“الحكومة الامريكية بمؤازرة حلفائها الاوروبيين، تروّج للاطاحة بحكومات ذات سيادة باستعمال القوة، وتقوم بتسليح وتمويل وتدريب مجموعات معارضة واستخدام المرتزقة.
اعداد نورالدين عواد
هافانا 27 يوليو 2012
في اختتام الدورة العادية التاسعة لجلسات الجمعية الوطنية للسلطة الشعبية (البرلمان)، في قصر المؤتمرات في هافانا يوم 23 يوليو 2012، القى جنرال الجيش ورئيس مجلسي الدولة والوزراء والسكرتير الاول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي راؤول كاسترو، خطابا تطرق فيه فقط الى بعض القضايا الاكثر اهمية على الصعيدين الوطني والدولي، جاء فيه بالمختصر المفيد:
على الرغم من التوترات المصاحبة للازمة الاقتصادية والمالية العالمية، ومفاعيل الحصار الامريكي، الذي تضاف اليه ثغراتنا ونواقصنا الذاتية، يمكننا القول بان الاقتصاد الوطني قد اظهر اداء ايجابيا خلال النصف الاول من العام الجاري.
لقد نما المنتوج الداخلي الخام بنسبة 2.1%، اي بزيادة 0.2% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وقد ساهم في ذلك الازدياد الكبير في قطاعي التجارة والبناء.
(مجموعة الاجراءات الخاصة باصلاح الاقتصاد وما تبعها من تجارب تشكيل تعاونيات خارج قطاع الزراعة والثروة الحيوانية) تتيح للدولة الاستراحة من عبء ادارة مجموعة من الفروع الانتاجية والخدماتية الثانوية، والتركيز على تحسين اداء وسائل الانتاج الاساسية، والتي ستبقى بصفة شركة دولتية اشتراكية، وهذا هو الشكل الرئيسي للاقتصاد الوطني ، تمشيا مع المسار رقم 2 (من برنامج تحديث المشروع الاقتصادي والاجتماعي للثورة الكوبية الذي اقره المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الكوبي عام 2011) .
في الايام القادمة سيتم اصدار مرسوم قانوني من اجل زيادة مساحة الارض التي يتم تسليمها الى مواطنين كوبيين بصفة منتفعين من فلاحتها، طالما كانوا مرتبطين بمزارع الدولة والوحدات الاساسية للانتاج التعاوني وتعاونيات الانتاج الزراعي الحيواني، بحيث يكون حدها الاقصى 67.1 هيكتارا؛ كما سيتم الترخيص ببناء مساكن دائمة فيها، على انها افعال خيّرة، وتضمن استمرارية حق الاقارب والاشخاص العاملين فيها، بالانتفاع منها.
في ظل التغيرات التي لا زلنا نضطلع بها، فان الثورة ما فتئت تلتزم بمبدأ عدم ترك اي مواطن عاجز عن العمل الى قدره، والدليل على ذلك هو 110 مليون بيسو تم تعيينها كدعم لاشخاص طبيعيين من اجل القيام باعمال عمرانية في منازلهم.
اننا لن نحقق النجاح اذا ما انسقنا خلف الارتجال والتسرع. لم تنقصنا داخل البلاد وبالاخص في الخارج، مناشدات ليست دائما حسنة النوايا، من اجل تسريع وتيرة التحولات. في قضية بهذه الاهمية الفائقة والتي يتوقف عليها المستقبل الاشتراكي واستقلال الوطن، لن نفسح ابدا المجال امام الاوهام والمخادعات، التي تدعونا الى تفكيك الاشتراكية فورا، وبموازاة ذلك فرض علاج الصدمة على السكان، او المجازفة باستقرار الامة، ووحدة الشعب المنيعة حول الحزب والثورة.
سنواصل التقدم بحزم واتزان وجرأة، دون تهور ودون توقف، مع تفادي الوقوع في اخطاء استراتيجية.
