دولة 194 أم الوطن كقربان

 

لخرافة التوراة وسيطرة الإعلام وطمس التاريخ؟

عادل سمارة

 

كنت ستلقى حتفك وتثكُلك أُمك لا محالة لو قلتها: “دولة افتراضية بلا أرض وكل الأمر ألعاب نارية وحراسة الملعب إلى أن ينهي العدو قضم كل الأرض”.  لو دخلت بين جموع الراقصين من الطبقات الشعبية من فقراء ولاجئين وقلت كلمة واحدة مما تقول أو حتى إن لم ترقص وتهتف وتحيي رئيسَيْ أوسلو-ستان وإخوان-ستان للقيت مصرعك على الإسفلت كما مات ناجي العلي. أو كان سوف يسحبك رجال الأمن سحباً ناعماً لترى نجوم الظهر بعد ذلك، فأنت خائن علانيةً في نظرهم حتى لو كنت وإياهم في سجون الكيان قبل ثلاثين عاماً. كيف لا،  فقد اختلف كل شيىء. ولن يكون مصيرك أفضل من مصير الشاعر القطري الذي انتقد الأمير فسُجن مؤبداً. لا بل اكثر فهو ينقد الحاكم اما انت فتنقد الانتصار على الذات اي استدخال الهزيمة متجلية في اقتسام الوطن مع عدو يصر على الوطن كله وأبعد!

هستيريا مكتملة تماماً، هي نسخة عن ضياع الوطن العربي بأكمله مع فارق واحد ولكنه أساسي لدرجة أنه فالق، إنه فارق فالق: كل ذلك الموات الحضاري العربي والتذابح المجتمعي في كل قطر لكن الجميع على أرضه، أما الفلسطينيون فهستيريا وموات في الهواء، بلا وطن.

أسئلة سهلة وإجابات خرساء

صباح 30 نوفمبر، اي اليوم، كنت أتوقع اسئلته المحرجة، هو حفيدي عمرو الذي تجاوز التاسعة،

قال: هل صوتوا مع الدولة؟

قلت: نعم.

قال: يعني سوف تتوقف دوريات جيش اليهود من دخول القرية؟

قلت: لا

أرغمني سؤاله على مراجعة شريط طويل، ها قد صرت مواطناً في الدولة رقم 194 ، أفكر في بيتي المُقام على أنقاض بيتي السابق الذي نسفته قوات الكيان الصهيوني الإشكنازي يوم 17-12-1967 إثر اعتقالي مع أول مجموعة للجبهة الشعبية، ومزرعتي التي عشت عاملا فيها 30 سنة وأحرقها المستوطنون في الانتفاضة الأولى، أما المستوطنة الملاصقة بيوتها لبيوت القرية لن تزيلها الدولة، ولن تمنحني الدولة رخصة بناء مزرعتي الخالية الآن والمهددة بالهدم لأن العدو يعتبرها في منطقة (ج) بينما منحتني سلطة أوسلو-ستان رخصة على أن قطعة الأرض في منطقة (ب) وكان قد تمكَّن المحامي حسني أبو حسين عام 1997 من إبقاء أمر الهدم معلقا لا هدم ولا ترخيص.

أُجيزت الدولة الافتراضية لكن بقي مدخل القرية الشرقي مغلقاً حيث أغلقته المستوطنة التي تحمل اسم قريتنا بيت عور الفوقا والمستوطنة بيت حورون. وبقي المدخل الغربي تحت سيطرة  نقطة عسكرية صهيونية عليك ان تمشي الهوينا كلما مررت بها لأنها ستوقفك أنى رات. آه من هذه الهوينا التي توحي لي دوما بالمشي في جنازة.

في نهاية الحديث مع الشقي عمرو قال: “طيب يا سيدي فكرك الأسد بصمد”؟. بوعي او بغير وعي عاد الطفل سورياً أي أجاب على تساؤلاته بنفسه.

من سحق الحيز إلى سحق المجتمع

دائماً هو الإنسان الذي بدأ ولن يتوقف. فبمفهوم غرامشي فإن التاريخ “الزمن”، في سعيه للبقاء يسحق  الجغرافيا “الحيز” من الأرض إلى أبعد فضاء، وذلك بنمط الإنتاج، اي بالعمل أو الفعل إن جاز لنا استخدام الأدب، من أجل المجتمع الذي يُنتج ويعيد إنتاج ذاته. فتحقيق بقاء الوجود الاجتماعي عبر نمط الإنتاج بداية بالفأس الحجرية وصولا إلى الدولة/الأمة عبر سلطة الطبقة.

