عادل سمارة
دأبت حركة التاريخ العربي من الشرق إلى الغرب، من الكنعانية فالفينيقية فبني هلال فالقتوحات العربية الإسلامية فبني امية من الشام إلى الأندلس، فالمد القومي وخاصة الناصري. وحتى الشيوعية العربية أتت من روسيا إلى المشرق ومنه إلى المغرب.
مع الثورة المضادة بشقها المحلي تنقلب الأمور. تحولت طرابلس الغرب إلى قاعدة انطلاق لتحويل طرابلس الشرق على شاكلتها قاعدة إرهاب ضد سوريا، وسيناء قاعدة إرهاب ضد مصر. من طرابلس الغرب تتدفق الدبابات والصواريخ لغزو سوريا. ومن مكة يتدفق الوهابيون للانتقام من موئل القومية العربية في المشروع الثالث لتقسيم سوريا من الداخل.
من الرباط، حيث ملف القدس كان تدفق السلفية ضد الجزائر واليوم يتدفقون ضد الشام. مال خليجي وتدريب وتسليح امريكي اوروبي وتقنية استخباراتية صهيونية. يُضاف إلى هذا كله تغليف يساري اودى به مرض اليسارية الطفولي فخال الإرهاب صراع طبقي يقوده البروليتاري سعد الحريري ويغذيه المفكر الشيوعي يوسف القرضاوي!
في سوريا قتلى من الشيشان ومن السعودية ومن المغرب وتونس ومن الأردن ومن لبنان؟ وهكذا يحتدم الصراع على دمشق فإما ان تكون سوريا او تبيد وفي الحالين نحن معها.
في بلدة معان جنوب الأردن حيث النزاع العتيق بين آل سعود والهاشميين على المكان، وُزعت الحلوى في عزاء ثلاثة سلفيين قُتلوا في الشام! لا ندري كم طفل قتلوا، كم امراة؟ نفهم انهم لا يقرأون التاريخ، ولا يقرأون اصلاً، ولكن ألا يُبصرون الجغرافيا؟ اليست معان الأقرب إلى وادي عربه حيث موقع عقد الصلح مع الكيان؟ هل يُعقل انهم لا يُبصرون إيلات من هناك؟ من هناك يجري تجنيدهم على يد الوهابيين، ومن نافذة الوهابية تغدو دمشق هي الهدف لا تل ابيب! كم طلقة اطلقت الوهابية ضد الكيان منذ وعد بلفور وصولا إلى احتلال 1948 و 1967؟ كم عملية قامت بها القاعدة السعودية ضد الكيان من ذلك المكان الأقرب إليها؟
والأمم المتحدة شريك آخر. ينبري الأخضر الإبراهيمي قبل ان يتسلم ملف سوريا ليقصف القيادة السورية حتى بما لم يفعله كوفي انان والجنرال النرويجي روبرت مود! حين يتربى المرء في احضان مؤسسة الأمم المتحدة يفقد توازنه القومي. إنه شرط المنصب وتقنية الاختراق. فالاختراق لا يتوقف عند الجغرافيا، بل يبدأ في السياسة والثقافة والتمهين والتكنوقراط بالطبع.
ويبقى السؤال الأكبر الذي يُحرجنا جميعاً:
إذا كان كل هذا الحشد من عرب الوهابية وعجم الإمبريالية ومن خلف الكواليس ذلك الحضور الصهيوني، فلماذا النأي الشعبي العربي وخاصة نأي المثقفينن ولا نقصد هنا المخترقين منهم؟ إن قدرة سوريا على المواجهة لا تعفي من دور شعبي عربي في مواجهة التطبيع ومقاطعة بضائع الأعداء وطرد البعثات الثقافية والسياسية والمالية لتركيا وقطر والسعودية والغرب باجمعه.
حين تكون الحرب على سوريا مفتوحة بهذا الوضوح، فيجب ان تكون المواجهة اوسع كلٌ في مكانه وبما لديه، ولشعبنا الكثير.