فك المقاومة لا فك الحصار والقصف … والمشترك بين قطر والكيان

 

 عادل سمارة

على وقع تواصل القصف الصهيوني دخل وخرج حاكم قطر ارض غزة، مسرعاً رغم ثقل ما عليه من نعمة الله، واستنشق رائحة اللحم العربي الفلسطيني المشوي، ولكن الشواء تواصل. وعزفت له حماس نشيد قُطرين من توليدات سايكس-بيكو وإن كانت حماس لا متحمسة للعرس اليوم، فالعروس ما تزال غِرَّةً أو يافعة. من المبكر أن يطأها بثقله هذا، العروس ليست جاهزة بعد كما يجب لعرس التطبيع، ولكن دافع الفلوس الكثيرات من تحت الطاولة قادرة على زواج قبل الأوان.

سنرى قريباً بأن حكومة حماس كانت تفضل تأخير زيارة حمد كي يكون هبوطها إلى التسوية ناعماً وتطبيعها طبيعياً، فالأمور تحتاج إلى زمن، والزمن ليس أمراً محايداً أوطارئاً، هو فعل الإنسان. فكما ذهبت قيادة منظمة التحرير 1982 إلى اليمن وتونس قبل أن تنتهي في اتفاق أوسلو، بدأت قيادة حماس من قطر رحلة هي على الطريق نفسه.هل ستخصل تطورات تمنع ذلك الطريق وتقطعه؟ نتمنى. كما ان مصر ليست متحمسة لهذه السرعة من الدوحة، لكن حمد أصر على أن يتجاوز الإجهاض المصري الضخم والوليد الفلسطيني الخداج، ومهما كلفه ذلك من مال، بل لأنه دفع قبيل ذلك مالاً!.

من السذاجة بمكان حصر الأمر في قطر وغزة وحتى القاهرة. فالعلاقات بين قطر والكيان أعمق من الزيارات العلنية وحتى من دور سفير الكيان هناك اي عزمي بشارة. لقد كتبت كنعان الورقية منذ ذهاب بشارة إلى قطر بأن الرجل ذاهب في مهمة تطبيعية على مستوى الوطن العربي. كما أن إعطاء قطر لشمعون بيرس خلال عملية الرصاص المصبوب على غزة اربعين دقيقة متوالية على قناة الجزيرة ليبرر ذبح غزة لا يمكن قرائتة ضمن موضوعية الإعلام، وحتى حينها لم يلتفت لذلك أحداً سوى الراسخين في الانتماء العروبي. فهل استقبال حماس لأمير الجزيرة أمر عروبي؟

إن الأمر ابعد، فمن تحتضن بلده قواعد أمريكية بل القواعد تحتضن البلد كلها، لا يمكن أن يكون “بطل” خرق الحصار. دعك من هذا الحديث السمج والتفكير الكسيح. ودعك من زعم الكيان بأن حمد لم يستشر الولايات المتحدة في الزيارة، فهل هذا معقول وقد نفذ أوامرها في ذبح ليبيا وتدمير سوريا؟ وهل الأبواب مغلقة بين حمد والكيان كي لا يطلب إذناً خطياً حتى من الكيان نفسه؟ أم كل هذا تذاكٍ على الناس للتغطية السياسية على تطبيعات الرجل بعباءة بمساحته؟ وقد يزعم البعض ان العدو سخَّن القصف خلال الزيارة، ونعتقد أن هذا ليس تناقضاً مع الضيف بل تعبير عن الاستخفاف بما يسمى خرق الحصار، والقول للبسطاء: نحن هنا! وتقليل من عنتريات الضيف نفسه.

وفي الأمر كذلك، أن حاكم قطر يصر على جني ثمار تمويل حكومة حماس باكراً كي لا تفيق عناصر حماس ذات البعد العروبي وليس فقط بعد الديم الإلاسمي السياسي، من صدمة تورط مشعل إلى الدوحة. فهناك عتاولة التخطيط في البيت الأبيض والكيان والمفارز الفكرية التي لا تعطي أحدا منا لحظة لالتقاط الأنفاس، فمن الخطورة التقاط الأنفاس.