كل ذلك بالإنتاج الحقيقي الذي خلق فيما خلق الاستعمار بما فيه الصهيوني الذي يسيطر على أحدث وسائل الإعلام التي أحلَّت الخبر الصحافي التافه محل رواية التاريخ. الإعلام هو الذي ينقل لك كلمة رئيس سلطة أوسلو-ستان في واشنطن قبل أن ينطقها، أليس هذا اشد سحقٍ للمكان حتى اللحظة، لكنه كذلك سحق سالب للحقيقة. فبدون سحق الحيز من واشنطن إلى رام الله المحتلة حتى بعد 30 نوفمبر 2012، كان وصول خطاب عباس سوف يستغرق اشهراً تتمطى ما بين المستوطنة البيضاء حيث يمتص حمر الرقاب دماء الهنود الحمر إلى المستوطنة الصهيونية التي تشوي لحم غزة، بينما نرقص في الأرض المحتلة 1967 (المستقلة افتراضياً) رقصتان: الانتصار في غزة والانتصار الافتراضي في واشنطن.

كي لا نطيل، يتجلى سحق الحيز عموماً في إعادة تشكيله جغرافيا (السيادة) واجتماعياً (سلطة الدولة بالعنف) وإنتاجيا بالعمل وصولاً إلى إعادة الإنتاج بكل مستوياته. هذا ما أوضحه هنري لوفيفر متعقبا غرامشي  ليكتب:

“تتضمن السيادة “الحيز” وابعد من ذلك تتضمن حيزاً والذي يكون العنف تجاهه إما كامناً أو معلناً، موجهاً- إنه حيز يُبنى ويتم تشكيله بالعنف” (لوفيفر 1974:280). هذا وضع الأمم أو الدول القومية التي عبر نمط الإنتاج ممثلا للزمن سحقت وأعادت إنتاج الحيز الاجتماعي الاقتصادي السياسي وحتى الثقافي وتعيد إنتاج نفسها، والأخطر تعيد إنتاج غيرها.

وما يهمنا هنا هو السيادة من منظور سحق الحيز العربي بيد المستعمِر وإعادة إنتاجه بيد المستعمِر نفسه أو وارثيه، وتفريغ نمط الإنتاج من محتواه الإنتاجي وإحلال الريع محله والوصول من سحق الحيز بيد المستعمِر إلى إعادة إنتاج ذاتي عربي لهذا السحق بشكل متواصل وتعميق نمط الريع في الحياة والثقافة إعادة إنتاج المجتمع/ات العربية وصولا إلى سحق المجتمع لذاته في مختلف القطريات العربية وخاصة في فلسطين! اليست هذه حالة سوريالية؟

ما اردت قوله هو :

·       نقْلُ سحق الحيز من مستواه الفلسفي والسياسي الاجتماعي الطبيعي في المركز عبرعنف الدولة وتأكيد السيادة التي هي في النهاية طبقية،

·       إلى سحق حيز الوطن العربي على يد المستعمِر

·       وتورط المجتمعات العربية إلى سحق الذات عبر:

  • فقدان نمط الإنتاج والتورط في الريع
  • وعبر التذابح الذاتي. طائفيا ومذهبيا وحتى عقيدياً.

فهل يمكن تحقيق دولة فلسطينية فعلية في هذه التعقيدات المتشابكة؟

كان سحق الحيز العربي الأبرزهو 400 سنة من الخضوع لتركيا التي ألغت العروبة مستبدلة إياها بأمة إسلامية مفترضة ، إسلام جرى اختزاله في القومية الطورانية، التي قوضت مواقع الإنتاج لتحول دون أي تبلور قومي عربي، أي هيأت الوطن العربي لتُسلمه، وقد شاخت،  جاهزا للخضوع للاستعمار الأوروبي. فهل عرب يهتفون اليوم للعثمانية يمكنهم تحقيق دولة فلسطينية رقم 194!

