استلاب التموُّل واغتراب أدبيات “التنمية”

(الجزء الرابع والأخير)

عادل سمارة

 

7) الأنجزة الكولونيالية ونفوق النقد المنافق

تنتقد معظم وربما جميع منظمات الأنجزة المحلية مموليها، اي الدول الدافعة، منهم من ينقد بحرقة ومنهم من ينقد مسايرة للموضة. لكن بيت القصيد أن كل هذا النقد ضمن أو تحت سقف استمرار تلقي الأموال وطلب المزيد وتوسيع “مهنة/مهننة” كتابة البروبوزال! وهذا بدوره يخدم الممولين حيث يبدون وكأنهم ديمقراطيين ومتسامحين مع هؤلاء الأشقياء الذين يأكلون من خيرهم وينقدونهم. وهذا بدوره يجند كثيرين باتجاه “الإعجاب” بهذا الغرب الكريم والمتسامح! فلماذا لا يشجع الغرب هذا المستوى من النقد!.

لكن منظمة روزا لكسميورغ وهي اجنبية خالصة لم تنجب نسلاً محلياً كما يبدو، تقوم بنقد التمويل الأجنبي ب “ابلغ” من نقد المحليين له! من يشاهد الفيلم[1] الذي انتجته هذه المؤسسة يسأل نفسه: طالما أن لديكم كل هذا النقد فما مبرر وجودكم هنا؟ هذه المنظمة من نشاطات حزب “دي لنكه” اليساري، بمعنى أننا أمام يسار أجنبي متأنجز، الأمر الذي يعطي “تخريجة” لأنجزة اليسار المحلي، فغالباً ما ينطبع يسار المحيط بيسار المركز.

قبل ثلاث سنوات لعبت هذه المنظمة دور “المندوب السامي” الألماني حيث انفقت على مؤتمر هدفت منه : “توحيد اليسار” في الضفة الغربية” في محاولة، ربما بوعي، لتجديد دور الأستذة الستالينية على الحركات الشيوعية خارج الاتحاد السوفييتي. أُنفق الكثير، وقيل الكثير، ولم يحصل شيئاً فاليسار متحد في تحالفة مع سلطة أوسلو-ستان. ربما كان أطرف ما حصل وقوف مدير روزا لكسميورغ ليقول لليسار المجتمع تحت رايته التمويلية: “أنتم جميعا فاسدون ومنافقون… تتمولون من ابو مازن وتهاجمونه”. لست ادري لماذا يمولهم هذا الرجل األماني من روزا لكسمبورغ طالما يعرفهم جيداً هكذا؟ أم أن هذا هو دور الكولونيالية؟ ولو بيافطة يسارية.

لقد وصل التمويل الأجنبي بالبلد إلى حالة تقارب اللاقدرة على العودة، اي حتمية بقاء التمويل أو الموت. هل حقا المسألة : ايها الرَيْع أنت…أو الموت!

 

8) التنمية بالحماية الشعبية

ليس هذا مكان الإطالة في هذا الأمر، ولذا سأوجز مكونات هذا البرادايم على شكل نقاط. ما زلت ازعم بصحة مقولاتي وخاصة الثلاثة التالية: الحياة مقاومة، وإعادة بناء البلد والتنمية بالحماية الشعبية.

للتنمية بالحماية الشعبية وجهها السياسي الاجتماعي بما هي برادايم وطني قومي طبقي كنت وضعت مسودته في أطروحتي للدكتوراة وأنا في لندن 1986-87. ورجعت إلى الضفة الغربية 4 أكتوبر 1987، وما هي سوى شهرين حتى عاجلتني الانتفاضة بما أغنى البرادايم ليبلوره منذ لحظتئذٍ ولا يزال. هذا البرادايم معينه النظري هي الاشتراكية. وقد تولد في سنوات انهيار أنظمة الاشتراكية المحققة، والتي لم أكن ممن والاها، لكنني حزنت حينها لأنني أعلم أن من انتصر هي الثورة المضادة. لذا اصررت على أن يكون عنوان أطروحتي : تحليل اقتصادي اجتماعي ماركسي رغم أدب أو تأدب الأكاديميا وردأ على كثير من الشيوعيين واليسار والماركسيين الذين هرولوا إلى بيت الطاعة الراسمالي الأبيض أو “تأدبوا” في أطروحاتهم. أما اليوم فإنني أكثر متعة حيث تئن النيولبرالية والعولمة من فرط ما ابتلعت كما تئن الأفعى (الصارطة اي التي ابتلعت حيوانا ضخماً)، نعم هي في لحظة أزمتها الجارية.