بهذه السرعة صار لا بد من استحلاب موقف سياسي من حماس على حساب غزة وفلسطين، فمجرد زيارة حمد هي ثمن سياسي بماهو، اي حمد، راس حربة امريكية صهيونية:

في تطبيع لا مبرر له، إذا اعتبرنا دول الطوق المهزومة قد اضطرت للتطبيع،

وراس حربة ضد ضد الأمة العربية في عدوان قطر على ليبيا

وراس حربة في عدوان قطر على سوريا

وراس حربة في تشكيل قوس طائفي سني يبدأ من المغرب إلى ليبيا وتونس ومصر وغزة ويمتد إن شاءت له الظروف إلى رام الله وعمان وإن تمكن إلى سوريا ليرتبط بتركيا. وهو قوس أو هلال سيكون الكيان نجمته التي ستندمج في الوطن العربي اندماجا مهيمنا. وحينها سوف تتآخى الأديان فتكون دولة ليهود، وخلافة إسلامية شكلية بزعامة تركيا كل المقصود بها تثبيت دولة اليهود، خلافة يهودية صهيونية حقيقية على ارض الغير مقابل خلافة او أمة الإسلام (الدين الإسلامي السياسي) الافتراضية! وهذا عين العدل! بكامة أوضح سيكون الهدف تبرير دولة اليهود مقابل حديث شكلاني غزير غن أمة الإسلام من قيادات مربط فرسها واشنطن.

قطر النعجة دولي عن الكيان

يشكل الكيان الصهيوني الإشكنازي مثار إعجاب ومثلا أعلى لكثير من عرب الرخوة والارتخاء. لكن قطر تحاول إعادة خلق نفسها والمشي على الإيقاع الصهيوني كما فعل الغراب.

كما الكيان بدأت قطر بالتركيز على التحكم بالإعلام مستفيدة أو موجهة من خبرات الصهاينة والغرب الراسمالي، فكانت الجزيرة التي أخذت عقول أكثرية العرب المهتمين او الذين يلوكون السياسة كما القات. ووصل الأمر بعدم التوقف أو الإصغاء لأي نقد ضد الجزيرة.

وكما اليهود تاريخياً، استخدمت قطر المال في التغلغل في العقل الجمعي العربي لتجنيد مثقفين وأنظمة وتنظيمات لينطقوا ويتحركوا كما تريد عبر ارتباطها بالولايات المتحدة والكيان[1].

وكما الرأسماليين اليهود الصهاينة تستخدم قطر المال وخاصة في الفترة الحالية للمضاربة على صعيد دولي ولشراء اسهم في شركات عابرة للقارات مستخدمة مداخيل ريعية نفطية ملك العرب جميعا لتخلق لنفسها وضعا خاصا مندمجا كعش صغير في المبنى راس المال المالي العالمي بعيداً عن وجوب استخدام هذه الأمول في الاستثمار الإنتاجي والتشغيلي في الوطن العربي[2]. وهذا نموذج تقشيط للأمة.

 وكما الكيان الصهيوني ترتبط قطر بالمركز الرأسمالي العالمي سياسياً، فكيانها من تمفصلات المرحلة الثانية من سايكس-بيكو وأميرها تنصيب أمريكي بعد أن انقلب على أبيه وهو خارج قطر ومنعه من العودة، وإثر ذلك بدأت قطر في الدخول على السياسة العربية بمخطط امريكي عبر ما اسمي مشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتلتقي قطر مع الكيان الصهيوني في السيطرة على فلسطين المحتلة، ففي حين يحتل الكيان الأرض، تعمل قطر على احتلال فلسطين عبر التمويل الذي يتخذ اشكالا خيرية وإغاثية واليوم يتخذ شكل استثمارات لتمليك قطر في الأرض كمدينة الروابي شمال رام الله ووجود شركات قطرية/فلسطينية تجعل من الجزء الفلسطيني جسراً للتشارك مع شركات صهيونية[3].تستثمر في الكيان كذلك.

وتتشابه قطر مع الكيان من حيث كونهما اصطناعيين ديمغرافياً، فالعرب القطريين في قطر قرابة 12% والعرب في الكيان 18 بالمئة وبقية السكان مستجلبين على شكل استيطاني[4].