وكان السحق الأكثر عمقا للحيز العربي عبر اتفاق سايكس-بيكو عام 1916 للمشرق العربي واتفاق طنجة 1956 للمغرب العربي. لم يكن سايكس-بيكو مجرد استعمار عسكري بل كان ولا يزال مشروع تقويض لأي نمط إنتاج كي لا يتمكن العرب من السيطرة على الحيز ذاتياً.إنه خصي الاقتصاد السياسي حين يفتقر /يُفرغ من نمط الإنتاج. هنا يدخل المعنى الفعلي لتهميش الاقتصاد السياسي بمعنى تقويض مواقع الإنتاج، وتكريس طبقات وأنظمة تابعة غير منتجة وحصر إعادة الإنتاج المجتمعي في اقتصاد الريع.

ضمن تقسيم سايكس-بيكو تحديداً كان التحطيم الأشد للحيز العربي في سوريا التي قسمت إلى اربعة أجزاء منها تكريس فلسطين للاستيطان اليهودي. والمهم في هذا الأمر أن هذا الكيان والقطريات العربية وُلدت معا من رحم سايكس-بيكو، ولا تزال متآخية.

ربيع عربي  أم انتحار وسحق مزدوج للحيز

ليست العبرة في الاتفاق على تسميته ربيعا أم ثورة أم إرهاصات أم اختطاف الثورة المضادة لكل هذا. العبرة في ما يجري على الأرض.

مصر تتمزق اليوم بين قوى الدين الإسلامي السياسي وبين القوى المدنية والحداثية، وبين العرب المسلمين والعرب المسيحيين، اي أن مصر على ابواب سلسلة مخاطر:

·       خطر سحق ذاتي للحيز بتجزئتها

·       وخطر مذبحة اجتماعية بتقسيمها

·       وخطر الانقياد لأنظمة النمط الريعي وللمؤ سسات المالية الدولية بدل نمط إنتاج حقيقي.

·       وفقدان جيشها الذي لا تزال عقيدته ضد الصهيونية

·       وخطر رئيس منتخب ينقلب عى ناخبيه تنفيذاّ لارتباطات حزب سياسي مع المستعمِر عبر تاريخ مديد. حزب يخشى أن يلتقط الحراك الشعبي ( الثورة الأولى ) أنفاسه فيتجذر ليندفع إلى الثورة الثانية أي استعادة الاقتصاد الإنتاجي وبناء القطاع العام ومن ثم الثورة الثالثة لمواجهة الإمبريالية والصهيونية.

مصر إذن أمام سحق متعدد يكرسه النظام الجديد عبر ارتباطه بالولايات المتحدة والكيان  الصهيوني وصندوق النقد الدولي وأنظمة الخليج الريعية والوهابية التي ترمي في النهاية إلى تحويل مصر لدولة وهابية ودولة مسيحية وربما  دول أخرى، اي لا وطناً لكل المصريين.

وسوريا اليوم مهددة بسحق ذاتي للحيز وسحق اجتماعي للعلمانية والموقف القومي بمذبحة تفوق مذبحة العراق الممتدة حتى اللحظة، سحق على اساس طائفي وتحطيم نمط الإنتاج الإنتاجي لتعود مستجدية على ابواب الخليج، وعاجزة بدولها الأربع أو الخمس عن لعب دور يرقى على دور رؤساء البلديات. واستبدال جيشها القوي والعقائدي بشرطة سير ورجال حفظ الأخلاق والحشمة (رجال المطاوعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)  واقتلاعها من قوس المقاومة والممانعة لخدمة الكيان الصهيوني واجتثاث آخر عمق وحاضرة قومية عربية.

وتونس تتدهور نحو اشتباك مفتوح بين سلطة الدين الإسلامي السياسي وبين القوى المدنية والحداثية والقومية واليسارية. وتتدهور باتجاه تعميم التطبيع اجتماعيا وسياسيا ومواصلة التورط في التبعية للسوق الدولي ومديونية صندوق النقد والاعتماد على ريع السياحة ونخاسة الجنس وطرد قوة العمل الشابة للعمل في الخارج. أما ليبيا، فتعاني كل ما ذكر.

في دول الربيع العربي لم تتغير معادلة التجويف والتجريف بعد ولا البنية الطبقية الاجتماعية لحيازة التراكم (لبمبنى الاجتماعي للتراكم)  وإن تغير رأس من يقبضون ريع ذلك، فللتبعية خصائص الهيدرا في إنبات الرؤوس.

