سورية اليوم ومصر 1956

موفق محادين

منذ أشهر والحالة السورية تشبه أكثر فأكثر الحالة المصرية 1956 بعد العدوان الثلاثي الفرنسي- البريطاني- الصهيوني على مصر بمشاركة تركية ومنشقين واوساط إسلامية داخلية وجهات رجعية خارجية:-
1 – منذ اليوم الاول للعدوان المذكور ووسائل الاعلام التابعة له تتحدث عن الايام المعدودة للرئيس جمال عبدالناصر ومباحثات سرية لمغادرته الى يوغسلافيا وتعيين أحد نوابه صلاح سالم رئيسا لفترة انتقالية وتكليف شخصية اخوانية بتشكيل الحكومة الانتقالية.
2 – تكرار إذاعات فرنسية وبريطانية معلومات عن تصدع قريب للنظام المصري…
3 – نزول وحدات استخباراتية فرنسية وبريطانية واسرائيلية حول القاهرة بانتظار حصارها من قبل قوات العدوان الثلاثي بعد استكمال احتلالها لمدن وبلدات قناة السويس وبعد تعزيز هذه القوات على الحدود مع ليبيا…
4 – مؤتمر سيفر والذي كان رئيس وزراء العراق نوري السعيد المقرب من المخابرات البريطانية محوره الرئيسي ومركز التمويل له.
وكانت العراق آنذاك من أهم الدول النفطية الغنية التي تحرك مجلس الجامعة العربية (هناك اليوم من يحاول لعب دور نوري السعيد المذكور).
5 – نجاح قوى العدوان بشل جانب كبير من الجيش المصري وبنقل التهديدات من السويس الى أطراف القاهرة وبينها المطار…
6 – المؤتمر الصحافي الشهير لممثلين عن انطوني ايدن (البريطاني) وبلوم الفرنسي ونوري السعيد وتركيا ومنشقين واخوانيين والذي دعوا فيه الشعب المصري للاستعداد لمعركة القاهرة الكبرى القريبة جدا.
7 – فيما يخص تركيا تحديدا، كانت المخابرات الامريكية قد نقلت السلطة من العلمانيين والجيش الى مجموعة اسلامية برئاسة عدنان مندريست أشرفت ايضا على بناء أكبر قاعدة عسكرية امريكية هي انجرليك لتهديد موسكو كما قامت بتهديد الحكم الوطني السوري (برجوازية دمشق السنية الوطنية) المقربة من عبدالناصر.
8 – وعندما كان العالم كله ينتظر سقوط عبدالناصر وتولي حكومة من الاخوان وجماعات تركيا وفرنسا وبريطانيا انتهت تلك الايام الى ما يلي:-
1- صمود مصري برئاسة عبدالناصر سمح لروسيا بأخذ مواقف شجاعة مع عبدالناصر وإعلان إنذار سياسي- عسكري بحري ضد العدوان.
2 – تحول الموقف الامريكي بعد أن وجدت في معركة السويس فرصة لإزاحة خصومها الاوروبيين وإصدارها بيانا مشتركا مع موسكو لهذه الغاية..
3 – صعود روسيا وعبدالناصر معا وهزيمة قوى العدوان ونهاية سياسية لقادته: ايدن في بريطانيا وبلوم (الاشتراكي) في فرنسا وبن غوريون في تل ابيب وأدواتهم من المعارضة المصرية.. أما رؤساء حكومات العراق (نوري السعيد) وتركيا (عدنان مندريس) فقد قتلا في انقلابات عسكرية دموية.
4 – وبالمجمل اذا كان مصير الاستعمار الفرنسي والبريطاني والاسلام التركي وأمثال نوري السعيد انذاك، حالة تراجيدية، فإن محاولاتهم العودة الى المنطقة العربية من بوابة سورية، هي اقرب الى الكوميديا الدموية .

:::::

“العرب اليوم”، 13/12/2012

http://www.alarabalyawm.net/Public_Journalists/Journalist_Article.aspx?lang=1&ArticleID=23352&JournalistID=63