بقلم جلعاد اتزمون
نقله من الاسبانية الى العربية د. نورالدين عواد
جلعاد شارون وهو نجل ارييل شارون بعينه، كتب في صحيفة “جيروزلم بوست” اليومية، انه كان يتوجب على اسرائيل ان “تبيد غزة عن بكرة ابيها”. فقال “يجب ان لا توجد كهرباء في غزة، ولا بنزين ولا سيارات متحركة ولا اي شيء. حينها فعلا سينادوننا من اجل الوصول الى وقف اطلاق النار…يجب ان نسحق احياء كاملة في غزة. ان نسحق غزة كاملة. لم يتوقف الامريكيون في هيروشيما، اذ ان اليابانيين لم يستسلموا بالسرعة اللازمة، عندها ضرب الاميريكيون ناغازاكي ايضا”.
كثير من الاسرائيليين والصهاينة “ساخطون”، لكن يجب ان تقال الحقيقة. مفاهيم شارون منسجمة تماما مع الصهيونية، ومع الفكر الاسرائيلي، ومع بعض جوانب الثقافة اليهودية.
تصريحات شارون على سبيل المثال متوائمة تماما مع بعض مقتطفات ماحقة من “العهد القديم”:
“ستلاحقون اعداءكم، وسيسقطون بالسيف امامكم. خمسة منكم سيلاحقون مائة منهم، ومائة منكم سيتسببون بهروب عشرة آلاف منهم؛ اعداؤكم سيسقطون بالسيف امامكم”. ليفيتيكو، 26: 7 ـ 8.
“وعندما يدخلك سيدك الرب الى الارض التي ستدخلها لتمتلكها، وقبل ذلك ستطرد كثيرا من الامم…يستلزم عليك ان تدمرهم تدميرا كاملا. لا تعقد اتفاقات معهم ولا تبد اليهم اية رحمة”. دويتيرونوميو، 7: 1 ت 2.
” لا تترك فيها شيئا حيا يتنفس. دمّرهم تدميرا كاملا…كما امرك سيدك الرب…” دويتيرونوميو، 20:16.
اي ان جلعاد مثله مثل ابيه واسلافهما الروحيين، يريد ان يدمر سكان غزة، ويريد ان يحولهم هم وحضارتهم الى غبار منثور، وهذه افكار راسخة لسوء الحظ في “العهد القديم”.
وعلى الرغم من ان اليهود المتدينين يتبعون التلمود اكثر مما يتبعون التوراة، ويمكن ان يكونوا نقديين للتفسيرات الحرفية للكتاب المقدس، الا ان جلعاد شارون وهو اسرائيلي علماني، يتبع التاويل الاكثر تفاهة وحرفية للنص التوراتي.
شارون يسير ايضا على نهج الفلسفة الصهيونية المتطرفة لفلاديمير جابوتنسكي و”سوره الحديدي”. كان جابوتنسكي يؤمن ببناء “سور حديدي لا يستطيع السكان الاصلانيون (العرب) تحطيمه ولا اختراقه”. البعض قد يحاجج بان سور جابوتنسكي الحديدي تحول عام 1948، الى العمود الفقري للبراغماتية السياسية الاسرائيلية ـ الى حد كبير انجزه اعداؤها السياسيين ـ وان النكبة يمكن ان ينظر اليها كتجسيد لايديولوجية جابوتنسكي.
وجهات نظر شارون شبيهة ايضا، بما اعرب عنه خلال الاسبوع الماضي نائب في البرلمان الاسرائيلي وهو إيلي يشاي، الذي قال “يجب علينا ان نعيد غزة مجددا الى القرون الوسطى، بتدمير كل بنيتها التحتية بما في ذلك الطرقات والمياه”.
شارون الشاب يقص عليكم الحقيقة بوضوح. فهو يقدم لنا نظرة حقيقية لهوس القتل الاسرائيلي، والعبرة التي يجب علينا ان نستخلصها جلية. آن الاوان لنعترف بانه لا يمكننا فهم الهوس الجماعي الاسرائيلي، وانبهارهم بالعنف والقتل، دون معرفة عميقة للثقافة اليهودية، والاستعلاء اليهودي والنعرة القبلية اليهودية.
لاسباب واضحة، بعض اليهود وحتى بعض الفلسطينين، لا يريدون ان يقبلوا هذه الحقيقة، ويصرون على تجنب اي نقد للطابع اليهودي لـ “الدولة اليهودية”. هذاالتيار الفلسفي يستحق النعت بالمهرج لولا ان الامر ماساوي للغاية. ان معالجة الجذر الهمجي للقضية الصهيونية يشكل الان واجبا انسانيا بديهيا.
اعتقد اننا وصلنا الى نقطة اللاعودة. يجب علينا الان ان نتفحص بشكل نقدي السياسة اليهودية، والخبايا اليهودية والجرائم الاسرائيلية، في سياق الثقافة اليهودية. هذا المدخل قد ينقذ العالم، ومن المنتظر ايضا، ان يوفر علينا ان يحمل كثير من اليهود اصفاد تراثهم.
حكايــــــــــــــــة
امتلكني العجب اليوم عندما علمت بان الصهيوني الشهير جيفري غولدبيرغ، حارس سابقا في احد معسكرات اعتقال الجيش الاسرائيلي، كان من اوائل الذين شجبوا جلعاد شارون. هذه هي كلماته التي نشرها على التويتر بخصوص مقال شارون:
جيفري غولدبيرغ ـ “لقد طلب جلعاد شارون من اسرائيل قصف غزة الى ان لا يبقى لها اثر. انني تفاجأت من قيام جيروزاليم بوست بنشر مثل هذا الخراء (قالها بلغة الجيديش: دريك).
ليس واضحا على الاطلاق اين يعترض غولدبيرغ على تصريحات شارون. مع ذلك واضح ان ما يثير الارباك لدى غولدبيرغ هو فكرة ان تظهر نظرة شارون على الملأ. فهو يقول ” انني تفاجأت من قيام جيروزاليم بوست بنشر مثل هذا الخراء “. يعتقد غولدبيرغ بان الجوانب الاجرامية المتاصلة في الاستعلائية القبلية اليهودية، من الافضل ان تبقى حبيسة اسوار الغيتو. لا يريد ان ان يعرفها الغوئيم (الاغيار).
وعليه كان من المنتظر ان يكون غولدبيرغ من اوائل الذين هاجموا كتابي “الهوية التائهة”( The Wandering Who)، وطارد اتباعي لنفس الاسباب. كان قلقا جدا بسبب ما يقراه الناس عن اسرائيل والصهيونية وسياسة الهوية اليهودية والايديولوجية اليهودية، وهذا الامر كان مسوغا له لان يخدم في الوسط المحيط به كعميل للصهيونية.
- · كتاب الهوية التائهة بالاسبانية منشورات الشرق والبحر الابيض المتوسط، 2012، ترجمته من الانجليزية بياتريس موراليس باستوس.
المصدر الاصلي موقع جلعاد
http://www.gilad.co.uk/writings/sharon-the-truth-teller.html#entry31099957
المصدر الناشر بالاسبانية: موقع ريبيليون
http://www.rebelion.org/noticia.php?id=159795