وكما بدأ الكيان ولا يزال محمياً من المركز الإمبريالي[5] فإن قطر تحت الحماية الأميركية كذلك.

وكما هو تاريخ اليهود التجاري والمرابي الذي اسس منذ المرحلة الميركنتيلية بأن كل شيء يمكن سراؤه بالمال، فإن قطر تحاول ذلك على صعيد الوطن العربي وعلاقة قطرمع غزة نموذجاً لشراء المقاومة بالمال. إنها ثقافة دور المال في ثقافة السلطة الحاكمة (كل شيء يباع ويُشرى)

ولا يختلف دور رجال المؤسسة الدينية الإخوانية في قطر بقيادة القرضاوي عن دور الحاخامات في الجيش الصهيوني. فكما افتى القرضاوي بقتل ثلث الشعب العربي في سوريا لإسقاط النظام، فإن جنود جيش الكيان يسألون فتاوى الحاخامات في الحرب قبل أوامر قادتهم العسكريين.

وكما أن مختلف القطريات العربية هي توليد من سايكس –بيكو، وقطر توليد الموجة الثانية لهذا الاتفاق فإن الكيان توليد وعد بلفور لزرع الكيان في فلسطين الذي هو توليد سايكس-بيكو كذلك.

وكما أن إقامة الكيان موجه ضد الأمة العربية ووحدتها وتطورها، سواء بالعدوان المباشر أو غير المباشر، فإن قطر تلعب دورا واضحا ضد الأمة العربية والقومية العربية سواء بتدمير ليبيا والمشاركة مع محتليها، ومحاولات تدمير سوريا، واليوم تخترق قطاع غزة.

وبقدر ما ان الكيان حاملة طائرات ثابتة لأمريكا كما قال إالكسندر هيج وزير حرب الإمبريالية الأميركية السابق، فإن قطر قاعدة شبيهة بها كذلك سواء لوجود قاعدتي السيلية والعيديد عسكريا والجزيرة إعلامياً.

وكما يحاول الكيان تدمير صف المقاومة والممانعة من طهران إلى دمشق وصولا إلى بنت جبيل، فإن قطر تعمل على تقوية هلال سني ضد اية مقاومة واليوم تغزو مقامة غزة في عقر دارها. وكمثال: هل زيارة محمود أحمدي نجاد للبنان كزيارة حمد لغزة؟ أم أن حمد يحلم بطرح نفسه نداً، أو يجري تصنيعه نداً!

آليات اختراق جبهة غزة:

 

ليس هذا مجال الإفاضة في وصف اختراق حاكم قطر لغزة، وليست لدينا معلومات تفصيلية، ولكن لننظر التالي:

لن نبدأ منذ زرع الكيان الصهيوني ولا احتلال 1967، بل منذ بداية عملية أوسلو-ستان، التي سبقت انقلاب حمد على أبيه ومشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعامين تقريباً، منذ ذلك الحين وغزة والضفة تحت الاحتلال، فاين مساعدات قطر لهما؟ سوى تلك التحويلات عبر الدول الغربية المانحة؟

ما سمح به الكيان لقطر والسعودية هو توريد مطبوعات وهابية وإخوانية معادية للقومية العربية والعلمانية باسم الدين، وهذا مهد ارضية مجتمعية للقبول بقطر والسعودية دون القدرة على رؤية دورهما كأدوات للغرب والصهيونية. وهذا يبين بالطبع نتائج مهزومية القوى القومية واليسارية التي جبنت عن الإشارة إلى هذا الخطر.

