لماذا الآن مخيم اليرموك؟!!

إحسان سالم

 

  يتضح جلياً يوماً بعد يوم أن قوى عميلة ودخيلة ومُستدخلة قد تسترت خلف المطالب

الشعبية في سورية نحو مزيد من أعمال القتل وتدمير الوطن وتفكيك مفاصله وإضعاف النواة

الصلبة للجيش العربي السوري والإجهاز على الوحدة الوطنية والعلمانية الراسخة بُغية إنهاء

أي دور سوري مُقاوم للمشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة ، والذي يتم الإعداد له مُنذ

سنوات.

     إنّ سورية اليوم كما ليبيا والعراق قد أصبحت هدفاً مركزياً لقوى الاستعمار الجديد الذي

يستميت في كل يوم نحو اختراع وسائل جديدة لتفتيت الوطن العربي وتحويله إلى إمارات

مُتناثرة قرارها بيد هذه القوى لتُصبح قواعد جديدة لجيوشه وأساطيله .

     لم تكن معركة سورية مع شعبها الذي عبّر ويُعبّرُ في كل يوم وبزخم نادر التفافه والتحاقه

المُطلق مع قيادته وجيشه ووطنه في وجه الغُزاة والقتلة ، فالاستهداف الذي نُشاهدهُ اليوم

نحو القيادة السورية التي تُعبرُ عن طموحات شعبها والتي تُجسّدُ النزوع القومي الثابت

لشعبها بعكس ما تُروجهُ وسائل إعلام القتلة وكل الساعين إلى نيل شهادة حُسن سلوك من

أمريكا ومُرتزقتها في الوطن العربي وفي فلسطين بأنّ القيادة تقتلُ شعبها فهي لم تكن في يوم

من الأيام في تناقض ما مع شعبها وهذا ما اثبتتهُ الأيام الثلاثمائة التي انقضت مُنذُ بداية هذه

المؤامرة .

     إنّ هذا يعني أننا أمام معركة وجود او لا وجود للأُمة العربية التي تُحاربُ الآن سورية

وقيادتها نيابة عنها المشروع الصهيوني الأمريكي في هذه المعركة الفاصلة حيثُ جنّد لها

العدو الأمريكي وحُلفائه الذين زرعوا الكيان الصهيوني في قلب فلسطين وعُملائهم من خونة

العرب مُحتضنوا المشروع الاستيطاني العنصري ، وجنّدوا لها أكبر عملية تضليل وتزوير

وتزييف إعلامي جرت بالتاريخ المُعاصر .

     إنّ الامبرياليّة الصهيونيّة الأمريكية ما زالت تعمل ُ بكل ضراوة على تدمير سورية بكافة

الوسائل وتكرار المشهد العراقي وهي اليوم وعبر عُملائها المسلمين والعرب تعملُ على فتح

معارك جديدة بعد أن فشلت في كل مُخططاتها ، وبعد هذا الإعجاز الفريد من الصمود

والاستبسال الذي تُبديه القيادة والجيش العربي والشعب السوري في مُقاومتهم وصدّهم للغُزاة

، لقد فشلوا باحتلال قطعة أرض واحدة ، فشلوا باستصدار قرارات أُممية تُتيحُ لهم تكرار

المشهد العراقي والليبي ، فشلوا بتفتيت لُحمة الشعب والجيش والقيادة ، فشلوا في حصارهم

فشلوا باستثمار تجييش جامعة الدول العدوة ، فشلوا بخلق كيان مُعارض حقيقي ، عبر

عُملائهم ومُستجلبيهم المُرتزقة والأغراب وكُل من استطاعوا جمعهُ بالمال والدين المُفخخ ،

نعم لقد فشلوا في مؤامرتهم وهم من ظنّ أن الأمر لن يطول حتى تسقط سورية كما سقط

غيرها من أقطار العرب ، وهم حتى اللحظة لا يستطيعون الاعتراف بهذا الفشل لذلك اتجهت

أنظارهم الآن نحو الورقة الفلسطينية ، وهي وللأسف جاهزة ، نحو خلق صدام مع شعبنا في

مُخيمات سورية كي تبدو الأمور بأنّ الجيش العربي السوري يقفُ في مواجهة شعبنا في

اليرموك وحتى يُثيرو الدنيا ونسمعُ اصواتاً عميلة جاهزة تُطالبُ بحماية الفلسطينيين وكأنّ

هذه القوى المُعادية ليست هي من سعت وعملت على تشريد ونزوح شعبنا إلى هذه المُخيمات

، هذا باختصار ما يُدبرُ اليوم عبر الزجّ بهذه الورقة الفلسطينية ولكن يتعيّن على شعبنا أن

يعرف الوقائع كما هي بعيداً عن مانشيتات الاعلام المحلي هنا بالأراضي المحتلة الذي يضخ

ما تبثهُ وسائل اعلام القوى المُعادية والعميلة ..

     لقد سعت القيادة والجيش العربي السوري مُنذ بداية الأحداث وبكل ما أوتيت من قوة إلى

إبعاد شعبنا ومُخيماته عن هذه الحرب الدائرة، وأعلنت صراحة وفي كُل المناسبات وطالبت

جميع فعاليات اليرموك وأهله بعدم الولوج مُطلقاً إلى دائرة الاقتتال حتى إلى جانبها ، وبعدم

إقامة أية علاقة مع القوى الظلاميّة المُستأجرة التي تُجاهد لدخول المُخيم نحو زجّه في أتون

هذه الحرب .

