معهم. سيقال لمحمد حميدة إن قيادات فلسطينية تصافح بني صهيون وتتفاوض معهم، وتوقع الاتفاقيات، وتحضر مؤتمراتهم وبالأخص مؤتمر هيرتسيليا الذي يناقش استراتيجيات بقاء إسرائيل واستمرار منعتها في وجه أعدائها العرب والمسلمين، وتزور أماكن استجمامهم في تل ابيب ونتانيا ونهاريا، الخ.

لن يحاضر محمد حميدة في هؤلاء الفلسطينيين لأنه يدرك أنهم قد ضلوا الطريق ولا أمل فيهم، ولا خير يرجى منهم. بالتأكيد لن يضيع وقته معهم. لكنه، على أية حال، حاضر لهم ولكل العرب المطبعين، أو أعطاهم درسا عبر وسائل الإعلام قد يستوعبوه. وحاضر محمد لمفتي مصر ولقادة دول عربية يلهثون وراء إسرائيل، وللقمة العربية التي ما زالت تتذلل لإسرائيل من أجل قبول مبادرة بيروت التي تخون دماء الشهداء وأنات الأرامل وآهات اليتامى.

المجد لك يا محمد، والمجد لشعب تونس الحر، والمجد لأحرار فلسطين، والمجد للأمة التي لن تذل ولن تستكين.