تعقيبات على مقالة الزميل عادل سمارة
“إلى مصر نشكو تطبيع: فريدة النقاش وعمرو موسى”
عادل سمارة
نشرتُ في نشرة “كنعان” الألكترونية (العدد3041 بتاريخ 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012) مقالاً بعنوان: “إلى مصر نشكو تطبيع: فريدة النقاش وعمرو موسى”. (والكائنة على الرابط: https://kanaanonline.org/?p=9664). وأشرت في المقال الى أن السيدة فريدة النقاش كانت قد قامت قبل شهر مع وفد من مثقفين عرب في زيارة تطبيعية للأرض المحتلة على شرف معرض للكتاب، وقبل ايام كان السيد عمرو موسى مع وفد تطبيعي التقى براسماليين صهاينة في مدينةنابلس المحتلة علانية.
وقد أثارت هذه المقالة ردود فعل وصلتني في مراسلات شخصية من بعض منظمي معرض الكتاب ومن غير منظميه كقراء، وقد تمحورت هذه الردود حول النقاط التالية:
◙ أن فريدة النقاش لم تأت إلى معرض الكتاب، مع ان إسمها أدرج في برنامج معرض الكتاب وكان من المفترض أن تحضر.
◙ ضرورة التمييز بين تلبية “دعوة ترسلها وزارة الثقافة الفلسطينية” و”دعوة ترسلها اسرائيل”.
◙ ان مثل هذا التواصل الثقافي مهم، لأن لا أحد يدرك الوضع من بعيد.
◙ انه من مصلحة اسرائيل حصار الناس جغرافيا وثقافيا وسياسياً، لذاك فانه من المهم فتح نوافذ لنا ومنابر.
◙ ان مثل هذه النشاطات تأتي في سياق المقاومة الشعبية السلمية، والتي تثبت نجاعتها في فضح صور الاحتلال وطبيعة الدولة العنصرية الكولوينالية.
◙ كما انها تأتي في سياق البحث عما يجمع أكثر من البحث عما يفرق، فالساحة الفلسطينية مشتتة وبحاجة إلى البحث عن قواسم مشتركة.
وقد رأيت، نظراً لأهمية موضوع التطبيع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، أن اشارك القراء الكرام ردي على هذه الملاحظات.
* * *
التطبيع ليس شأنا فرديا
من يقم به يعتدي علينا
تحياتي
بداية اشكرك على الملاحظة والاهتمام.
من أفادني بحضور السيدة فريدة النقاش قد يُخطىء لكنه لا يكذب. فإن أخطأ فأنا أعتذر عن إدراج اسمها.. ولكن ماذا عن برنامج النشاط النسوي التربوي في الأرض المحتلة حيث ذكر إسم السيدة النقاش كمشاركة فيه؟
لا أريد الذهاب معك في نقاش يقوم على مماحكات: أن من أتى أو يأتي عبر جسور المذلة ومن ثم زار بيت منيب المصري مطبعاً، ومن يزور بيت يساري فلسطينيمناضلاً..
قبل أكثر من 30 سنة قُتل ظافر المصري بتهمة التطبيع، والله أعلم. واليوم يقوم يساريون بالتطبيع ويبقون مناضلين/ات! وهنا والله أعلم كذلك.
وقد أتعبني هذا الفلتان والتفلُّت على التطبيع، ويبدو أن وراء كل هذا إما الركض وراء السلطة أو الثروة أو بلوغ الشِوى…الخ، أقصد من هذا بوضوح أن كل عربي أو فلسطيني يدخل إلى شبر تحت الاحتلال هو مطبِّع. وكل من يدخل الكنيست هو مطبع وكل من يعيش في ويعايش الكيبوتسات هو مطبع وكل من لا يحاول مقاطعة منتجات الكيان والإمبريالية هو مطبع، وكل من يعمل كوسيط تصريف أموال التطبيع والأنجزة هو مطبع. واخطر من هؤلاء جميعاً من يدعوهم ويستقبلهم ويشاركهم علانية أو بالنميمة..
إن هذا القصف التطبيعي رغم أموال مموليه وإعلامهم لن يقتل وطنيتنا.
* * *
عزيزتي المحترمة،
فيما يخص التطبيع لا أعتقد ان هناك اجتهادات لأن في ذلك اعترافاً بالكيان الصهيوني الإشكنازي.
وفي النهاية، لكلٍّ أن يتصرف كما يرى.
أما العرب الحريصون على التواصل فبوسعهم دعوة من ريون من هنا إلى هناك.
هذا من جهة ومن جهة ثانية في عصر التواصل عبر آليات لا حصر لها بوسعنا الاستغناء عن تواصل ثمنه 78 بالمئة من فلسطين والمتبقي منها ليس بيدنا.
أرجو أن اقول لك يا سيدتي أن مغادرة الكفاح المسلح اليوم في غير محلها، لندع الناس تعمل ما ترى. إن الحقبة التي مارسنا فيها الكفاح المسلح وكنت أحد المواطنين الذين حاولوا كانت أكثر ضعفا وخَوَراً من هذه اللحظة. حينها هُزمت جيوش وانظمة واليوم تنتصر تنظيمات، اليوم في الوطن العربي قطبان، قوى المقاومة والممانعة، وقوى أنظمة الكمبرادور والتبعية والريع النفطي.
على الأقل اليوم بدل قطب واحد قطبان نقيضان. إسمحي لي بالتمتع بالقطب المقاوم.
ليس لي ضد من يحاولون المقاومة الشعبية شيئاً، حتى أهل الأنجزة من بينهم والمتمولون من المركز الإمبريالي. ولكنني على الأقل ضد من يرفض أو يهاجم أو يشجب فما بالك بمن يعتقل ويقتل من يمارس الكفاح المسلح.
التاريخ يا سيدتي لا يُقرىء باللحظات، بل بتتابع حلقاته. ولذا يصبح تاريخاً. لم يقل أحد شيئاً ضد من ينادون بالمقاومة السلمية حتى لو أمام الكاميرا، ولكن أحداً قتل مقاومين وأحداً كتب بيان أل 55 ضد العمليات الاستشهادية!
أنا لا أقلل من شغل أحد، وقد يزعم البعض، كما كتبت لي صديقة سابقة انتهت تطبيعية بامتياز أخافني كشفه، “أنت لا ترى وطنيا غير نفسك”.
بالقطع لا، ولكن حتى حين يتكاثر من ليسوا على طريق الاستقامة، فهذا لا يعني أن لا نبقى جيوب مقاومة.
قد يجوز لي أن اقترح عليك قراءة كتابي الأخير : “التطبيع يسري في دمك”.
أرجو أخيراً أن تتذكري أن مجد الأنبا شنودة لم يتأتى من كونه رجل دين ولا مصري بل لأنه رفض بل حرم التطبيع.
مودتي
عادل