مواجهة أوباما مع نتنياهو عشية الانتخابات نابعة من ضمان أصوات اللوبي اليهودي والأخير ليس متحمسًا لضرب إيران
زهير أندراوس
الناصرة ـ ‘القدس العربي’ قال د. عادل سمارة، في حديث خص به صحيفة ‘القدس العربي’ أمس الأربعاء، تعقيبا على الأزمة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية على ضوء الخلاف بين تل أبيب وواشنطن بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني، قال إن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، يقوم في هذه الأيام بعملية إطفاء حرائق قبيل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في السادس من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وكان البيت الأبيض أعلن في بيان رسمي الليلة الفائتة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أجرى اتصالاً هاتفيًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دام قرابة ساعة كاملة تناول فيه الاثنان التهديدات الكامنة في المشروع النووي الإيراني، والتعاون الوثيق في موضوع إيران بشكل خاص، وقضايا أمن إسرائيل بشكل عام. ووفقًا للبيان، الذي أوردته القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي الأربعاء فإن أوباما ونتنياهو موحدين في تصميمهما على منع إيران من حيازة قدرات نووية، وأنهما اتفقا على مواصلة المشاورات بينهما، على حد تعبير البيان، علاوة على ذلك، أكد الناطق بلسان البيت الأبيض أنه خلافًا لما نشر سابقًا، لم يُقدم أي طلب رسمي من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو لعقد لقاء مع الرئيس أوباما خلال مشاركة نتنياهو في الاجتماع السنوي للأمم المتحدة الشهر القادم، وبالتالي لم يتم رفض مثل هذا الطلب.
وتابع د. سمارة قائلاً إن قيام أوباما بالمبادرة بالاتصال بنتنياهو هدفها عدم إهانة رئيس الوزراء الإسرائيلي من ناحية، ولكن من الناحية الثانية، عدم منحه ما يريد، وهذا الأمر متعارف عليه في الأمور الدبلوماسية. أما في ما يتعلق بسياسة إطفاء الحرائق التي يقوم بها الرئيس الأمريكي، فقال د. سمارة إن أوباما طلب من الرئيس الروسي تأجيل البت النهائي في الأزمة السورية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في أمريكا، وذلك بهدف تقليل الضرر الروسي على أمريكا وموقفها من الأزمة السورية، أما الحريق الثاني، أضاف د. سمارة في حديثه، والذي يعمل أوباما على إطفائهن فهو يتعلق باللوبي الصهيوني المؤثر جدًا في السياسة الأمريكية الخارجية والداخلية، بمعنى أن أوباما، الذي تحول إلى قلب الأسد في علاقته مع الدولة العبرية عشية الانتخابات الأمريكية، بات على قناعة بأنه ضمن تأييد اللوبي الصهيوني في الانتخابات. وزاد د. سمارة قائلاً إن هذا الأمر يُبين أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ليس متحمسًا بالمرة لشن العدوان الأمريكي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية بهدف تدمير البرنامج النووي في طهران، كما لفت المفكر العربي الفلسطيني إلى أن الرئيس أوباما واللوبي الصهيوني باتا على اقتناع تامٍ بأن فتح حرب مع إيران، على ضوء الأزمة المالية والإنتاجية في أمريكا، ليس مبررًا بالمرة.
علاوة على ذلك، لفت د. سمارة في سياق حديثه إلى أن العقل الإمبريالي ذكي بالرغم من معارضتنا له قولاً وفعلاً، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، هاجمت الإمبريالية العراق في العام 2003 واحتلت بلاد الرافدين، كما أن حلف شمال الأطلسي، بقيادة أمريكا، شن الهجوم على ليبيا وتمكن من إسقاط نظام العقيد معمر القذافي، وذلك لعلم أمريكا بقوة هذين البلدين العربيين، ولكن في الحالة الإيرانية.
