التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية


د. منذر سليمان

 

مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي

واشنطن، 5 يناير 2012

 

المقدمة:

انقضت غمامة الازمة المالية الاميركية باتفاق مرحلي، مدشنة العام الجديد بوعود للعمل المشترك، الا ان تقييم مراكز الابحاث المختلفة تتباين مع نظرة التفاؤل تلك.

تتجه الانظار في واشنطن لترقب ومعرفة هوية المرشحين الذين سيختارهم الرئيس اوباما لمناصب الوزارات السيادية في ولايته الثانية، لا سيما وانه اعلن مسبقا عن ترشيحه السيناتور جون كيري لتولي حقيبة الخارجية. ومن المرجح ان يعلن عن ترشيحه للسيناتور السابق عن الحزب الجمهوري، تشك (تشارلز) هيغل، لمنصب وزير الدفاع، خلال بضعة ايام. لقي كيري ترحيبا واسعا بين اقرانه في مجلس الشيوخ للمصادقة على توليه المنصب؛ اما هيغل فقد بدى للوهلة الاولى ان حملة معارضة قاسية تتبلور ضده، يتزعمها المحافظون الجدد و”اللوبي الاسرائيلي.” لكن وتيرة الحملة تراجعت بشكل ملحوظ، خاصة مع بروز مجموعة من المسؤولين السياسيين والعسكريين السابقين تدعم ترشيح هيغل لتولي المنصب. ومن المتوقع ايضا ان يفصح اوباما، في ذات الفترة، عن اختياره لمنصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الشاغر.

سيتناول قسم التحليل القاء مزيد من الضوء على صيغة الاتفاق بين طرفي المعادلة، الحزبين الديموقراطي والجمهوري، لتجنيب البلاد ازمة محدقة، الامر الذي شكل حاجة ورغبة مشتركة للطرفين للتوصل اليه وتفادي موجات الغضب الشعبي والتداعيات السلبية على الاقتصاد الاميركي عموما.

بالرغم من الاتفاق المعلن، تتربص تحديات وقضايا اقتصادية اخرى بصناع القرار والتي بحاجة الى حلول آنية، لا سيما المسائل الخلافية في تحديد حجم الانفاقات الحكومية والمفعول التلقائي لآلية تقليص الميزانيات المتعددة في غياب اتفاق ومشروع قرار يلجمها. وبالمحصلة، تبرز النتيجة الواضحة ان كلا الطرفين، الرئيس اوباما وخصومه الجمهوريين، يحبذون التوصل لحلول سريعة قصيرة الاجل، بدافع ان كليهما غير مرشح او لديه الرغبة في ايجاد حلول جذرية لازمات مستعصية.

ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث

        مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relationsاستهل نشاطه للعام الجديد      بالنظر الى التحديات الماثلة امام السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهي “الشرق الاوسط، واستمرار الازمة في سورية..، ايران وقربها من “الخط الاحمر” لاكتمال قدرتها على انتاج اسلحة نووية.. و”تنامي التوترات” في آسيا بين الصين وجيرانها مما يهدد السلام” في المنطقة. واوضح بالقول ان الآلية التي سيتم التوصل اليها لتجنب الوقوع في الهاوية المالية “ستلعب دورا هاما في الحالة الشاملة لوجهة الاقتصاد العالمي.”

دشنت مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation تغطيتها لسبر اغوار “الربيع العربي،” الذي “عزز البهجة والتفاؤل في الدوائر الغربية.. وما يعده بتوفير عصر ديموقراطي جديد” في المنطقة. واستدرك بالقول ان الارهاصات التي ادت للاطاحة ببعض الانظمة “ادت ايضا الى توفير الفرص لظهور طيف واسع من الاحزاب الاسلامية لتحقيق برامجها المناهضة للديموقراطية.” وحذرت من مثالب تلك الاحزاب الصاعدة في غفلة من الزمن اذ اضحت منطقة “الشرق الاوسط بيئة استراتيجية معادية تقوض الامن الاقليمي، والمصالح القومية الاميركية، والقيم الغربية.. ينبغي على الولايات المتحدة الا تقف موقف المتفرج” بعد الآن.

