د. منذر سليمان
مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي
واشنطن، 24 نوفمبر 2012
المقدمة:
تصدرت تطورات “العدوان الاسرائيلي” على قطاع غزة الاهتمامات كافة، على الرغم من اجواء العطلة الرسمية لعيد الشكر الاميركي. اذ اتى الاعلان عن وقف اطلاق النار في ساعة متأخرة من يوم الاربعاء، عشية العطلة، وبعد اقفال المراكز والمؤسسات البحثية ابوابها.
سيتناول بند التحليل اللغط حول اداء ومزاعم بفعالية منظومة “القبة الحديدية” للدفاع الصاروخي، وفق مصادر “الجيش الاسرائيلي،” على الرغم من عدم موضوعيتها، للدلالة على حجم القذائف الصاروخية التي تجاوزت 1200 قذيفة، بالمعدل الادنى، و 1600 بمعدل اعلى طيلة ثمانية ايام متواصلة من وتيرة اطلاق الصواريخ. ولتبيان تناقض الرواية “الاسرائيلية” التي زعمت ان نجاح اعتراض منظومة قبتها لصواريخ المقاومة بلغ 75 – 80%، بينما تدل ارقامها المفرج عنها انها لم تتجاوز نسبة 28%، في ابعد الاحوال، مع الاخذ بعين الاعتبار الكلفة الباهظة للمنظومة امام صواريخ “بدائية” تتراوح تكلفتها بين 200 – 1000 دولار، امام تكلفة بلغت عشرات الملايين من الدولارات لطمأنة جمهور المستوطنين بالبقاء في الملاجيء.
ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث
اعرب معهد كارنيغي Carnegie Endowment عن تخبط صناع القرار في مسار الديبلوماسية الدولي الذي يراهن على “اختفاء حركة حماس” عن المشهد. وطالب المعنيين بالنظر الى ما اضحت اليه الحركة من نفوذ لدى اهالي قطاع غزة الذين “لا يرون بديلا عنها” في ادارة شؤون حياتهم اليومية، مما يتعين على “ادارة الرئيس اوباما .. التعامل مع الحقائق الميدانية للقوى المنخرطة في الصراع عوضا عن التشبث بما يرغبون برؤيته” من قوى فاعلة.
بينما اشارت مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation الى “فضل” غزة في استدعاء “اسرائيل لنحو 75،000 فرد من قوات الاحتياط ونشر زهاء 30،000 من القوات المدرعة على الحدود” معها. وحثت الادارة الاميركية الوقوف بثبات الى جانب “اسرائيل .. للدفاع عن نفسها .. اذ لن يكون هناك فرصة لعقد سلام بين اسرائيل والفلسطينيين الا بعد انزال الهزيمة بحماس والقوى الاسلامية الاخرى.”
مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS اعرب بدوره عن تشاؤمه من فرص التوصل لحل سلمي الذي “لا يتعدى الشكل النظري.” ولفت النظر الى نفاذ فاعلية الادوات المعتمدة وانه حان الاوان للتعامل مع الحقائق التي تشير الى “ان ما يحدث في غزة راهنا سيتم تكراره مرة تلو اخرى في المستقبل، وما بوسع الولايات المتحدة الا فعل القليل لحث الطرف الاسرائيلي على الانضباط والقيام في الوقت عينه بدعم اسرائيل لتطوير منظومة دفاعاتها ضد الهجمات” المرتقبة ..”
مركز السياسة الأمنية Center for Security Policy شن حملة انتقاد قاسية ضد الادارة الاميركية متهما اياها بزعزعة الهيبة الاميركية على النطاق العالمي التي اكثر ما تجسدت “في سياسة قضم الامكانيات المتعلقة بالبنية العسكرية الاميركية.” كما اتهم الرئيس اوباما بانه تخلى عن وعوده “للوقوف وراء دعم اسرائيل .. اذ انه خفّض قدرتنا للالتزام بذلك الى حد كبير ..”
معهد ابحاث السياسة الخارجية Foreign Policy Research Institute لفت النظر بدوره الى دوامة “العنف في غزة التي نجد جذورها في مصر،” لا سيما بعد حادث مقتل 16 جنديا مصريا يوم 5 آب / اغسطس العام الجاري على ايدي “مسلحين اتوا مصر من غزة.” واثنى المعهد على اجراءات السلطات المصرية بتدمير الانفاق التي “تعد مصدر قوة لحماس التي ستفقد نفوذها لو تلاشت.”
