هاشم المالكي
كعادتها في تزوير وتحريف اخبار الاوضاع في سورية بثت القناة التلفزيونية “العربية” المملوكة سعودياً في 29 من شهر أيلول/سبتمبر حلقات من برنامج بعنوان” تسريبات سورية” زعمت فيها انها تنشر للعلن وثائق سرية للغاية تخص المخابرات السورية والرئيس بشار الاسد. واضافت بان مَنْ سَرَّب الوثائق هي المعارضة السورية وأكَّدت بأنها تنشر هذه الوثائق بعد أن أجرت تحقيق وتدقيق للتأكد من صحتها.
مُقدِّمة البرنامج جيزيل خوري إستعانت بالمدعو الدكتور عماد الدين رشيد المعروف بانتمائه للاخوان المسلمين كمُعَلّق ومُحلل.
http://english.alarabiya.net/articles/2012/09/30/241008.html
http://english.alarabiya.net/articles/2012/09/29/240805.html
http://www.youtube.com/watch?v=B3qfyw6dBGE&feature=relmfu
الوثيقة أدناه تزعم بأن أمراً صدر من القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس باسقاط الطائرة العسكرية التركية في 22 من شهر حزيران/يونيو.
وفي إكذوبةٍ اخرى سَطَّرها المُزوِّرون يُزْعَمُ فيها من ان رئيس الجمهورية العربية السورية السيد بشار الاسد إستلَمَ أمراً من قيادة إختَلَقَها المُزَوِّرون باسم ” القيادة المشتركة الروسية الايرانية السورية ومَقَرُّها في موسكو” بان يُسَلَّم الطّياران التُركيان الاسيران الى حزب الله في لُبنان ويجري اعدامهما ومن ثَمَّ اعادة جثمانيها الى المكان الذي أُسقِطَت فيه الطائرة في عَرض البحر.
http://english.alarabiya.net/articles/2012/09/28/240700.html
لهذه الكذبة مقاصد خبيثة وهي اتهام قيادات ايران وروسيا وسورية بجُرم قتل الاسرى.
سارَعت صحيفة “حُريات” التركية بنشر تصريح الجنرال اردوغان كراكوش ووزير الدفاع التركي عصمت يلماز في أنَّ ادعاء قناة العربية ليسَ الا هراء واما الناطق الرسمي بلسان وزارة خارجية جمهورية روسيا الاتحادية فقد قال بان بعض مؤسسات الاعلام العربية فاقدة الضمير وان نشر الاكاذيب حول سورية اصبح عادةً مألوفة.
في 18 شباط/فبراير من هذه السنة 2012 يبعث “قسم العمليات من جهاز مخابرات الخارج السوري” ببرقية الى سفير الجمهورية العربية السورية السيد هاجم ابراهيم يُخبره بانه تم تكوين فرقة للعمليات لالحاقها بالسفارة السورية في الدوحة عاصمة قَطَر من مهمة الفرقة زعزعة الامن والاستقرار في الدولة المذكورة.
من دواعي الضحك ان مزوري هذه البرقية نسوا ان السفير هاجم ابراهيم انهى مهامَّهُ كسفير وغادر قطر في حزيران/يونيو عام 2006 اي قبل 6 سنوات من تاريخها كما ان تاريخ ارسال البرقية الى السفارةالسورية في قطر في 18 شباط/فبراير علماً ان السفارة كانت قد أُغلقت وَأُبعِدَ موظفوها بتاريخ 8 شباط/فبرايرأي قبل 10 ايام من تاريخ صدور البرقية.
وتستمر قناة العربية في فضح نفسها فتدَّعي بانها حصلت على برقية على غاية من السرية موجهة من جهاز المخابرات الخارجي الى السيد رئيس الجمهورية العربية السورية تُعلِمُه فيها من ان قسم العمليات في الجهاز المذكور نجح في إشعال حريق أتى على أسواق فلاجيو ذائعة الصيت في الدوحة في 28 آيار/مايو والذي تسبب في مقتل 19 نفساً بينهم 13 طفلاً.
نفى وزير داخلية قطر نَفياً تامَّاً ما زعمته العربية ضلوع اجهزة استخبارية سورية في إشتعال الحريق وأكَّد ان اللجنة الفنية التي تشكَّلت لاستقصاء اسباب الحريق أثبتت ان الحريق نجم عن عطل في التمديدات الكهربائية لا غير.
http://dohanews.co/post/32800716470/qatar-residents-media-dismiss-report-of-syrian#axzz2AWwLr64e
تتكرر الاتهامات في الحرب الدعائية ضد سورية فتتوجه الشُبهات الى القيادة السياسية والامنية بانهما وراء كل عملية ارهابية تحدث في سورية رغم ان الارهابيين انفسهم يعترفون ويصرحون انهم ورائها.