أما وهذا هو الحال، فهل يمكن تحقيق دولة فلسطينية حتى في الضفة والقطاع؟

فلسطينيون يعتمدون التوراة وليس التاريخ

لم تكْفِ الاعترافات السابقة لقيادات فلسطينية بالكيان الصهيوني الإشكنازي سواء من قوى أو طبقات منذ عام 1948 ومن أنظمة قُطْرية كمبرادورية بعد كامب ديفيد 1979، او حتى من منظمة التحرير الفلسطينية عام 1988. صار لا بد من اعتراف فلسطيني بسيطرة ، وحتى “حق” اليهود الصهاينة، في كامل فلسطين التاريخية، إعتراف أمام دول العالم قاطبة يوم 29 نوفمبر 2012! اعتراف تم تدبيجه بلغة تنشد البلاغة وتعاني يباساً في المعنى: ” نتمسك بحقوقنا الثابتة، نفذ صبرنا، نراهن على الشرعية الدولية، سنعود للمفاوضات، لا نطالب بانتزع شرعية إسرائيل، المصالحة التاريخية…الخ”

وبعيداً عن التدبيج اللغوي، فمعنى صلب فلسطين أمام 193 دولة، أو أمة، هو تجسيد فلسطيني للانتهاك اليهودي للتاريخ،  للعقل والأخلاق الإنسانية:

·       انتهاك العقل البشري باعتماد خرافة الرواية التوراتية بدل الرواية التاريخية، أي إحلال التوراة محل التاريخ في فلسطين.

·       وانتهاك الأخلاق الإنسانية والعلم والثقافة والفلسفة والتحليل بإحلال الإعلام  محلها وهو مسيطر على معظمه من الرأسماليين اليهود وحلفائهم المتصهينين من مختلف الأمم بمن فيهم حكام الخليج النفطي العربي كذلك.

إنه تهويد التاريخ والإعلام! إن عتراف فلسطينيين وعرب بالكيان الصهيوني الإشكنازي هو خضوع لخرافات وتخريفات الرواية التوراتية بأرض الميعاد التي لم يكونوا فيها حتى يعودوا إليها. لم يكن فيها سوى قلة يهودية اكشتفتها الصهيونية بعد أن قررت اغتصاب فلسطين مسترشدة بأول داعية صهيوني هو مارتن لوثر. إن الرواية التوراتية هي أخطر نقض للتاريخ بما هو سجل الحضور الإنساني وليس فقط الصراع الطبقي.  وحين تقبل الأنسانية بشطب التاريخ وتجاوزه تكون قد تورطت في نقض جوهرها، وتجاوزت على قول ديكارت: “أنا أفكر إذن أنا موجود”. إنسانية بهذا التورط تعني عودتها إلى البهيمة، وعليه حاجتها إلى “أنا مشتبك، إذن أنا موجود” أي كنس خرافات وضعت وعي الأمم في مؤخرتها.

  أما قبول فلسطينيين بذلك، فهو الانتحار. إن هذا الذهاب الفلسطيني إلى الأمم المتحدة بحثا عن دولة افتراضية هو قبول بخرافة التوراة اليهودية على حساب التاريخ الإنساني وخاصة العربي والفلسطيني، إنه انتحار وطن.

كي لا نُطيل، نسأل السؤال الذي يثيره كثيرون: طالما أن زعيم التيار القُطري العلماني الفلسطيني (أسلو-ستان)  وزعيم قوى الدين الإسلامي السياسي  الفلسطيني (إخوان-ستان) يتنازلان عن 78 بالمئة من الوطن للعدو، ويقبلان بتقاسم البقية معه، فما معنى تعنت الولايات المتحدة والكيان وخاصة بعد اتفاق أوسلو الأول مع فتح 1993 واتفاق أوسلو-إخوان مع حماس 2012؟ ورفضهما للدولة الإفتراضية؟