الأسس البنيوية المفترضة:

 

أسُسُها كتنمية ان التنمية هي بيد ومن أجل الأكثرية الشعبية بمعنى أنها مشروطة بحاجاتهم وبقيادتهم لها، وبغير هذا تُخان كثورة. ولذا ليست هذه التنمية بالحماية الشعبية قرار من الأعلى من الدولة، بل لا أتفق مع كثير من الماركسيين الذين بعضهم علمني عن بعد بأن الدولة هي الناقلة الطبيعية أو المناسبة للتنمية لأن الدولة السلطة هي ممثل طبقة نسبيا او كليا، هذا امر آخر. هذه التنمية تتطلب إنارة أطروحة غرامشي بضرورة الحزب الثوري، ولا تكتفي بأطروحة لوكاتش بأن الجماهير تتثقف لوحدها. لكنني ارى أن الحزب يجب أن يكون طوع رقابة الطبقات الشعبية أن يحمل رسالتها ويُحاكم أدائه على يدها. فاليوم مناخ غير مناخ الحزب الحديدي اللينيني الذي صار وكيلا عن الجماهير. لنأخذ حديدي في الوعي وليس وكيلاً بل موكَّلاً.

اعتمادي بإمكانية تحقُق هذا التقوُّل هو على تجربة الانتفاضة التي بدأت دون تخطيط هذا الحزب أو ذاك، لكنني لست مع بقائها دون قيادة، إنما التي تفرزها هي وليست التي عينتها منظمة التحرير من تونس. لقد أفرزت الانتفاضة قياداتها، لكن قيادة المنظمة سارعت للتحكم بهذه القيادات لأنها، اي قيادات الانتفاضة لم تكن قد قطعت مع قيادة المننظمة وشكلت حالتها المستقلة عن القيادة البيروقراطية الراسمالية للمنظمة في الخارج ولا تجاوزتها وعياً فنخَّت للأخيرة. لذا، كان مصير الانتفاضة حيث فقدت الرؤية والتنظيم، كمصير الحراكات العربية الحالية.

كان مخطط رؤيتي للبرادايم مكوناً من الانسحاب إلى الداخل، اي ان نعود إلى ذاتنا ونكتشف قدراتنا كي ننفِّذ هجمتنا إثر ذلك، اي انسحاب إلى الداخل استهلاكياً بمقاطعة منتجات العدو وإنتاجيا بوقف العمل في مشاريعه، وهما انسحابان يشترطان بالضرورة بدء العمل التنموي كبديل.

حتى اشتعال الانتفاضة كان الحديث عن مقاطعة ولو شكلية لمنتجات واقتصاد العدو خارج التصور لدى كثير من الاقتصاديين، بل إن بعضهم كان ضد الحديث عن علاقات مع الاقتصادات العربية. يشبه ذلك المناخ مناخ اليوم بالاعتقاد أن التوقف عن تلقي المال المسموم كارثة وموت محققين. جاءت الانتفاضة وحصل الانسحابان ذاتياً من قبل الطبقات الشعبية خاصة!

والانسحاب إلى الداخل هو اكتشاف القوة الكامنة في الطبقات الشعبية، استظهار روح الشعب، الذي استظهر روحه بيده. وهذا الانسحاب يعني الشغل على مختلف القطاعات الاقتصادية وخاصة الزراعة، وهذا ما حصل على الأرض حينها. وعلينا أن نلاحظ أن قوة العمل، اي العمال كعمال والفلاحين العمال هم الذين بدأوا هذا الانسحاب.