ولكن قناة العربية تختلق وثائق مُزَوَّرة لتُلقي تبعة جرائم الارهاب على القيادتين السياسية والامنية السورية.
ففي هذه الوثيقة المُختَلَقَة تريد العربية ان تقول ان” القيادة المشتركة السورية الايرانية الروسية” وراء العمل الارهابي في تفجير مقر الاستخبارات العسكرية في حيّ القزّاز في 10 آيار/مايو وراح ضحيته 55 نفساً.
ولكي تطال الدعاية حلفاء سورية تختلق القناة وثيقة اخرى لاتهام حزب الله بقتل شخصيات لبنانية منها الصحفي جبران تويني.
من اللافت للنظر ان بعض البرقيات المزورة تحمل اسماً “القصر الجمهوري” ليس له وجود كجهة رسمية او سلطةٍ حكومية وكان الاجدر بالمُزَوِّرين كتابة اسم “رئاسة الجمهورية” على برقياتهم المُزَوَّرة.
واخيرا تقدمت قناة العربية بطلب الصفح واعتذرت واقّرت بان كل ما بثته كان إفكاً وتزويراً وان مصادرها “المعارضة السورية”.
منذ البداية اكتشف المشاهد العربي الحصيف ان مسلسل العربية لا يعدو الا ان يكون حبكة رديئة لقصة “جيمس بوندية” تافهة. ولقد اساءت القناة فظنت ان المواطن العربي قاصر العقل لا يُمَحصّ ولا يُدقق .
http://english.alarabiya.net/views/2012/10/13/243404.html
والاعتذار الذي تقدمت به القناة لا يعني انه خاتمة للحرب الاعلامية على سورية بل على الارجح ان حملات الكذب والتزوير ستستمر.
ان مقدمة برنامج الوثائق المزورة جيزيل خوري من انصار رئيس كُتلة 14 آذار اللبنانية رئيس وزراء لبنان الاسبق سعد الحريري. الكتلة معروفة بعلاقاتها الحميمة مع النظام السلفي الوهابي السعودي والولايات المتحدة. وهي كتلة معادية لسورية وحزب الله وايران وديدنها ومطالبها نزع سلاح المقاومة بوجه الكيان الصهيوني.
اما المعلّق والمحلل الذي استضافته القناة: عماد الدين الرشيد فهو سوري عضو في حزب الاخوان المسلمين وعمل نائباً لعميد كلية الشريعة في جامعة دمشق وهو ايضاً عضو في سكرتارية ما يسمى ب “المجلس الوطني السوري” الذي مقره اسطنبول. شكَّل تجمعاً باسم ” التيار الوطني السوري” وهو غطاء لحزب الاخوان المسلمين.
الخلفية السياسية والاجتماعية والطبقية للحرب السعودية السلفية على سورية
يسيطر المال السعودي على الاعلام باشكاله من قنوات تلفزيونية وصحافة ويتميز بسيطرة تيارين يبدوان عند النظرة السطحية انهما يتناقضان وهما التيار السلفي الوهابي من جهة والتيار الليبرالي من جهة اخرى الاّ انهما يشتركان معا بهذه الصفة: عدائهما المشترك للحركة القومية العربية التقدمية ولليسار.أنصار الليبرالية يرون في الحركة القومية التقدمية برمزيها : الحركة الناصرية وحزب البعث العربي الاشتراكي مانع وسد في وجه الليبرالية او كما يسميها العالم الاقتصادي سمير أمين Samir Amin ب الفيروس الليبرالي التي شعارها: “دعه يمر، دعه يعمل ” والتلقائية وعدم تدخل الدولة وحرية راس المال.
اما الناصرية والبعث فعلى النقيض حيث من صميم ايديولوجيتهما الاشتراكية بما تعنيه من تّدخل الدولة وسيطرة الشعب ، بالتخطيط الاقتصادي الشامل، على وسائل الانتاج.
والسلفية تُكَفِر القومية والاشتراكية معاً.
كما ان الاقطار التي حكم البعث والناصرية فيها تميزت بطابع علماني . وبقد دارت في ستينات القرن الماضي حرب بين الدولة الوهابية السلفية السعودية من جهة وبين مصر الناصرية من جهة اخرى. حيث ساندت مصر عبدالناصر الجمهوريين في التمن الشمالي وكذلك الكفاح المسلح في جنوب اليمن والجنوب العربي ضد الاستعمار البريطاني.
::::
نُشر هذا المقال على بالأصل باللغة السويدية الصفحة الالكترونية لمجلة Folket i Bild /Kulturfront ” الشعب في صورة/جبهة الثقافة” وهي مجلة سويدية ثقافية سياسية شهرية مُناهضة للامبريالية.
والمقال موجود بالسويدية على الرابط التالي:
http://www.fib.se/utrikes/item/2031-al-arabiya-och-de-forfalskade-dokumenten