د. منذر سليمان
مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي
واشنطن، 11 أيّار (مايو) 2012
المقدمة:
خفت وتيرة اهتمامات مراكز الابحاث، بعض الشي، لكن سورية كانت حاضرة بقوة بغية تهيئة وانضاج المطالب السياسية عند النخبة لدفع الادارة الاميركية المغامرة بموقف يأخذ طابعا عسكريا، مع ما يشكله من متاعب مرتقبة للحملات الانتخابية التي ستشتد حدتها دون قيود.
افغانستان كانت حاضرة ايضا، وان بوتيرة اقل من سورية، واستمرار حالات الاطراء والثناء والاعجاب بمبادرة الرئيس اوباما وزيارته المفاجأة لافغانستان وتوقيع اتفاقية ثنائية لتقنين انسحاب القوات الاميركية، ولو بعد حين.
نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية كانت من ابرز الاهتمامات، لاسيما في السعي لقراءة التحولات التي قد تطرأ على السياسة الفرنسية في الشرق الاوسط، بعد هزيمة الرئيس ساركوزي وفوز خصمه الاشتراكي فرانسوا اولاند.
ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث
سورية:
صمود سورية وافشالها مخططات التدخل العسكري شكلت هاجسا اميركيا على مختلف الاصعدة، مما ادى الى مطالبات صريحة وفجة للتدخل المباشر هناك والاطاحة بالدولة السورية ورموزها البشرية والمؤسساتية.
لهذا الغرض، استضاف معهد ويلسون Wilson Center جلسة نقاش مطولة تحت عنوان “ما العمل في سورية،” تمحورت حول القضية الرئيسة – التدخل العسكري، و”مناقشة الخيارات المتاحة امام الدول الغربية للرد” على سورية المتهمة حكومتها بعدم الامتثال وتطبيق بنود مهمة المبعوث الدولي، كوفي أنان. والخيارات المشار اليها استندت الى الدعوة “للتدخل الدولي عسكريا تحت قيادة حلف الناتو” ومشاركة اطراف عربية واقليمية.
معهد مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation اعرب عن اعتقاده ان فوز المرشح الاشتراكي سيؤدي “على الارجح” الى نهج مختلف في السياسة الفرنسية، لا سيما دورها للتعامل مع الازمة المالية التي تعصف بمنطقة الدول التي تتعامل باليورو؛ اما السياسة الشرق اوسطية للرئيس الجديد فستستمر على ما هي عليه، وان بوتيرة اقل، لا سيما لعدم ترحيب الرئيس الجديد بمغامرات عسكرية جديدة. واعربت المؤسسة عن اعتقادها ان فرنسا “الاشتراكية” ستميل لتقديم جدولة انسحاب قواتها العسكرية العاملة في افغانستان. بل ذهب البعض في تفسير التوقيع السريع والخاطف للرئيس اوباما على اتفاقية مشتركة مع الرئيس الافغاني حامد قرضاي بان الخطوة لها بعد اوروبي بغية توفير الارضية السياسية المناسبة للرئيس السابق ساركوزي الاستفادة منها في حملته الانتخابية.
معهد بروكينغز Brookings Institute اعرب عن شكوكه من نجاح الاتفاقية الثنائية، الاميركية الافغانية، وتلبيتها المطالب المقررة بعد انسحاب القوات الاميركية. وقال “الوتيرة السريعة لتخفيف الوجود العسكري الاميركي اضافة لاعادة صياغة المهام (الاميركية) وحصرها في مكافحة الارهاب، ستؤدي الى تبديد المكتسبات الراهنة الهادفة لتطوير النظام السياسي.. اذ ان اي انتصارات في المستوى الامني ستكون بالغة الهشاشة والمحافظة على استمراريتها لما بعد عام 2014 ستتسم بصعوبة اكبر.”