ومن ثم بدأت مقاطعة منتجات الاحتلال، وهنا لعبت المرأة دوراً عظيماً غير ملموسٍ، فهي التي تدير الاستهلاك وهي التي مارست مقاطعة منتجات الاحتلال. وترافق مع هذا إقامة التعاونيات الصغيرة لإنتاج الأساسيات والتي لم تنحصر في أحياء المدن كما اعتقد البعض، بل كانت منتجات الريف تصل إلى المدينة ليتم تصنيعها كمواد غذائية يومية واساسية.

كما بدأت محاولات تصنيع زراعي وتنشيط معامل محلية كمشاريع خاصة ولكنها اعتمدت على الحماية الشعبية التي قاطعت منتجات الاحتلال فتكون لها سوقاً محلية حصرية.

وهذا نقلنا من المقاطعة إلى الإنتاج إلى الاستهلاك الواعي أو الوعي بالاستهلاك. وهذا الوعي شكل حاضنة تقوية التصنيع سواء التعاوني أو في القطاع الخاص. كان هذا في العام الأول وجزء من العام الثاني في الانتفاضة.

ولكن اقتصاداً لمجتمع في هذا العصر لا يمكن أن ينحصر في هذا المستوى البسيط من العمل وتلبية الحاجات. كان لا بد من:

  • قيادة حزبية تعاونية واشتراكية التوجه
  • وسلطة وطنية تقوم على الأقل برعاية ما أُنجز، والمفترض حينها منظمة التحرير بان تقدم قروضا ميسرة للزراعة والتصنيع، على أن تقترب من برادايم الحماية الشعبية بضغط من الطبقات الشعبية كي تصل إلى تكوين قطاع عام كحلقة وسيطة بين التنمية بالحماية الشعبية كبرادايم تعاوني اشتراكي وبين الاقتصاد الرسمي. اي بكلمة أخرى لتوسيع القطاع التعاوني على حساب الخاص او الرسمي.

لكن هذا لم يحصل. لا الراسمال الخاص تجرَّأ على الاستثمار الموسع، ربما لأنه كان يدرك أنه سوف يضطر لقبول شروط الحماية الشعبية، ولا المنظمة اهتمت لا بالإقراض المسهل لمختلف الطبقات ولا بتأسيس لقطاع عام. بكلمة أخرى، فإن الطبقة الأخرى ارتعبت من الانتفاضة وقررت الغدر بها. وكان اوسلو. كان هدف القطاع الخاص والمنظمة الحصول على استقلال سياسي /دولة. وكنت ممن اكدوا 1988 ان بنية وقوة الانتفاضة لا تنتج دولة.

كان لا بد من تكثيف المقاطعة وتنشيط الاستثمار وإعادة تشكيل البنية الإنتاجية أو إعادة تركيب قطاعات الإنتاج. كان ذلك ممكناً لأن القاعدة الاستهلاكية مشحونة بالوعي بالاستهلاك، وحماية الإنتاج المحلي وتنظيف السوق من المنتَج الصهيوني. وكانت قد أُقيمت شبكات تسويق محلية بين منطقة وأخرى، وهذا استثنى دور التاجر كوسيط يربح ولا يُنتج وكفئة متضررة من الانتفاضة. كان لا بد من قروض لتشغيل الشباب في إعمار الأرض والكثير منهم كان من الريف، اي تقديم قروض مسهلة إلى جانب تمكينهم من العيش إلى أن ينزلوا محاصيلهم إلى السوق. وازعم أن المنظمة كانت لديها الأموال، ولكن لا تملك الرؤية التنموية ولا قرار الإنفاق بما لا يقبل به الخليج! لذا بقيت الأرض بوراً سوى من تمكن مالكها من إعمارها أو استغلالها.

