أوباما ثانية: دولة الدم تضنُّ بدولة المصيدة!(2)،

 

 عادل سمارة

ملاحظة: كُتبتْ هذه الحلقات قبل العدوان على قطاع غزة.

دور أكبر للقوى الإقليمية

مع تراجع فرص حرب عدوان مباشر تشنه دول المركز الإمبريالي يزداد دورالقوى الإقليمية نيابة عن المراكز وهذا يعطي هذه القوى الإقليمية الثورية فرصة مناورة لتحقيق طموحاتها في استفلال حقيقي بناء على تحالفاتها. هذا ما نلاحظه من إناطة دور جديد لتركيا  وفي اذيالها السعودية وقطر والإمارات ضد سوريا والعراق وإلى حد كبير ضد إيران وهو دور يخدم الكيان الصهيوني دون كشف دور مباشر له في هذا الاصطفاف والصراع.

وفي هذا الصدد ايضاً تقوي الولايات المتحدة من علاقتها بقوى الدين الإسلامي السياسي التي تسلمت الحكم في ليبيا ومصر وتونس كي تلعب دوراً ضد قوى المقاومة والممانعة مجسدة في إيران بمعنى المباشرة بحرب سنية ضد إيران بحجة الخطر الإيراني وبالنيابة عن المركز الإمبريالي، وتسعير الحرب ضد  وسوريا بحجة الدمقرطية، وتفجير الوضع اللبناني ضد حزب الله. وفي هذا السياق يمكننا فهم التوجه الأمريكي بعدم الاعتداء على إيران وبالمقابل دعم أدواتها لشن الحرب على إيران في ثوب حرب شديدة التخلف بين السنة والشيعة من أجل هدف مزدوج هو إرهاق إيران وتقويض القومية العربية.

وهذه الحرب بالإنابة والتي كانت ليبيا بروفتها الأولى وسوريا بروفتها الثانية تبين أنه مع الأزمة المالية الاقتصادية في المركز، ومع ظهور القطبيات الجديدة، صار صعبا على الولايات المتحدة ممارسة اسلوبين من ثلاثة استخدمتها في عدوانها على الأمم[1]:

فالأسلوب الأول هو إخضاع الدول الفقيرة بالسقوط في شرك المديونية بمعنى أن مديونية الولايات المتحدة قد وصلت 16 تريليون دولار مما يقلل فرصها في استخدام شرك الديون، بل هي التي تبحث عن سبيل للتخلص من مديونيتها خاصة لصالح الصين الشعبية. ويزيد من ضعف الولايات المتحدة في استخدام هذا الأسلوب وجود  قوى/دول لا تستسلم للمؤسسات المالية الدولية.

والأسلوب الثاني وهو احتلال الأمم التي تخرج عن أطراف العباءة الأميركية، وهذا أمر يصبح اشد صعوبة مع تغير ميزان العلاقات الدولية.

وعليه، يبقى من أدوات الولايات المتحدة أسلوب بنات آوى كما يسميه البيت الأبيض اي الاغتيال، والذي لا شك أن فاعليته سوف تنثلم مع فقدانها السلوبين الأولين.

هذه التطورات هي التي تدفع الولايات المتحدة بقوة نحو اعتماد القوى الإقليمية للحرب بالإنابة أو  ما نسميه الهيمنة الثالثة وهو الذي اساسه العجز عن تمويل الحروب بينما شكله المعلن هو الحفاظ على ارواح الجنود الغربيين أو ما يسمى صفر قتلى.

 تطورات إقليمية هامة

ولكن، بقدر وجود قوى إقليمية تابعة للولايات المتحدة، هناك تطورات على الصعيد الإقليمي تتناغم مع التطورات على الصعيد الدولي، اي ظهور قوى إقليمية جاهزة لمواجهة أدوات الولايات المتحدة. هناك إيران وسوريا في المنطة العربية والشرق الأوسط وإلى جانبها قوى المقاومة ومثال فنزويللا والبرازيل في امريكا اللاتينية.

ويمكن إيجاز هذه الظاهرة بأن هناك

◙  قوى تعمل لإقامة وتقوية الدولة الوطنية، قوى تدافع عن وطن وتعتمد استراتيجية الاعتماد على الذات ارتكازاً على اقتصاد إنتاجي،

◙ تقابلها قوى تبحث عن سلطة، لا إنتاج، أي تعتمد على الريع والتجارة وتتقاطع إيديولوجيا مع الإمبريالية، وليس لها مشروع وطني ولا قومي كالسعودية[2] ومختلف قُطريات النفط، وهذه تستقطب بل تشتري أنظمة الدين الإسلامي السياسي في تونس وليبيا ومصر هي قوى تعتمد الدين السياسي القائم على مرتكزات ثلاثة:

◙ أنظمة جاء بها الاستعمار ولا يزال يوظفها صاغرة وراغبة معاً وخاصة ضد القومية العربية

◙ وتعتمد على مرتكز  الريع معيشياً مما يبعدها أكثر عن أي توجه إنتاجي بمعنى أنها تجمعات بدوية تتم إعادة إنتادجها بلا عمل منتج لتكون ظاهرة شره استهلاكي لإشباع مختلف أنواع الغرائز، وإلى جانب هذا الشره، كما في السعودية، فقراء ما قبل القرون الوسطى وعمالة أجنبية في ظروف لا إنسانية تماماً.

· ◙ وتقوم فكريا وثقافياً على ثقافة بدو /دينية لا علاقة لها بالإسلام هدفها بدونة المراكز الحضارية المدينية العربية وهذا يكرس عدائها للقومية العربية. وقد تكون واقعة ولي العهد السعودي عام 1975 أفضل ما يبين طبيعة تدين هؤلاء.[3]