التحليل:
من يحسم المعركة المصيرية لانتخاب الرئيس: الشعب ام النخبة
تنفرد الولايات المتحدة من بين الديموقراطيات الغربية بآلية انتخاب الرئيس خلافا لنتائج التصويت الشعبي، اذ تعتمد على صيغة اصوات الولايات، ويكتنفها الغموض رغم النص الدستوري الداعم لدورها تدعى “الكلية الانتخابية” المرادفة في وظيفتها للجنة عليا للانتخابات في النظم الاخرى. يثار الجدل السياسي حول ضرورة “تحديث” وظيفتها مع كل دورة انتخابات رئاسية، واثبتت انها عصية على التحديث، خاصة بعد تبيان تباعدها عن نبض الاغلبية الشعبية، كما جرى في الانتخابات الرئاسية لعام 2000. لعل ايجابية دورها ينحصر في الاشراف الاعلى على النتائج الانتخابية وكبح اي محاولات للتلاعب بصناديق الانتخابات، الخاصية التي تتراجع اهميتها واستمرار الاعتماد عليها في عصر التطور التقني الهائل.
تستند آلية عمل “الكلية الانتخابية” الى انتخاب قائمة اسماء من بين المندوبين الذين حسموا امر تصويتهم النهائي، لصالح مرشح بعينه. عدد المندوبين مستمد من آلية التمثيل النسبي وفق الكثافة السكانية لكل ولاية بعينها، بمعدل صوت واحد لكل عضو يمثل الولاية في مجلسي النواب والشيوخ. وتم ارساء صيغة تمثيلية منذ عام 1964 تحدد عدد الممثلين في الكونغرس بـ 538 مندوب لكل دورة انتخابات رئاسية (435 ممثل في مجلس النواب و 100 ممثل لمجلس الشيوخ). الانتخابات التمهيدية التي يسبق انعقادها الانتخابات الرئاسية هي التي تحدد هوية المندوبين عن كل ولاية بحده، والذين عادة تتم المصادقة على اهليتهم من قبل اللجنة العليا للحزب في الولاية المعنية. بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية يتوجه المندوبون الفائزين للاجتماع في عاصمة الولاية المعنية (في شهر كانون1 / ديسمبر) للادلاء باصواتهم للمرشحين المقبلين لمنصب الرئيس ونائب الرئيس. جدير بالاشارة ان “الكلية الانتخابية” لم تلتئم للقاء بكامل اعضائها مطلقا وحتى الوقت الراهن.
يتقاطر اعضاء الكونغرس بعد ذلك لعقد جلسة خاصة مشتركة للمجلسين بغية احصاء عدد مندوبي “الكلية الانتخابية” واعلان الفائز رسميا، يوم 6 كانون 2 / يناير من العام الجديد وفقا للنصوص والاحكام القانونية المعمول بها. وتعقد الجلسة في الساعة الواحدة بعد الظهر في باحة مجلس النواب برئاسة “افتراضية” لنائب الرئيس المنتهية ولايته، والذي يمكن استبداله برئيس مجلس الشيوخ المؤقت لذات الغرض.
صيغة “الكلية الانتخابية” جاءت ثمرة حل وسط، عند تأسيس الولايات المتحدة، للحد من نفوذ الولايات الكبرى واحتكارها آلية التصويت على حساب الولايات الاصغر كثافة سكانية ذات التأثير المحدود. صيغة التسوية المذكورة لم تكن فريدة النظام السياسي الاميركي بل اشتقت من النظام الامبراطوري الروماني الذي كرس حق انتخاب الامبراطور في ايدي اعضاء “الكلية الانتخابية،” وهم عادة كانوا اما من طبقة الامراء او الاساقفة الممثلين لمكونات الامبراطورية ومارسوا نفوذا يوازي في صلاحياته حكام الولايات الاميركية في العصر الحالي.