وحينما عادت المنظمة إثر أوسلو كان المفترض إقامة قطاع عام لتشغيل الشباب، ولكن من اين وقد جرى الغدر بالانتفاضة سواء بإعلان سلطة الحكم الذاتي وقف المقاطعة، واستعادة التطبيع باسم “السلام”وفتح ابواب الإدارات والأجهزة لقرابة 200 ألف موظف إثر اوسلو، اي أُستحدثت وظائف بدل شواغرالعمل. وأُقيم قطاع حكومي بدل قطاع عام، وكان برادايم الحماية الشعبية قد تراجع أمام بقرطة قيادة الانتفاضة في الداخل وتبعيتها للخارج مما جعل قيادة الانتفاضة عاجزة عن الضغط باتجاه توسيع اقتصاد الحماية الشعبية على حساب الاقتصاد الراسمالي الرسمي. فالاقتصادين متعارضين والطبيعي أن يتسع واحد على حساب الآخر، وما حصل كان لصالح الرسمي.

كان هذا البؤس في التعاطي مع الانتفاضة هو أجمل ما يريده الكيان، والذي بدوره كان خلال الانتفاضة وقبيل أوسلو يطارد اللجان الشعبية والتعاونيات الشعبية، التي كان بوسعها المقاومة رغم العبء الضريبي لأنها كانت تقوم على الزراعة المنزلية الصغيرة والخاصة والتي هي من السقوف الممكنة، اي التي بالإمكان بقائها لأنها ليست موجهة لسوق الكيان أو للتصدير وبإمكان المواطنين الوصول إليها.

لم يتمكن القمع الاحتلالي من تصفية هذه المبادرات الشعبية، ولكنه أعاقها، فالعودة إلى الأرض تشكل حواجز كفاحية ضد المصادرة بعكس الأرض المهملة التي لا يستغلها أصحابها. صحيح أن المسألة مسألة وطن، ولكن هناك فارق بين العيش المباشر من الأرض وبين الارتباط الوجداني منفرداً. وربما يضيىء هذا القول على تدراجع قطاعات الإنتاج بعد اتفاق أوسلو وصرف الناس عن هذه القطاعات! لماذا؟ لماذا تدفقت 25 مليار دولار، ومن أجل ماذا طالما تم تقويض قطاعات الإنتاج؟ هذا رغم كثرة بنوك المعلومات ومراكز الأبحاث والوزارات ومنظمات التنمية /الأنجزة…الخ

ورغم خذلان المنظمة والقطاع الخاص لاقتصاد الانتفاضة/التنمية بالحماية الشعبية، إلا أن تراجعها وانتهائها لم يتم إلا بعد تطبيق اتفاقات أوسلو وإعلان سلطة الحكم الذاتي أن السلام قد حل وأن المقاطعة مرفوضة والتطبيع امراً عادياً بل التزاماً.

لقد جلب اتفاق اوسلو البديل الذي لم يكن غائبا تماماً اي النظام الاقتصادي النيولبرالي والتابع لاقتصاد الكيان. وكما حصل عام 1967-68، فإن التجار هم أول من استفاد من عودة الانفتاح المشرعن للتبادل مع الاحتلال فتكونت الشريحة الكمبرادورية الثالثة[2]، وهي هذه المرة من صُلب السلطة الجديدة.

وعليه، في ظل سلطة الحكم الذاتي، بدل أن يتمكن برادايم الحماية الشعبية من تحويل الاقتصاد الرسمي كي ينحو منحاه،وبدل التركيز على الإنتاج، والانتقال إلى إعادة توزيع الفائض وتوزيع الأرض المهملة أو تأجيرها أو احتلالها من فرق شبابية باحثة عن عمل منتج، اي فرقاً تشكلها حركة اجتماعية ثورية مقابل رسوم شكلية، حصل العكس وتزايد بدل الحماية الشعبية القطاع غير الرسمي لأن الاقتصاد اللبرالي بل النيولبرالي لم يكن قط معنياً بخلق فرض عمل بل وظائف لجهاز بيروقراطي هائل. فهو يقوم على ان فقر الناس بأيديهم! وهذا فقه غيبي لا مكان له في الأديان قط. ومع ذلك لم يتم تنظيم غير الرسمي بما يحقق دخلا افضل للمنخرطين فيه اضطراراً لا هوايةً.

