د. منذر سليمان
مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي
واشنطن، 12/08/2012
المقدمة:
التفاعل السريع للاحداث في مصر، والزج بمسألة الاسلحة الكيميائية السورية الى الواجهة ساهمت في تسليط مراكز الابحاث بعضا من جهودها للاهتمام بها. كما ان بعضا منها تناول استقراء ملامح السياسة الخارجية الاميركية في الولاية الرئاسية الثانية للرئيس اوباما.
تداعيات المعركة الانتخابية الاميركية، وما افرزته من تصدعات واعادة اصطفافات داخل الحزب الجمهوري شكلت محور قسم التحليل في السعي لتحديد ادق للقوى الفاعلة والمؤثرة، وما ينتظر المشهد السياسي الاميركي من هزات قد تؤدي الى تنامي نفوذ الاجنحة السياسية الاكثر محافظة وانعزالا على حساب التوجهات البراغماتية التقليدية.
ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث
برز مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations من بين اقرانه في تغطية مفصلة للاحداث المصرية، محملا مسؤولية تفاقم الاوضاع الى اقطاب المعارضة “الذين يدركون انه لن يكون بوسعهم الفوز بالانتخابات وربما يدركون انهم عاجزون عن تعطيل الاستفتاء. فالاسلاميون سيكسبون الاستفتاء لا محالة .. والدستور ستتم المصادقة عليه.” واوضح ان اقطاب “المعارضة العلمانية تسعى لتعطيل اي نوع من الانتخابات .. اذ ان المصادقة على الدستور تشكل بداية تحولات سياسية واجتماعية.”
اما معهد كارنيغي Carnegie Endowment فقد تناول دور المؤسسة العسكرية في مصر، قبل تفاقم الازمة الراهنة، في سعيه للتعرف على المسار المحتمل للمؤسسة. وقال ان المؤسسة العسكرية عبر مجلسها العسكري آثرت “الانسحاب من المشهد السياسي منذ شهر آب / اغسطس ولم نعد نسمع صوتها منذئذ.” واوضح انه في حال تطورت الاوضاع الى الاشتباك بين القوى العلمانية والاسلامية “قد لا يكون بوسع المؤسسة العسكرية ترف النأي بنفسها عن الاحداث،” لا سيما وان طرفي الاشتباك يتداخلان في التركيبة البشرية للقوات المسلحة.
اما معهد واشنطن Washington Institute فقد اعرب عن اعتقاده بعدم اقدام الرئيس مرسي على التراجع عن اجراءاته نظرا لخلفيته الفكرية والثقافية في كنف الاخوان المسلمين وثقة “مكتب المرشد بحشد الآلاف من خلايا فردية تتكون من 5 الى ثمانية اشخاص .. ونشرها بسرعة في اي بقعة يراها ضرورية.” كما ان الرئيس “مرسي اشرف بنفسه (سابقا) على جهود حشد وقيادة كوادر الاخوان في ميدان التحرير” للاطاحة بالرئيس حسني مبارك. “يتملك تنظيم الاخوان شعور مفرط بالثقة الذاتية لتفوقهم عدديا على خصومهم الحاليين، ومن غير المرجح ان يقدم (الرئيس) مرسي اتخاذ خطوات تستجيب لمطالب المحتجين وهم اقل عددا من انصاره.”
معهد واشنطن Washington Institute ايضا كان من رواد المروجين لمزاعم حتمية استخدام سورية اسلحة كيميائية، اذ “قد يجد النظام نفسه في وضع يسهل عليه تقديم تفسير عمليات صغيرة منتقاه بانها من صنع “الارهابيين” او كرد مشروع للاوضاع العسكرية والتهديدات التي تواجه البلاد … كما قد يلجأ الى شن غارات صغيرة نسبيا ضد اهداف مدنية بغية ترويع السكان او معاقبتهم لدعمهم المتمردين.”
اندلاع المواجهات بين المسلحين والاكراد السوريين كانت موضع اهتمام معهد الدراسات الحربية Institute for the Study of War من زاوية تداعياتها على المشهد التركي. واعرب المعهد جازما عن “عدم قبول تركيا لسيطرة حزب الاتحاد الديموقراطي على مناطق كردية في الاراضي السورية طالما ابقى على علاقات متينة مع حزب العمال الكردستاني.” وقال ان تركيا “قد تلجأ لاحياء العمل باتفاقية أضنه” التي من شانها السماح لها بشن غارات عبر الحدود السورية ضد اهداف كردية.