الوضع الراهن للكلية الانتخابية
الخصائص البشرية التي تميز كل ولاية عن الاخرى ادت لتصنيف الولاءات الانتخابية الى ثلاثة انواع: الولايات الاقرب ميولا للحزب الديموقراطي، والولايات الاقرب ميولا للحزب الجمهوري، والولايات المتأرجحة التي عادة ما تطابق نتائج انتخاباتها المزاج الشعبي العام. الولايات متأرجحة الولاء تتضمن: اوهايو، ميزوري، فرجينيا، وفلوريدا.
من نافل القول ان الانتخابات الرئاسية الاكثر تحزبا واصطفافا جرت عام 2000 و 2004، وبرز الدور المحوري لهذه “الولايات المتأرجحة” في تقرير مصير الانتخابات بكاملها. ولهذا السبب بالذات يجري حشد اكبر الجهود واستثمار الامكانيات الانتخابية الممكنة لكلا الحزبين في بضعة ولايات من الولايات المذكورة.
من الطبيعي ايضا ان التنوع الديموغرافي يتبلور اتساقا مع تغيرات التركيبة السكانية للوضع الانتخابي بشكل عام. في الزمن الغابر (نسبيا لعمر الولايات المتحدة القصير) كانت ولاية “مين” تعتبر الكفة الراجحة “ووجهة سيرها تحدد وجهة سير البلد باكمله،” وذلك قبل نحو 150 عاما. “مين” اليوم تعد معقل اساسي للحزب الديموقراطي تشتهر باتجاهاتها الليبرالية. كما ان ولاية كاليفورنيا تعرضت للتغير وانتقلت من صف الولايات شبه المحسومة لصالح الحزب الجمهوري، خاصة ابان ولايتي الرئيسين نيكسون وريغان، واضحت في كفة الحزب الديموقراطي. بالمقابل، ولاية تكساس التي كانت تاريخيا في مصاف الحزب الديموقراطي، وقدمت الرئيس ليندون جونسون ورئيس مجلس النواب سام رايبيرن الاسبقين، نقلت ميولها لصالح الحزب الجمهوري. اضافة لذلك، فولاية “ويست فرجينيا” الفقيرة والتي كانت في صف الحزب الديموقراطي تحولت تدريجيا الى دعم الحزب الجمهوري.
حركة التنقل السكاني ايضا تؤثر على وجهة السياسة العامة للولاية المعنية. وعلى سبيل المثال، ادت كارثة اعصار كاترينا الذي عصف بولاية لويزيانا (آب 2005) مخلفا دمارا هائلا دفع وجهة تصويت الولاية الى مصاف الحزب الجمهوري في السنوات الاخيرة، لا سيما بعد انتقال اعداد متزايدة من الناخبين الديموقراطيين والليبراليين الى خارج الولاية بحثا عن استقرار افضل في مدن اخرى، خاصة في ولاية كولورادو.
التحولات والاصطفافات الفكرية التي تؤثر على توجهات الحزبين الرئيسيين تلعب دورا اما في استقطاب او نفور بعض الولايات من حولها. على سبيل المثال، ولاية مينيسوتا التي كانت احدى اهم معاقل الحزب الديموقراطي وموطن نائبي للرئيس، هيوبرت همفري ووالتر مونديل، تميل حاليا نحو كفة الحزب الجمهوري بالاتساق مع الخسارة الشعبية للحزب الديموقراطي في المناطق الريفية الاميركية مترامية الاطراف.
عند الاخذ بعين الاعتبار تلك التحولات والتطورات، ماذا عن دورها المرتقب في وجهة الانتخابات المقبلة وعلى الكلية الانتخابية للعام الجاري؟ استنادا الى فرضية ان ميت رومني سيكون المنافس الجمهوري للرئيس اوباما، فمن الصعب عليه الفوز بعدد الحد الادنى للمندوبين، 270 صوت من مجموع 538، ضمن المعادلات الراهنة. بل يذهب البعض الى تشبيه نسبة نتائج الفوز النهائية المقبلة بالنسبة الضئيلة التي حققها جورج بوش الابن في الدورتين السابقتين امام منافسيه آل غور وجون كيري، 2000 و 2004. بل سيكون الامر اكثر صعوبة لرومني وسعيه لموازاة اداء سلفه جورج بوش، في مستوى الدعم الشعبي، علاوة على انه سيفتقر الى الفوز بأي من الولايات التي تصوت لصالح الحزب الديموقراطي عادة.
