سؤال للمقاتلين والبسطاء والمعترفين والمطبعين وأنسال الاختراق والمنافقين
عادل سمارة
قِيل أن ابا الأسود الدؤلي كان شاعراً وفارساً، وحدث ان قام عمر بن ابي ربيعة الشاعر الماجن بملاحقة زوجته كلما طافت بالبيت الحرام في غير موسم الحج. ولضيقها أخبرت زوجها فرافقها ذات مرة، ولما رآه عمر بن ابي ربيعة تنحى فمال عليه ابو الأسود وقال له:
تعوي الكلاب على من لا أُسود له…. وتتقي صولة المستأسد الضاري
ومنذ حينها توقف عمر بن أبي ربيعة عن الاعتداء على جنوب لبنان وعاشت بنت جبيل في أمان وزرع أهلها الورود عند آخر شبر من لبنان المحاذي لآخر شبر من شمال فلسطين المحتلة.
يجيىء هذا القول بمناسبة خروقات الاحتلال للتهدئة مع قطاع غزة (48 خرقا في 15 يوماً نتج عنها قتلى وجرحى – اي ان العدوان لم يتوقف) والتهدئة بوساطة هيلاري كلينتون وتعهد الرئيس المصري محمد مرسي وورائه (أو أمامه) أمير قطر وملك السعودية والرئيس التونسي وجامعة الدول العربية بطولها وعرضها وكل من زار قطاع غزة من حاملي الرايات البيضاء وحتى ممثلي 14 آذار وخاصة الكتائب مرتكبي مذبحة صبرا وشاتيلا، وهي مذبحة ضد (اليهود الإشكناز كما يبدو وليست ضد فلسطينيين! وإلا كيف سمح حكام غزة بدخولهم واستقبالهم!
لم يرد المقاتلون على عدوان الكيان، وهذا شأنهم ولهم تقدير ظروفهم، ويعطيهم العافية على الصمود وإيذاء العدو بأعظم مما توقع. هم يختارون متى يردون.
السؤال اللافت، لماذا لا يجرؤ الاحتلال على ضرب جنوب لبنان؟
وهل هناك جواب غير أن حزب الله قد اعتنى بأن يتسلح من إيران وسوريا بأكثر ما يمكن قوة وتطوراً؟ ولم تبخل عليه سوريا وإيران بذلك.
لقد كان السيد حسن نصر الله حاد الذكاء حينما قال قبل ثلاثة أشهر بأن السلاح في غزة هو سلاح صناعة سورية وإيرانية. كان يعرف أن البعض سوف ينكر ذلك مع تقادم الزمن كي يبرر هذا البعض خيانته ورِدَّته على الشعب العربي السوري ومشاركته في المذبحة. ولم يجرؤ أحد على إنكار ما قاله سماحة السيد. ولكن حرب الكيان على غزة أرغمت الذين تسلحوا من سوريا وإيران على شكر إيران (بعد تردد طويل) وليس سوريا. لا بأس ليس هذا بيت القصيد. والسؤال هو لماذا التردد؟ هل لأن مصر وقطر والسعودية والإمارات والجامعة العربية وسمير جعجع طمأنوهم بأنكم لن تحتاجوا السلاح بعد اليوم، ولذا بوسعكم إدارة الظهر لمصدر السلاح والوجه لأصحاب المال الذين قد لا يدفعوا، وإن دفعوا سيكون شرطهم وقف المقاومة والاعتراف بالكيان. ربما ليس غداً، ولكن بالتدريج كي تبلع الناس السم ببطء.
لكن العدو، الذي لم يحترم اي نظام عربي، لم يحترم هذه الكومة من الحكام، فخرق التهدئة عدة مرات في كل يوم. ولم ينبس اياً من هؤلاء بكلمة.
ليس هذا هو السؤال بعد. السؤال ماذا يقول المفتونون بهذه الأنظمة؟ ماذا يقول البسطاء الذين يرفضون التفكير في حقائق أوضح من الشمس، أوضح من إحساسهم بوجود رؤوسهم على أكتافهم؟ ألا يبرر لنا هذا كَيُّ الوعي كي يفيق؟
لا نقول ماذا يقول المثقفون المخروقون وخارقو أنفسهم بأيديهم. لأن هؤلاء في الصف الآخر. وإلا ما معنى أن يقول مثقف/ون/ات إن النظام السوري طائفي ولذا يتحالف مع إيران. الشرفاء في سوريا يعرفون أن النظام ليس طائفياً، ولكن طالما هو طائفي، ايها الذكي فوق طاقتنا، لماذا قام النظام السوري بتسليح غزة رغم أن حماس سُنية سلفية وهابية إخوانية ؟ والإخوان يحاربون سوريا قبل أن يتكونوا!
