لا شيء في الربع الخالي!

سوى ترديد زعيق أوباما فحيحاً

عادل سمارة

لعله خطىء واضح ان نقبل بتسمية خطاب “الأمة” في الولايات المتحدة بسبب من إسمه، فهو خطاب إمبريالي عدواني متعالٍ لا زال يحلم بأنه خطاب الإمبراطور. كما اعتقد بأن قراءة لمسألة هل هناك أمة اسمها الولايات المتحدة أم فقط دولة في الولايات المتحدة، هذا يحتاج إلى إعادة قراءة وخاصة على ضوء التازم الاقتصادي ونتائجه التي إذا ما تواصل صعود البريكس تنذر بالكثير على مصير هذه الدولة. ولكن ما كان يسمح لرئيس هذه الدولة بالتبختر الإمبراطوري منذ أكثر من قرن هو البيادق في الدول التابعة وخاصة العربية منها وما يلجمه هي الأنظمة الوطنية المتمسكة بالاستقلال والتنمية.

 ولنأخذ جانباً من الخطاب. فقد ركز أوباما هجومه على كوريا الشمالية الديمقراطية، وذلك إثر إجراء تفجير نووي مؤخرا في رحم الأرض، باعتبار هذا الرحم حكراً على الإمبريالي. وبدورها ردت كوريا بأنها سوف تقوم بتفجيرات أخرى حماية لنفسها من عدوان الولايات المتحدة. وكوريا تعرف بالطبع بأن الولايات المتحدة تتجه صوب المحيط الهادي وتقوم بتسليح الكثير من الأنظمة التي تدور أو تقترب من فلكها، إندونيسيا، تايلند وبالطبع اليابان في تمهيد لحرب مزيج بين الباردة والساخنة مع الصين.

ما قاله أوباما مفهوم بالطبع، فدور القتل والقاتل هو احتكار للعرق الأبيض (ولو برئيس اسود) وليس من حق اية أمة أن تخلق سلاحها الدفاعي. وبالطبع، خفف اوباما من لهجته تجاه سوريا، لكنه لم يستسلم بعد للوقائع على الأرض التي تؤكد أن المعارضة المتأجنبة دينيا وسياسيا وسلاحاً لن تحقق ما أراد وما تريد. أي حافظ الرجل على جوهر دور دولته وهو عداء أية دولة ذات دور وطني وتقدمي على صعيد العالم. كما لم تسلم إيران من كيدية الرئيس الأميركي. وبالطبع يمكن لمن يتتبع السياسة الأميركية ان يقف بدقة عند سياسة إدارة هذا الرئيس التي قدمت للطبقة الحاكمة/المالكة في بلاده مشروع شكل جديد من الحرب، هو أذكى وأخطر من مشروع حروب المحافظية الجديدة وعنوانها جورج دبليو بوش.

ولكن، إذا كان للمرء أن يفهم موقف هذه الدولة المعادية للإنسانية والتاريخ، فلا بد للمرء أن يعترف بأن هذا التوحش الإمبريالي له ما يسنده في كثير من الدول التابعة وخاصة العربية. وهنا لا يصلح اعتماد مسألة الديمقراطية والديكتاتورية في تحليل العلاقات الدولية. فكثير من الأنظمة غير الديمقراطية هي وطنية ومعادية للإمبريالية بقوة، بل ربما أحد اسباب لا ديمقرايتها هو اعتقادها بأن الديكتاتورية وحدها القادرة في مرحلة ما على لجم القوى اللبرالية وقوى الدين السياسي اللاقومية واللاوطنية وبالتالي لجم تسليم البلد للمركز الرأسمالي العالمي.

ما أن تحدث الرئيس الأميركي عن النووي الإيراني والأزمة السورية حتى كان وزير خارجية السعودية يردد الخطاب نفسه داعياً إلى الضغط على إيران لوقف مشروعها النووي حتى دون ان يذكر بأنه سلمي. وبالطبع خص سوريا بموقف ضد القيادة السورية وهو موقف ضد الشعب السوري بل ضد الأمة العربية وهو موقف يجد جذوره في عداء الوهابية للقومية العربية.

يكون الاستنتاج الطبيعي لهذا الموقف من السعودية هو أن سياسة الولايات المتحدة ضد الأمة العربية وضد مختلف الدول التي تقودها انظمة استقلالية قومية كسوريا وإيران أو شيوعية مثل كوريا الديمقراطية وكوبا، هي سياسة ترتكز على الخدمات التي تقدمها أنظمة كالسعودية. وهي خدمات متنوعة تبدأ من تحويل فوائض نفطها إلى المركز الإمبريالي وصولا إلى الحرب والقتال والقتل في ليبيا وسوريا نيابة عن ولخدمة المركز الإمبريالي.

ربما في مثل هذه العلاقة نجد ما يبرر ذلك التعالي الأميركي والصهيوني تجاه العرب تحديداً. وهو تعالٍ يمكن لمسه ليس فقط في خطاب الرئيس أو دوائر الحكم بل حتى لدى المواطن الأبيض في الولايات المتحدة وحتى لدى الكثير من النخبة السوداء هناك.

على أن هذا التاريخ الطويل للوهابية من جهة وتطورات المنطقة والعالم تطرح أكثر من سؤال: ما هو هذا الكيان الماموث في السعودية؟ بمعنى، ألم يمل آل سعود من دور الخادم التاريخي هذا؟ كوريا الدمقراطية رغم الحصار ورغم التخريب الكيميائي الذي اوجعها بالجفاف لا تزال تتحدى الولايات المتحدة بل الثلاثي الإمبريالي اي كذلك أوروبا واليابان وتقيم قوة نووية تشكل سيفا يلجم توحش البيت الأبيض. وإيران تجهز نفسها لهزيمة الكيان إذا ما قام بعدوان عليها، وسوريا تشكل ظاهرة يجب دراستها على صعيد عالمي كيف يمكن لبلد أن يصمد أمام أكثر من نصف العالم.

ما الخلل الهائل لبقاء الكيان السعودي على حاله وضمن دوره في الإضرار بأية أمة في المحيط تحاول النهوض، وبأي بلد عربي بالطبع؟ يكفي أن نشير إلى أن هذا الكيان شارك في العدوان على سيلان (سريلنكا) مع الغرب عام 1973 وشارك ضد التاميل في الحرب التي انتهت قبل 3 سنوات وشارك الكيان (ربما ليس سياسيا فقط عام 2006) ويبذل دم قلبه النجس ضد سوريا اليوم! أليس عدم انهيار هذا الكيان تحديا لنا جميعا؟ حتى مصر رغم 40 سنة من التخريب الشامل انتفضت. صحيح ان الانتفاضة ولدت توأما مريضا، الإخوان وإخوان الإخوان، اي معارضة لا قومية وتتسابق مع الإخوان على حضن الغرب الراسمالي والكيان، ومع ذلك نقول حصل فيها شيئ ما. أما السعودية لا ربيع ولا نووي…ولا اي شيىء… لا شيىء في الربع الخالي!