يبدو أمرا مسلما به ان الرئيس اوباما يتمتع بدعم اكبر في الولايات ذات الكثافة السكانية الكبرى وتمركزها المديني مثل كاليفورنيا وايلينوي ونيويورك. وتجدر الاشارة الى تنامي الدور المحوري الذي تلعبه تجمعات ضواحي المدن الكبرى، في حسم العديد من المعارك الانتخابية، وهي التي تميل نحو الحزب الجمهوري، خاصة الثرية والميسورة منها، والتي شكلت عماد القوة لرومني في الانتخابات التمهيدية.
للدلالة، فان ولاية مينيسوتا تشكل احد الامثلة الصارخة للتحول المقصود. اذ بينما تميل المناطق الريفية في تأييدها نحو الحزب الجمهوري، والمدن الكبرى مثل مينيابوليس وسانت بول تميل لصالح كفة الحزب الديموقراطي، تتركز الانظار على وجهة تأييد ضواحي المدينتين الكبريين اللتان باستطاعتهما حسم الكفة الراجحة. في الجولة الانتخابية السابقة عام 2010 مالت تلك المناطق لتأييد الحزب الجمهوري، وقد يطرأ تحول شبيه في الدورة المقبلة وتنقل ثقلها الانتخابي لتأييد ميت رومني، الأمر الذي سيسجل فوزا لصالحه في احدى الولايات المتأرجحة. ولا ينبغي استبعاد تلك الفرضية نظرا لانكفاء عدد كبير من الناخبين المستقلين عن تأييد الرئيس اوباما، الامر الذي سيضاعف حدة المعركة الانتخابية في منيسوتا.
المعادلة السابقة تنطبق ايضا على عدد من الولايات الاخرى، لا سيما ان استطاع رومني الاحتفاظ بنسبة مريحة متقدما على الرئيس اوباما في استطلاعات الرأي، مما سيعكس نفسه على وجهة الولايات المحسوبة في صالح الحزب الديموقراطي اما بالذهاب نحو الحزب الجمهوري او اشتداد حدة المعركة على كسب اصواتها؛ وستشهد المعركة الانتخابية جولة استقطاب جديدة في ولايات اخرى كانت تعد لصالح الحزب الديموقراطي، مثل بنسلفانيا ونيو هامبشير، حينئذ من المرجح ان تميل لصالح ميت رومني.
نتائج استطلاعات الراي الاولية، والمتتبعة للميول الانتخابية بشكل يومي – معهد راسموسين، تشير الى نسبة تقدم ضئيلة على المستوى القومي لصالح رومني على الرئيس اوباما لا تتعدى 5% ؛ الامر الذي ينذر بامكانية اصطفاف بعض الولايات المعدودة لجانب الحزب الديموقراطي الى الذهاب بتأييد الحزب الجمهوري. ان استمرت وتيرة الاستقطاب واعادة الاصطفاف الحالية، وهو الامر الاكثر ترجيحا، فان نتائج الانتخابات الرئاسية تشير الى تقارب كبير بين المرشحين، وربما تلاشي الفارق النسبي بينهما بحيث تصبح المعركة الانتخابية اشد وطأة مما سبقها.