ربما تكمن الإجابة هنا بان الكيان الصهيوني متمسك بالزعم التوراتي بأن الضفة والقطاع هما أجزاء من ما تسمى أرض إسرائيل وبأن الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على نفس الموقف. من هنا رفض دولة للفلسطينيين في اي جزء من فلسطين، واعتماد سياسة المداورة بإبقاء الحكم الذاتي غير السيادي كآلية لتقطيع الوقت وتمرير قضم الأرض وتهجير ما أمكن من الفلسطينيين بالإزاحة أو الانزياح الذاتي إلى أن يتوفر الظرف المناسب للطرد والضم النهائي وربما مع الإبقاء على عينة فلسطينية من الاجنحة الراسمالية الكمبرادورية التي خدمت وتنفعت من سلام راس المال ، اي اتفاق أوسلو. وكون الكيان والولايات المتحدة لا يعلنان ذلك، فهو لا يعني سوى ما يعنيه. بل إن نجاح مروجي الرواية التوراتية ومن بينهم عرب ومسلمون في توريط الوعي العالمي بأن هناك مشروعية للكيان الصهيوني قد وصل حد الحذر من قبول عضوية حقيقية لدويلة فلسطينية على أجزاء من الضفة والقطاع. وهكذا تتحكم التوراة اليهودية  والإعلام الصهيوني بالراي العام العالمي الذي يُدار ب ريموت كونترول غيبي وتكنولوجي معاً.

وفي الجانب الفلسطيني، فإن شعار القرار الوطني المستقل قد انتهى إلى قرار عدم الاستقلال حين المطالبة بدولة افتراضية لأنه تضمن شطب منظمة التحرير كونها تمثل في الأمم المتحدة التحرير والعودة. تكفل دولة 194 حصر فلسطين في أجزاء من الضفة والقطاع، وحصر الفلسطيني في من يعيش في الضفة والقطاع. أما من جانب قوى الدين السياسي، حركة حماس خاصة، فهي تبدي تراجعا تدريجيا وتراجيدياً عن شعارها بأن فلسطين وقف إسلامي.

في الجانب العربي، فإن “الربيع العربي” قد جلب في الوقت المناسب قوى الدين الإسلامي السياسي التي كما يبدو تؤمن بالرواية التوراتية لا سيما وأنها غيبية من جهة ولا قومية من جهة ثانية. وهنا قد نعثر على تفسير موقف هذا التحالف بين هذه  القوى والمركز الراسمالي والكيان ، موقف يقوم على:

·       إيمان بالراسمالية حتى بطبعتها التجارية

·       ثقافة كوزموبوليتية لا تؤمن بالوطن بل وتُقدم السلطة والمال عليه

·       تتقاطع مع الرواية التوراتية

وهذا يفسر تقاطع مصالحها مع المركز الإمبريالي وحرصها على عدم تراخيه وتفككه.

إلى اللحظة، لا حل بل رؤية للحل

بوصول منظمة التحرير الفلسطينية إلى محطة أوسلو وما ترتب عليه من مغادرة النضال لتحرير فلسطين وحق العودة وتحقيق الدولة الديمقراطية التي روجت لها وذلك مقابل مشروع دولة في الضفة والطقاع، ها هي  بعد عشرين سنة من محطة أوسلو  تتورط متنازلة إلى دولة افتراضية في هذين الجزئين من فلسطين. وخلال هذه الفترة وما قبلها صيغت أشكالا عديدة من الحلول،  بين دولة ديمقراطية وعلمانية وثنائية القومية ودولة رباعية من بلاد الشام تضم الكيان…الخ، وجميعها ولدت ميتة، وما بقي حياً هما:

·        مشروع الكيان في مواصلة قضم الأرض وصولاً ، إن أمكنه، إلى نهري النيل والفرات

·        ومشروع المقاومة على الأرض رغم تساقط العديد من قيادات القوى السياسية وفتكها بوعي الكثير من عناصرها.

لقد اكدت الدولة الافتراضية ان حل الدولتين على ما فيه من كارثة شطب التحريروالعودة، هو حل مرفوض. وهذا يعيد الأمر إلى المربع الأول بأن الحياة مقاومة حتى تحقيق التحرير والعودة وهو امر لا ينجزه سوى النضال الدؤوب للمقاومة والممانعة وخاصة أن قوتهما في تصاعد على الصعيد الإقليمي ويردفها التنامي القطبي الجديد عالمياً. النضال الذي  هو رهن بحركة الثورة العربية الاشتراكية التي تحتوي اليهود كإثنية لها حقوقا كبقية الإثنيات والقوميات في الوطن العربي على أن تُجرَّد مما نهبته من أرض الشعب الفلسطيني.  صحيح أن هذا الحل مجرد رؤية حتى الآن، ولكن لا حل سواه. وليست كافة المشاريع سوى تقطيع وقت من قبل الثورة المضادة، ومقاومة ذلك من قبل قوى الثورة.