اعتبر معهد واشنطن Washington Institute تنامي المظاهر العسكرية في الخليج “اعمالا عدائية من قبل ايران” محذرا انه ان لم “تتجاوب (ايران) مع المساعي الديبلوماسية، يتعين على الولايات المتحدة القيام بمهام لتعزيز حرية النقل البحري العالمية تتضمن طلعات جوية لطائرات (مقاتلة) … تتبع ترسانة دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص.”
في الشان الايراني ايضا، تناولت مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation ما اسمته النفوذ الايراني في منطقة القوقاس، مناشدة الولايات المتحدة تعزيز علاقاتها الثنائية القائمة في منطقة بحر قزوين بغية “عزل ايران .. وتحييد نشاطاتها التخريبية في المنطقة.”
في المقابل، شنت مؤسسة هاريتاج حملة نقد قاسية على الادارة الاميركية على خلفية عناصر الاستراتيجة النووية الاميركية للقرن 21، متهمة اياها “قبولها النظر في احداث تخفيضات اضافية للقدرات النووية الاميركية استنادا الى فهم مضلل يرى ان العالم يصبح اكثر أمنا عند تبني الولايات المتحدة سياسة ردع نووية.” وطالبت الادارة الالتزام بتعداتها الدفاعية حيال حلفائها واصدقائها “مما يستوجب عليها المحافظة على مستويات من الرؤوس النووية العاملة تبلغ نحو 2700 الى 3000 والتحلي بمرونة كافية تتيح ادخال تعديلات متواصلة عليها … اذ ان الاحتفاظ بنسبة تنامي القوة الاميركية غير المتماثلة من شانه صون قدرة الولايات المتحدة على التحكم بالاحداث والتطورات، بدلا من الاحتكام الى اهواء الدول الاخرى.”
التحليل:
بعد صدمة الانتخابات هل يستطيع الحزب الجمهوري اعادة التوحيد والبناء؟
فور خسارة الحزب الجمهوري ومرشحه ميت رومني للانتخابات، عكفت قيادات الحزب على استخلاص الدروس والتمهيد لحملة انتخابية مقبلة، الانتخابات النصفية عام 2014، وما بعدها من انتخابات رئاسية لعام 2016. وتحشد القيادات مصادر قوتها مبكرا في عدد من التجمعات السكانية على امتداد الولايات المتحدة بغية ادخال اصلاحات هيكلية على بنية الحزب وتهيئة بعض الشخصيات التي تعتقد ان لها حظا اوفر للفوز في الجولات الانتخابية المقبلة. اللافت في الامر ان تلك الترتيبات تجري دون ضجيج اعلامي في كافة المستويات المحلية والهرم القيادي للحزب، والتي تعاني قواعده من تصدع وربما انشقاقات – ليس اولها استقالة السيناتور المتمرس جيم ديمانت، عن ولاية كارولينا الجنوبية، وهو من اشد المقربين للتيار شديد المحافظة، حزب الشاي. كما انشق عن الحزب الجمهوري الحاكم السابق لولاية فلوريدا 2007-2011، تشارلي كريست، باعلان انضمامه للحزب الديموقراطي، 7 كانون الاول / ديسمبر، رغبة منه في خوض الانتخابات النصفية ضد السيناتور ماركو روبيو.
تدرك قيادات الحزب انه لا يجوز التغاضي عن قدرة القيادات الشابة المحلية، لا سيما لنفوذها الواضح في حشد جيش من المتطوعين لحث الناخبين على التصويت واغراقهم بسيل من الاتصالات الهاتفية لهذا الغرض. كما يدركون مدى السلطة الحقيقة لاولئك في دفة القيادة المحلية للحشد والتحرك السلس بين الدوائر الانتخابية المتعددة بشكل اكثر فعالية من القيادات العليا التي تستند بقوة الى جهود القيادات المناطقية لحسم الانتخابات لصالحها. وعلى سبيل المثال، فان مسؤول محلي يؤيد مرشح حزب الشاي كسارة بيلين يتميز بقدرة جيدة لحشد الاصوات افضل بكثير من الحملات الدعائية المكثفة بالغة الكلفة.
تختلف آلية عمل الحزبين الديموقراطي والجمهوري عن الاحزاب التقليدية المعهودة بنمط تصاعدي يبدأ من القاعدة. بوسع اعضاء الدوائر الانتخابية المنتخبين، في شهر تشرين2 / نوفمبر الماضي، تعيين هيكل القيادة المحلي وانتداب المؤهلين لتمثيلهم على مستوى قيادة الولاية وانتخاب مسؤولي الولاية وممثلين عنهم للجنة الحزبية العليا.
