دولتا فلسطين


عجز، مال فائض و/أم مغسول !

عادل سمارة

تساجلت مؤخراً سلطة أوسلو-ستان مع الكيان الصهيوني الإشكنتزي حول طلب السلطة  رسمياً من الكيان  بل من  بنك اسرائيل لزيادة حجم ايداعاتها في البنوك في “اسرائيل” الى مبلغ 2 مليار شيكل. إقرأ أدناه رد الكيان الاستغرابي) وتفسيره للأمر بأنه علاقة   غسيل أموال بين عائلات مافياوية من فلسطينيي 1948 والسلطة في الضفة الغربية.

هناك اكثر من سؤال بشأن الخبر.

فالمفترض أن الضفة الغربية ككل وليس السلطة فقط بحاجة للشواكل لسبب بسيط هو أن الميزان التجاري مع الكيان عاجز لصالح الكيان لأن الفلسطينيين مستوردون منه أكثر مما هم مصدرين، وهذا يتطلب الحفاظ على الشواكل وليس رصدها هناك، بل يعني ندرة الشواكل إن لم يكن غيابها. وهذا الغياب في حالة حصوله لا يرتد إلى القانون المعروف ب قانون غريشام بأن العملة الرديئة تطرد الجيدة من السوق. فهذا تفريغ السوق بقرار سياسي أو استخدام الإسفنجة  لشفط السيولة من السوق، سواء من قبل مضاربين أو ساسة يريدون تعطيش السوق ماليا واقتصادياً وصولا إلى أهداف سياسية لا تمر دون ذلك وأقصد على صعيد المفاوضات مع الكيان سياسياً

وإذا كانت هذه الأموال ناتجة عن نشاط القطاع الخاص المحلي كما يقول رد السلطة (أنظر ادناه) ، فهذا يفترض تساؤلات :

هل من مصلحة القطاع الخاص تهريب السيولة المالية أصلاً؟ ناهيك عن تهريبها إلى الكيان؟ وإن كان هذا نهجاً لماذا لا يرسلها/يودعها كعملة  صعبة في مصارف أجنبية؟ ولأن هذا التهريب أو النقل  يؤدي إلى انكماش السوق المحلي فهل هو في مصلحة القطاع الخاص إذا كان معنياً باقتصاد قوي أي إذا لم يكن قطاعا متخارجاً ، وإذا كان متخارجاً فلماذا تلهج السلطة والمصرف الدولي ب “وطنية وديناميكية” القطاع الخاص؟ أليس بقاء الفائض في البلد هو من أسس النمو الاقتصادي على الأقل من مدخل تسهيل الإقراض وخاصة الاستثماري؟ أم أن القطاع الخاص يعتبر أن هذا الاقتصاد عابرا ولا مستقبل للاستثمار فيه؟ لذا يعتمد الربح والنهب  والتهريب . وإذا كان الأمر هكذا، فإنه يطرح سؤالاً كبيراً على الجدوى السياسية والاقتصادية لوجود مشروع أوسلو الذي أبرز كوارثه الانقلاب المتبادل بين فتح وحماس في غزة وخسارة أرواح البسطاء الذين لبساطتهم استعدوا للقتل والموت! وسيكرروها للأسف.

ولكن، إذا صحت كلماتنا هذه فمن أين أتت هذه الإمكانات المؤدية إلى نشاط القطاع الخاص كما يقول الطرف الفلسطيني، بل كيف حصل هذا النشاط في غياب أو ضعف قطاعات الإنتاج؟

دعنا نربط هذا مع عامين سابقين اي حينما كان رئيس وزراء السلطة يزعم بأنه على أبواب الدولة ولم يشتكي من عوز بل زعم وجود نمو 8 بالمئة. فمن اين أتى النمو؟ أليس من ريع التسوية؟ أي في غياب توفر فائض مبزول من مبنى إنتاجي قوي. وعليه،  فهذا ايس اساس الفائض غير الاستثماري الذي وجد طريقه إلى مصارف الاحتلال؟ . وإذا كان هذا الفائض ذا علاقة بعائلات فلسطينية من المحتل 1948، فهل يخلو هذا الفائض من صفقات مع راسماليين صهاينة يهود كذلك؟ وما موقع 16000 فلسطيني في هذا السياق يستثمرون في الكيان ولا يسائلهم أحد؟ إذن هل أتى هذا الفائض من المافيا والمضاربة والتصرف غير الطبيعي والشفاف للريع المالي القادم من الخارج؟

