لافروف و الانتصار السوري


غالب قنديل

الموقف الحاسم الذي أعلنه الوزير سيرغي لافروف في لقائه مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يلخص الحصيلة النهائية لفشل الحرب العالمية على سوريا ، و بالطبع يعبر كلامه عن مضمون موقف روسيا الاتحادية التي تسنى لها بفضل الصمود السوري ان تسترجع مكانة مقررة في المعادلة الدولية لتنهي زمن الأحادية الأميركية الذي خيم ع
لى العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي .

اولا الحقيقة التي تقلق الغرب الاستعماري هي انه مضطر للاعتراف بالعجز عن إسقاط الرئيس الدكتور بشار الأسد ، بعدما اندفع زعماء الدول الاستعمارية خلف ذلك الوهم و قادوا أشرس حرب عالمية يتعرض لها بلد في العالم ، و هم يعرفون يقينا لو ان أيا من الدول العظمى استهدفت بما استهدفت به سوريا ، لما صمدت خمس الزمن الذي استطاع فيه شعب سوريا و جيشها و قائدها ان يصدوا و يقاوموا الحملات الكونية الإعلامية و السياسية و المخابراتية و الاقتصادية الشرسة و التي توجت اخيرا بحشد جيوش الإرهابيين الدوليين بعشرات الآلاف و إرسالهم إلى سوريا .

ثانيا بات واضحا في الأشهر الأخيرة و بعد الهزائم المتتالية على الأرض السورية ، أن حكومات الغرب و الحكومة التركية أيضا تتسول من القيادة الروسية و كذلك من الصين و إيران ، مخرجا يحفظ ماء الوجه للتسليم بالفشل في سوريا و هذا الاستحقاق ناقشه لافروف مع الاتحاد الأوروبي ، فالولايات المتحدة منشغلة بانتخاباتها الرئاسية ، قبل ان تستعيد حرارة الاهتمام و المتابعة في ملفات السياسة الخارجية .

القاعدة الثابتة و النهائية التي أعلنها لافروف هي ان الرئيس بشار الأسد هو رئيس الدولة الوطنية السورية التي تقود الحوار الداخلي رافضا اي نقاش في هذا المبدأ جازما بمنع التطاول على سيادة سوريا و إرادة شعبها ، و قوة الخط الأحمر الروسي ناتجة عن حقيقة المعادلات السورية و ليس فحسب عن الفاعلية الروسية التي تعاظمت بفضل صمود سوريا و مقاومتها الأسطورية للعدوان الاستعماري.

ثالثا ردد العديد من الحمقى و السذج في المنطقة و العالم كلاما مشككا بمتانة التحالفات السورية و تناولوا بذلك مواقف إيران و روسيا و الصين و روجوا لصفقات و مساومات على حساب سوريا و الرئيس بشار الأسد و توهم بعضهم ان الغواية الأميركية و الغربية ببعض المقايضات المصلحية ، قد تفلح في زحزحة هذه الدول عن مواقفها المبدئية الداعمة للدولة السورية.

طبعا تجدر الإشارة مع فشل تلك الرهانات كليا بفضل صمود سوريا و متانة تحالفاتها الإستراتجية ، أن أيا من حلفاء سوريا لم يتخذ موقفا بدرجة وضوح و قوة و اندفاع الدول المتورطة في الحرب على سوريا ، لكن سوريا التي صمدت و قاومت ، انتجت المعادلة التي عززت مواقع الحلفاء و قدراتهم على المسرح الدولي و الإقليمي .

رابعا الرئيس بشار الأسد هو اليوم زعامة كبرى في سوريا و المنطقة و العالم و هو رمز للتحرر الوطني و الاستقلال و لمقاومة الاستعمار كما كان فيديل كاسترو في الخمسينيات من القرن العشرين و كما هو هوغو شافيز منذ مطلع القرن الحالي .

الشراكة الاستراتيجية بين سوريا و كل من إيران و روسيا و الصين و دول البريكس هي شراكة في مشروع عالمي لإسقاط الهيمنة الأحادية التي رضخت لها أوروبا منذ عشرين عاما فتحولت لمستعمرة أميركية .

سوريا هي الدولة الأولى في العالم التي أسست لهذا الخيار عندما تصدى قائدها وحيدا إلا من دعم شعبه العربي السوري للغطرسة الاستعمارية التي أعقبت احتلال العراق، و أبلغ وزير الخارجية الإمبراطوري الجنرال كولين باول رفضه الإذعان للشروط و الإملاءات و كذلك نبذه لعروض الانخراط في منظومة الهيمنة الأحادية التي خضع لها رئيس فرنسا العظمى جاك شيراك .
ها هو سيرغي لافروف يزف انتصار سوريا على الحرب العالمية التي فشلت في تمزيقها او تدمير دولتها الوطنية او النيل من زعيمها المقاوم و على الحمقى و الواهمين في المنطقة ان يحضروا انفسهم.

::::

الأربعاء‏، 17‏ تشرين الأول‏، 2012

أوقات الشام
http://www.shamtimes.net/news_de.php?PartsID=1&NewsID=4437