إلى احمد حسين (1)، عادل سمارة
تبع هزيمة الناصرية بل والخط القومي والاشتراكي في الوطن العربي (انظمة وقوى- بمعزل عن حدود هذه الاشتراكية) تبع هذا هزيمة المثقف وحتى المفكر مما اراح انظمة النفط من اي نقد فوثبت لقيادة المرحلة! فرغم بساطة وغوغائية اجهزة الإعلام المصرية قبل 1967، إلا انها كانت تساهم في تعرية المتدثرين بالعباءات. وهذا هام للوعي الشعبي البسيط. كان يكفي ان يعلم المواطن أن هؤلاء ضد الأمة وتابعين، وان ما يقدمونه من مساعدات باسم الخير والإسلام هو مسروق من نفط الأمة وهو بقايا ما تسمح لهم به الشركات الأجنبية سيدة الموقف. باختصار كان يجب ان يعرف الناس بأن لهم حق في هذه المساعدات، بل هي حقهم، وليس عليهم واجب شكر هذه الأنظمة، بل خلعها. إن غياب الصوت النقدي ولو بسطحية قد أعطى قداسة لحكام النفط فاخترقوا الوعي بالوهابية والمال على صعيد الوطن الكبير بكامله. كان الاختراق ليس بالمال فقط، وليس بفتح بلدانهم لعشرات القواعد العسكرية الغربية، بل كذلك بسلسلة فضائيات جرى تركيبها بذكاء ليس منهم. فضائيات كثيرة العدد متعددة البرامج مما يجذب المواطنين وخاصة ربات البيوت للركوع امامها ليل نهار، وضمن برامجها تنفيس جنسي للجوعى، وخاصة سلسلة MBC السعودية حيث تشاهد المرأة او الرجل السعودي والعربي عامة، تلكم النساء اللائي يعرضن اجسادهن وازيائهن على الشاشة مما يسمح لهم/ن بتمثُّل كل شيىء. فأي مناخ للتفريغ من جهة وإحالة العقل على التقاعد سياسيا واجتماعيا من جهة أخرى!
والسؤال هنا: من هو هذا السوسيولوج ذو العقل الشرير الذكي الذي التقط فكرة الفوضى بشكلها الأولي من الاقتصادي الألماني الأصل الأميركي التربية والنضوج في الخمسينات جوزيف شومبيتر، فصاغ شعار الفوضى الخلاقة منذ عقود واعلنت عنها بل أطلقتها كونداليزا رايس منذ سنين! هذا السوسيولوج الذي وظف ريع النفط للتخدير الجنسي بالاستمناء، واردف ذلك بسلسلة اعمال خيرية للمهمشين والفقراء، وبطباعة عشرات آلاف الكتب والكتيبات باسم الإسلام لتجعل منه طبعة وهابية ليس إلا. كيف فهم هذا الواقع العربي فتأكد من فرص نجاح مشروعه:ريع النفط يحمل على كل ورقة نقدية هلوسة وهابية وعلى كل رغيف سوط المطاوعة، وإلى جانبها مباشرة نساء جميلات يتغنجن على شاشات قرب أبواب الحرم المكِّيْ! كل هذا معاً! ولم نلتقط نحن هذا في حينه!! ولكن، كما يُشاع أن كنيدي هو الذي التقط اهمية الإعلام، وان ايزنهاور صاحب نظرية المجمع العسكري، وهذا هراء. ليس هناك عقلا واحدا، هناك مؤسسات. هناك مثقف/ة الاختراق، وهناك مثقفينا المخروقين، وهناك نحن الذين صمت معظمنا عن كل هذا بين مهزوم الوعي وبين من لم يُبصر في وضح النهار.
أما ثالثة الأثافي فتتجلى حينما يكتب مثقفون عرب وفلسطينيون بأن تجميع الوهابيين وزجهم في سوريا وتجنيد المضيَّعين والبسطاء والمغرر بهم والعاطلين عن العمل باسم الدين ضد سوريا بان هذه التوليفةهي ثورة طبقية واعية، يقودها وعي طبقي! فاية هلوسة ماركسية هذه؟ وحين يكتب مثقفون ماركسيون توقفوا عن المقاومة في لبنان، وكرهوا أن تنتصر المقاومة بقيادة حزب الله لأنه هؤلاء اعتادوا التشكي والتبرُّم والهزيمة، حين يكتب هؤلاء بأن قدري جميل (الشيوعي وزير الاقتصاد في سوريا ضمن عملية الإصلاح تحت الرصاص) مجرد معارضة مفبركة! حين يكتب هؤلاء هكذا، فهم يصطفون في معسكر الفوضى خلاَّقة الفتنة، إنهم يخلقون الفتنة. هذه علمانية في كرهها للدين تصطف في معسكرات الكيان.