تركيا تتهم البرزاني بالسعي لممر كردي إلى المتوسط

أردوغان: نستفيد من مشعل بشأن الوضع السوري

محمد نور الدين

 

حل العميد السوري المنشق مناف طلاس ضيفا عزيزا على مائدة إفطار وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو ورئيس الاستخبارات التركية حاقان فيدان، أمس الأول، بعدما نقلته طائرة خاصة إلى أنقرة، التي غادرها فور انتهاء الإفطار.
يستحق المشهد عناء السفر لساعات، في رسالة تركية واضحة ومكررة إلى أنها تعد العدة بنفسها، وبالتعاون مع دول خليجية وقوى فلسطينية، لمرحلة ما بعد الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي الإطار ذاته كان لافتا أيضا استقبال تركيا لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وما تلاه بعد يومين من تصريحات لرئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان حول أن أنقرة تستفيد من معرفة مشعل بالوضع السوري جيدا، كما هو يستفيد من الوضع في تركيا.
وبذلك تلملم أنقرة أطراف الخيوط من رجال عرفوا سوريا جيدا في ترجمة ممتازة لسياسات أساسها المذهبية السنية، كما يصفها المعلق التركي البارز يالتشين دوغان في صحيفة «حرييت».
وإذ أبقى اردوغان المجال مفتوحا أمام إقامة منطقة عازلة أو أمنية في سوريا، إلا انه قال انه لن يسمح «بالخرائط الخيالية» المتصلة بكردستان. واعتبر «انه يُراد تأسيس مجلس وطني كردي مقابل المجلس الوطني السوري، وهذه خطوة خاطئة، ولن ننجر الى التحريض الذي تمارسه سوريا في تلك المنطقة. لكن اذا تتطلب الأمر خطوات ضد الارهاب الكردي هناك فلن نتردد في القيام بالخطوات اللازمة».
وتابع اردوغان ان «الأسد ومن معه ذاهبون. نحن نريد ان نفتح الطريق أمام الشعب. وخالد مشعل إنسان يعرف سوريا جيدا، ونحن نستفيد منه في هذا الإطار كما هو يستفيد منا. ونحن في وضع تقاسم ذلك».
أما يالتشين دوغان فقال في مقالته «لننظر إلى السياسة التركية في الأشهر الستة الأخيرة. كانت مليئة بالطلعات والنزلات، وكانت تترك تركيا في وضع صعب. الأساس الذي انتهجته الحكومة ليس اتنيا بل سنّي. أول من هنأ رئيس الجمهورية في مصر والذي ينتمي إلى الإخوان المسلمين كان تركيا. وليس مصادفة ان يعتبر القضاء التركي قبل يومين ان بيت الجمع ليس مركز عبادة (للعلويين)، وأن الجامع فقط هو مركز العبادة. ان السياسة المذهبية هي خطيرة بمقدار السياسة الاتنية».
في هذا الوقت، يجلب الوضع في شمال سوريا انظار الدولة التركية. وفي انتظار لقاء داود اوغلو مع «رئيس» اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني الأربعاء المقبل، فإن صحيفة «يني شفق»، المقربة من اردوغان، وجهت اتهاما للبرزاني بأنه يلعب لعبة مزدوجة، وهو اذ يقول انه سيدعم المعارضة السورية فإنه يعمل سرا على اقامة ممر كردي يمتد من شمال العراق الى البحر الأبيض المتوسط. ووفقا للبعض، تقول الصحيفة، فإن لدى البرزاني أجندة سرية تقلق انقرة.
وحذر داود اوغلو، في مقابلة مع قناة 24 التركية، من ان انقرة لن تتسامح ازاء وجود منظمات «ارهابية» مثل حزب العمال الكردستاني او تنظيم القاعدة قرب حدودها مع سوريا.
وقال «سواء تعلق الامر بمنظمة ارهابية تعلن انها تمثل اخوتنا الاكراد، مثل حزب العمال الكردستاني او منظمة ارهابية مثل القاعدة، لن نسمح بان تكون مثل هذه المنظمة على حدودنا». واضاف «الامر لا علاقة له بالاتنية او القناعات الدينية او المذهبية، فنحن نعتبر القاعدة تهديدا ونعتبر حزب العمال الكردستاني تهديدا، ولن نسمح بتشكل مثل هذه الاشياء على حدودنا».
ولم يقدم داود اوغلو تفاصيل بشان الاجراءات التي تعتزم تركيا تنفيذها لمنع انتشار هذه القوى على حدودها مع سوريا، لكنه اعتبر ان تركيا لا تعتبر باي حال اكراد سوريا «تهديدا او مصدر توتر، وان موقفها المبدئي منذ زمن بعيد هو منح الاكراد (السوريين) حقوقهم الاساسية».
وينقل رئيس «معهد الدراسات الاستراتيجية» في انقرة محمد اوزجان عن اردوغان قوله ان البرزاني يريد انشاء ممر كردي من شمال العراق الى البحر المتوسط. ويضيف اوزجان «ليس من مؤشرات بعد على جدية اقامة شريط كردي في شمال سوريا، لكن يجب النظر الى الصورة بتمعن، والتطورات تجري بخلاف المصالح التركية. الأسد يلعب جيدا بورقة حزب العمال الكردستاني ضد تركيا، وهذا الحزب يعمل بالتعاون مع البرزاني الذي يتقلب مثل الزئبق». واعتبر ان الأكراد يحضّرون فخا لتركيا لإقامة حكم ذاتي للأكراد في شمال سوريا.
ويقول الخبير العسكري المتقاعد مسعود اولكير ان «البرزاني يلعب لعبة مزدوجة، فمن جهة يقيم علاقات حارة مع تركيا ومن جهة ثانية يعمل على انشاء كيان غرب كردستان في سوريا، وهذا يتعارض مع مصالح تركيا. وسيسأل داود اوغلو البرزاني عن هذا في لقائهما المرتقب».
ويقول نائب رئيس حزب العدالة والتنمية عمر تشيليك إن «الأسد انتقل إلى الخطة باء، وهي تقسيم سوريا، وهو هنا قدم هدية للأكراد في شمال سوريا بتسليمهم المنطقة». واضاف «لكن انقرة لن تسمح بأن يكون شمال سوريا منطلقا لعمليات ضد تركيا».
ويقول رئيس معهد الفكر الاستراتيجي ياسين اوكتاي إن «الأسد يريد تحويل حلب إلى كركوك جديدة. في الشمال كيان كردي والى جنوبه حلب بمثابة كركوك لتنوعها. والبرزاني لن يفوت فرصة إنشاء مثل هذا الكيان».
ويقول النائب عن حزب العدالة والتنمية سلجوق اوزداغ إن «التوازنات في الشرق الأوسط يجب أن تحددها أنقرة. وتركيا تملك القوة لذلك سياسيا وعسكريا، ومن دون تركيا لا يمكن لأحد ان يفعل شيئا في المنطقة. وتركيا تعرف جيدا ما الذي فعله اجداد البرزاني في الماضي».

::::

“السفير”

http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=2215&ChannelId=53108&ArticleId=2897&Author=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF%20%D9%86%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86