قاطن البيت الابيض، ايا تكن ميوله السياسية، يكتسب صلاحيات واسعة داخل حزبه السياسي وتؤخذ ترشيحاته بالحسبان. اما الحزب الاخر خارج البيت الابيض، الحزب الجمهوري في هذه الحال، فان قاعدته الشعبية وهيكليتها تلعب الدور الاهم في صياغة التوجهات والسياسات ووجهة التصويت على المستوى المحلي ولها دور في اختيار زعيم الحزب على مستوى الولاية ككل، وكذلك لمن سيتبوأ منصب رئيس اللجنة القومية للحزب الجمهوري في مطلع العام المقبل.
من شأن الطرف الفائز ان يعلو على التباينات العقائدية داخل قاعدته الانتخابية، اما الهزيمة فمن شأنها مفاقمة مسار الانهيار والتصدع، الامر الذي نشهده راهنا خاصة لناحية مشاعر الاحباط داخل بنية الحزب الجمهوري وتبادل الاتهامات وتعدد مسببات الخسارة في وجهة نظر التيارات المختلفة. الكل بانتظار ما ستسفر عنه صراعات الاجنحة المختلفة في الحزب من نتائج وهل ستؤدي الى اعادة اللحمة له قبل فوات الاوان في الدورة الانتخابية المقبلة.
تنقسم التيارات البارزة في الحزب الجمهوري الى ثلاث: تيار المؤسسة (التقليدي)، وتيار حزب الشاي المتشدد، وتيار يسار اليمين – ليبرتاريان. فالتيار الاول يجنح نحو الوسطية في التوجهات الاجتماعية ويدعم بقوة فئة المستثمرين. اما تيار حزب الشاي فيميل الى التشدد والتوجهات المحافظة في الشؤون الاجتماعية وينادي بتقليص حجم ودور الدولة المركزية. بينما التيار الثالث – ليبرتاريان – فيميل الى الوسطية والاعتدال في القضايا الاجتماعية لكنه يؤيد تقليص دور الحكومة المركزية.
تبوأ التيار التقليدي (الاول) المركز القيادي في الحزب لنحو 12 عاما متواصلة، اذ ان الرئيس جورج بوش الابن كان مرشح التيار المفضل وفوزه بولايتين رئاسيتين ساهم في تهدئة صراعات التيارات الحزبية الاخرى. كما ان جون ماكين هو ايضا مرشح التيار المذكور، بيد ان خسارته السابقة حفزت صعود بعض المتمردين داخل الحزب: تيار المرشح رون بول (ليبرتاريان) وتيار حزب الشاي المتشدد.
ميت رومني ايضا كان مرشح التيار التقليدي مقابل رون بول مرشح تيار الليبرتاريان. اما انصار حزب الشاي فتوزع تأييدهم بين عدة مرشحين اخرين، ودعم البعض منهم ميت رومني على مضض. خسارة الاخير انعكست سلبا على هيبة ونفوذ التيار التقليدي الذي تضاءلت سلطته لتصبح هشة في افضل الاحوال. وعليه، تجري جولة الانتخابات المحلية وهي على اشدها للسيطرة على الحزب الجمهوري من بين تلك التيارات الثلاث المذكورة.
الاجنحة المتنافسة
الجناح التقليدي: الثراء واليسر ومستوى التحصيل العلمي العالي هي اهم مميزات اعضائه، مع الاخذ بعين الاعتبار ضآلة الحجم البشري لكنه التيار الاوفر حظا للتأثير على اداء الحزب. وانطلاقا من طبيعته الميالة للوسطية والاعتدال، يميل اعضاءه لدعم مرشحين يشاطرونهم تلك القيم وبوسعهم استقطاب شريحة الناخبين المستقلين عن الحزبين. كل ما تم ذكره من مواصفات كان الدافع الاكبر لدعم ميت رومني، والمعروف عنه ميله للتيار الليبرالي ابان فترة حكمه ولاية ماساتشوستس.
باستطاعة اعضاء التيار التقليدي استثمار وفرة السيولة المالية للانفاق على حملات يقودها المتطوعون والتي تنطوي على صرف مستحقات السفر عند الحاجة. وبناء عليه، يبرز انصار التيار في عدد كبير من المناصب القيادية على مستوى الولايات واللجنة القومية للحزب الجمهوري بنسبة اعلى مما تعكسه قاعدة تأييدهم الشعبية.