اما معهد واشنطن Washington Institute فقد ادعى الحيادية ومعربا عن اعتقاده ان ما دفع اسرائيل لاستدعاء قوات الاحتياط هو رغبتها “ممارسة ضغوط اضافية على (حركة) حماس لوقف النزاع.” ومحذرا الحركة بأنه “لا يمكن السكوت على حالة شل الحياة العادية في قلب اسرائيل … بيد ان المفارقة تكمن في ان كلا من اسرائيل وحماس ترغبان في ابقاء وتيرة الصراع ضمن حدود” يسهل السيطرة عليها، لا سيما وان “اسرائيل ليست بحاجة للانجرار الى صراع دموي طويل في غزة، كلفته عدد كبير من الضحايا وتنامي الضغوط الدولية عليها لوقف” العدوان.
معهد بروكينغز Brookings Institute تصدر تغطية العدوان على غزة بين اقرانه مراكز الابحاث الاخرى، محذرا بأن “اسرائيل تذهب الى مغامرة – قد تخسرها.” وفي المحصلة، رأى المعهد ان تسوية الازمة مرهون بدور الدول الاخرى “لا سيما مصر، التي ينبغي عليها بلورة صفقة لانهاء القتال.”
التحليل:
الانفاق قبل الصواريخ قهرت القبة الحديدية
انتصرت غزة وارست معادلة “غزة مقابل تل الربيع والقدس” وما بعدهما، واضحت في وضع يؤهلها لفرض شروطها ورفض شروط العدو واذلاله .. ارست معادلة توازن الرعب وتوازن الردع .. اسوة بامتداداتها في حركات المقاومة .. وشلت حركة الطيران المدني .. وضعضعت ثقة العدو في سلاح الجو الذي لم يعد قادرا على حسم المعركة سريعا لصالحه .. غزة رفضت شروط العدو وفرضت شروطها السياسية والميدانية.
شن العدو نحو 2000 غارة وطلعة جوية للقضاء على منصات ومخزون صواريخ فجر، وفشل نظرا لصلابة وحكمة وحسن ادارة المقاومة لمعركتها، مما دفع به استجداء الولايات المتحدة لارسال قوات خاصة اضافية تجوب منطقة شاسعة من شمال سيناء لاعتراض قوافل الامداد وكشف مخازن السلاح، واستعانت بنظام الاخوان المسلمين في مصر لاتمام المهمة، ميدانيا وسياسيا.
علّ الاهم هو ما تردد عن انجازات وهمية لمنظومة “القبة الحديدية” – اميركية الصنع والقيادة والتحكم بامتياز. وان كنا في هذا الصدد سنلجأ للاعتماد على مصادر “الجيش الاسرائيلي،” المصدر الاوحد المخول باعلان الاحصائيات رغم ما يواكبه من مبالغات، فان ذلك يأتي لتبيان تناقض المصدر وتخبط المعلومات، بل المبالغة الجلية في سرد الارقام لطمأنة جمهور المستوطنين في فلسطين المحتلة.
