المنتدى الثقافي العربي ــــــ رام الله
أسرة تحرير كنعان الورقية والألكترونية
لم يكن غريباً ما قاله رئيس سلطة الحكم الذاتي بإعادة التخلي عن العودة الذي أكده اتفاق أوسلو بغض النظر عن التفسيرات المتذاكية لمقرئي مشروع التسوية كنقضٍ لحق العودة، كما لم يكن غريباً أن الكيان كان الأقل اكتراثاً بذلك القول حيث لم يعد الكيان جاهزا لشراء مواقف تم تسويقها وبيعها مرات عدة. ورغم ان التنازل الفردي عن العودة أمر مرفوض لأن الوطن ملك على وجه الشيوع، كما أن التنازل الجماعي أمر مستحيل، فإن المسألة ابعد من هذا.
فحديث التنازل جزء من سباق فلسطيني داخلي على مقعد في التسوية التي يفرضها الكبار ومتوسطو القدرة. هذا السباق بين سلطة رام الله وسلطة غزة اللتان تعيشان قلقاً خاصاً بحثاً عن مقعد على ضوء الصراع العالمي المحتدم في سوريا. وقلق رام الله أعلى وهي تكاد تصبح خارج تحالف اللحظة مجسدا في التعاقد بين المركز الإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة وحكام الخليج وقوى الدين الإسلامي السياسي وملاحق للطرفين من اللبراليين ومرتدي اليسار العرب. وهو تعاقد بدأ يعلن احتضانه لحكومة غزة بما هي المرشح الأقوى لتلزيم اتفاق أوسلو وهو الأمر الذي ينذر بتخلي هذا التحالف عن سلطة رام الله.
وعليه، فحديث السيد عباس لا يعبر عن ترف من جانبه فيما يخص صفد المغتصبة، بل يعبر عن مأزق مختلف القوى وحتى الأفراد الفلسطينيين الذين عَبَروا متعة أوسلو وهم يرونها تنزلق من بين ايديهم. ولعل عجز قوى نادي منظمة التحرير من جهة وتهافت الشارع من جهة ثانية عن اي موقف أو رد حقيقي على حديث التنازل هو البرهان القاطع على المأزق المذكور.
إن ما هو مطلوب فلسطينياً على الصعيد الشعبي أبعد بما لا يُقاس عن التفاوض وكرسي دولة ومناكفات فتح وحماس، وتبعية قوى اليسار لسلطة رام الله وغير هؤلاء من فريق التعاقد الفلسطيني، إن المطلوب هو قراءة تطورات المرحلة والاصطفاف في معسكر المقاومة والممانعة الرافض للتسوية بلا مواربة. وعليه، فلنبحث جميعاً عن موقع فلسطين في القطبية الصاعدة والقوى الإقليمية الصاعدة وخاصة الدولة العربية السورية والمقاومة اللبنانية. هذا من حيث الموقف السياسي. أما محلياً، فليكن العمل على إعادة بناء البلد/المجتمع الفلسطيني بدءاً من رفض التطبيع، واستعادة المقاطعة، وتجذير عقيدة الحياة مقاومة عل أن يُربط هذا كله بتطور الصراع العالمي الذي يؤكد تراجع معسكر الإمبريالية والصهيونية والتوابع العرب ويفتح طريقاً يتسع باستمرار وإن ببطء نحو الوحدة كطريق للعودة.