هل أرسل مرسي السني رصاصة إلى غزة؟ ألم يهدم الأنفاق التي كانت تمر منها الصواريخ مفككة ليُعاد تركيبها في غزة؟ هل يسمح نظام الإخوان للشرطي المصري اليوم بتمرير الصواريخ، بل اي معدن من المعابر (الشرعية) ؟ هل تسمح القوات الأميركية في سيناء اليوم بتمرير الصواريخ أم انها هناك من أجل تحضير ماء الضوء للشيخ قرضاوي والغنوشي وعزمي بشارة وتمرير قادة 14 آذار وهم بنفس الملابس التي بها ذبحوا صبرا وشاتيلا؟ ملابس هؤلاء المدمَّاة لا تزال تذكرنا بما كتبه إيهود باراك على كراس دعايته الانتخابية حينما ترشح عزمي بشارة (المفكر والمناضل القومي العربي) ترشح مقابل باراك لرئاسة وزراء الكيان فهل هناك أربح من هذه الدعاية لديمقراطية الكيان؟ فقد كتب أحد الصهايتة بالإنجليزية (الله أكبر رئيس وزراء!) وبالطبع تنازل عزمي بصفقة ليدعم باراك باعتبار باراك يسارياً!. كتب باراك حينها: (واصلت إطلاق النار على أبو يوسف النجار حتى تطاير بياض عينيه على بزتي العسكرية). يا للهول من يكون من ينسى هذا! هل أرسل امير قطر سلاحا إلى غزة. دعك من هذا، لماذا لا ترسل السعودية اسلحة إلى غزة وهي التي اشترت اسلحة بتريليونات الدولارات من الولايات المتحدة؟ أين هي هذه الأسلحة؟
قد يقول سُنِّي أذكى مني ومن المرحلة: هذه لمقاومة إيران. ماشي الحال، أليس بالإمكان (شوية صغيرة من الأسلحة؟). لا بأس، السعودية تضيع فلوسها في دعم خزينة الولايات المتحدة عدو العرب الأول والأخير، نعم والأخير، فمع انهيارها سيمضي الكيان وكل الغرب إلى قعر المستوى الدولي.
خيار آخر، إذا كانت غزة لا تستحق سلاحا ثمينا من صنع الولايات المتحدة، فلتشتري لها السعودية أسلحة من روسيا. وروسيا اليوم مؤمنة وحتى أرثوذكس! وليست شيوعية كافرة كالاتحاد السوفييتي السابق، نعم فهناك أسلحة كافرة وأخرى مؤمنة وثالثة منافقة!. والسلاح الروسي رخيص جدا وفعال. أليس صاروخ كورنيت هو الذي فعل أكثر مما فعل عنترة بن شداد؟
لتختصر السعودية بضعة دولارات مما تدفعه للولايات المتحدة سواء من تخفيض سعر النفط أو التبرع بتريليونات صندوقها السيادي (هي وبقية دول مجلس التعاون الخليجي) لإنقاذ اقتصادات الولايات المتحدة والغرب، والقول لاقتصادي يميني امريكي بول كرياج روبرتس يهزأ من غباء المحافظين الجدد الذين: ” يحاولون تفكيك السعودية رغم أنهم لن يجدوا خادما أبدا مثل البيت الملكي السعودي”![1]
هل بوسعنا القول إن السلاح أعلى وأغلى وأهم من فلوس النفط التي ثمنها المساومة وشطب حق العودة؟ فلوس لا تُستخدم لشراء السلاح بل لشراء التسوية. والسلاح الإيراني والسوري وسلاح حزب الله ليس بيعاً بل هبة.
سيقول المنافقون هذه الهبة من أجل سيطرة إيران على غزة ولبنان! أما حين يصل ذكاء البعض إلى هذا المستوى العبقري، فللأسف بما أننا لا نعرف الجغرافيا، فليس بوسعنا تحليل هذا القول العبقري، زاد الله من نسلكم وكان الله في عون مقاتلي غزة وأهلها.