هل ينبغي تطوير صيغة الكلية الانتخابية؟
تعددت المحاولات لتعديل آلية عمل الكلية الانتخابية، منها السعي لتطويرها كي تتسق مع التصويت الشعبي. واستندت بعضها الى ما آلت اليه الصيغة المعمول بها من انها تتيح وزنا اكبر للناخبين في الولايات المتأرجحة عنه في الولايات الاخرى؛ اضافة الى ان الصيغة لا تشجع المشاركة الشعبية وتوفر نفوذا اكبر للولايات الاصغر والاقل كثافة. لم تفلح اي من المحاولات للحظة، الا انه ملفت للنظر ان حملات التوعية ضد الصيغة القائمة حققت زخما اكبر منذ انتخابات عام 2000 التي أتت بجورج بوش الابن رئيسا، اذ ان الاخير فاز باصوات اغلبية الكلية الانتخابية وخسر الاصوات الشعبية.
احدى حملات التغيير الواعدة هي التي يجري النظر بها راهنا وتطالب بتراص اصوات الناخبين عبر عموم الولايات، وتقتضي موافقة الولايات المختلفة تعيين مندوبيها لكلية الانتخابات لصالح الفائز باغلبية الاصوات الشعبية على المستوى القومي. هذا يتطلب اقدام الجهاز التشريعي لكل ولاية على حدة عقد جولة انتخابات مباشرة مما يعني الالتفاف على قيود الكلية الانتخابية وتحقيق الحصول على اغلبية الاصوات المطلوبة – اي 270 من مجموع 538 صوتا. في وضعيته الراهنة، يتبقى على مؤيدي الاقتراح محاولة اقناع 138 عضو من الكلية الانتخابية للمصادقة عليه واعتماده. تجدر الاشارة الى ان الولايات التي ابدت موافقتها للصيغة المقترحة اعلاه تعد من انصار الحزب الديموقراطي.
في التفاصيل الدستورية، يضع الاقتراح نصب عينيه الفقرة 2، في البند الاول من المادة الثانية للدستور الاميركي الذي يعطي الجهاز التشريعي للولايات الصلاحية لتحديد آلية اختيارها لمندوبيها. كما ان المسالة عينها تثير قضايا دستورية خلافية اخرى. اذ على الرغم من الصلاحية المخولة لكل ولاية على حدة، فان الغموض يكتنف الفقرة 3 من البند 10 للمادة الاولى من الدستور الفيدرالي التي تشير عرضا الى اولوية الحصول على موافقة الكونغرس قبل سريان مفعول الاقتراح المعدل. ايضا، هذا الجزء الخاص من الدستور ينص على حرمان الولايات من الدخول في تكتلات فيما بينها.
في المقابل، المحافظة على الوضع القائم تجد مؤيدين لها لا يجوز التغاضي عنهم، والذين يجادلون بأن النص المعمول به حاليا يشكل ضغطا على المرشح الرئاسي بعدم الاعتماد الكلي على مناطق الكثافة السكانية للمضي في حملته الانتخابية، بل ضرورة بلورة صيغة انتخابية تصلح لكافة مناطق الولايات المتحدة بغية اشراك اكبر عدد ممكن من الناخبين في تناول القضايا ذات الاهتمام المشترك. للمفارقة، شكل هذا النص الفضفاض احد الاسباب الرئيسة لخسارة المرشح آل غور لانتخابات عام 2000، مع الاقرار بانه فاز باغلبية الاصوات الشعبية. اذ من بين القضايا التي سعى لاستقطاب الدعم لها كانت الرغبة لفرض قيود مشددة على اقتناء السلاح الفردي، الذي يعد ذو اولية اكبر في المدن الرئيسة وضواحيها. واسفرت المراهنة على خسارته لولايته تنيسي، التي لا تؤيد فرض مزيد من القيود على السلاح. لو كان باستطاعته بلورة موقف مؤيد اكثر لحمل السلاح، قد يكون حالفه الحظ وفاز بولايته الام والانتخابات الرئاسية باكملها.
