رسالة مفتوحة الى طالبي التدخل العسكري الامريكي

محمود فنون

“ان الذين نظمتهم امريكا ليطلبوا تدخلها لفاسقون، وانهم يرون ما حل في افغانستان ويتجاهلون، والى الكراسي يستعجلون، انا نصحناهم وما كانوا يستنصحون، انهم نحو الدولارات يهيمون، فقد يرونها وقد يشمون ، اما يعلمون ان الذين يفتون امامهم مستأجرون”

كانت بداية التدخل الامركي في الصومال، حيث تدخل الامريكان بالقوة العسكرية ودخلوا الصومال فقابلهم عيديد وسحق الكثير من جنودهم وضباطهم فانسحبوا .

ثم كانت لبنان حيث ادخل الامريكيون والفرنسيون قواتهم، فضربتها المقاومة الوطنية اللبنانية ضربات ساحقة حملوا عصيهم وانسحبوا الامريكيين تعلموا الدرس جيدا .

 فضربت العراق من الخارج عام 1991 م ولم تتورط حينها، ولم تدخل العراق مكتفية بالقصف والتدمير ومناطق الحظر الجوي والعقوبات الاقتصادية الصارمة الى حين.

في يوغوسلافيا 1999 م ادخلوا صواريخهم اولا، فسحقت ومحقت ومهدت الطريق، بل انها دمرت البنية التحتية من طرق ومباني ومدارس ومصانع ومعامل واجهزت على القوات وقواعد القوات، وقتلت اعدادا كبيرة من الناس، ثم دخلت بالمشاة والقوات المحمولة.

في افغانستان تتابع الزحف البري بعد القصف الممهد على التوالي، وقد جمعت امريكا كل خصوم طالبان ودخلت تحمل السياسيين الافغان على ظهور الدبابات  بعد ان شربوا من نهرها، واصبحوا اصدقائها ويلهجوا بحمدها، بما فيهم حكمت يار، لقد دمروا وقتلوا قدر ما استطاعوا دون رادع ولا حساب في ظل استحسان الرجعية الافغانية.

في العراق 2003 م ادخلوا صواريخهم وطائراتهم فأجهزت على القواعد والقوات العسكرية العراقية وعلى الآلاف من الناس، ثم دخلوا بقواتهم وهي تحمل القيادات الجديدة المصنوعة في امريكا على ظهر دباباتها، ونصبتهم حكاما تحت ادارة الحاكم العسكري الامريكي، وعلى الفور هبت المقاومة العراقية في وجهها حامية ومصممة رغم كل الزيف والنجس الذي حملته معها امريكا، ورغم ما اسمته نشر الديموقراطية وكل الاكاذيب الاخرى غبر انها وبواسطة زلمها الطبقيين استثارت حربا اهلية واسعة برعايتها، كما انها هي شنت حملات عسكرية داخلية ضد المدنيين، وكانت الحصيلة تهجير الملايين وضحايا زادوا على مليون ونصف ودمار وتحطيم للبنية التحتية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والنهب والسلب الذي بلغ مئات المليارات من ثروات العراق.

لقد جندت امريكا الاجهزة ضد الاجهزة والطائفة ضد الطائفة والقوى الرجعية كلها وقواتها في مواجهة المقاومة العراقية، وكانت الخسائر من العراقيين دوما ضخمة وهم دروع للقوات الامريكية التي هي الاخرى اخذت نصيبها الكبير ثم كانت ليبيا، حيث دخلتها باستدعاء من المجلس الوطني الليبي وجامعة الدول العربية، دخلتها بالصواريخ المدمرة للبنية التحتية العسكرية والاقتصادية، واعقبتها بالنفوذ المهيمن من خلال رجالاتها وصنائعها .

حيثما تدخلت امريكا بالقصف والدمار، كان هناك مطبلون ومزمرون ومنظرون لهذا التدخل على انه حبل النجاة، و كان التنظير في البداية خجولا ، ولكن اليوم ينظرون ويسوغون التدخل الامريكي بوقاحة وصلف مقززان، ففي البلاد العربية يستدخلون الفتوى وشيوخ السلاطين والقوى السياسية، ووجهات النظر التي تسوغ نفسها مشفوعة بالبترو دولار.

حتى ان بعضهم يقول (وجع ساعة ولا وجع كل ساعة ) (دمار.. دمار.. المهم يموت الاسد ) كما ان هناك من يدعي النطق باسم الشعب السوري والقيادة السورية   للثورة ويطالب بأن ترتقي المواقف الى مستوى المطالبة بتدخل قوات الناتو الى جانب دعم القوات التي تصنعها قطر وتركيا لتأجيج حرب اهلية دموية، يتم اسنادها بالقصف والتدمير والدعاء للقوات الامريكية بالنصر من الله عز وجل ( النصر علينا وعلى ثرواتنا وعلى وطننا ).

في كل الاحوال اعلاه، كان الامريكيون يشكلون اجساما سياسية، مهمتها مطالبتهم بالتدخل لحماية المدنيين وحماية الدموقراطية او من اجل نشرها، وبجدون المسوغات والتبريرات التي تجعلهم يستجيبون لهذه الطلبات.

ويجدون المنظرين والشارحين والمفسرين ، وحينما ينكشف ستر هؤلاء، يتواقحون ويتسائلون، ويطرحوا المسألة:

اما ان تكون مع الاسد وقتل المدنيين، او مع التدخل الامريكي، والباقي لا يهم، حتى لو كان قتل الشعب السوري كله .

أليس من الاجدر ان يتعامل السوريين مع قضيتهم بما يضمن معالجتها وانهاء الازمة؟.

ان امريكا في صف الاعداء، ومن يطلب تدخلها هو كذلك في صف الاعداء بل في خدمة الاعداء.