وحينما بدأ حصار غزة وتدويخها كان أمير قطر يستقبل الصهاينة سرا وعلانية. فلماذا؟ وحينما حصل تدمير غزة بالرصاص المصبوب لم يتم صب أموال قطر إلى غزة البلد، ولا نقصد غزة السلطة، سوى مؤخراً اي تواكبا مع ما يسمى الربيع العربي حيث أوعز المركز الغربي والصهيونية لحاكم قطر بأن يتحرك على صعيد عربي. وبقيت مساكن كثير من الغزيين خراباً يباياً لفصول شتاء عديدة، فهل حقا لم يسمع بها حمد؟

لذا، فإن مساعدات حاكم قطر لحكومة حماس ليست مساعدات للفلسطينيين في غزة، بل علاقات سياسية نهايتها الإغواء للتطبيع. وعليه، فقد رأينا تواكباً بين تجويع غزة وبين شراء قيادات حماس والتي انتهت بتقاعد مشعل من المقاومة إلى الإفتاء في قطر ومبايعة أردوغان على خلافة الدين الإسلامي السياسي، ومجمل العملية نقل غزة من المقاومة والتجويع إلى التطويع والتطبيع. وليس شأننا وصف مدى النجاح في ذلك.

وهكذا، فإن علاقة التمويل بين قطر وسلطة حماس هي اشبه بدور الأونروا (أونروا نفطية)، اي عمل إغاثي ارتزاقي لا علاقة له لا بالمقاومة ولا بإرساء بنية إنتاجية، وليس لوجه الله.

ومن بين آليات الاختراق هناك استغلال الطائفية السنية لتحويل المقاومة في غزة من ضد الاحتلال إلى ضد معسكر المقاومة والممانعة، وليس الحديث عن مشاركة بعض عناصر حماس في العدوان الوهابي على سوريا، وانتقال مشعل إلى قطر سوى مقدمات أولية ولكن فعلية. فلصالح من يتم هذا؟ وهل لاصطناع الخطر الإيراني معنى هنا؟ أليس هذا تعمية على حقيقة أن إيران تكسب مواقعها عبر مواقفها وبلا تدخل وحرب.؟

هناك جانبان ربما لم يثيرا انتباه الكثيرين.

الأول: فالحصار المفروض على غزة، والعدوان المتواصل خلق في غزة توجهات وإبداعات العيش تحت القصف وإبداع نماذج من التنمية بالحماية الشعبية بما هي الوحيدة تحت استعمار استيطاني مشفوع بالقصف ومن هذه الإبداعات تصنيع الكثير من أدوات الإنتاج البسيطة والوسيطة بدل استيرلدها واقتصاد الأنفاق رغم سيطرة مافيا سلطوية عليه. وعليه، فإن اقتحام قطر لغزة يهدف إلى اجتثاث هذه الأنوية.

والثاني: فإن صمود غزة بالحماية الشعبية وبالسلاح السوري كما أكد سيد المقاومة، ولم يكن صمودها باموال قطر ولن يكون.

لذا وجب إقامة احتفال تجاري بين مصر وغزة بمساهمة قطر لتقويض المقاومة والحماية الشعبية معا! طيب الله النفاس.

بقي أن نشير إلى أن عدوان 2008-9 على غزة كان هدفه الرئيس تفريغ غزة من سكانها ليعود الكيان ويرث الأرض والنفط. ولكن صمود المقاتلين وبالسلاح السوري (حتى لو غضب البعض واتهم الكاتب بالانحياز لسوريا) حال دون ذلك. ولذا، يعود حمد لتجسيد المشروع الصهيوني ولكن من بوابة سيطرة الاحتكارات القطرية على الغاز والنفط لتصبح قطر شريكاً في غاز ونفط البحر المتوسط ولتكون جسر التطبيع الاقتصادي النفطي والغازي بين مصر وغزة ولبنان وسوريا إن أمكنها ذلك.

امتطاء المال لتحسين الموقع السياسي

 

هل تستقيم التنمية بالحماية الشعبية[6] (وهي البرادايم الذي اجترئته الانتفاضة الأولى وتحاوله قطاعات في غزة) مع حقن مالية يضخها حاكم قطر في جيوب سلطة غزة التي تعتبر الراسمالية نهجها؟ بين ما تحتاجه غزة وما تريده قطر مسافة الموقف الطبقي بين مجتمع مقاوم وتحت الحصار والقصف وبين كيان يعيش على ريع النفط ويرتبط بوشائج مع مركز النظام العالمي تخلعه من محيطه العربي والعالمثالثي وتحوله إلى جهاز اعتداء على الأمة العربية بمختلف طموحاتها في تحرير الأرض والإنسان وتحرر المرأة وفي الوحدة والتنمية والعلمانية والاشتراكية.