     وفي البداية كان أمراً جيّداً أن تتشكل لجان شعبيّة لحماية المُخيم من أي تدخل وإبقائه

 بعيداً عن هذه المعركة الدائرة ، وبرغم المحاولات العديدة التي قامت بها في البداية

مجموعات القتلة لدخول المُخيم بقي الجيش السوري بعيداً عن قتالهم داخل المُخيم رغم قدرته

على ذلك حفاظاً على أرواح ساكني المُخيم ، لكن ما حصل مُؤخراً فاق كل وصف ، كيف تنصّل

البعض من أهلنا عن وفائه للوطن الذي عانقه طوال هذه السنين ، وسهّل لهؤلاء القتلة دخول

المُخيم بكامل أسلحتهم في حالك الظلام ، وكيف أنّ هذا البعض قد شارك هذه المجموعات في

عمليات السرقة والقتل والاختطاف وحرق المنازل المُشار إليها بعينها وإذلال النساء وتنظيف

المنازل من كُل مُحتوياتها ، نعم هناك مجموعات فلسطينية الجميعُ يعرفها تلثمت وسارت مع

 القتلة الحاقدين ومكنتهم من البقاء في المُخيم حتى هذه اللحظة ، بل وتماهت في إظهار حقدها

وكأنها تُصفي حسابات لم نعهدها ، وكأنّ هناك ثاراً كامناً دفيناً ينتظرُ هذه اللحظة ليتلثم

ويمشي في ركاب مجموعات المُجرمين وكأنهم دخلوا مُدناً فلسطينية بالجليل أو الساحل

وأعادوا العروبة لها ، عبر تآمر وتحالف مشبوه وبين لم يحن الوقت لكشف كامل تفاصيله مع

قتلة وعملاء هذا الزمان ، ولعلً عملية حرق مُستشفى الخالصة وغيره تشي بمقدار الحقد

الأسود المخفي والمُبيّت الذي طغى الآن على السطح .

     إنّ ضلوع أي من الجهات الفلسطينية في هذا المُخطط الذي يهدفُ أصلاً إلى إعادة تشريد

   الفلسطينيين إلى أماكن مجهولة ، وانّ الحملة المشبوهة التي انطلقت من الأراضي المحتلة

ضدّ الجيش العربي السوري لها أبعادها التي هي غير خافية على أحد والتي تزامنت مع

تسهيل دخول عصابات القتلة الرافعة شعارات الدين والدم ، إنّ هذا الضلوع إنما هو أمر

يفرضُ على شعبنا أن يقف بكل قوة ليعرف من هي الجهات التي غدرت بالأخوة الفلسطينيّة

السورية عبر المال القطري السعودي  المسموم والفتاوى الجاهزة الآتية من العيديد نعم من هي الجهات

التي تقفُ ورائه والتي يعرفها كل سوري وفلسطيني في مخيم اليرموك والتي يحجمُ الآن عن

تسميتها ، وهو يطالبُ اليوم بكشف حقيقة الدور المشبوه والمُكمل لهذه المؤامرة الموجّهة

نحو شعبنا أصلاً قبل أن تكون موجهة نحو سورية التي تقوم به بعض الجهات الفلسطينية

التي تنصلت الآن من ارتباطها بقضيتها ووضعت نفسها في خدمة القوى المُعادية والتي تريد

النيل من عروبة سورية .

     إنّ هناك اليوم في مخيم اليرموك قوى مُضادة تتجمعُ وهي تُمارسُ أدواراً مرسومة لها

بكامل وعيها ، وأنا لن أقول في هذا السياق ما قلتهُ سابقاً في إحدى المناسبات ، فلتتحلوا

بقليل من الوفاء لشعب تقاسم معكم الوطن وما يحتويه وكانت قضيتكم هي قضيته الأولى

وأشهر سلاحكم حين تخلّت عنكم كل علوج العرب بل وطعنتكم بسلاحها الغادر ، هذا السلاح الذي

تتحالفون وتستظلون به اليوم ، فلم يكن الشعب الفلسطيني سيّد نفسه بأي بقعة بالأرض مثلما

هو في سورية وهذا بفضل الثقافة القومية المقاومة لشعب وقيادة هذا البلد الذي تنقلبون

اليوم عليه ، فالتزموا ببعض الوفاء وبعض أخوة السلاح ولا ولتبقى أنظاركم مصوبة فقط

نحو العدو الذي يريد مسحكم من هذا الوجود ، لأن استهداف سورية الآن هو تحالف عضوي

مع كُل أعداء الوطن والأمّة .

     في الختام أريدُ أن أسألّ كل فلسطيني تآمر او شارك في هذه الغزوة الصهيونية .. ماذا تريدون؟؟؟؟

     هل تريدون أن تُشاهدوا نتنياهو يلبس عبائة سعودية وغطرة قطرية يتجولُ في الجامع

الأموي زاعماً أنّ أجداده هم من شيّدوه!؟

     أم تريدون أن تتعانقوا أنتم ومُجنّدات صهيون وهُنّ يتنزهن في حواري دمشق ؟؟!!

     هل أعماكم المال السعودي القطري المُفخخ حتى انقلبتم على أعقابكم ضد قضيتكم

ووضعتم يدكم في يد القاتل والغازي والعدو ؟؟؟

        هل هذا هو نصركم!!؟؟

 هذا هو المطروح الآن والهدفُ اللاحق لهذه

إحسان سالم ــ أبو عرب

  رام الله، الأراضي المحتلة

Abu arabihsan@gmail.com