وإذا كان القطاع الخاص لديه هذه الفوائض فلماذا لا يقرض السلطة والتي تحدثت قبل شهر  انها سوف تصدر سندات قروض؟ هذا ناهيك عن أن السلطة ترعى هذا القطاع؟ هل السبب وجود تداخل غير مرئي بين رجال السلطة ورجال المال؟

وبعيداً عن سندات القروض ووصول المصارف إلى وضعية عدم القدرة على إقراض السلطة نظراً لوصول الاقتراض من هذه المصارف إلى الحد الأقصى، نسأل من اين للقطاع الخاص كل هذه الفوائض في اقتصاد بطيىء الحركة فقيرا وغير إنتاجي؟ هل تم بزل هذه الفوائض من المضاربات المالية والتي نهايتها سرقة جيوب المضاربين الصغار أي بعد تحويل كل مواطن من مستثمر إلى مشتري اسهم ليصبح ثريا في يوم وليلة؟

ثم، طالما تعلم السلطة ان كل هذه الأموال لدى القطاع الخاص، فلماذا لا تقوم بتحصيل الضر ائب الحقيقية من القطاع الخاص سواء المتهربين من دفع الضرائب أو الذين يدفعون أقل مما يجب أن يدفعوا. ولماذا لا تطبق على هذا القطاع الضرائب  التصاعدية. أم تخشى السلطة ذلك نظراً للتداخل الطبقي بين محيط السلطة والقطاع الخاص؟

وإذا كان القطاع الخاص يرفض إقراض السلطة فلماذا تقوم السلطة بتسهيل  تحريك الفوائض إلى الكيان؟ سواء مباشرة أو عبر فلسطينيين من 48، هل لها في ذلك مصلحة؟

ولنسمح لأنفسنا بالحلم لنقل لماذا لا تُفتح نافذة تنموية هنا لتشجيع الاقتراض بهدف الاستثمار طالما هذه الفوائض متوفرة؟

غسيل الأموال مسألة واردة والخطوة نفسها تثير الاستغراب  فلا يمكن لسلطة ان تعلن إفلاسها وتتوقف عن دفع الرواتب بينما تتوسط أو تقوم بتصريف الفوائض إلى مصارف أخرى! اللهم إلا إذا كان زعم الافتقار للسيولة مجرد زعم للتغطية على سياسة ما. إذا لم تكن الأموال للسلطة، أو لأناس  منها وخاصة ذوي التاثير والقرار، فلماذا لا تضع يدها على بعض هذه الأموال كاقتراض إجباري ولا نقول تأميماً، لتسليك الأحوال في هذه الأزمة؟ أم أن اعتماد السوق المنفلت  يمنع ذلك.

يجب ان يكون من الصعب توفر سيولة شواكل في الضفة  الغربية في تبادلها مع الكيان لأن ميزانها التجاري عاجز  على ضوء ان صادرات الضفة للكيان أقل من وارداتها منه. طبعا تتم تغطية العجز أساساً من ريع التسوية اي تمويل الأعداء/المانحين. ومنهم العرب بالطبع. أما ان يكون هناك فائضاً إضافيا بهذا القدر فهو مثير للشك.

التفسير الصهيوني تفسير “تحسين مصطنع للنية” بمعنى أن الأموال قد تخص عائلات مافياوية فلسطينية في 48 تقوم بغسيل أموالها. وهذه مسألة مفارقة بالطبع  في مختلف جوانبها، إن حصلت، وهي أن النضال الفلسطيني الموحد هو في التطبيع والمافياوية وتبرير الكنيست والتعايش في الكيبوتسات! هل يحق لنا القول هزلت! (حتى ناضل فيها كل مفلس).

