أحمد حسين
تكفي الحقيقة ، لا تُنْقِصْ ولا تَزدِ
ألكلبُ بالكلبِ، ما للكلب بالأسدِ؟
يا سيّد الوقت تدري الأرضُ ما حملتْ
ليس المراحل نصّا ضائع السّندِ
والوقتُ ناسٌ أتوا حتما لموعدهم
مع الحياة ، ليحيوها إلى أمد
إن التواريخ أرحامٌ وأزمنةٌ
للوعي ، في رحلة المعنى إلى الصَّعَدِ
أللهُ إذ علّم الإنسان أعلمه
ألا ّيفارق معقولا من الرَشَد
سرّ الحياة ابتدارُ الناس ما وجدوا
بعقل مستحسنٍ أو عقل منتقِدِ
للأرض في النّبت أسرارٌ ومعرفةٌ
مكنونة ٌتتهجّى العيش في الجَمَد
لذاك من خلق القانون يبطله
في مسخ من يبطلون العقل عن عمد
أولئك الشر محمولا على دمنا
لا يعبأون بمقتول ومفتقد
رحمُ الخيانة أمٌ والغريبُ أبٌ
والأرض كهفٌ لغدّار ومُقتعِد
يا راعيَ الدار لا عُتبى لما فعلوا
هذا زمان إذا سادوه لم نَسُدِ
تمشي الشعوب على أرض المصير إلى
باقٍ من العزّ في آتٍ من الرّغد
لا يدركُ الوعدَ شعبٌ غير مُبتدِرٍ
أو قائدٌ إن أراد الشعبُ لم يُرد
هما الحكاية نصّا واحدا أبدا
ولا بقاء لنصٍّ غير متحد
هذا زمان له من ذاته زمن
يدور في فلكٍ أعمى بلا رصد
شيءٌ يداهم هذ الكون تحسبه
وجه الجنازة في بوابة الأبد
تأتي الفصول جزافا قبل موعدها
والناس ينتظرون السبت في الأحد
إن لم تبادر شعوب الأرض كوكبَها
حلّتْ مواعيد أمريكا مكان غد
هذي دمشق ! يد الإنسان مشرعة
نحو الخلاص امدّوها يدا بيد
سيصبح الموت دربا للخلاص إذا
مَضَتْ دمشق فلم تَهْزِم ولم تَعُدِ
ويعلم الكل أن الأرض واحدةٌ
لن يقبل المسخ مُلكا غير منفرد
هذا أوان بلوغ الشر منزلة
في الدولة الفخ ، لم تخطر على خلد
لم يبق في حانة الشيطان من سقط
إلا اشترته لمدّ النار بالوَقَد
أظلَّ من ممكن الطغيان شاردة
في ممكن الشر لم تبدأ ولم تُعَد ؟
فما انتظار شعوب الأرض نازلةً
لا بد منها لمذعور ومرتعد
كل انتظار سيأتي الموت ساحته
نمتمْ على السيف أو نمتم على الوَسَد
لا يعقل الوحشُ غير الصدّ بادرة
أي الشعوب تحامته ولم تُبَد؟
خلوا العراق على صدر المكان ضحى
وفي يد الثأر سيفا غير منغمد
إن العراق دم لا ينتهي أبدا
وفي الحكاية فصل بعد لم يَرِد
دمشق جاء زمان المسخ فانتبهي
يا ليت أنك هذا الكونَ لم تلِدي
بدأتِ كل زمانٍ قبل مطلعه
بوادراً أسفرتْ عن صورة الأبد
كان افترار المدى عن كفّ صانعهِ
فكنت انت افترار الروحِ في الجسد
شربتُ راحَك لم أعثر على فرحي
كما عهدتُ ، ونادتني هموم غدي
وأوشك العمر.. ما غادرت من بردى
إلا المواعيد في راحات مبتعِد
” آرام ” أيّ أسى في النفس تبعثه
ناي الحضارة من آه بلا عدد
أيام كانت عيون المجد ساهرة
نعطي البعيد ، عطاء الأم للولد
واليوم من نحن ؟ يكفينا منافقةً
فكيف يُسأل عن جافٍ من الزّبَدِ
ألشتمُ أعظم شأنا من شواربنا
نقاوم الظلم والتقتيل بالجَلَدِ
أشقى البلاد بلادي كلها وطن