استنادا الى مصادر العدو الصهيوني الاساسية، نشرت يومية هآرتس 23/11/2012 كشفا موسعا بعدد الصواريخ الفلسطينية والعدد الذي تم اعتراضه محاججة “.. وحسب المعطيات التي جمعت من جهاز الامن العام، منظمة “بتسيلم” ومركز الاستخبارات والارهاب (الذي يستند على معطيات قسم العمليات في الجيش الاسرائيلي). ويذكر أن اعداد الصواريخ لا تتضمن قذائف الهاون،” نورد ما يلي:
تشرين ثاني – 2012 = مجموع الصواريخ التي اطلقت 1,117
عشية اعلان وقف اطلاق النار = مجموع الصواريخ 1,506
تم اعتراض = 421 صاروخا
اي ان نسبة النجاح المزعوم = 27.95% رغم التغني بنسب نجاح عالية تتراوح بين 75 – 80% رددتها بثبات وسائل الاعلام الاميركية
لخصت “يديعوت احرونوت” الموقف الميداني بعد مرور يوم كامل على وقف اطلاق النار للحرب العدوانية “الاسرائيلية” على قطاع غزة، التي استمرت 8 ايام، اذ قالت:
“بالنسبة للجبهة الاسرائيلية الداخلية تنسب هذه الحرب الى القبة الحديدية، اليها والى الغرف الآمنة. كانت قدرات هاتين الوسيلتين مدهشة، لكن مع كل الاحترام كان يوجد شيء ما اشكالي ولا يلائم كثيرا التراث الاسرائيلي في ادمان وسائل الدفاع. نجحت (المقاومة الفلسطينية) حماس في جعل مواجهتها باهظة التكلفة من الناحية المالية، وربما اعلى من ان تطاق. فالميزانية محدودة، والقبة الحديدية مخصصة لتكون آخر وسيلة (لدفاع) بعد عدم نجاح الجيش الاسرائيلي في احباط وتيرة اطلاق الصواريخ. اذ اضحت الوسيلة الاولى (خط الدفاع الاول) في حالات كثيرة جدا.”
لا شك ان القبة الحديدية تحولت الى “نجم” في الساحة الاسرائيلية تحاك حولها القصص والروايات والمبالغات. لعل الأهم في اشارة “يديعوت احرونوت” هو تسجيل النقلة التي تجري في الوعي الجمعي “الاسرائيلي،” وتعكس الانطباع الجديد الذي يترسخ بالعجز عن الحسم الذي اعتاد عليه الاسرائيليون عند شنهم المعتاد للحروب، وعلى الاقل منذ صيغة تفاهم نيسان اللبنانية والى تفاهم تشرين الثاني الفلسطيني الراهن.
ربما يلجأ البعض لعقد مقارنة مع عدوان “الرصاص المصبوب” لعامي 2008-2009، ولكن حملة “عامود السحاب” هي اقرب الى ما جرى في شهر آذار / مارس من العام الجاري، بعد الاطاحة بحسني مبارك وقبل انتخابات الرئاسة التي أتت بمحمد مرسي رئيسا لمصر. اذ اقدمت قوات الاحتلال على اغتيال الشهيد زهير القيسي، الامين العام للجان المقاومة الشعبية، واستمر القتال لمدة اربعة ايام قبل ان ينجح الوسطاء المصريون في احلال وقف اطلاق النار في غزة.
تفيد بعض الاحصائيات ان نحو 300 صارخ تم اطلاقه من قبل الفصائل الفلسطينية المختلفة حينئذ، باستثناء حركة حماس، التي لعبت دورا معطلا لنشاط حركة الجهاد الاسلامي وغيرها من الفصائل الاخرى، كالجبهة الشعبية ولجان المقاومة الشعبية، وتقييد حركتها لاطلاق الصواريخ او القيام بشن قصف مدفعي على المستوطنات. التفاهمات الثنائية التي تم التوصل اليها حينذاك كان مغزاها “الهدوء مقابل الهدوء،” دون ضمانات اضافية.
زعم “الاسرائيليون” آنذاك ان القبة الحديدية اعترضت 65 صاروخا، مروجين لنسبة نجاح المنظومة بنحو 70%، بحجة انها لم تستهدف اعتراض الا الصواريخ التي تظهر على شاشة اجهزة الرادار بان وجهتها مناطق مأهولة بالسكان. لكن تلك المزاعم لم تمنع يومية “هآرتس” من الاقرار بالفشل في عنوانها الرئيسي (15/3/2012) “لن تخلصنا القبة الحديدية” قائلة “ان تقنية الصواريخ الدفاعية مهما تكن مدهشة، تظل دفاعية، وسيتخلص الجنوب (النقب) بهجوم لا بدفاع وبعملية اغتيال مبكرة لا باعتراض متأخر، وبجرأة يبديها الساسة والقادة والجنود لا بالهتاف لدقة اصابة صواريخ القبة الحديدية. ان التقنية ما بقيت تساعد المحاربين تظل مباركة، لكن حينما تصبح هي البديل (الدفاعي) تأتي النتائج لتشير الى مضي اكثر من 12 عاما من التحمل لخسائر في الارواح والممتلكات والروح المعنوية والردع.”