لقد آل الوضع إلى سيطرة تسونامي الريع والنيولبرالية ووصفات الصندوق والمصرف الدولي وأكاذيبهما. ولم تحصل مقاومة حقيقة لهذا النهج لا من:

  • كثير من الاقتصاديين الذين جادلوا بأن لا مخرج سوى العودة إلى البرادايم اللبرالي دون ذكره مباشرة بل بالنتعاطي مع مضمونه، فكانت صيغا مثل: إقتصاد مقاوم وانعتاق اقتصادي واقتصاد الصمود وجميعها لا توضح لنا من يقوم بهذا واية طبقة وهل تنسجم مع هذا أو ذاك كافة الطبقات…الخ كما قام كثيرون بتغليف لبراليتهم بالترحُّم على تراث منظمة التحرير…الخ. وكل هذه لا تحقق شيئاً أمام مد المال المسموم وإيديولوجيا انتظار الريع.
  • ولا من الحركات السياسية اليسارية التي كانت دائخة فاقدة الاتزان إثر تفكك دول الاشتراكية المحققة فربطت مصيرها بيد السلطة لتلعب دور المعارض/التابع، وبالطبع لا يمكن أن تكون قوى الدين السياسي سوى باتجاه برادايم الاقتصاد الراسمالي مخصوماً منه الحقوق الشكلية للمرأة!

وإذا كان لا بد من كلمة إلى أين، فإن ما خبرناه في سياسة سلطة الحكم الذاتي، فهي لن تتغير سياسياً ولا اقتصادياً. وهذا يجعل التركيز على البعدين المتكاملين كما اشرنا، اي الحياة مقاومة ووجهها الاقتصادي الاجتماعي هو الحماية الشعبية، يجعل منهما بعدين لا بد من التعامل معهما. سيكون هذا صعباً، ولكن بالمقابل، فإن البديل القئم هو نحو الكارثة. فشراء التبعية ليس مضموناً إلى الأبد. من قال أن “الممولين” سوف يستمروا في رشوة الفلسطينيين كما هو الآن 40 بالمئة من الانتاج القومي الإجمالي هو من الممولين.

يرتبط استمرار التمويل باستسلامنا لاستحقاقات التسوية بدءاً من الاعتراف بالكيان على أرضنا المحتلة 1948 إلى الإقرار بالمستوطنات في الضفة الغربية إلى تبادل أراضي وسكان ضمن “سلام اقتصادي” وصولاً إلى الاعتراف بيهودية الكيان وايضاً إلى جانب سلام اقتصادي والذي مؤداه أن يتواصل خروج الفلسطينيين من بقايا وطنهم ليس بسبب القمع وحسب بل الضائقة المعيشية ايضاً ليحل الصهاينة محلهم.

يفتح هذا على مسألة حل السلطة. وهنا لا بد من الإقرار بأن كل يوم يمضي على وجودها يجعل حلها اكثر صعوبة. وقد يكون المخرج من هذا الأمر، طالما الوضع العربي سائلاً وخطيراً وخاصة مع الحراك و/أو الثورة المضادة، قد يكون بقيام سلطة الحكم الذاتي بخطوة وسيطة، بالتوقف عن الدور السياسي والمفاوضاتي. حينها سوف يتوقف الممولون عن الدفع، مما يضع الأنظمة العربية في موقف حرج بأن تتولى الأمر. وإذا ما تجرأت سلطة الحكم الذاتي على هذا التحدي وتجرأت الأنظمة العربية على تحدي المركز بمساعدة الفلسطينيين، يمكن أن يشكل هذا مناخاً أفضل. قد يقول البعض، هل نستبدل تمويلاً بتمويل؟ وهذا صحيح ولكن التمويل العربي سيكون اقل جرأة في إرغامنا على قبول الاستحقاقات الصهيونية. وإذا قرأنا هذا التمويل المفترض كتبعية، فلنقل كذلك، فالمال العربي مهدور في اتجاهات سيئة وعديدة، فالمال الذي أُنفق منه 7 مليار على انتخابات البرلمان المصري ومليار على انتخابات البرلمان اللبناني قادر على مساعدة الفلسطينيين. وهنا يعود السؤال ثانية، ما هو البرادايم الذي على الفلسطينيين تبنيه إن حصل هذا؟ ما زلنا نعتقد أنه التنمية بالحماية الشعبية.