في رد سلطة النقد الفلسطيني ورد ما يلي:

” استمرار ارتفاع الودائع في الجهاز المصرفي والتي بلغت قرابة 7 مليار دولار، وذلك نتيجة للحركة الاقتصادية النشطة لدى القطاع الخاص. إضافة إلى انتهاج سلطة النقد  سياسة نشر الخدمات المصرفية في كافة المناطق الفلسطينية حيث تم افتتاح أكثر من 60 فرعا في الجهاز المصرفي خلال العامين الماضيين حيث بلغت مؤخراً 232 فرعاً ومكتباً، وقد نتج عن ذلك ارتفاع عدد المتعاملين مع الجهاز المصرفي ليصل إلى 1.5 مليون شخصاً، وارتفاع عدد الحسابات المفتوحة في المصارف لتصل إلى 2.6 مليون حساب مما نتج عنه زيادة الودائع بشكل مستمر. كما أشار الدكتور جهاد إلى أن الجانب الإسرائيلي ومنذ العام 2007 لا زال يضع العوائق والقيود أمام نقل الأموال المتراكمة لدى البنوك الفلسطينية من عملة الشيقل، ورغم مطالبة سلطة النقد المستمرة منذ ستة أشهر من الجانب الإسرائيلي لشحن فائض السيولة إلا انه لم يتم الحصول على الموافقات اللازمة.”

إذا صح هذا الحديث، فإنه يشير إلى تساؤلات عدة منها: من أين للفلسطينيين كل هذه الفوائض وهم لا ينتجون حيث قطاعات الإنتاج بائسة ومتراجعة؟  وما محرك نشاط القطاع الخاص في هذا الاقتصاد طالما قطاعات الإنتاج بطيئة بما يقارب التوقف؟ هل هي المضاربات؟

وبخصوص فروع المصارف، وإن لم يكن عددها هو المؤشر الحقيقي، بل عدد الحسابات. فلو افترضنا الحديث عن كل فلسطينيي الضفة والقطاع، اليس 1.5 مليون متعامل عددا كبيرا؟ وكذلك 2.6 مليون حساب على أقل من 4 مليون نسمة؟

بقي التساؤل فيما يخص قطاع غزة، فمن اين تتوفر هناك السيولة المالية لشراء مستلزمات القطاع طالما هو أيضا وارداته تفوق صادراته؟ صحيح أن سلطة رام الله تحول لموظفي غزة رواتبهم، ولكن هذا ليس كافٍ. فهل هناك تهريب فلوس إلى غزة، بل تمويل غزير؟ وهل هي فلوساً بريئة؟ وهل يتم توزيعها بشكل عادل، وهل من رقيب؟ إن قلة الرصاخ في غزة فيما يخص السيولة يثير شكوكاً. ولكن، هل زيارة أمير قطر فيها إجابة؟

نعم فيها إجابة وإعلان خطير:

الإجابة أن هناك تمويل لحكومة حماس من إمارة قطر .

والإعلان هو أن أمير قطر يهندس جر حماس للتطبيع. متى وكيف هذه إجابتها غير اقتصادية بحتة

* * *

October 18, 2012

الخبر الرئيس –  السلطة الفلسطينية – يديعوت – من ايتمار آيخنر:

الاشتباه: مغسلة الاموال الفلسطينية في اسرائيل../

          في اسرائيل يشتبهون بان السلطة الفلسطينية تساعد عائلات الجريمة العربية – الاسرائيلية على تبييض الاموال في حسابات بنكية اسرائيلية.

          تكشف مصادر سياسية رفيعة المستوى النقاب عن أن السلطة الفلسطينية رفعت مؤخرا طلبا رسميا الى بنك اسرائيل لزيادة حجم ايداعاتها في البنوك في اسرائيل الى مبلغ 2 مليار شيكل. هذا الطلب أدى الى إثارة العجب في بنك اسرائيل وفي أوساط محافل أخرى: من أين للفلسطينيين بجبل الشواكل حين يشتكون من انهم يعيشون أزمة مالية عسيرة.