        ايضا، مسالة دمقرطة “الثورة المصرية” كانت هاجس معهد كارنيغي Carnegie Endowment، الذي حذر من “سيطرة الاسلاميين على الدولة، وما سيوفره الدستور الجديد من تعزيز نفوذهم لتشريع المزيد من البنود خدمة لمخططاتهم. اما خلاص مصر فلن يؤتي ثماره الا “عقب استيعاب اللاعبين السياسيين الاقوياء الدرس للتخلي عن فاكهتهم المحرمة التي تلذذوا بطعم ثمارها بشكل رائع طيلة السنة الماضية.”

        معهد بروكينغز Brookings Institution بدوره نعى الجنرال “الاسرائيلي” المتقاعد، امنون ليبكين شاحاك، مشيدا بدوره في تعزيز “حل النزاع بالطرق السلمية،” رغم الفشل الذي لقيه من الجانبين. وقال “سنفتقده بشدة.. وليعلم جميع الساعين لارساء السلام في المستقبل ان النوايا الحسنة وتقبل الآخر والمصداقية الذاتية.. لا تشكل عوامل كافية لحث الطرفين انهاء النزاع الطويل بينهما..”

        افغانستان وانسحاب القوات الاميركية المرتقب من اراضيها اضحت مادة لازمة ودائمة في المشهد السياسي الاميركي، تصدرها معهد الدراسات الحربية Institute for the Study of War بالقاء الضوء على توفر بعض المعطيات الضرورية لتصليب عود الجيش الوطني الافغاني واضطلاعه بالمهام الامنية، وعلى رأسها “حجم مشاركة قوات الناتو في العمليات المشتركة.. وآلية نشر فرق قواتها المساندة للجيش الافغاني.. ماهية مركز قيادة القوات المطلوبة لتنسيق تلك الجهود.. حجم الدعم والاسناد المباشر المطلوب من الفرق القتالية والاستخبارية واعمال الصيانة والمواصلات الميدانية والقضايا اللوجستية..”

        معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS حذر صناع القرار من “نفاذ صبر الشعب وتراجع مستويات الحماس لديه للمضي بالحرب” الافغانية التي تعود الى “عدم صدقية التقارير الرسمية حول تطورات الحرب..” وان على الساسة الاخذ بعين الاعتبار عمق الازمة وعلاجها لا ينبغي ان يكون “بالنظر الى الوراء بغية تحفيز الثقة بالمستقبل.” كما لفت الانظار الى اختلال التوازن بين “المهام الاستراتيجية المطلوب تحقيقها مقابل تراجع الموارد المطلوبة..”

        البرنامج النووي الايراني ايضا من المواضيع الثابتة من بين اهتمامات مراكز الابحاث، اذ سعى معهد كارنيغي Carnegie Endowment المساهمة في مبادرات واقتراحات لحل الطريق المسدود الراهن في المفاوضات مع الوكالة الدولية للطاقة النووية. واوضح ان “التفاوض على تسوية المسألة قد تحرز بعض التقدم ان توصل المفاوضين الى صيغة لتمديد المهلة الزمنية من التحقق (بسلمية البرنامج).. ويصبح بالامكان دمج التساؤلات الراهنة للوكالة في سياق مسار اوسع للتوصل الى حل شامل.”

        في القضايا الاميركية الداخلية، تبرز قضية ترشيح الرئيس اوباما للسيناتور جون كيري لمنصب وزير الخارجية، والذي يعد انه لن يلقى معارضة قوية. اما مركز السياسة الامنية Center for Security Policy فقد شذ عن القاعدة وطالب “بالتدقيق في القرارت التي اتخذها سابقا،” موضحا ان من بينها “لقاءاته مع الرئيس السوري بشار الاسد وثوار الساندانيستا في نيكاراغوا،” في عقد الثمانينيات من القرن المنصرم. واضاف انه يشاطر الاخرين قلقهم من ترشيح كيري، مثل صحيفة وول ستريت جورنال، “لتراجع ترويجه تعزيز القيم الاميركية دوليا… وميله للتدخل نيابة عن شخصيات شريرة.” وزعم المركز ان “مكتب التحقيقات الفيدرالية، اف بي آي، يساوره الشك لاشكالية تعاطي كيري مع الصين الشيوعية.”

وقد تناولت فقرة “التحليل” مسألة اميركا ومساومة تأجيل السقوط في الهاوية المالية.

:::::

يمكن مطالعة النص الكامل للتقرير باللغتين العربية والإنكليزية في الموقع الألكتروني للمركز:

www.thinktanksmonitor.com

المصدر: مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي

مدير المركز: د. منذر سليمان

العنوان الالكتروني: thinktankmonitor@gmail.com