عادل سمارة
لا يمر يوماً إلا وتطالعنا ولولات الساسة المرضى والمتعطشين لدم سوريا، والمقالات المسمومة لمثقفين عرب تستدعي التدخل الخارجي. كتابات لا تعدو كونها صدىً لتواطؤ الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق ضد ليبيا، عمرو موسى، وأمينها الحالي نبيل العربي ضد سوريا. وهي في الوقت نفسه تواطئاً مع ولصالح أنظمة الغرب والصهيونية التي لم تتوقف عن محاولات النيل من سوريا، وفي النهاية يدفع حكام الخليج فواتير هذا وذاك كما دفعوا فواتير مختلف مؤامرات الثورة المادة. ولعل أحدث صرخات الاستدعاء موقف إبراهيم الأمين في جريدة الأخبار اللبنانية التي بُنيت بطريقة مخابراتية اشبه ببناء فضائية الجزيرة. حين يستدعي أحد العدو لاحتلال وطنه، فهو بلا مواربة خائن صغُر شأنه أم نُفخ بمركزه أو أُتخم بما دُفع له. ، لذا، لا نتوجه إليهم لا بالنصح ولا بالحوار، لأن من يحاور تراب الوطن ببنادق الأعداء لا يستحق رفعه إلى مستوى من يُحاوَر. هذا الحديث موجه للمواطن العربي ليفتح عينيه اكثر ليس على العدو الخارجي بل على عملائه المحليين بياقاتهم ورياشهم المعيشي وتفاهاتهم السياسية وفي النهاية حرصه على تعمية الناس. مركز حديثنا هنا أمر مضحك مبكٍ: لماذا لا يتم استدعاء تدخل مجلس الأمن في اقطار عربية هي أكثر سخونة من سوريا؟ إذا كان الاستدعاء إنسانياً حقاً وهو لم يكن قط. إن سقوط الضحايا في العراق الآن، هو أكثر منه في سوريا. فلماذا تجاهل ذلك؟ اليس لأن الهدف من التدخل هو تدمير البلد ومن ثم تركه ينزف حتى يشارف الموت؟ ألا يعلم المواطن العربي أن العراق يعيش الآن مرحلة ما بعد التدخل؟ أليس هذا ما حصل في ليبيا؟ هل كان التدخل لغير تدمير ليبيا؟ وها هي ليبيا تأكل بعضها، ولا أحدا من أوغاد الثقافة والدبلوماسية العربية والدولية يقول شيئاً ألا يرى هؤلاء الأوغاد أن عرب البحرين قد حققوا أعظم استفتاء شعبي ديمقراطي في التاريخ؟ عام ونصف والشعب يومياً بأكثريته الساحقة يمارس التصويت ضد الأسرة الحاكمة. ثمانية عشر شهراً من التصويت العلني ضد اسرة تغتصب السلطة، وضد احتلال وهابي للبحرين، ولا احد يتحدث عن تدخل في البحرين؟ لا نوجه الحديث لمشهد النفاق الدولي والعربي، وإنما إلى المواطن العربي الذي عليه أن يتدخل الآن. أن يتدخل ضد المؤسسات السياسية والدبلوماسية والثقافية لمختلف أعداء سوريا عربا وعجماً. يجب أن يُطلب من ممثلي هذه الدول أن يحملوا ملفات التجسس الثقافي التي رلكموها في الوطن العربي وأن يرحلوا. فلا بد من دخول الطبقات الشعبية العربية معركة المصير هذه. لا بد لكي يشعر الشارع الغربي بجرائم أنظمته، لا بد أن يُواجه برفض وجود مؤسساته في الوطن العربي، ورفض استهلاك منتجاته. فالثقافة الغربية الرأسمالية لا تتوجع إنسانياً بقدر ما تتوجع من جيوبها. إذا كانت سياسة خير دفاع الهجوم، فإن أقل تطبيقاتها هي ضد الغرب الراسمالي وهو أكثر من يفهمها. وحين يقوم هذا الرد الشعبي، سيجد أوغاد الثقافة المخروقون بالعملات وقد ألقت بهم الإمبريالية وحكام ريع النفط ورائها كسقط المتاع، أو كجيش أنطون لحد. وحينها يجب أن لا يكون صدر الأمة العربية واسعاً، لأن نهجاً كهذا هدفه، لو انتصر، هو ذبح أمة واجتثاث تاريخ.