          وطلب بنك اسرائيل من الفلسطينيين من خلال طرف ثالث ايضاحات بشأن نشاطهم المالي – حجم الاستخدام للائتمان، فتح حسابات بنكية وغيرها. ولكن حتى الان لم تأتي ردود واضحة.

          الطلب الفلسطيني لا ينسجم والعجز في الميزان التجاري بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، الذي يفترض أن يؤدي الى طلب على الشواكل في الضفة وليس فائض في الشواكل.

          وقد نقل الطلب الفلسطيني لفحص الجهات المختصة في القيادة السياسية والامنية. ويشتبه مسؤولون كبار في بنك اسرائيل، وكذا في القيادة السياسية من أن هذا جزء من نشاط عائلات الجريمة العربية – الاسرائيلية، التي تستخدم الفلسطينيين لتبييض الاموال. في ضوء الفحص، الذي يجري بالتنسيق مع جهات دولية، تمتنع اسرائيل في هذه الاثناء من الاستجابة للطلب الفلسطيني.

          وجاء الطلب الفلسطيني على خلفية ضائقة اقتصادية عسيرة جدا في السلطة. فالاستطلاعات تشير الى تردي شعبية الرئيس ابو مازن ورئيس الوزراء سلام فياض. والتفسير الاساس لذلك هو الوضع الاقتصادي الصعب.

* * *

بيان سلطة النقد

سلطة النقد الفلسطينية تنفي وجود عمليات غسل أموال من الداخل

رام الله، 17/10/2012، أصدرت سلطة النقد بياناً صحفياً نفت فيه ما تم نشره في الصحيفة الإسرائيلية يديعوت احرونوت، والذي يشير إلى قيام السلطة الفلسطينية بمساعدة عصابات عربية في الداخل على تبييض الاموال، حيث أكد البيان أن هذا الخبر عار تماما عن الصحة. وتؤكد سلطة النقد أنها تطبق المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال، حيث أشار البنك الدولي في تقاريره الدورية أن فلسطين تمتلك واحدا من أفضل النظم الرقابية لمكافحة غسل الأموال في الشرق الأوسط.

ورداً على موضوع فائض سيولة الشيكل في السوق الفلسطيني، فقد أوضح الدكتور جهاد خليل الوزير، محافظ سلطة النقد أن ذلك يعود للعديد من الأسباب والمبررات الموضوعية التي من أهمها استمرار ارتفاع الودائع في الجهاز المصرفي والتي بلغت قرابة 7 مليار دولار، وذلك نتيجة للحركة الاقتصادية النشطة لدى القطاع الخاص. إضافة إلى انتهاج سلطة النقد  سياسة نشر الخدمات المصرفية في كافة المناطق الفلسطينية حيث تم افتتاح أكثر من 60 فرعا في الجهاز المصرفي خلال العامين الماضيين حيث بلغت مؤخراً 232 فرعاً ومكتباً، وقد نتج عن ذلك ارتفاع عدد المتعاملين مع الجهاز المصرفي ليصل إلى 1.5 مليون شخصاً، وارتفاع عدد الحسابات المفتوحة في المصارف لتصل إلى 2.6 مليون حساب مما نتج عنه زيادة الودائع بشكل مستمر. كما أشار الدكتور جهاد إلى أن الجانب الإسرائيلي ومنذ العام 2007 لا زال يضع العوائق والقيود أمام نقل الأموال المتراكمة لدى البنوك الفلسطينية من عملة الشيقل، ورغم مطالبة سلطة النقد المستمرة منذ ستة أشهر من الجانب الإسرائيلي لشحن فائض السيولة إلا انه لم يتم الحصول على الموافقات اللازمة.

وأكدت سلطة النقد أن صدور مثل هذه الاخبار في هذه الآونة يأتي ضمن الهجمة المقصودة على السلطة الفلسطينية في ظل الأزمة المالية الحالية، وأن ما صدر في هذا السياق هو عار عن الصحة تماما.