تحتاج غزة إلى خطة تنموية/تشغيلية تتناسب مع بلد مكتظ وفي حرب دائمة وإعادة بناء ما دمره آخر عدوان موسع، تأخرت 4 سنوات إن كانت ستحصل حقاً، لأن العمل الحقيقي ليس بالاحتفال المسموح به من الكيان بل بمساعدات سرية وغير مشروطة كالتسليح السوري لغزة.

أما قطر فتريد ان تشارك في حقول الطاقة في ساحل غزة بهدف النهب والابتزاز وتوسيع دورها الإقليمي، وهو دور حبذا لو بقي عربياً حتى في إطار نفطي ريعي وتنافس المحاور العربية!

تهدف إمارة قطر إلى تغيير دور غزة من مقاومة إلى تابع لقطر وقطر نفسها تابع للسياسة الأميركية في المنطقة التي تعمل ضد الأمة العربية ولسيطرة الكيان الصهيوني، وفي النهاية يكون الصيد الكبير دخول مطهر التطبيع وشطب حق العودة.

وتزداد خطورة قطر هذه لأنها تخدم السياسة الأميركية في فترة تراخي الإمبريالية وهي الفترة أو اللحظة التي على العرب التقاطها لتفكيك أكثر كم ممكن من خيوط تكتيف الإمة العربية!

وتهدف قطر إلى أن تكون شريكا في العلاقة الاقتصادية بين غزة ومصر في لحظة ضعف مصر، وهو موقف الفأر الذي يغتنم تهالك الأسد من الجوع ليرقص على شاربيه ويلبس قناعه.

ومن هذا تحاول قطر ان تظل في صورة صاحب الحصة في السياسة بين الدول العربية وخاصة بعد تراجع دورها ضد سوريا لحساب سادتها الأتراك وتراجع هؤلاء لحساب الاستعمار الفرنسي الذي يمثل أداة أمريكية في سوريا.

وفي افضل الأحوال فإن قطر قد تشجع تحول غزة إلى نموذج بدائي ل تايوان الهدف منه شل المقاومة وتركيز التطبيع عبر بعض المال الي يؤدي إلى تراخي كما في رام الله وصولا إلى اعتراف بقية الفلسطينيين بالكيان، وحينها يكون التجريف[7] ويهجرها النفطيون كما يهجرون زوجاتهم الأولى أو القديمة (بحكم تعدد الزوجات وليس التعددية السياسية لا سمح الله).

بقي أن نختم بتصور أن الإمبريالية الأميركية وهي تحرك توابعها العرب تسمح للتنافس فيما بينهم طالما ذلك في خدمتها ولا يخرج عن ما هو مرسوماً. لذا، يقفز حاكم قطر على عنق غزة، في كيدية لحكومة رام الله التي بموجب ما تسمى “شرعية أوسلو لدى الأنظمة العربية” فإن حكومة رام الله هي الشرعية. وعليه، فإنما قام به امير قطر هو تجسيد للانقسام الفلسطيني، وتشجيع حماس على الانفصال خاصة وأن هناك مالاً، وسيلحق ذلك فتاوى دين سياسي. وهذا لا بد يدفع حكومة رام الله إلى استنهاض “النخوة” السعودية، فتكون هناك تبعية مركَّبة، تبعية لعرب تابعين للولايات المتحدة والكيان، وتكون هناك منافسة بين الفلسطينيين غير المتصالحين. وهذا يرمي بالقضية المركزية والصراع في زاوية مهملة.

وقد تكون نهاية المناكفات هذه وتقسيم العمل بالاحتضان المالي مقدمات لفرض مصالحة أو الوصول إلى مصالحة في إطار التطبيع والاعتراف بالكيان. فالمصالحة الفلسطينية هي إما مصالحة بين طرفين مقاومين او طرفين مطبِّعَيْن.

قد يرى البعض في زيادة القصف الصهيوني اليوم نقضاً لما نقول، ولكن من جرب الاحتلال يعلم أنه كلما بدأ السجين بالاعتراف كلما زاد التعذيب، والشاطر يعرف لماذا!