وأضاف د. سمارة، فإن الوضع يختلف، ذلك أنه إذا صحت التهديدات الإيرانية حول الرد على أي عدوان، وإذا صحت التصريحات الإيرانية بأن طهران تملك أسلحة متطورة جدًا، فإن ذلك يردع الأمريكيين وحلفائهم من خوض حرب ضد هذه الدولة، لأن قوتها العسكرية الضخمة تُخيفهم جدًا، على حد تعبير د. سمارة، مشددًا على أنه من الوارد جدًا أنْ لا تقدم أمريكا على الضربة العسكرية ضد إيران حتى بعد الانتخابات الرئاسية لعلمها بالتداعيات السلبية للحرب عليها وعلى حلفائها، ففي واشنطن يعلمون أن روسيا تقوم بتزويد الإيرانيين والسوريين بالأسلحة المتطورة، وهذا العامل يقض مضاجعهم، على حد تعبيره.
أما في ما يتعلق بالضغوط الألمانية من قبل المستشارة أنجيلا ميركيل على نتنياهو بعدم شن الهجوم على إيران، وقيام الحكومة البريطانية مؤخرًا بإيفاد مبعوثً سري إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وحمل رسالة حازمة من رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، ضد قيام الدولة العبرية بأي عملية عسكرية في إيران لتدمير برنامجها النووي، فقال د. سمارة أولا يجب أنْ نأخذ بعين الاعتبار أن بريطانيا أكثر الدول الأوروبية دعمًا للموقف الأمريكي بسبب العلاقات التاريخية والثقافية بينهما، لافتًا إلى أن المملكة المتحدة كانت من أشد المؤيدين للولايات المتحدة في حربها على العراق عام 2003، بالإضافة إلى ذلك، أشار د. سمارة إلى أنه يجب التنبه إلى أنه لا وجود لأوروبا في ظل الهيمنة الأمريكية، وهذا ما أسماه كارل ماركس تآخي اللصوص، علاوة على ذلك، أكد المفكر العربي الفلسطيني على أن أوروبا تعيش أزمة اقتصادية صعبة للغاية، وهي تخشى كثيرًا من سقوط عملة اليورو، وبالتالي فإن ضغوطها على إسرائيل نابعة من هذه الاعتبارات جميعًا، على حد قوله.
وأوضح د. سمارة أنه إذا حصلت إيران على الأسلحة النووية، فإنها لن تضرب إسرائيل لعلمها التام بأن الدولة العبرية تمتلك الأسلحة النووية، وأيضًا حليفتها الإستراتيجية الأولى، أمريكل، تملك أيضا الأسلحة النووية، على حد قوله.
يُشار إلى أن أن الاتصال الهاتفي بين أوباما ونتنياهو جاء على خلفية تدهور العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية بشكل كبير لم يسبق له على خلفية الملف الإيراني، فقد ذكر مصدر سياسي رفيع المستوى لصحيفة ‘هآرتس’ العبرية أن أوباما كان رفض طلبًا قدمه نتنياهو للقائه في واشنطن نهاية الشهر الجاري لبحث الملف الإيراني.
وعلى ضوء المواجهة الحادة بين الرجلين فقد وجه وزير الأمن الإسرائيلي أمس، رسالة تحذير علنية لنتنياهو من مغبة القيام بمغامرة في إيران جاء فيها: إنه بدون الدعم الأمني الأمريكي لا يوجد أي معنى أو فائدة من عملية إسرائيلية منفردة، على حد قوله. إلى ذلك أكد نتنياهو في جلسات خاصة ومغلقة وأخرى علنية أنه لا يثق بالرئيس الأمريكي أوباما، وأن الولايات المتحدة لن تلجأ لعملية عسكرية ضد إيران. وقال مسؤلون كبار في إسرائيل إن الخلاف بين أوباما ونتنياهو وصل إلى درجة لن يجتمع فيها نتنياهو، وللمرة الأولى منذ أربع سنوات، ببراك أوباما خلال زيارته القريبة للولايات المتحدة، على حد تعبيرهم.
:::::
“القدس العربي”، الرابط:
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today13qpt950.htm&arc=data201299-1313qpt950.htm