وصل الامر الى الاعتراف الصريح بوضعية العجز وفشل “الجيش الاسرائيلي” ومحاولة تعزية النفس بامجاد خلت، اذ تفيد “هآرتس” في نفس اليوم “ليعد الجيش الاسرائيلي (الى احتلال غزة) لانه فشل في السنين الاخيرة ولم يمنح سكان البلاد اطمئنانا حقيقا في مواجهة ارهاب الصواريخ – الى مصادر الروح والى الجرأة والرسالة والتميّز (في الاداء) التي وجهته في العقود الاولى لوجوده. لن تخلصنا القبب الحديدية ولن تهزم “الارهاب” عمليات جراحية مثيرة للدهشة.”
يبقى اننا طالما نشير الى اوجه مقارنة سابقة، فمن الهام التذكير ايضا ان معارك آذار / مارس 2012 عززت الانطباع بخروج حركة “الجهاد الاسلامي” متفوقة في صراع المكانة حيال حماس آنئذ .. لدرجة دفعت بموقع “سرايا القدس” الالكتروني للذراع العسكري للجهاد بالقول “من لا يمكنهم التخلي عن السيارات الفاخرة، يتحلق حولهم رجال بربطات عنق ملونة، لا يمكنهم ان يشعروا بالتوق الى محبة فلسطين، وعليه فينبغي لهم ان يخلو الطريق لمن يحبها حقا.”
كان ملفتا آنذاك ان تذكر “هآرتس،” ايضا بتاريخ 14/3/2012، ما يلي: “حماس، التي امتنعت عن المشاركة في اطلاق النار ولكنها ايضا لم تبعث باجهزتها لوقف خلايا الجهاد واللجان، متهمة الآن في غزة بالتعاون مع اسرائيل، الكثير من مؤيديها، ممن رأوا في منظمتهم حركة جهادية مقاتلة، خاب املهم في ان يكتشفوا صيغة “غزية” لفتح. الادعاء السائد تجاه مسؤولي حماس الآن هو انهم فضلوا ” التمسك” بالحكم على الكفاح ضد اسرائيل. كبح الجماح الذاتي الذي اتخذته المنظمة (حماس) كفيل بان يكلفها فقدان التأييد الشعبي في القطاع.”
بالطبع يحمل هذا الكلام بعضا من الحقيقة، ولكنه يعكس رغبات في ان يتصاعد الانقسام الفلسطيني وينتقل الى داخل غزة ويؤدي الى نزاعات جانبية تعطل قدرات المقاومة.
بعد انقضاء 7 اشهر على هذا الكلام الذي يحمل الكثير من المخاطر تنجلي صورة اقرب الى الانسجام بين حماس والجهاد الاسلامي في مواجهة حملة “عامود السحاب.” لقد تصرفت الجهاد الاسلامي وبقية فصائل المقاومة تجاه عملية اغتيال القائد العسكري الشهيد احمد الجعبري وكأنه قائد في تنظيمها الخاص وباشرت في المواجهة والرد. ولا شك ان درجة التسيق الميداني بين مختلف الفصائل واقامة غرفة عمليات مشتركة يشكل خطوة متقدمة جدا عن المراحل السابقة التي خاضت فيها الفصائل معاركها بصورة منفصلة وبتنسيق وتعاون عسكري وأمني أقل.
وكان امرا جديدا ان يفصح امين عام حركة الجهاد الاسلامي، الدكتور رمضان عبدالله شلح، في مقابلة خاصة مع فضائية الميادين، بعض تفاصيل وخلفيات عمليات التفاوض التي جرت في القاهرة حول الصيغة المقبولة للمقاومة لوقف اطلاق النار. وكان واضحا الدور المشترك والمتعاون لكل من الجهاد وحماس في ادارة المفاوضات. لا شك ان هذه التجربة الميدانية في نطاق التنسيق العملياتي، وكذلك في ادارة المعركة التفاوضية سيعزز من ترسيخ روحية العمل المشترك ويكرس صيغة افضل لضمان جهوزية فصائل المقاومة وكوادرها في المواجهات القادمة.
بالنسبة للجبهة الفلسطينية ومن خلفها الجبهة العربية الشعبية المتضامن مع المقاومة، كان نجم المعركة صاروخي فجر-3 وفجر-5، فلأول مرة تضرب المقاومة عاصمة الكيان الصهيوني تل ابيب، وكذلك مستوطنات في محيط مدينة القدس.