لمن أراد وأهلوها بلا بلد
لا يعرفون بأن الدين معرفة
والله في النص لا في خبث مجتهد
كنا من الشمس لا نأتي إلى أفق
إلا استدارت له الآفاق بالحسد
لنا البحار تنادينا سواحلها
شوقا إلى الوحي أو شوقا إلى المدد
كنا الملاحم والآفاق موصدة
فهل تركنا لها بابا على وصد
فكيف صار سقوط الروح مفخرة
والغرب ربا له دنيا على عمد
مرضى الحضارات ما امتدت لهم همم
إلا لتلويث هذا الكون بالعُقد شدّوا السراويل بعد العصر واندفعوا
لونا من الذئب والإنسان في جسد
تعلموا القتل قبل العقل ما ابتدروا
علما سوى خدعة الصياد للطُّرَد
يدبرون بعقل الذئب ما وجدوا
فالعلم ناب ولولا القتل لم تَفِد
أيقونة الذبح في أعناقهم ، ودم ٌ
من عهد روما على الأشداق واللّغَد
لا يؤمنون بحق غير منتهك ٍ
أو يعقلون قوياً غير مضطهِدِ
فنّ الجريمة إبداع ومعرفة
من لم يسُدْ عندهم بالظلم لم يَسُد
دمشق عفوا ! فما عانٍ كمرتقبٍ
يمشي الهُوينى ويخطو خطو مُتّئِد
لكنّ لي في كتاب القهر ملحمة
حروفها كُتبت بالنار والرمدِ
لولا الكرامة كان العيش مهزلةً
والناس من بَدَد ٍيمشي إلى بددِ
قد يصفح الدم ، لكن الكرامة لا !
جرح الكرامة لا يُشفى بلا قَوَدِ
فكيف تلمس كفّ الصفح من يده
يُمنى العدوِّ ويُسراه على الزَنَدِ
ضرب من الناس مسكون بلعنته
كالكلب يجمع بين الذل والحَرَد
ينام في الليل محمولا على حلم
ويصبح الصبح محمولا على وتد
يسير نحو بلوغ المجد منحدراً
كالبَوْل ينحطّ مذموما على صَعَدِ
منذ العمامة لم يكفر بمائدة
من الطعام ولم يؤمن بمُعتَقد
ولا يخون سوى أوطانه أبداً
فذاك عهد قديم عنه لم يَحِد
“حرب النصوص ” غدتْ فنّا يعلمه
مستشرق الغَرب للمُستسرق البَلَدي
يقوده الكفر مجرورا بعمّته
كأنه العحل في حبل من المَسَد
لا بأسَ إن طلبوا الدنيا بما سَفُلتْ
إنّ العروبة مثل النّصل في الكبد
وقد أصابوا : أخسُّ العيش أسعده
لمن يرى الذل منجاة من الكمد
كونوا على زمن صار الشقاء به
على كرامتنا أجدى من السَّعَد
لا يفتح الحر عينيه على وَجَدٍ
سوى الأسى وولوغ الكلب في الوَجَدِ
ليسخر الناس عند الحرب من رجل
بدون سيف ومن كف بلا عضد
نحن الذن رسمناكم تنابلة
في غيبة العقل ، خازوقا بمستند
يا شرطة الدين والدنيا لكم دمنا
فاستمتعوا بنعيم غير ذي نكد
شر البلية أن تشقى بما صنعت
يداك جهلا وأن ترضى بمضطهد
ويزعم الصِّفر أنّا من أقاربه
يا أيها الصّفر لا بوركت من “حَمَدِ”
بالمال تُشرى حماقاتٌ وأمتعةٌ
والصفر يصبح أصفارا ولم يَزِد
يكفيك أن تكتم الأفواه ضحكتها
إذا رأتك تحاكي مشية الأسد
فلا تبالغ بتعقيد الأمور سدىً
فإن أمرك لا يخفى على أحد
لو كنت تعقلُ لم تركب على جمل
من المذلة نحو العزّ والسّوَد
إن السنام ستعلو رأس راكبها
عند النزول فيعلو قامة الوتد
لن يعرف المجد هجري له ذنب
فالزم وراءك ، كلّ المجد للأسد