يواجه التيار التقليدي تحديا كبيرا يتمثل بتمرد بعض قواعده على خلفية اختياره لميت رومني، اذ القى جانبا وجهة النظر القائلة انه باستطاعة مرشح معتدل عن الحزب الفوز بالانتخابات. كما ان عددا لا بأس به من زعامات التيار هم من مخلفات عهد جورج بوش الابن اضحوا كبارا في السن او ينظر اليهم كأنهم ينتمون لعهد وقيم مضى زمانها. تجدر الاشارة الى ان الشخصيات القيادية الجديدة في الحزب الجمهوري لا تنتمي لتلك الفئة التقليدية، كما كان العهد سابقا. جيب بوش، الشقيق الاصغر لجورج بوش الابن، الذي يجري تسويقه كمرشح رئاسي محتمل لعام 2016، هو الاوحد من مرشحي التيار التقليدي. اما التيارات والاجنحة الحزبية الاخرى فهي لا تبدي ترحيبا لهذا الاختيار خشية تكريس بداية عهد عائلة ملكية لآل بوش داخل الحزب الجمهوري.
حزب الشاي: برزت فقاعة حزب الشاي عام 2009 والذي يعود اليه الفضل نسبيا بنجاح الحزب الجمهوري في السيطرة على مجلس النواب عام 2010. ثقافة مؤيديه عادة متواضعة وهم اقل ثراء وينتمون للمناطق الريفية. وعليه لم يكن بوسعهم توفير مبالغ مالية كبيرة لميزانية الحزب، بصرف النظر عن تمثيلهم القوي للقاعدة الحزبية العريضة. وقع اختيار التيار المذكور على عدة مرشحين للانتخابات الابتدائية للحزب بغية اختيار مرشحه العام، كان في عدادهم ريك سانتورم ومارك بيري وهيرمان كين. وتعد المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس، سارة بيلين، احدى الشخصيات القيادية في التيار.
لم يعد تيار حزب الشاي يتمتع بذات مستوى النفوذ السابق عام 2010، اذ تراجع دعم بعض مؤيديه والتحقوا بمهام اخرى، اما البعض الاخر فقد كشف عن شح الكفاءات السياسية المطلوبة للتواصل الحزبي. وهناك ايضا من آثر البقاء وممارسة نشاطه لتعزيز دور التيار.
الخلافات السياسية والعقائدية بين التيار والجناح المؤسساتي التقليدي بارزة، بل بلغت حدة الصراع مستويات الاشتباك المفتوح بينهما، منذ عام 2009 ولغاية 2012، دار بعضها على مستوى الدوائر الانتخابية على خلفية السيطرة والتحكم بلجنة الحزب المحلية. وفي معظم الحلات تمكن التيار المؤسساتي التقليدي الاحتفاظ بسيطرته.
يتطلع تيار حزب الشاي الى احداث تغيير في قيادات الحزب الجمهوري، لعل الفترة الراهنة ستشهد نتائج الصراع الجاري. من البديهي ان المتنفذين في الحزب يملكون خبرة واسعة تخولهم ادارة الصراع مع خصومهم بفعالية ومصداقية. تجدر الاشارة الى ان عددا من الشخصيات الواعدة لتبوأ مناصب قيادية، ومرشحين مرتقبين للانتخابات الرئاسية المقبلة، 2016، تدين بولائها لهذا الفصيل المتشدد. ومن ابرز عناصره سارة بيلين ومارك بيري وريك سانتورم وماركو روبيو وبول رايان، والذين تجدر مراقبة مسارهم السياسي للسنوات الاربع المقبلة.
تيار يسار اليمين – ليبرتاريان: افصح هذا التيار عن وجوده ككتلة حزبية عام 2008، واثبت قدرته التنظيمية العالية في الجولة الانتخابية لهذا العام، خاصة في تنظيم وحشد القاعدة الانتخابية التي تبلورت في دعم المرشح رون بول، لا سيما في الولايات التي شهدت تجمعات انتخابية بدل انتخابات تمهيدية. من اللافت ان نفوذ وقوة التيار بين النشطاء المحليين هي افضل من دعم القاعدة الانتخابية للحزب بشكل عام.
ملامح التيار المستقبلية لم تتشكل بعد وقد تثبت انها التحدي الاهم امامه. اذ ان زعيمه على المستوى القومي، رون بول، ضالع في السن ومن المستبعد ان يدخل جولة الانتخابات الرئاسية المقبلة. اما نجله، السيناتور راند بول، يعتبر اقل التزاما من ابيه بالوجهة السياسية للتيار، مما يثير استياء بعض الاجنحة النافذة، مع العلم ان “فقدانه” لتلك الميزة تجعله اقرب للتيار المؤسساتي التقليدي.
