نواف الزرو
ان تنجح طائرة من طيار باختراق اجواء”اسرائيل”، التي لا تستطيع من وجهة نظرهم حتى حمامة اختراقها، فهذه نكسة استخبارية ومعنوية ورسالة متفجرة لما هو آت عليهم في حروب المستقبل، فاعتبرها المحلل العسكري الاسرائيلي في صحيفة يديعوت احرونوت الكس فيشمان”علامة من السماء” وطالب”اسرائيل” ب”الحذر” ، وفي المضمون المكثف لهذه العلامة السماوية فان: “دخول طائرة بلا طيار من لبنان في سماء اسرائيل، علامة إنذار تقول ان اسرائيل ستشهد في المستقبل اذا وقعت حرب بينها وبين حزب الله دخول كثير مثل هذه الطائرات قد تكون مشحونة بالمواد المتفجرة”، بينما اعتبرها المحلل الاسرائيلي المعروف في معاريف عوفر شيلح”تحليقا متفجرا”، وفي المضمون المكثف لذلك يقول شيلح:”من هو قادر على اطلاق طائرة صغيرة كهذه الى مسافة أكثر من 100كم عن الحدود اللبنانية، برأي حزب الله سيكون قادرا عند الحرب على الوصول الى عدد كبير من المواقع الحساسة في اسرائيل” بينما تجمع التقديرات العسكرية لديهم على”ان هذا الاختراق بمثابة هزيمة استخبارية”، لذلك ليس عبثا ان تستنفر الحكومة والمؤسسة الاسرائيلية لاستعراض وتقييم ابعاد الموقف. وحسب صحيفة”يديعوت أحرونوت” في موقعها على الشبكة، الأحد 2012/10/7، ف”إن السلطات الأمنية الإسرائيلية لا تزال تحقق في مصدر الطائرة بدون طيار التي اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي وتم إسقاطها في منطقة الخليل، وتفحص الأجهزة الإسرائيلية الوجهة التي كانت الطائرة المذكورة تقصدها بعد أن وصلت إلى منطقة جنوبي الخليل حيث تم إسقاطها من قبل سلاح الجو الاسرائيلي، وبحسب إحد اتجاهات التحقيقات فإن إسرائيل تفحص ما إذا كانت وجهة الطائرة المنشآت الإسرائيلية في ديمونا حيث المفاعل الذري الإسرائيلي، أو ربما أن يكون إرسال هذه الطريقة مجرد اختبار لإمكانية استعمال طائرات بدون طيار لقصف وضرب منشآت استراتيجية إسرائيلية في مواجهة مستقبلية في حال اندفاعها”، وذكر الموقع “أن التقديرات الأكثر ترجيحا تفيد بأن الطائرة انطلقت من لبنان على ما يبدو في مهمة لجمع المعلومات الاستخبارية وفحص الرد الإسرائيلي”، وبحسب الصحيفة فإنه “حتى لو كانت هذه المحاولة جاءت من حزب الله، قد نجحت في هدفها فإن هناك شكوكا بمدى قدرتها على إلحاق أضرار ملموسة بالمنشآت الإسرائيلية في ديمونا، لكنها تمنح نقطة نصر نوعية للحرب النفسية التي يقودها حزب الله”.
اما عن رسائل واهداف هذا الاختراق الجوي، فتفيد التقديرات الاسرائيلية بأن تحليق الطائرة في الاجواء الاسرائيلية، هدف الى استكشاف القدرات العسكرية الاسرائيلية على اكتشاف تسلل جوي من هذا النوع، وثبت أنه بالامكان تاختراق الدفاعات الجوية الاسرائيلية، كما لا تخفى المهمة الاستخبارية وراء المحاولة، فقد سعى حزب الله الى تحقيق أغراض استخبارية بجمع معلومات حساسة حول المفاعل النووي في ديمونة او ربما حول اهداف اخرى في “اسرائيل”، يضاف الى ذلك البعد التنكنولوجي في العملية، حيث هناك ايضا حرب تكنولوجية بمعنى من المعاني تدور بين حزب الله و”اسرائيل”.
وفي هذا البعد الاستخباري التكنولوجي، هناك في المشهد العسكري-الحربي الاسرائيلي، تشكل اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية الركيزة الاساس للدولة والجيش والحروب والانتصارات اوالهزائم، بل ان الانجازات الامنية والعسكرية الاسرائيلية، وخاصة على صعيد الحروب الخاطفة والغارات المفاجئة والاغتيالات والعمليات الخاصة تحققت بالنسبة لهم بفضل فعالية اجهزة الاستخبارات، ولكن في مواجهة حزب الله، كان المحلل العسكري في يديعوت احرونوت كرس حيزا كبيرا تناول فيه ما وصفه بـ”العمى الاستخباراتي”، وقال”ان الاستخبارات الاسرائيلية فشلت في اختراق حزب الله فشلاً ذريعاً على رغم ان مئات من عناصرها عملت في هذا الاتجاه”، مضيفا:”ان عدم النجاح في اختراق مركز صنع القرار في حزب الله انعكس جلياً في النتائج التي تمخضت حرب عام/2006″، وعدّد المحلل ما وصفها بـ”الثقوب السوداء” في عمل الاستخبارات الصهيونية في لبنان. واعترف مسؤول الأمني إسرائيلي “بحرب عقول” مستمرة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي التابع لحزب الله، لكنه، أكد بان النشاط الاستخباري الاسرائيلي في المنطقة غير كاف لإحباط مساعي حزب الله لتطوير قدراته العسكرية وتكثيف تواجده الأمني المسلح في مناطق جنوب لبنان.
“ويبدو ان هذا الاختراق للاجواء الاسرائيلية، فضلا عن انه يمس الردع والاستخبارات والمعنويات لدى المؤسسة الامنية الاسرائيلية، فانه يثير في الوقت نفسه اسئلة استراتيجية وتكتيكية مقلقة تحتاج الى قدر اجوبة عاجلة، فهذا الاختراق يشكل علامة امنية مهمة، فان ترسل طائرة من دون طيارعن طريق لبنان تخترق الاجواء وتقترب من ديمونة، فانها رسالة تقول لهم: ليست الصواريخ والقذائف الصاروخية هي التي ستصلكم فقط، بل وسائل طيران بلا طيارين محملة بالمواد المتفجرة…بل انها علامة من السماء تستنفر”اسرائيل”…!
:::::