في الوقت نفسه، لا توجد مؤشرات على ان الازمة اقتصادية العالمية العميقة الناجمة عن الانانية والظلم تسير في طريقها الى الفرج. الصيغ التي تطبقها حكومات المراكز الاقتصادية الرئيسية، تدور جميعها حول انقاذ الطبقات ذات الامتيازات، بالتزامن مع القاء عبء العواقب الاجتماعية المخيفة، على كاهل الشغيلة والعاطلين عن العمل والاقليات والمهاجرين.
ان سياسة العداء والحرب الاقتصادية والانقلابية الامريكية ضد كوبا لم تتعرض للشجب اكثر من هذه اللحظة. فبالاضافة الى تكرار مطالبة الاكثرية الساحقة في الامم المتحدة بوضع نهاية للحصار (الامريكي الاقتصادي والمالي والتجاري)، هناك الموقف الاجماعي الذي اعربت عنه امريكا اللاتينية والكاريبي، بقوة ووحدة كبيرة، اثناء ما يسمى قمة الامريكتين، التي عقدت مؤخرا في مدينة كارتاخينا (قرطاجة) في جمهورية كولومبيا.
الاحداث التي وقعت مؤخرا ولا تزال في شمال افريقيا والشرق الاوسط (الوطن العربي) تبرهن على ان الحكومة الامريكية بمؤازرة حلفائها الاوروبيين، تروّج دون ادنى مواربة للاطاحة بحكومات ذات سيادة باستعمال القوة، ومن اجل ذلك تقوم بتسليح وتمويل وتدريب مجموعات معارضة دون التخلي عن اللجوء الى المرتزقة.
قبل ايام قليلة قطعت معارضة روسيا والصين الحازمة الطريق امام مشروع قرار في مجلس الامن الدولي من شانه فتح المجال امام العدوان العسكري على سوريا. لقد دعمنا ونؤكد اليوم على حق الشعب السوري في ممارسة تقرير مصيره وسيادته بشكل كامل ودون اي تدخل اجنبي.
يجب ان يتوقف العنف والاعمال الارهابية التي تزهق حياة الابرياء، ونقل السلاح والمال الى المجموعات المتمردة، والتلاعب الاعلامي لغايات سياسية.
في منطقتنا (امريكا اللاتينية والكاريبي) تتآمر امريكا مع الاوليغارشيات المحلية ضد الانظمة التقدمية الملتزمة بالمطالب المشروعة بالعدالة الاجتماعية والسيادة على الموارد الطبيعية. الانقلاب البرلماني الذي وقع مؤخرا في باراغواي يثبت ان هذه النزعة مستمرة على الرغم من اضافة نماذج كلاسيكية من الانقلابات العسكرية التي وقعت في الماضي.
ضد الثورة البوليفرية (فنزويلا) لم يتوقفوا عن حياكة مخططات اثارة القلاقل على ابواب الانتخابات القادمة. انتهز هذه المناسبة لأجدد باسم الشعب الكوبي على تضامننا الثابت ودعمنا الراسخ لوطن بوليفر وأخينا الرئيس أوغو شافيس فرياس.
كما انهم يتآمرون ضد كوبا. امريكا لا تتوقف عن سعيها من اجل تشكيل طابور خامس داخل وطننا وباستخدام تكنولوجيات جديدة لاغراض انقلابية. (اشارة الى التكنولوجيات التي سلمها المقاول الامريكي ألان غروس الى صهاينة الجالية اليهودية في كوبا، والقي عليه القبض ومحكوم بالسجن لمدة 15 عاما. هذا هو المناضل من اجل الحرية والديموقراطية الذي يطالب محمود عباس بالافراج عنه).
يوم امس 26 يوليو وفي نهاية الاحتفال المركزي بمناسبة الذكرى 59 للهجوم على ثكنتي سيسبيديس ومونكادا، اكد الجنرال كاسترو على ان كوبا بلد سلام وتريد السلام وتسعى اليه وانها على استعداد للحوار مع امريكا على اساس الندية ومناقشة كافة المواضيع الخلافية بينهما بما فيها حقوق انسان والحرية والديموقراطية والارهاب … الخ في كوبا وفي امريكا نفسها، مختتما بالقول “مع رباط الخيل جاهزا، لئلاّ”.