خطوط التماس
تكتسب شخصية الزعامة السياسة اهمية استثنائية في الانتخابات المحلية للمرشحين الجمهوريين، اذ يكمن الصراع بين ميول تأييد “المؤسساتي التقليدي مقابل نقيضه” والذي يلتقي عليه جناحي حزب الشاي والليبرتاريان ليضعوا خلافاتهم العقائدية حول القضايا الاجتماعية جانبا بغية انتزاع موقع المسؤولية والقيادة من الجناح التقليدي المسيطر. من العسير في هذه الفترة المبكرة التكهن بنتائج الصراع داخل اجنحة الحزب، الا ان المؤشرات الاولية لكن غير الموثقة تدل على ان التيار المناهض للجناح التقليدي المسيطر استطاع الفوز ببعض المناصب المركزية في الانتخابات الحزبية على مستوى المقاطعة والمحافظة.
لو كتب النجاح لهذا المدد على مستوى المراكز القيادية في الولايات والحزب المركزي، فان هوية الحزب الجمهوري لعام 2013 ستؤشر الى تضاؤل التيار المعتدل وتعزيز دور الجناح المطالب بتقليص نفوذ الحكومة المركزية. ومع ذلك، سيتوفر للحزب قاعدة اقوى واشد حماسا وتنظيما عما كان عليه الوضع لبضع سنوات خلت. كما سيؤدي ذلك الى الاستنتاج بأن يتوفر في مرشحي الحزب للمناصب القومية الميل لدعم تقليص حجم هيكلية الحكومة المركزية للانتخابات المقبلة عام 2014.
من نافل القول الدور المركزي الذي تلعبه هيكلية الفروع الحزبية المحلية في المرحلة التمهيدية من الانتخابات الرئاسية. بصرف النظر عن سيطرة الجناح المؤسساتي التقليدي على المنظمات الحزبية في الولايات المتعددة، لعام 2012، ودعم مرشحها ميت رومني، الا انه يصعب التكهن بقدرة الجناح المذكور على تكرار التجربة في دعم ترشيح جيب بوش او اي مرشح آخر يمثله. بل يمكن القول ان ترشيح الشخصيات المذكورة سابقا، سارة بيلين ومارك بيري ورون بول وريك سانتورم وماركو روبيو وبول رايان، ستلقى معارضة اقل حجما وصلابة من الجناح التقليدي المسيطر على الحزب.
الجولة الانتخابية المقبلة ملآى بالمفاجآت، لا سيما بالنظر الى التعديلات التي ادخلت على ضوابط وقوانين مسار الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في مؤتمره العام الاخير لتقليص الفجوة الزمنية الطويلة بين بدء السباق الانتخابي واختيار مرشح الحزب، مما يوفر اولوية للمرشحين الذين التحقوا باكرا للفوز.
مساعي الجمهوريين لتعديل قوانين الهيئة الانتخابية لصالحهم في جولات الانتخابات القومية المقبلة
جدير بالذكر ان محاولات الحزب الجمهوري “لتزوير” نتائج الانتخابات القومية بدأت على قدم وساق في شهر ايلول / سبتمبر الماضي، والرامية لتعديل القوانين المعمول بها في “الهيئة الانتخابية” العليا التي حسمت نتائج الانتخابات لصالح الرئيس اوباما بفارق 332 صوتا مقابل 206 لخصمه رومني (المجموع 538 صوتا). وتجددت المحاولات على الفور للمطالبة بتعديل الضوابط القائمة بحيث تعطي اولوية لمرشح الحزب الجمهوري في عدد اصوات الهيئة المذكورة خاصة في الولايات التي يشكلون فيها اقلية اصوات الناخبين – بكلمة اخرى، ان السباق الرئاسي بين الحزبين يجري وفق قاعدة حسم كل ولاية على حدة، وليس وفق مجموع الاصوات الشعبية على المستوى القومي.
وعليه تجري محاولات محمومة لادخال تعديلات على آلية توزيع اصوات مندوبي الهيئة الانتخابية على مستوى الولايات، والتي بدأت في ولاية بنسلفانيا، والتي من شأنها قلب المعادلة الراهنة القائمة على ان اغلبية اصوات المندوبين هي التي تحسم الوجهة النهائية، لتصبح انقساما وفق تصويت مندوبي الولاية.
::::::::
المصدر: مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي
مدير المركز: د. منذر سليمان
العنوان الالكتروني: thinktankmonitor@gmail.com