السيد رئيس السلطة الفلسطينية:


فلسـطيـــن أكبر منك ومن الجميع

باسم سرحان

السيد رئيس السلطة الفلسطينية (ولا أقول السلطة الوطنية الفلسطينية) وهو اللقب الرسمي للسلطة ولرئيسها حسبما وقعتم عليه في اتفاق أوسلو، وحسبما تخاطبكم به الحكومة الاسرائيلية والهيئات الدولية. فكلمة “الوطنية” أضيفت من الجانب الفلسطيني الذي وقّع على اتفاق أوسلو، تضليلاً للشعب الفلسطيني.

على أي حال، إنّ هذا أمر يهون أمام تصريحك منذ يومين بكل عزم وثقة في مقابلة مع محطة تلفزيونية اسرائيلية أن لا حق لك بالعيش في مسقط رأسك مدينة صفد، مما يعني إقرارك بأنها مدينة اسرائيلية وهي ملك شرعي وقانوني للصهاينة. وبالاستنتاج المنطقي البسيط ما ينطبق على صفد ينطبق على كافة المدن والقرى الفلسطينية التي احتلت عام 1948.

نوجه إليك بعض الأسئلة الجوهرية راجين أن تجيب عليها على أي قناة فضائية عربية تختارها لكي يعرف شعبنا، كما عرف الشعب الإسرائيلي، حقيقة موقف قيادة السلطة الفلسطينية من حق العودة ومن حقوقه الثابتة وغير القابلة للتصرف. ففي فترة سابقة اعترف الرئيس السابق للسلطة الفلسطينية السيد ياسر عرفات بحق اسرائيل في امتلاك 82 بالمئة من أرض فلسطين لكنه تمسك بالقدس الشرقية وبحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم. والآن، أنت في المقابلة المذكورة، تتنازل عن حق العودة لسبعة ملايين لاجئ ما زالوا مشردين منذ أكثر من ستين عاماً. فكيف ولماذا؟

والأسئلة المطروحة عليك هي:

أولاً: هل تنازلت عن حقك الشخصي فقط في العودة والعيش في صفد؟ إذا كان الأمر كذلك فهذه مسألة تخصك كشخص طبيعي يدعى محمود عباس. لكنك في هذه المقابلة كنت أيضاً تحمل صفة رئيس السلطة الفلسطينية، أي أن لك صفة سياسية تمثيلية. نرجو التوضيح بأي صفة كنت تتحدث؟

ثانياً: هل سألت أهل صفد اللاجئين إذا كانوا يتنازلون عن صفد للصهاينة؟ وهذا أضعف الإيمان وأقل ما كان يتوجب عليك فعله.

ثالثاً: أنت رئيس منتخب من أقل من ربع الشعب الفلسطيني في أحسن التقديرات. فهل يحق لك التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني كله؟ وهل يحق لك قانونياً وشرعياً ودينياً وأخلاقياً اختصار إرادة 11 مليون مواطن فلسطيني بشخصك الكريم؟

رابعاً: بافتراض أن هذه هي قناعتك كرئيس للسلطة، ألم تفكر ولو للحظة باستفتاء هذا الشعب المشرّد في مختلف بقاع الأرض عن استعداده للتنازل عن حق العودة والقبول بالتعويض المالي مثلا؟

إن أصدقاءك (أعداءنا) الصهاينة قالوا أنهم لن يقرروا الانسحاب من الجولان (الذي لا يدّعون ملكيتهم له) إلاّ بعد استفتاء عام لمواطنيهم. وأنت تعلم أنه في الدول الديمقراطية يخضعون حتى قرار منع التدخين أو السماح بالإجهاض للاستفتاء الشعبي. فكيف بقرار التنازل عن وطن ؟!! ألم تفكر في تطبيق ولو خمسة بالمئة من المبادئ الديمقراطية بشأن قضية مصيرية تمس حياة ملايين الفلسطينيين جيلاً بعد جيل.

سأكتفي بهذه الأسئلة كي أقول لك جملة واحدة: إن فلسطين أكبر من السلطة الفلسطينية وأكبر من منظمة التحرير الفلسطينية، وأي قرار تتخذه أية سلطة بالتنازل عن فلسطين وعن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لن يوقف النضال الوطني جيلاً بعد جيل لاستعادة فلسطين من النهر إلى البحر. وإن مصائر الأوطان لا تحكمها اتفاقيات انهزامية قابلة للتمزيق في أي وقت. الصهاينة يدركون تماماً هذه الحقيقة لأنهم قالوا في أكثر من مناسبة نفضل الأرض على السلام. والصراع هو على الأرض وليس على الاقتصاد.

::::

أكاديمي وكاتب فلسطيني