من ميزات الكلية الانتخابية ان وظيفتها تحمي النظام الانتخابي من التلاعب بالاصوات، وتقف حجر عثرة امام محاولات محتملة لاحد الحزبين، او كليهما، لتضخيم حجم مؤيدي مرشح معين، عبر الولايات كافة، وبالتالي حرمان المعنيين من التأثير على النتيجة العامة. وعلى سبيل المثال، الطعون بشفافية الانتخابات واعادة التصويت ينطبق على كل ولاية على حدة وغير ملزم على المستوى القومي.
وضعية الكلية الانتخابية تلغي تباين نسب المشاركين في الانتخابات على امتداد الولايات المختلفة، لا سيما وان عامل الطقس في منتصف فصل الخريف يلعب دورا هاما في حجم اقبال الناخبين، لا سيما في المناطق الجغرافية التي تشهد تقلبات مناخية قاسية بعض الشيء. اضافة للعوامل المذكورة، فان آلية الاستقطاب السياسي تنعكس تلقائيا على المناطق التي تتهيأ للتصويت على اختيار ممثليها في الكونغرس وحاكم الولاية المعنية او حتى احدى القضايا الاجتماعية المثيرة للجدل بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، حيث تسهم تلك العوامل منفردة ومجتمعة بتقرير حجم المشاركة الانتخابية في يوم محدد. بناء على فرضية استقلالية اختيار مندوبي الكلية الانتخابية عن حجم المشاركة الشعبية في كل ولاية على حدة، يأتي دور الكلية ليشكل عامل توازن للتباينات الانتخابية المختلفة في عموم الولايات.
الميزة الاخيرة للكلية الانتخابية ان دورها يتيح لها الالتفاف على استحقاقات اوضاع نتيجة وفاة او عجز المرشح الرئاسي او نائبه، كونها تتشكل من ممثلين حقيقيين (عادة يقع الاختيار على عمداء وناشطو الحزب المعني الذي فاز مرشحه بانتخابات الولاية) ولديهم القدرة للتكيف مع حالات غير عادية. عندئذ، تقع عملية اختيار مرشح بديل على عاتق هؤلاء الاعضاء.
تجدر الاشارة الى ان الفرضية اعلاه تحققت مرة واحدة ابان انتخابات عام 1872، عندما توفي المرشح عن الحزب الديموقراطي، حورس (هوريس) غريلي، قبل التئام جلسة الكلية الانتخابية. المندوبون المؤيدون لغريلي آنذاك تقاسموا اصواتهم على عدة مرشحين، منهم ثلاثة اصوات ذهبت لصالح المتوفي غريلي. في ذاك الوقت، الرئيس المرشح لدورة ثانية عن الحزب الجمهوري، يوليسيس غرانت، كان قد فاز بالاغلبية الساحقة من اصوات المندوبين. وفاة المرشح الرئاسي المذكور حالت من مساعي الضغط للموافقة على مرشح بديل على الفور.
على الرغم من تجدد الجدل حول صلاحية الكلية الانتخابية، مع كل دورة انتخابات رئاسية على الاقل، فانها قدت خدمات جمة لارساء واستقرار النظام السياسي الاميركي؛ منها الضغط على الحزبين الرئيسين تناول قضايا وطموحات شعبية تمتد على رقعة المستوى القومي بأكمله؛ وحالت ايضا دون تقدم مرشحين يستندون الى قاعدة شعبية ضعيفة من المشاركة للنهاية وربما الفوز، علاوة على خاصيتها المرئية بتمثيلها الطابع الفيدرالي للنظام السياسي الاميركي حق تمثيل. احداث التغيير المطلوب في هيكلية الكلية الانتخابية مسألة محفوفة بالمصاعب، مما يضمن استمرارية عملها بصيغتها الاولى – حتى اشعار آخر.
يمكن مطالعة النص الكامل للتقرير في موقع المركز بالعربية والإنكليزية: www.thinktanksmonitor.com
:::::
المصدر: مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي
مدير المركز: د. منذر سليمان
موقع المركز بالعربية والإنكليزية: www.thinktanksmonitor.com
العنوان الالكتروني: thinktankmonitor@gmail.com