في الواقع، النجم الحقيقي هو الانفاق التي تم ايصال صواريخ فجر عبرها الى غزة، وبالطبع الاكثر نجومية هي الايادي الخفية التي اوصلتها والمحطات التي سلكتها قبل وصولها والقوى التي قررت ان تزود المقاومة بها. ولا يجوز ان ننسى الظروف القاسية التي يواجهها “صانعو الانفاق” او التغاضي عن حقيقة ومفارقة انه تم استهداف وتدمير عشرات الانفاق في ظل سلطة الرئيس مرسي الجديدة.
وكم كان المشهد ملتبسا عندما لم تحظَ القوى التي شاركت في التخطيط والاعداد والتدريب والتهريب والتمويل والتسليح لهذه الاسلحة النوعية بالتقدير والتنويه المطلوب من قبل زعماء فصائل المقاومة .. وكان امرا مستغربا ان يتم محاولة استنطاق بعضهم للاعتراف على وجل بهذه الحقائق وعدم نكران الجميل لمن يستحق.
ومع كتابة هذه السطور، تتسرب معلومات مصادرها جهات مقربة من الاستخبارات الصهيونية تفيد بان الادارة الاميركية نزلت عند الطلب الاسرائيلي والمصري ايضا بتقديم المساعدة التقنية والبشرية لاعتراض قوافل ومخابيء السلاح الايراني الذي يتم تهريبه الى غزة عبر سيناء. وتفيد معلومات اخرى الى سعي الاطراف الدولية والاقليمية لاقامة سياج الكتروني مزود باجهزة استشعار تعزل جنوب قطاع غزة عن سيناء ومرابطة قوات خاصة اميركية اضافية للقوة الحالية المكونة من 1600 جندي، مرابطين في سيناء بناء على شروط معاهدة كامب ديفيد في شمال سيناء.
رغم كل الترسانة النوعية عسكريا للكيان الصهيوني، الذي يملك اهم واحدث الاسلحة البرية والجوية والبحرية في العالم، ورغم لجوئه لزرع منظومة صواريخ دفاعية مثل “القبة الحديدية،” استطاع صاروخ فجر ايراني المصدر في غزة المحاصرة ان يحدث توازن الرعب والردع النسبي ويحول دون لجوئه الى مغامرة الهجوم البري.
وكان لافتا ان استطلاعات الرأي الاخيرة في الكيان، وفقا ليومية معاريف بتاريخ 23/11/2012 اذ تشير الى انه “لم يؤيد سوى 30% من الجمهور (اليهودي) عملية دخول القوات البرية قطاع غزة. وهذا انقلاب هائل في الوعي، تحقق اساسا بعد حملة “الرصاص المصبوب” ولكن ليس بعدها فقط. لا يزال من السابق لاوانه ان نتنبأ بما الذي سيكتوي به الوعي الجماعي بعد “عامود السحاب،” قد يكون هذا الاعتراف بان كل ما يمكن تحقيقه هو فقط فترة من الهدوء النسبي، ليس اكثر.”
قد يكون ابلغ رسالة تختصر ما حققته حملة “عامود السحاب” ليس فقط ما شهدته شوارع غزة من احتفالات وابتهاج بما اعتبرته نصرا للمقاومة اثر دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ.
والصفحة الاخرى الرسالة نجدها في حالة الوجوم والاحباط والقلق والارتباك وعدم اليقين الذي تشهده “الساحة الاسرائيلية” وكان لسان حالها يقول … “قبة حديدية” مع كل الاحترام .. لا تغير كثيرا حقيقة ان ملايين الاسرائيليين يعيشون في ظل صافرات الانذار، ولا خيار لهم سوى التخندق والتحصن بانتظار الجولة التالية، او ربما الافضل لهم خيار مغادرة الاراضي المحتلة والتخلي عن اوهام الاستيطان والاحتلال الى غير رجعة.
::::::::
يمكن مطالعة النص باللغتين العربية والإنكليزية في الموقع الألكتروني للمركز:
المصدر: مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي
مدير المركز: د. منذر سليمان
العنوان الالكتروني: thinktankmonitor@gmail.com